الباحث القرآني

يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُسَخِّرُ الْبَرْقَ، وَهُوَ مَا يُرَى [[في ت: "ما ترى".]] مِنَ النُّورِ اللَّامِعِ سَاطِعًا مِنْ خِلَلِ السَّحَابِ. وَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَتَبَ إِلَى أَبِي الْجَلْدِ يَسْأَلُهُ عَنِ الْبَرْقِ، فَقَالَ: الْبَرْقُ: الْمَاءُ. * * * وَقَوْلُهُ: ﴿خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ قَالَ قَتَادَةُ: خَوْفًا لِلْمُسَافِرِ، يَخَافُ أَذَاهُ وَمَشَقَّتَهُ، وَطَمَعًا لِلْمُقِيمِ يَرْجُو بَرَكَتَهُ وَمَنْفَعَتَهُ، وَيَطْمَعُ فِي رِزْقِ اللَّهِ. ﴿وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ﴾ أَيْ: وَيَخْلُقُهَا مُنْشَأَةً جَدِيدَةً، وَهِيَ لِكَثْرَةِ مَائِهَا ثَقِيلَةٌ قَرِيبَةٌ إِلَى الْأَرْضِ. قَالَ مُجَاهِدٌ: والسحاب الثقال: الذي فيه الماء. ﴿وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ﴾ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾ [الْإِسْرَاءِ: ٤٤] . وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا إِلَى جَنْبِ حُمَيْد بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي الْمَسْجِدِ، فَمَرَّ شَيْخٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ حُمَيْدٌ، فَلَمَّا أَقْبَلَ قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، وَسِّعْ [[في ت: "أوسع".]] لَهُ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ، فَإِنَّهُ قَدْ صَحِبَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ، فَقَالَ لَهُ حُمَيْدٌ: مَا الْحَدِيثُ الَّذِي حَدَّثْتَنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟ فقال الشَّيْخُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ يُنْشِئُ السَّحَابَ، فَيَنْطِقُ أَحْسَنَ النُّطْقِ، وَيَضْحَكُ أَحْسَنَ الضَّحِكِ" [[المسند (٥/٤٣٥) .]] . وَالْمُرَادُ -وَاللَّهُ أَعْلَمُ -أَنَّ نطقَها الرعدُ، وَضَحِكَهَا البرقُ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: يَبْعَثُ اللَّهُ الْغَيْثَ، فَلَا أَحْسَنَ مِنْهُ مَضْحَكًا، وَلَا آنَسَ مِنْهُ مَنْطِقًا، فَضَحِكُهُ الْبَرْقُ، وَمَنْطِقُهُ الرَّعْدُ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ الْبَرْقَ مَلكٌ لَهُ أَرْبَعَةُ وُجُوهٍ: وَجْهُ إِنْسَانٍ، وَوَجْهُ ثَوْرٍ، وَوَجْهُ نَسْرٍ، وَوَجْهُ أَسَدٍ، فَإِذَا مَصَع [[في ت: "قصع".]] بِذَنَبِهِ فَذَاكَ الْبَرْقُ. [[وهذا لا أصل له من كتاب ولا سنة، وهو من الخيال.]] وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ، حَدَّثَنِي أَبُو مَطَرٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا سَمع الرعْد وَالصَّوَاعِقَ قَالَ: "اللَّهُمَّ، لَا تَقْتُلْنَا بِغَضَبِكَ، وَلَا تُهْلِكْنَا بِعَذَابِكَ، وَعَافِنَا قَبْلَ ذَلِكَ". وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ، وَالنَّسَائِيُّ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ، مِنْ حَدِيثِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرَطَاةَ، عَنْ أَبِي مَطَرٍ -وَلَمْ يُسَمَّ بِهِ. [[المسند (٢/١٠٠) وسنن الترمذي (٣٤٥٠) والأدب المفرد برقم (٧٢٢) والنسائي في السنن الكبرى برقم (١٠٧٦٤) ، وأما الحاكم فرواه في المستدرك (٤/٢٨٦) مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أبي مطر، به. ولم يذكر الحجاج بن أرطاة، وقال: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه" وأقره الذهبي، وضعف النووي هذا الحديث في الأذكار (ص ١٦٤) .]] وَقَالَ [الْإِمَامُ] [[زيادة من ت، أ.]] أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِيهِ [[في ت، أ: "عن ليث".]] عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَفَعَ الْحَدِيثَ قَالَ: إِنَّهُ كَانَ إِذَا سَمِعَ الرَّعْدَ قَالَ: "سُبْحَانَ مَنْ يُسبّح الرعْد بِحَمْدِهِ". [[تفسير الطبري (١٦/٣٨٩) ورواه ابن مردويه في تفسيره كما في تخريج الكشاف (٢/١٨٤) من طريق محمد بن يحيى، عن أحمد ابن إسحاق عن أبي أحمد، عن عتاب بن زياد، عن رجل، عن أبي هريرة رفع الحدث. . . إلى آخره.]] وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَمِعَ صَوْتَ الرَّعْدِ قَالَ: سبحان من سَبَّحت له. وَكَذَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، وَطَاوُسٍ: أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ كَذَلِكَ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: كَانَ ابْنُ أَبِي زَكَرِيَّا يَقُولُ: مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الرَّعْدَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، لَمْ تُصِبْهُ صَاعِقَةٌ. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ [[في ت، أ: "بن عمرو".]] أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَمِعَ الرَّعْدَ تَرَكَ الْحَدِيثَ وَقَالَ: سُبْحَانَ الَّذِي يُسَبِّحُ الرعدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ، وَيَقُولُ: إِنَّ هَذَا لَوَعِيدٌ [[في ت، أ: "الوعيد".]] شديدٌ لِأَهْلِ الْأَرْضِ. رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ، وَالْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ. [[الموطأ (٢/٩٩٢) والأدب المفرد برقم (٧٢٤) .]] وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا صَدَقة بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ، عَنْ شتيز [[في ت: "عن شمس"، وفي أ: "شمير".]] بْنِ نَهَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: "قَالَ رَبُّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ: لَوْ أَنَّ عَبِيدِي أَطَاعُونِي لَأَسْقَيْتُهُمُ الْمَطَرَ بِاللَّيْلِ، وَأَطْلَعْتُ عَلَيْهِمُ الشَّمْسَ بِالنَّهَارِ، وَلَمَا أَسْمَعْتُهُمْ [[في ت: "استمعتهم".]] صَوْتَ الرَّعْدِ". [[المسند (٢/٣٥٩) .]] وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى السَّاجِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الجَحْدري، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ، حَدَّثَنَا عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "إِذَا سَمِعْتُمُ الرَّعْدَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ؛ فَإِنَّهُ لَا يُصِيبُ ذَاكِرًا". [[المعجم الكبير (١١/١٦٤) وقال الهيثمي في المجمع (١٠/١٣٦) : "فيه يحيى بن كثير وهو ضعيف".]] * * * وَقَوْلُهُ: ﴿وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ﴾ أَيْ: يُرْسِلُهَا نقمَةً يَنْتَقِمُ بِهَا مِمَّنْ يَشَاءُ، وَلِهَذَا تَكْثُرُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ، حَدَّثَنَا عُمَارَةُ [[في أ: "حماد".]] عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: "تَكْثُرُ الصَّوَاعِقُ عِنْدَ اقْتِرَابِ السَّاعَةِ، حَتَّى يَأْتِيَ الرَّجُلُ الْقَوْمَ فَيَقُولُ: مَنْ صُعِقَ تِلْكُمُ [[في ت، أ: "قبلكم".]] الْغَدَاةَ؟ فَيَقُولُونَ صعِق فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ". [[المسند (٣/٦٤) .]] وَقَدْ رُوِيَ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا مَا رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى الْمُوصِلِيُّ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي سَارَّةَ الشَّيباني، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَعَثَ رَجُلًا مَرَّةً إِلَى رَجُلٍ مِنْ فَرَاعِنَةِ الْعَرَبِ فَقَالَ: "اذْهَبْ فَادْعُهُ لِي". قَالَ: فَذَهَبَ إِلَيْهِ فَقَالَ: يَدْعُوكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. فَقَالَ لَهُ: مَنْ رَسُولُ اللَّهِ؟ وَمَا اللَّهُ؟ أمِن ذَهَبٍ هُوَ؟ أَمْ مِنْ فِضَّةٍ هُوَ؟ أَمْ مِنْ نُحَاسٍ هُوَ؟ قَالَ: فَرَجَعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قد أخبرتك أنه أعتى من ذلك، قَالَ لِي كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ: "ارْجِعْ إِلَيْهِ الثَّانِيَةَ". أُرَاهُ، فَذَهَبَ فَقَالَ لَهُ مِثْلَهَا. فَرَجَعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنَّهُ أَعْتَى مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: "ارْجِعْ إِلَيْهِ فَادْعُهُ". فَرَجَعَ إِلَيْهِ الثَّالِثَةَ. قَالَ: فَأَعَادَ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْكَلَامَ. فَبَيْنَا هُوَ يُكَلِّمُهُ، إِذْ بَعَثَ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، سَحَابَةً حِيَالَ رَأْسِهِ، فَرَعَدَتْ، فَوَقَعَتْ مِنْهَا صَاعِقَةٌ، فَذَهَبَ بِقِحْفِ رَأْسِهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ﴾ وَرَوَاهُ ابْنَ جَرِيرٍ، مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي سَارَّةَ، بِهِ [[مسند أبي يعلى (٦/١٨٣) وتفسير الطبري (١٦/٣٩٢) وعلي بن أبي سارة ضعيف.]] وَرَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ، عَنْ عَبْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ دَيْلَمِ بْنِ غَزْوان، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ. [[مسند البزار برقم (٢٢٢١) "كشف الأستار" وقال الهيثمي في المجمع (٧/٤٢) : "رجال البزار، رجال الصحيح غير ديلم بن غزوان وهو ثقة".]] وَقَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا أَبَانُ بن يزيد، حدثنا أبو عمران الجوقي، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صُحَار الْعَبْدِيِّ: أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ بَعَثَهُ [[في ت، أ: "بعث".]] إِلَى جَبَّار يَدْعُوهُ، فَقَالَ: أَرَأَيْتُمْ [[في أ: "أرأيتكم".]] رَبَّكُمْ، أَذَهَبٌ هُوَ؟ أَوْ فِضَّةٌ هُوَ؟ أَلُؤْلُؤٌ هُوَ؟ قَالَ: فَبَيْنَا هُوَ يُجَادِلُهُمْ، إِذْ بَعَثَ اللَّهُ سَحَابَةً فَرَعَدَتْ فَأَرْسَلَ عَلَيْهِ صَاعِقَةً فَذَهَبَتْ بِقِحْفِ رَأْسِهِ، وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةَ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: جَاءَ يَهُودِيٌّ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَخْبِرْنِي عَنْ رَبِّكَ، [مِنْ أَيِّ شَيْءٍ هُوَ] [[زيادة من ت، أ، والطبري.]] مِنْ نُحَاسٍ هُوَ؟ مَنْ لُؤْلُؤٍ؟ أَوْ يَاقُوتٍ؟ قَالَ: فَجَاءَتْ صَاعِقَةٌ فَأَخَذَتْهُ، وأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ﴾ وَقَالَ قَتَادَةُ: ذُكر لَنَا أنَّ رَجُلًا أَنْكَرَ الْقُرْآنَ، وَكَذَّبَ النَّبِيَّ ﷺ، فَأَرْسَلَ اللَّهُ صَاعِقَةً فَأَهْلَكَتْهُ وأَنْزَلَ: ﴿وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ﴾ الْآيَةَ. وَذَكَرُوا فِي سَبَبِ نُزُولِهَا قِصَّةَ عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ وَأَرْبَدَ [[في ت: "وأزيد".]] بْنِ رَبِيعَةَ لَمَّا قَدِمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الْمَدِينَةَ، فَسَأَلَاهُ أَنْ يَجْعَلَ لَهُمَا نِصْفَ الْأَمْرِ فَأَبَى عَلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ لَهُ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ -لَعَنَهُ اللَّهُ: أَمَا وَاللَّهِ لأملأنَّهَا عَلَيْكَ خَيْلًا جَرْدا وَرِجَالًا مُرْدًا. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: يَأْبَى اللَّهُ عَلَيْكَ ذَلِكَ وَأَبْنَاءُ قَيْلة [[في ت، أ: "قبيلة".]] يَعْنِي: الْأَنْصَارَ، ثُمَّ إِنَّهُمَا هَمَّا بِالْفَتْكِ [[في أ: "بالقتل".]] بِالنَّبِيِّ ﷺ، وَجَعَلَ أَحَدُهُمَا يُخَاطِبُهُ، وَالْآخَرُ يَسْتَلُّ سَيْفَهُ لِيَقْتُلَهُ مِنْ وَرَائِهِ، فَحَمَاهُ اللَّهُ مِنْهُمَا وَعَصَمَهُ، فَخَرَجَا مِنَ الْمَدِينَةِ فَانْطَلَقَا فِي أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، يَجْمَعَانِ النَّاسَ لِحَرْبِهِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ [[في أ: "صلى الله عليه وسلم".]] فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَى أَرْبَدَ سَحَابَةً فِيهَا صَاعِقَةٌ فَأَحْرَقَتْهُ. وَأَمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ الطَّاعُونَ، فَخَرَجَتْ فِيهِ غُدّة عَظِيمَةٌ، فَجَعَلَ يَقُولُ: يَا آلَ عَامِرٍ، غُدَّة كغدَّة الْبِكْرِ، وَمَوْتٌ فِي بَيْتِ سَلُولية [[في ت: "سلولته".]] ؟ حَتَّى مَاتَا [[في أ: "مات".]] لَعَنَهُمَا اللَّهُ، وأنزل الله في مثل ذلك: ﴿وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ﴾ وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ لَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ، أَخُو أَرْبَدَ يَرْثِيهِ: أخشَى عَلَى أَرْبَدَ الحُتُوفَ وَلا ... أرْهَب نَوء السِّمَاكِ والأسَد ... فَجَعني الرّعْدُ والصّواعِقُ بِالْـ ... فَارِسِ يَوم الكريهَة النَّجُدِ [[رواه الطبري في تفسيره (١٦/٣٧٩ - ٣٨٢) عن ابن زيد.]] وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا مَسْعَدة بْنُ سَعْدٍ [[في هـ، ت: "سعيد" وما أثبتناه هو الصواب؛ لوقوعه في المعجم الكبير والصغير هكذا، ولم أجد له ترجمة.]] الْعَطَّارُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَعَبْدُ اللَّهِ ابْنَا زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِمَا، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ أَرْبَدَ بْنَ قَيْسِ بْنِ جَزْء بْنِ جُلَيْدِ [[في أ: "خالد".]] بْنِ جَعْفَرِ بْنِ كِلَابٍ، وَعَامِرَ بْنَ الطُّفَيْلِ بْنِ مَالِكٍ، قَدِمَا الْمَدِينَةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَانْتَهَيَا إِلَيْهِ وَهُوَ جَالِسٌ، فَجَلَسَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ: يَا مُحَمَّدُ، مَا تَجْعَلُ لِي إِنْ أسلمتُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "لَكَ مَا لِلْمُسْلِمِينَ، وَعَلَيْكَ مَا عَلَيْهِمْ". قَالَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ: أَتَجْعَلُ لِيَ الْأَمْرَ إِنْ أَسْلَمْتُ مَنْ بَعْدِكَ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "لَيْسَ ذَلِكَ لَكَ وَلَا لِقَوْمِكَ، وَلَكِنَّ لَكَ أعنَّة الْخَيْلِ". قَالَ: أَنَا الْآنَ فِي أعنَّة خَيْلِ نَجِدٍ، اجْعَلْ لِيَ الوبَرَ وَلَكَ المدَرَ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: "لَا". فَلَمَّا قَفَلَا مِنْ عِنْدِهِ قَالَ عَامِرٌ: أَمَا وَاللَّهِ لأملأنَّهَا عَلَيْكَ خَيْلًا وَرِجَالًا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "يَمْنَعُكَ اللَّهُ". فَلَمَّا خَرَجَ أَرْبَدُ وَعَامِرٌ، قَالَ عَامِرٌ: يَا أَرْبَدُ، أَنَا أَشْغَلُ عَنْكَ مُحَمَّدًا ﷺ بِالْحَدِيثِ، فَاضْرِبْهُ بِالسَّيْفِ، فَإِنَّ النَّاسَ إِذَا قَتَلْتَ مُحَمَّدًا لَمْ يَزِيدُوا عَلَى أَنْ يَرضَوا بِالدِّيَةِ، وَيَكْرَهُوا الْحَرْبَ، فَنُعْطِيهِمُ [[في ت، أ: "فستعطيهم".]] الدِّيَةَ. قَالَ أَرْبَدُ: أَفْعَلُ. فَأَقْبَلَا رَاجِعِينَ إِلَيْهِ، فَقَالَ عَامِرٌ: يَا مُحَمَّدُ، قُمْ مَعِي أُكَلِّمُكَ. فَقَامَ مَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَجَلَسَا إِلَى الْجِدَارِ، وَوَقَفَ مَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُكَلِّمُهُ، وسَلّ أربدُ السَّيْفَ، فَلَمَّا وَضَعَ يَدَهُ عَلَى السَّيْفِ يَبِسَتْ يَدُهُ عَلَى قَائِمِ السَّيْفِ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ سَلَّ السَّيْفِ، فَأَبْطَأَ أَرْبَدُ عَلَى عَامِرٍ بِالضَّرْبِ، فَالْتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَرَأَى أَرْبَدَ، وَمَا يَصْنَعُ، فَانْصَرَفَ عَنْهُمَا. فَلَمَّا خَرَجَ عَامِرٌ وَأَرْبَدُ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَتَّى إِذَا كَانَا بالحَرّة، حَرّة وَاقِمٍ نَزَلَا فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وأسَيد بْنُ حُضَيْرٍ فَقَالَا اشْخَصَا يَا عَدُوَّيِ اللَّهِ، لَعَنَكُمَا اللَّهُ. فَقَالَ عَامِرٌ: مَنْ هَذَا يَا سَعْدُ؟ قَالَ: هَذَا أسَيد بْنُ حُضَير الْكَتَائِبِ [[في ت، أ: "الكاتب".]] فَخَرَجَا حَتَّى إِذَا كَانَا بالرَّقم، أَرْسَلَ اللَّهُ عَلَى أربدَ صَاعِقَةً فَقَتَلَتْهُ، وَخَرَجَ عَامِرٌ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْخَرِيمِ، أَرْسَلَ اللَّهُ قُرْحَةً فَأَخَذَتْهُ فَأَدْرَكَهُ اللَّيْلُ فِي بَيْتِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي سَلُولٍ، فَجَعَلَ يَمَسُّ قُرْحَتَهُ فِي حَلْقِهِ وَيَقُولُ: غُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْجَمَلِ فِي بَيْتِ سَلُولية [[في ت: "سلولته".]] تَرْغَبُ أَنْ يَمُوتَ فِي بَيْتِهَا! ثُمَّ رَكِبَ فَرَسَهُ فَأُحْضِرَهُ حَتَّى مَاتَ عَلَيْهِ رَاجِعًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمَا: ﴿اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الأرْحَامُ﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ﴾ [الرَّعْدِ: ٨ -١١]-قَالَ: الْمُعَقِّبَاتُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ يَحْفَظُونَ مُحَمَّدًا ﷺ، ثُمَّ ذَكَّرَ أَرْبَدَ وَمَا قَتَلَهُ بِهِ، فَقَالَ: ﴿وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ﴾ الآية [[المعجم الكبير (١٠/٣٧٩ - ٣٨١) وفيه عبد العزيز بن عمران، وعبد الرَّحْمَنِ وَعَبْدُ اللَّهِ ابْنَا زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وكلهم ضعاف.]] . * * * وَقَوْلُهُ: ﴿وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ﴾ أَيْ: يَشُكّون فِي عَظَمَتِهِ، وَأَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، ﴿وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ﴾ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: شَدِيدَةٌ مماحَلَته فِي عُقُوبَةِ مَنْ طَغَى عَلَيْهِ وَعَتَا وَتَمَادَى فِي كُفْرِهِ. وَهَذِهِ الْآيَةُ شَبِيهَةٌ بِقَوْلِهِ: ﴿وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [النَّمْلِ: ٥٠، ٥١] . وَعَنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ﴿وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ﴾ أَيْ: شَدِيدُ الْأَخْذِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: شَدِيدُ الْقُوَّةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب