الباحث القرآني

يَمْتَنُّ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ بِمَا خَلَقَ لَهُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ، وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ، كَمَا فَصَّلَهَا فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ إِلَى ثَمَانِيَةِ أَزْوَاجٍ، وَبِمَا جَعَلَ لَهُمْ فِيهَا مِنَ الْمَصَالِحِ وَالْمَنَافِعِ، مِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا يَلْبَسُونَ وَيَفْتَرِشُونَ، وَمِنْ أَلْبَانِهَا يَشْرَبُونَ، وَيَأْكُلُونَ مِنْ أَوْلَادِهَا، وَمَا لَهُمْ فِيهَا مِنَ الْجَمَالِ وَهُوَ الزِّينَةُ؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ﴾ وَهُوَ وَقْتُ رُجُوعِهَا عَشِيًّا مِنَ الْمَرْعَى [[في ت: "الرعى".]] فَإِنَّهَا تَكُونُ أمَدّه [[في ت، ف: "أعده".]] خَوَاصِرَ، وَأَعْظَمَهُ ضُرُوعًا، وَأَعْلَاهُ أَسْنِمَةً، ﴿وَحِينَ تَسْرَحُونَ﴾ أَيْ: غُدوة حِينَ تَبْعَثُونَهَا إِلَى الْمَرْعَى. ﴿وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ﴾ وَهِيَ الْأَحْمَالُ الْمُثْقَلَةُ [[في ت، ف، أ: "الثقيلة".]] الَّتِي تَعجزُون عَنْ نَقْلِهَا وَحَمْلِهَا، ﴿إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلا بِشِقِّ الأنْفُسِ﴾ وَذَلِكَ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَالْغَزْوِ وَالتِّجَارَةِ، وَمَا جَرَى مَجْرَى ذَلِكَ، تَسْتَعْمِلُونَهَا فِي أَنْوَاعِ الِاسْتِعْمَالِ، مِنْ رُكُوبٍ وَتَحْمِيلٍ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ﴾ [الْمُؤْمِنُونَ: ٢١، ٢٢] ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُون﴾ [غَافِرٍ: ٧٩، ٨١] ؛؛ وَلِهَذَا قَالَ هَاهُنَا بَعْدَ تَعْدَادِ هَذِهِ النِّعَمِ: ﴿إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ أَيْ: رَبَّكُمُ الَّذِي قيَّض لَكُمْ هَذِهِ الْأَنْعَامُ وَسَخَّرَهَا لَكُمْ، كَمَا قَالَ: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ﴾ [يس: ٧١، ٧٢] ، وَقَالَ: ﴿وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالأنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ﴾ [الزُّخْرُفِ: ١٢ -١٤] . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ﴾ أَيْ: ثِيَابٌ، وَالْمَنَافِعُ: مَا تَنْتَفِعُونَ بِهِ مِنَ الْأَطْعِمَةِ وَالْأَشْرِبَةِ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرْنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاك، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿دِفْءٌ وَمَنَافِعُ﴾ نَسْلُ كُلِّ دَابَّةٍ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: ﴿لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ﴾ قَالَ: لِبَاسٌ يُنْسَجُ، وَمَنَافِعُ تُركَبُ، وَلَحْمٌ وَلَبَنٌ. وَقَالَ قَتَادَةُ: ﴿دِفْءٌ وَمَنَافِعُ﴾ يَقُولُ: لَكُمْ فِيهَا لِبَاسٌ، وَمَنْفَعَةٌ، وبُلْغة. وَكَذَا قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ، بِأَلْفَاظٍ مُتَقَارِبَةٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب