الباحث القرآني

يَقُولُ تَعَالَى مُقَرِّرًا لِوَعْدِهِ وَمُؤَكِّدًا: ﴿فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ﴾ أَيْ: مِنْ نُصْرَتِهِمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ. ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ ذُو عِزَّةٍ لَا يَمْتَنِعُ [[في ت: "تمتنع".]] عَلَيْهِ شَيْءٌ أَرَادَهُ، وَلَا يُغَالَبُ، وَذُو انْتِقَامٍ مِمَّنْ [[في ت: "بمن".]] كَفَرَ بِهِ وَجَحَدَهُ ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ [الطُّورِ: ١١] ؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ﴾ أَيْ: وَعْدُهُ هَذَا حَاصِلٌ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ، وَهِيَ هَذِهِ عَلَى غَيْرِ الصِّفَةِ الْمَأْلُوفَةِ الْمَعْرُوفَةِ، كَمَا جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى أَرْضٍ بَيْضَاءَ عَفْرَاءَ، كَقُرْصَةِ النَّقِيِّ، لَيْسَ فِيهَا مَعْلَمٌ لِأَحَدٍ" [[صحيح البخاري برقم (٦٥٢١) وصحيح مسلم برقم (٢٧٩٠) .]] . وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: أَنَا أَوَّلُ النَّاسِ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ قَالَتْ: قُلْتُ: أَيْنَ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "عَلَى الصِّرَاطِ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ مُنْفَرِدًا بِهِ دُونَ الْبُخَارِيِّ، وَالتِّرْمِذِيِّ، وَابْنِ مَاجَهْ، مِنْ حَدِيثِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، بِهِ [[المسند (٦/٣٥) وصحيح مسلم برقم (٢٧٩١) وسنن الترمذي برقم (٣١٢١) وابن ماجة برقم (٤٢٧٩) .]] وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ أَيْضًا، عَنْ عَفَّانَ، عَنْ وُهَيْبٍ [[في ت: "وهب".]] عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْهَا [[في ت: "عنهما".]] وَلَمْ يَذْكُرْ مَسْرُوقًا [[المسند (٦/١٣٤) .]] . وَقَالَ قَتَادَةُ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ بِلَالٍ الْمُزَنِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ قَوْلِ اللَّهُ: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ﴾ قَالَ: قَالَتْ [[في ت، أ: "قلت".]] يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَيْنَ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: "لَقَدْ سَأَلْتِنِي [[في ت: "سألتني".]] عَنْ شَيْءٍ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِي، ذَاكَ أَنَّ النَّاسَ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ [[في ت: "على حشرهم".]] [[رواه الطبري في تفسيره (١٣/١٦٦) .]] . وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ، مِنْ حَدِيثِ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، حَدَّثَتْنِي عَائِشَةَ أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، عن قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَالأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ﴾ [الزمر: ٦٧] ، فَأَيْنَ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "هُمْ عَلَى مَتْنِ جَهَنَّمَ" [[المسند (٦/١١٧) .]] . وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، أَخْبَرَنِي الْقَاسِمُ، سَمِعْتُ الْحَسَنَ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ﴾ فَأَيْنَ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: "إِنَّ هَذَا شَيْءٌ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَدٌ"، قَالَ: "عَلَى الصِّرَاطِ يَا عَائِشَةُ". وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، عَنْ عَفَّانَ [[في ت، أ: "عثمان".]] عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنِ الْحَسَنِ، بِهِ [[تفسير الطبري (١٣/١٦٦) والمسند (٦/١٠١) .]] . وَقَالَ الْإِمَامُ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ فِي صَحِيحِهِ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبة الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ، عَنْ زَيْدٍ -يَعْنِي: أَخَاهُ -أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ، حَدَّثَنِي أَبُو أَسْمَاءَ الرَّحَبِي؛ أَنَّ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَدَّثَهُ قَالَ: كُنْتُ قَائِمًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَجَاءَهُ [[في ت: "فجاء".]] حَبر مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ. فَدَفَعْتُهُ دَفْعَةً كَادَ يُصرَع مِنْهَا، فَقَالَ: لِمَ تَدْفَعُنِي؟ فَقُلْتُ: أَلَا تَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؟! فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: إِنَّمَا نَدْعُوهُ بِاسْمِهِ الَّذِي سَمّاه بِهِ أَهْلُهُ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "إِنَّ اسْمِي مُحَمَّدٌ الَّذِي سَمَّانِي بِهِ أَهْلِي". فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: جِئْتُ أَسْأَلُكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "أَيَنْفَعُكَ شَيْءٌ إِنْ حَدَّثْتُكَ؟ " فَقَالَ: أَسْمَعُ بِأُذُنَيَّ. فَنَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِعُودٍ مَعَهُ، فَقَالَ: "سَلْ". فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: أَيْنَ يَكُونُ النَّاسُ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "هُمْ فِي الظُّلْمَةِ دُونَ الْجِسْرِ" [[في ت: "الحشر".]] قَالَ: فَمَنْ أَوَّلُ النَّاسِ إِجَازَةً؟ قَالَ: فَقَالَ: " [فُقَرَاءُ] [[زيادة من ت، أ، ومسلم.]] الْمُهَاجِرِينَ". قَالَ الْيَهُودِيُّ: فَمَا تُحْفَتهُم حِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ؟ قَالَ: "زِيَادَةُ كَبِدِ النُّونِ" قَالَ: فَمَا غِذَاؤُهُمْ فِي أَثَرِهَا؟ قَالَ: "يُنْحَرُ لَهُمْ ثَوْرُ الْجَنَّةِ الَّذِي كَانَ يَأْكُلُ مِنْ أَطْرَافِهَا". قَالَ: فَمَا شَرَابُهُمْ عَلَيْهِ؟ قَالَ: "مِنْ عَيْنٍ فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا". قَالَ: صَدَقْتَ. قَالَ: وَجِئْتُ أَسْأَلُكَ عَنْ شَيْءٍ لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ رَجُلٌ أَوْ رَجُلَانِ؟ قَالَ: "أَيَنْفَعُكَ إِنْ حَدَّثْتُكَ؟ " قَالَ: أَسْمَعُ بِأُذُنَيَّ. قَالَ: جِئْتُ أَسْأَلُكَ عَنِ الْوَلَدِ. قَالَ: "مَاءُ الرَّجُلِ أَبْيَضُ وَمَاءُ الْمَرْأَةِ أَصْفَرُ، فَإِذَا اجْتَمَعَا فَعَلا منيُّ الرَّجُلِ منيَّ الْمَرْأَةِ أَذْكَرَا [[في أ: "ذكرا".]] بِإِذْنِ اللَّهِ -تعالى -وَإِذَا عَلَا مَنِيُّ الْمَرْأَةِ مَنِيَّ الرَّجُلِ أنَّثا بِإِذْنِ اللَّهِ" قَالَ الْيَهُودِيُّ: لَقَدْ صَدَقْتَ، وَإِنَّكَ لَنَبِيٌّ. ثُمَّ انْصَرَفَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "لَقَدْ سَأَلَنِي هَذَا عَنِ الَّذِي سَأَلَنِي عَنْهُ، وَمَا لِي عِلْمٌ بِشَيْءٍ مِنْهُ، حَتَّى أَتَانِيَ اللَّهُ بِهِ" [[صحيح مسلم برقم: (٣١٥) .]] . [وَ] [[زيادة من ت.]] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَوْفٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ ثَوْبَانَ الكَلاعي، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: أَتَى النبيَّ ﷺ حَبْر مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ: أَرَأَيْتَ إِذْ يَقُولُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ﴾ فَأَيْنَ الخَلْق عِنْدَ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: "أَضْيَافُ اللَّهِ، فَلَنْ يُعْجِزَهُمْ مَا لَدَيْهِ" [[رواه الطبري في تفسيره (١٣/١٦٤) .]] . وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، بِهِ. وَقَالَ شُعْبَةُ: أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ -وَرُبَّمَا قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ، وَرُبَّمَا لَمْ يَقُلْ -فَقُلْتُ لَهُ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ؟ فَقَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ يَقُولُ: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ﴾ قَالَ: أَرْضٌ كَالْفِضَّةِ الْبَيْضَاءِ نَقِيَّةٌ، لَمْ يُسْفَكْ فِيهَا دَمٌ، وَلَمْ يُعْمَلْ عَلَيْهَا [[في ت، أ: "فيها".]] خَطِيئَةٌ، يُنْفِذُهُمُ الْبَصَرُ، وَيُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي، حُفَاةً عُرَاةً كَمَا خُلِقُوا. قَالَ: أُرَاهُ قَالَ: قِيَامًا حَتَّى يُلجِمَهم الْعَرَقُ [[تفسير الطبري (١٣/١٦٤) .]] . وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، بِنَحْوِهِ. وَكَذَا رَوَاهُ عَاصِمٌ، عَنْ زِرٍّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، بِهِ. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، لَمْ يُخْبِرْ بِهِ. أَوْرَدَ ذَلِكَ كُلَّهُ ابْنُ جَرِيرٍ [[تفسير الطبري (١٣/١٦٤) .]] . وَقَدْ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيد بْنِ عَقِيل، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ أَبُو عَتَّابٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي قَوْلِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ﴾ قَالَ: "أَرْضٌ بَيْضَاءُ لَمْ يَسْقُطْ عَلَيْهَا دَمٌ [[في ت: "دما".]] وَلَمْ يُعْمَلْ عَلَيْهَا خَطِيئَةٌ". ثُمَّ قَالَ: لَا نَعْلَمُ رَفَعَهُ إِلَّا جَرِيرُ بْنُ أَيُّوبَ، وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ [[مسند البزار برقم (٣٤٣١) "كشف الأستار" وجرير بن أيوب ضعفه الأئمة.]] . ثُمَّ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حدثا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ سِنَانٍ [[في ت، أ: "شيبان".]] عَنْ جَابِرٍ الجُعْفي، عَنْ أَبِي جُبَيرة [[في أ: "عن ابن حبرة".]] عَنْ زَيْدٍ قَالَ: أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى الْيَهُودِ فَقَالَ: "هَلْ تَدْرُونَ لِمَ أَرْسَلْتُ إِلَيْهِمْ؟ " قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: "أَرْسَلْتُ إِلَيْهِمْ أَسْأَلُهُمْ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ﴾ إِنَّهَا تَكُونُ يَوْمَئِذٍ بَيْضَاءَ مِثْلَ الْفِضَّةِ". فَلَمَّا جَاءُوا سَأَلَهُمْ فَقَالُوا: تَكُونُ بَيْضَاءَ مِثْلَ النَّقِي [[تفسير الطبري (١٣/١٦٤) .]] . وَهَكَذَا رَوى عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَمُجَاهِدِ بْنِ جبير: أَنَّهَا تُبَدَّلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَرْضٍ مِنْ فِضَّةٍ. وَعَنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: تصير الأرض فضة، والسموات ذهبا. وَقَالَ الرَّبِيعِ: عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: تَصِيرُ السَّمَوَاتُ جِنَانًا. وَقَالَ أَبُو مِعْشر، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، أَوْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ﴾ قَالَ: [تُبَدَّلُ] [[زيادة من أ.]] خُبْزَةً يَأْكُلُ مِنْهَا الْمُؤْمِنُونَ [[في ت، أ: "المؤمن"]] مِنْ تَحْتِ أَقْدَامِهِمْ [[في أ: "قدميه".]] . وَكَذَا رَوَى وَكِيع، عَنْ عُمَرَ بْنِ بَشِيرٍ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ﴾ قَالَ: تُبَدَّلُ خُبْزَةً بَيْضَاءَ، يَأْكُلُ الْمُؤْمِنُ مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْهِ. وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ خَيْثَمة قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ -هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ-: الْأَرْضُ كُلُّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ [[في ت: "يوم القيامة كلها".]] نَارٌ، وَالْجَنَّةُ مِنْ وَرَائِهَا تَرَى كَوَاعِبَهَا وَأَكْوَابَهَا، ويُلجِمُ النَّاسَ العرقُ، أَوْ يَبْلُغُ مِنْهُمُ الْعَرَقُ، وَلَمْ يَبْلَغُوا الْحِسَابَ. وَقَالَ الْأَعْمَشُ أَيْضًا، عَنِ المِنْهَال بْنِ عَمْرٍو، عَنْ قَيْسِ بْنِ السَّكَنِ [[في ت: "ابن سكن".]] قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: الْأَرْضُ كُلُّهَا نَارٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، [وَ] [[زيادة من ت، أ.]] الْجَنَّةُ مِنْ وَرَائِهَا، تَرَى أَكْوَابَهَا وَكَوَاعِبَهَا، وَالَّذِي نَفْسُ عَبْدِ اللَّهِ بِيَدِهِ، إِنَّ الرَّجُلَ لَيَفِيضُ عَرَقًا حَتَّى تَرْسَخَ [[في ت: "يرسخ"، وفي أ: "يرشح".]] فِي الْأَرْضِ قَدَمُهُ، ثُمَّ يَرْتَفِعُ حَتَّى يَبْلُغَ أَنْفَهُ، وَمَا مَسَّهُ الْحِسَابُ. قَالُوا [[في ت: "فقالوا".]] مِمَّ ذَاكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ قَالَ: مِمَّا يَرَى النَّاسَ يَلْقَوْنَ [[تفسير الطبري (١٣/١٦٤، ١٦٥) .]] . وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ كَعْبٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ﴾ قَالَ: تَصِيرُ السَّمَوَاتُ جِنَانًا، وَيَصِيرُ مَكَانُ الْبَحْرِ نَارًا، وَتُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَهَا. وَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ: "لَا يَرْكَبُ الْبَحْرَ إِلَّا غَازٍ أَوْ حَاجٌّ أَوْ مُعْتَمِرٌ، فَإِنَّ تَحْتَ الْبَحْرِ نَارًا -أَوْ: تَحْتَ النَّارِ بَحْرًا". [[سنن أبي داود برقم (٢٤٨٩) ولفظه: "فَإِنَّ تَحْتَ الْبَحْرِ نَارًا، وَتَحْتَ النَّارِ بَحْرًا" رواه من طريق بشر أبي عبد الله، عن بشير بن مسلم، عن عبد الله بن عمرو مرفوعا، وقد ضعف هذا الحديث جماعة من الأئمة. انظر أقوالهم في: السلسلة الضعيفة برقم (٤٧٨) .]] وَفِي حَدِيثِ الصُّوَرِ الْمَشْهُورِ الْمَرْوِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: "تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ، فَيَبْسُطُهَا وَيَمُدُّهَا مَدَّ الْأَدِيمِ الْعُكَاظِيِّ، لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا، ثُمَّ يَزْجُرُ اللَّهُ الْخَلْقَ زَجْرَةً، فَإِذَا هُمْ فِي هَذِهِ الْمُبْدَلَةِ" [[سبق تخريج الحديث عند تفسير سورة الأنعام.]] . * * * وَقَوْلُهُ: ﴿وَبَرَزُوا لِلَّهِ﴾ أَيْ: خَرَجَتِ الْخَلَائِقُ جَمِيعُهَا مِنْ قُبُورِهِمْ لله ﴿الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ أي: الذي قَهَرَ كُلَّ شَيْءٍ وَغَلَبَهُ، وَدَانَتْ لَهُ الرِّقَابُ، وَخَضَعَتْ لَهُ الْأَلْبَابُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب