الباحث القرآني

الْمُرَادُ بِالْوَحْيِ هَاهُنَا: الْإِلْهَامُ وَالْهِدَايَةُ وَالْإِرْشَادُ إِلَى النَّحْلِ أَنْ تَتَّخِذَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا تَأْوِي إِلَيْهَا، وَمِنَ الشَّجَرِ، وَمِمَّا يَعْرِشُونَ. ثُمَّ هِيَ مُحْكَمَةٌ فِي غَايَةِ الْإِتْقَانِ فِي تَسْدِيسِهَا وَرَصِّهَا، بِحَيْثُ لَا يَكُونُ بَيْنَهَا خلَل. ثُمَّ أَذِنَ لَهَا تَعَالَى إِذْنًا قَدَرِيًّا تَسْخِيرِيًّا أَنْ تَأْكُلَ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ، وَأَنْ تَسْلُكَ الطُّرُقَ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى لَهَا مُذَلَّلَةً، أَيْ: سَهْلَةً عَلَيْهَا حَيْثُ شَاءَتْ فِي هَذَا الْجَوِّ الْعَظِيمِ وَالْبَرَارِي الشَّاسِعَةِ، وَالْأَوْدِيَةِ وَالْجِبَالِ الشَّاهِقَةِ، ثُمَّ تَعُودُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا إِلَى مَوْضِعِهَا وَبَيْتِهَا، لَا تَحِيدُ عَنْهُ يُمْنَةً وَلَا يُسْرَةً، بَلْ إِلَى بَيْتِهَا وَمَا لَهَا فِيهِ مِنْ فِرَاخٍ وَعَسَلٍ، فَتَبْنِي الشَّمْعَ مِنْ أَجْنِحَتِهَا، وَتَقِيءُ الْعَسَلَ مِنْ فِيهَا [[في ت: "فمها".]] وَتَبِيضُ الْفِرَاخَ مِنْ دُبُرِهَا، ثُمَّ تُصْبِحُ إِلَى مَرَاعِيهَا. وَقَالَ قَتَادَةُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: ﴿فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلا﴾ أَيْ: مُطِيعَةً. فَجَعَلَاهُ حَالًا مِنَ السَّالِكَةِ. قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: وَهُوَ كَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ﴾ [يس: ٧٢] قَالَ: أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ يَنْقُلُونَ النَّحْلَ [[في ت، ف، أ: "ينتقلون بالنحل".]] مِنْ بُيُوتِهِ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ وَهُوَ يَصْحَبُهُمْ. وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ، وَهُوَ أَنَّهُ حَالٌ مِنَ الطَّرِيقِ، أَيْ: فَاسْلُكِيهَا مذلَّلةً لَكِ، نَصَّ عَلَيْهِ مُجَاهِدٌ. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: كِلَا الْقَوْلَيْنِ صَحِيحٌ [[في ت، ف: "متجه".]] . وَقَدْ قَالَ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخ، حَدَّثَنَا سُكَيْن [[في ت، ف: "مسكين".]] بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "عُمْرُ الذُّبَابِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا، وَالذُّبَابُ كُلُّهُ فِي النَّارِ إِلَّا النَّحْلَ" [[مسند أبي يعلى (٧/٢٣١) وحسنه البوصيري كما في حاشية المطالب العالية (٢/ ٢٩٦) .]] . * * * وَقَوْلُهُ تَعَالَى ﴿يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ﴾ أَيْ: مَا بَيْنَ أَبْيَضَ وَأَصْفَرَ وَأَحْمَرَ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَلْوَانِ الْحَسَنَةِ، عَلَى اخْتِلَافِ مَرَاعِيهَا وَمَأْكَلِهَا مِنْهَا [[في أ: "منه".]] . * * * وَقَوْلُهُ: ﴿فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ﴾ أَيْ: فِي الْعَسَلِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ مِنْ أَدْوَاءٍ تَعْرِضُ لَهُمْ. قَالَ بَعْضُ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى الطِّبِّ النَّبَوِيِّ: لَوْ قَالَ فِيهِ: "الشِّفَاءُ لِلنَّاسِ" لَكَانَ دَوَاءً لِكُلِّ دَاءٍ، وَلَكِنْ قَالَ ﴿فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ﴾ أَيْ: يَصْلُحُ لِكُلِّ أَحَدٍ مِنْ أَدْوَاءٍ بَارِدَةٍ، فَإِنَّهُ حَارٌّ، وَالشَّيْءُ يُدَاوَى بِضِدِّهِ. وَقَالَ مُجَاهِدُ بْنُ جَبْر [[في أ: "جبير".]] فِي قَوْلِهِ: ﴿فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ﴾ يَعْنِي: الْقُرْآنَ. وَهَذَا قَوْلٌ صَحِيحٌ فِي نَفْسِهِ، وَلَكِنْ لَيْسَ هُوَ الظَّاهِرُ هَاهُنَا مِنْ سِيَاقِ الْآيَةِ؛ فَإِنَّ الْآيَةَ إِنَّمَا ذَكَرَ فِيهَا الْعَسَلَ، وَلَمْ يُتَابَعْ مُجَاهِدٌ عَلَى قَوْلِهِ هَاهُنَا، وَإِنَّمَا الَّذِي قَالَهُ ذَكَرُوهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَنُنزلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ الْآيَةَ [الْإِسْرَاءِ: ٨٢] . وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [يُونُسَ: ٥٧] . وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ﴾ هُوَ الْعَسَلُ -الحديثُ الَّذِي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحَيْهِمَا [[في ف: "صحيحيهما".]] مِنْ رِوَايَةِ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ النَّاجِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: إِنَّ أَخِي استَطْلَق بطنُه. فَقَالَ: "اسْقِهِ عَسَلًا". فَسَقَاهُ عَسَلًا ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، سَقَيْتُهُ عَسَلًا فَمَا زَادَهُ إِلَّا اسْتِطْلَاقًا! قَالَ: "اذْهَبْ فَاسْقِهِ عَسَلًا". فَذَهَبَ فَسَقَاهُ، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا زَادَهُ إِلَّا اسْتِطْلَاقًا! فقال رسول اللَّهِ ﷺ: "صَدَقَ اللَّهُ، وَكَذَبَ بَطْنُ أَخِيكَ! اذْهَبْ فَاسْقِهِ عَسَلًا". فَذَهَبَ فَسَقَاهُ فَبَرِئَ [[صحيح البخاري برقم (٥٧١٦) وصحيح مسلم برقم (٢٢١٧) .]] . قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِالطِّبِّ: كَانَ هَذَا الرَّجُلُ عِنْدَهُ فَضَلَاتٌ، فَلَمَّا سَقَاهُ عَسَلًا وَهُوَ حَارٌّ تَحَلَّلَتْ، فَأَسْرَعَتْ فِي الِانْدِفَاعِ، فَزَادَ إِسْهَالُهُ، فَاعْتَقَدَ [[في ف: "واعتقد".]] الْأَعْرَابِيُّ أَنَّ هَذَا يَضُرُّهُ وَهُوَ مَصْلَحَةٌ لِأَخِيهِ، ثُمَّ سَقَاهُ فَازْدَادَ التَّحْلِيلُ وَالدَّفْعُ، ثُمَّ سَقَاهُ فَكَذَلِكَ، فَلَمَّا انْدَفَعَتِ الْفَضَلَاتُ الْفَاسِدَةُ الْمُضِرَّةُ بِالْبَدَنِ اسْتَمْسَكَ بَطْنُهُ، وَصَلُحَ مِزَاجُهُ، وَانْدَفَعَتِ الْأَسْقَامُ وَالْآلَامُ بِبَرَكَةِ إِشَارَتِهِ، عَلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ [[انظر: زاد المعاد لابن القيم (٤/٣٣-٣٦) وفتح الباري لابن حجر (١٠/١٦٩، ١٧٠) .]] . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ، مِنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يُعْجِبُهُ الْحَلْوَاءُ وَالْعَسَلُ. هَذَا [[في ف: "وهذا".]] لَفْظُ الْبُخَارِيِّ [[صحيح البخاري برقم (٥٦٨٢) وصحيح مسلم برقم (١٤٧٤) .]] . وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ: مِنْ حَدِيثِ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "الشِّفَاءُ فِي ثَلَاثَةٍ: فِي شَرْطةِ مِحْجَم، أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ، أَوْ كيَّةٍ بِنَارٍ، وَأَنْهَى أُمَّتِي عَنِ الْكَيِّ" [[صحيح البخاري برقم (٥٦٨٠، ٥٦٨١) .]] . وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الغَسِيل، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: "إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ، أَوْ يكونُ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ خَيْرٌ: فَفِي شَرْطَةِ مِحْجَم، أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ، أَوْ لَذْعَةٍ بِنَارٍ تُوَافِقُ الدَّاءَ، وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِيَ". وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ جَابِرٍ، بِهِ [[صحيح البخاري برقم (٥٦٨٣) وصحيح مسلم برقم (٢٢٠٥) .]] . وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَنْبَأَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الجُهَني قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "ثَلَاثٌ إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ شِفَاءٌ: فشَرْطة مِحْجَم، أَوْ شَرْبَةُ عَسَلٍ، أَوْ كيَّة تُصِيبُ أَلَمًا، وَأَنَا أَكْرَهُ الْكَيَّ وَلَا أُحِبُّهُ" [[المسند (٤/١٤٦) .]] . وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ هَارُونَ بْنِ مَلّول [[في هـ، ف: "مملول" وفي أ: "سلول" والمثبت من المعجم للطبراني.]] الْمِصْرِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئِ، [عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ] [[زيادة من المعجم الكبير للطبراني.]] عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ، بِهِ. وَلَفَظُهُ: "إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ شِفَاءٌ: فَشَرْطَةُ مِحْجَمٍ" ... وَذَكَرَهُ [[المعجم الكبير (١٧/١٨٨) والمعجم الأوسط برقم (٩٣٣٥) ومجمع البحرين برقم (٤١٦٥) . تنبيه: وقع في المعجم الأوسط عن أبي عبد الرحمن المقري، عن سعيد بن أبي أيوب، عن عبد الله بن الوليد به، وقال: "لم يروه عن عبد الله بن الوليد إلا سعيد" وقد رايته في المعجم الكبير رواه عنه شريح، فلا أدري هل هو خطأ أم لا؟ والله أعلم.]] وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ وَلَمْ يُخَرِّجُوهُ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ [[في ت، ف: "يزيد".]] بْنِ مَاجَهْ الْقَزْوِينِيُّ فِي سُنَنِهِ: حَدَّثَنَا علي بن سلمة -هُوَ اللَّبَقِيُّ-حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ -هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ-قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "عَلَيْكُمْ بِالشِّفَاءَيْنِ: الْعَسَلُ وَالْقُرْآنُ" [[سنن ابن ماجه رقم (٣٤٥٢) .]] . وَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ، تَفَرَّدَ بِإِخْرَاجِهِ ابْنُ مَاجَهْ مَرْفُوعًا، وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ وَكِيع، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سُفْيَانَ -هُوَ الثَّوْرِيُّ-بِهِ مَوْقُوفًا [[تفسير الطبري (١٤/ ٩٤) وقال الدارقطني في العلل: "الموقوف أصح".]] : وَلَهو [[في ت، ف: "وهو".]] أَشْبَهُ. وَرُوِّينَا عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمُ الشِّفَاءَ فَلْيَكْتُبْ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فِي صَحْفَة، وَلْيَغْسِلْهَا بِمَاءِ السَّمَاءِ، وَلْيَأْخُذْ مِنِ امْرَأَتِهِ دِرْهَمًا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهَا، فَلْيَشْتَرِ بِهِ عَسَلًا فَلْيَشْرَبْهُ بِذَلِكَ، فَإِنَّهُ شِفَاءٌ [[قال ابن حجر في الفتح (١٠/ ١٧٠) : "أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير بسند حسن".]] . أَيْ: مِنْ وُجُوهٍ، قَالَ اللَّهُ: ﴿وَنُنزلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ﴾ [الْإِسْرَاءِ: ٨٢] وَقَالَ: ﴿وَنزلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا﴾ [ق: ٩] وَقَالَ: ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا﴾ [النِّسَاءِ: ٤] ، وَقَالَ فِي الْعَسَلِ: ﴿فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ﴾ وَقَالَ ابْنُ مَاجَهْ أَيْضًا: حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خِدَاش، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَاشِمِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "مَنْ لَعِق الْعَسَلَ ثَلَاثَ غَدَوَاتٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ لَمْ يُصِبْهُ عَظِيمٌ مِنَ الْبَلَاءِ" [[سنن ابن ماجة برقم (٣٤٥٠) وهو منقطع أيضًا، عبد الحميد بن سالم لم يسمعه من أبي هريرة.]] . الزُّبَيْرُ بْنُ سَعِيدٍ مَتْرُوكٌ. وَقَالَ ابْنُ مَاجَهْ أَيْضًا: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ سَرْح الْفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ بَكْرٍ [[في ف: "بكير".]] السَّكْسَكي، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عبَلة. سمعت أبا أبي ابن أُمِّ حَرَام -وَكَانَ قَدْ صَلَّى الْقِبْلَتَيْنِ-يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقُولُ: "عَلَيْكُمْ بالسَّنَى والسَّنُّوت، فَإِنَّ فِيهِمَا شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِلَّا السَّامَ". قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا السَّامُ؟ قَالَ: "الْمَوْتُ". قَالَ عَمْرٌو: قَالَ ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ: "السَّنُّوت": الشِّبْتُ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ هُوَ الْعَسَلُ الَّذِي [يَكُونُ] [[زيادة من ت، ف، أ، وسنن ابن ماجة.]] فِي زِقَاق السَّمْنِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّاعِرِ: هُمُ السَّمْنُ بالسَّنُّوت لَا ألْسَ فِيهِمْ ... وَهُمْ يَمنَعُونَ الجارَ أنْ يُقَرَّدا ... كَذَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ [[سنن ابن ماجه برقم (٣٤٥٧) وقال البوصيري في الزوائد (٣/١٢٣) : "إسناده ضعيف" ثم أعله بعمرو السكسكي.]] . وَقَوْلُهُ: "لَا ألْسَ فِيهِمْ" أَيْ: لَا خَلْطَ. وَقَوْلُهُ: "يَمْنَعُونَ الْجَارَ أَنْ يقَرَّدا"، [أَيْ يُضْطَهَدَ وَيُظْلَمَ] [[زيادة من ت، ف، أ.]] . * * * وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ أَيْ: إِنَّ فِي إِلْهَامِ اللَّهِ لِهَذِهِ الدَّوَابِّ الضَّعِيفَةِ الْخِلْقَةِ إِلَى السُّلُوكِ فِي هَذِهِ الْمَهَامَةِ وَالِاجْتِنَاءِ مِنْ سَائِرِ الثِّمَارِ، ثُمَّ جَمْعِهَا للشمع والعسل، وهو من أطيب الْأَشْيَاءِ، ﴿لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ فِي عَظَمَةِ خَالِقِهَا وَمُقَدِّرِهَا وَمُسَخِّرِهَا وَمُيَسِّرِهَا، فَيَسْتَدِلُّونَ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ [الْفَاعِلُ] [[زيادة من ف، أ.]] الْقَادِرُ، الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ، الْكَرِيمُ الرَّحِيمُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب