الباحث القرآني

قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿مَثَلا كَلِمَةً طَيِّبَةً﴾ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، ﴿كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ﴾ وَهُوَ الْمُؤْمِنُ، ﴿أَصْلُهَا ثَابِتٌ﴾ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ، ﴿وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ﴾ يَقُولُ: يُرْفَعُ بِهَا عَمَلُ الْمُؤْمِنِ إِلَى السَّمَاءِ. وَهَكَذَا قَالَ الضَّحَّاكُ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَير، وعِكْرِمة وَقَتَادَةُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ: إِنَّ ذَلِكَ عِبَارَةٌ عَنِ الْمُؤْمِنِ، وَقَوْلِهِ الطَّيِّبِ، وَعَمَلِهِ الصَّالِحِ، وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ كَالشَّجَرَةِ مِنَ النَّخْلِ، لَا يَزَالُ يُرْفَعُ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ فِي كُلِّ حِينٍ وَوَقْتٍ، وَصَبَاحٍ وَمَسَاءٍ. وَهَكَذَا رَوَاهُ السُّدِّي، عَنْ مُرَّة، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: هِيَ النَّخْلَةُ. وَشُعْبَةُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَة، عَنْ أَنَسٍ: هِيَ النَّخْلَةُ. وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَتَى بِقِنَاعِ بُسْر فَقَالَ: [[في هـ، ت، أ: "فقرأ" والمثبت من الطبري والترمذي.]] "وَمَثَلُ كَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ" قَالَ: "هِيَ النَّخْلَةُ" [[رواه الطبري في تفسيره (١٦/٥٧٠) والترمذي في السنن برقم (٣١١٩) مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ بِهِ، وَقَالَ الترمذي: "وروى غير واحد مثل هذا موقوفا، ولا نعلم أحدا رفعه غير حماد بن سلمة، ورواه معمر وحماد بن زيد وغير واحد ولم يرفعوه".]] . وَرُوِيَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَمِنْ غَيْرِهِ، عَنْ أَنَسٍ مَوْقُوفًا [[رواه أبو بكر بن شعيب بن الحبحاب، عن أبيه، عن أنس بن مالك نحوه موقوفا، أخرجه الترمذي في السنن برقم (٣١١٩) ورواه حماد بن زيد، عن شعيب بن الحبحاب، عن أنس موقوفا، أخرجه الترمذي في السنن برقم (٣١١٩) .]] وَكَذَا نَصَّ عَلَيْهِ مَسْرُوقٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَعِكْرِمَةُ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالضَّحَّاكُ، وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمْ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا عُبَيدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: "أَخْبِرُونِي عَنْ شَجَرَةٍ تُشْبِهُ -أَوْ: كَالرَّجُلِ -اَلْمُسْلِمِ، لَا يَتَحَاتُّ وَرَقُهَا [وَلَا وَلَا وَلَا] [[زيادة من ت، أ، والبخاري.]] تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ". قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، وَرَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لَا يَتَكَلَّمَانِ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ، فَلَمَّا لَمْ يَقُولُوا شَيْئًا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "هِيَ النَّخْلَةُ". فَلَمَّا قُمْنَا قُلْتُ لِعُمَرَ: يَا أَبَتَا، وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ وَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ. قَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَكَلَّمَ؟ قَالَ: لَمْ أَرَكُمْ تَتَكَلَّمُونَ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ أَوْ أَقُولَ شَيْئًا. قَالَ عُمَرُ: لَأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا [[صحيح البخاري برقم (٤٦٩٨) .]] . وَقَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: صَحِبْتُ ابْنَ عُمَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَلَمْ أَسْمَعْهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِلَّا حَدِيثًا وَاحِدًا -قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأَتَى بِجِمَارٍ. فَقَالَ: "مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةٌ مَثَلُهَا مَثَلُ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ". فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ: هِيَ النَّخْلَةُ، فَنَظَرَتْ فَإِذَا أَنَا أَصْغَرُ الْقَوْمِ، [فَسَكَتُّ] [[زيادة من ت، أ، والمسند.]] فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "هِيَ النَّخْلَةُ" أَخْرَجَاهُ [[المسند (٢/١٢) وصحيح البخاري برقم (٧٢) وصحيح مسلم برقم (٢٨١١) .]] . وَقَالَ مَالِكٌ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمًا لِأَصْحَابِهِ: "إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَطْرَحُ وَرَقُهَا، مِثْلُ الْمُؤْمِنِ". قَالَ: فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَوَادِي، وَوَقَعَ فِي قَلْبِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ [فَاسْتَحْيَيْتُ، حَتَّى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "هِيَ النَّخْلَةُ] " [[زيادة من ت، أ، والصحيحين.]] أَخْرَجَاهُ أَيْضًا [[صحيح البخاري برقم (١٣١) وصحيح مسلم برقم (٢٨١١) .]] . وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ -يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ الْعَطَّارَ -حَدَّثَنَا قَتَادَةُ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالْأُجُورِ! فَقَالَ: "أَرَأَيْتَ لو عمد إلى متاع الدُّنْيَا، فَرَكَّبَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ أَكَانَ يَبْلُغُ السَّمَاءَ؟ أَفَلَا أُخْبِرَكَ بِعَمَلٍ أَصْلُهُ فِي الْأَرْضِ وَفَرْعُهُ فِي السَّمَاءِ؟ ". قَالَ: مَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "تَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ"، عَشْرَ مَرَّاتٍ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ، فَذَاكَ أَصْلُهُ فِي الْأَرْضِ وَفَرْعُهُ فِي السَّمَاءِ" [[أورده السيوطي في الدر المنثور (٥/٢٢) وعزاه لابن أبي حاتم، وهو مرسل.]] . وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﴿كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ﴾ قَالَ: هِيَ شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ. * * * وَقَوْلُهُ: ﴿تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ﴾ قِيلَ: غُدوة وعَشيا. وَقِيلَ: كُلَّ شَهْرٍ. وَقِيلَ: كُلَّ شَهْرَيْنِ. وَقِيلَ: كُلَّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ. وَقِيلَ: كُلَّ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ. وَقِيلَ: كُلَّ سَنَةٍ. وَالظَّاهِرُ مِنَ السِّيَاقِ: أَنَّ الْمُؤْمِنَ مَثَلُهُ كَمَثَلِ شَجَرَةٍ، لَا يَزَالُ يُوجَدُ مِنْهَا ثَمَرٌ فِي كُلِّ وَقْتٍ مِنْ صَيْفٍ أَوْ شِتَاءٍ، أَوْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، كَذَلِكَ الْمُؤْمِنُ لَا يَزَالُ يُرْفَعُ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ آنَاءَ اللَّيْلِ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَحِينٍ. ﴿بِإِذْنِ رَبِّهَا﴾ أَيْ: كَامِلًا حَسَنًا كَثِيرًا طَيِّبًا، ﴿وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ * * * وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ﴾ هَذَا مَثَلُ كُفْرِ الْكَافِرِ، لَا أَصْلَ لَهُ وَلَا ثَبَاتَ، وَشُبِّهَ بِشَجَرَةِ الْحَنْظَلِ، وَيُقَالُ لَهَا: "اَلشِّرْيَانُ". [رَوَاهُ شُعْبَةُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّة، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّهَا شَجَرَةُ الْحَنْظَلِ] [[زيادة من ت، أ.]] . وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ الْحَافِظُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّكَنِ، حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ أَنَسٍ -أحسَبه رَفَعَهُ-قَالَ: "مَثَلُ كَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ"، قَالَ: هِيَ النَّخْلَةُ، ﴿وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ﴾ قَالَ: هِيَ الشّرْيان [[ورواه حماد بْنُ سَلَمَةَ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ عَنْ أنس مرفوعا مثله رواه الطبري في تفسيره (١٦/٥٧٠، ٥٨٥) .]] . ثُمَّ رَوَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى، عَنْ غُنْدَر، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَنَسٍ مَوْقُوفًا [[ورواه الطبري في تفسيره (١٦/٥٨٣) عن محمد بن المثنى به موقوفا، ورواه شبابة وعمرو بن الهيثم، عن شعبة فأوقفوه. انظر: تفسير الطبري (١٦/٥٨٣) .]] . وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ -هُوَ ابْنُ سَلَمَةَ -عَنْ شُعَيْبِ بْنِ الحَبْحاب عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: "وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ" هِيَ الْحَنْظَلَةُ". فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ أَبَا الْعَالِيَةِ فَقَالَ: هَكَذَا كُنَّا نَسْمَعُ. وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، بِهِ [[تفسير الطبري (١٦/٥٨٥) .]] وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى فِي مسنده بأبسط من هذا فقال: حَدَّثَنَا غَسَّانُ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَتَى بِقِنَاعٍ عَلَيْهِ بُسْر، فَقَالَ: وَمَثَلُ كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ، أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ. تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا فَقَالَ: "هِيَ النَّخْلَةُ" ﴿وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ﴾ قَالَ: "هِيَ الْحَنْظَلُ" [[في أ: "الحنظلة".]] قَالَ شُعَيْبٌ: فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ أَبَا الْعَالِيَةِ فَقَالَ: كَذَلِكَ كُنَّا نَسْمَعُ [[ورواه الترمذي في السنن برقم (٣١١٩) عن عبد بن حميد، عن أبي الوليد، عن حماد بن سلمة به نحوه، وقد سبق الكلام عليه.]] . * * * وَقَوْلُهُ: ﴿اجْتُثَّتْ﴾ أَيِ: اسْتُؤْصِلَتْ ﴿مِنْ فَوْقِ الأرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ﴾ أَيْ: لَا أَصْلَ لَهَا وَلَا ثَبَاتَ، كَذَلِكَ الْكُفْرُ لَا أَصْلَ لَهُ وَلَا فَرْعَ، وَلَا يَصْعَدُ لِلْكَافِرِ عَمَلٌ، وَلَا يُتَقَبَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب