الباحث القرآني

لَا شَكَّ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى شرَع فِي كُلِّ مِلَّةٍ يَوْمًا مِنَ الْأُسْبُوعِ، يَجْتَمِعُ النَّاسُ فِيهِ لِلْعِبَادَةِ، فَشَرَعَ تَعَالَى لِهَذِهِ الْأُمَّةِ يَوْمَ الْجُمْعَةِ؛ لِأَنَّهُ الْيَوْمُ السَّادِسُ الَّذِي أَكْمَلَ اللَّهُ فِيهِ الْخَلِيقَةَ، وَاجْتَمَعَتِ [النَّاسُ] [[زيادة من ت، ف.]] فِيهِ وَتَمَّتِ النِّعْمَةُ عَلَى عِبَادِهِ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ تَعَالَى شَرَعَ ذَلِكَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ مُوسَى، فَعَدَلُوا عَنْهُ وَاخْتَارُوا السَّبْتَ؛ لِأَنَّهُ الْيَوْمُ الَّذِي لَمْ يَخْلُقْ فِيهِ الرَّبُّ شَيْئًا مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ الَّذِي [[في أ: "التي".]] كَمَّلَ خَلْقَهَا يَوْمَ الْجُمْعَةِ، فَأَلْزَمَهُمْ [[في أ: "وألزمهم".]] تَعَالَى بِهِ فِي شَرِيعَةِ التَّوْرَاةِ، وَوَصَّاهُمْ أَنْ يَتَمَسَّكُوا بِهِ وَأَنْ يُحَافِظُوا عَلَيْهِ، مَعَ أَمْرِهِ إِيَّاهُمْ بِمُتَابَعَةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم إذا بعثه. وأخذه [[في أ: "وأخذ".]] مَوَاثِيقَهُمْ وَعُهُودَهُمْ عَلَى ذَلِكَ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ: اتَّبَعُوهُ وَتَرَكُوا الْجُمْعَةَ. ثُمَّ إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُتَمَسِّكِينَ بِهِ، حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَيُقَالُ: إِنَّهُ حوَّلهم إِلَى يَوْمِ الْأَحَدِ. وَيُقَالُ إِنَّهُ: لَمْ [يَتْرُكْ [[في أ: "يزل على".]] شَرِيعَةَ التَّوْرَاةِ إِلَّا مَا نُسِخَ مِنْ بَعْضِ أَحْكَامِهَا وَإِنَّهُ لِمْ] [[زيادة من ت، ف، أ.]] يَزَلْ مُحَافِظًا عَلَى السَّبْتِ حَتَّى رُفِعَ، وَإِنَّ النَّصَارَى بَعْدَهُ فِي زَمَنِ قُسْطَنْطِينَ هُمُ الَّذِينَ تَحَوَّلُوا إِلَى يَوْمِ الْأَحَدِ، مُخَالَفَةً لِلْيَهُودِ، وَتَحَوَّلُوا إِلَى الصَّلَاةِ شَرْقًا عَنِ الصَّخْرَةِ، وَاللَّهُ [[في ت: "فالله".]] أَعْلَمُ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَر، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقُولُ: "نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، بِيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا، ثُمَّ هَذَا يَوْمُهُمُ الَّذِي فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ، فَهَدَانَا اللَّهُ لَهُ، فَالنَّاسُ لَنَا فِيهِ تَبَعٌ، الْيَهُودُ غَدًا، وَالنَّصَارَى بَعْدَ غَدٍ". لَفْظُ الْبُخَارِيِّ [[صحيح البخاري برقم (٦٦٢٤) وصحيح مسلم برقم (٨٥٥) .]] . وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَحُذَيْفَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "أَضَلَّ اللَّهُ عَنِ الْجُمُعَةِ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا، فَكَانَ لِلْيَهُودِ يَوْمُ السَّبْتَ، وَكَانَ لِلنَّصَارَى يَوْمُ الْأَحَدِ، فَجَاءَ اللَّهُ بِنَا فَهَدَانَا اللَّهُ ليوم الْجُمُعَةِ، فَجَعَلَ الْجُمُعَةَ وَالسَّبْتَ وَالْأَحَدَ، وَكَذَلِكَ هُمْ تَبَعٌ لَنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، نَحْنُ الْآخِرُونَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا وَالْأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَالْمَقْضِيُّ بَيْنَهُمْ قَبْلَ الْخَلَائِقِ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ [وَاللَّهُ أَعْلَمُ] [[زيادة من ف، أ.]] [[صحيح مسلم برقم (٨٥٦) .]] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب