الباحث القرآني

اخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿أَمَرْنَا﴾ فَالْمَشْهُورُ قِرَاءَةُ التَّخْفِيفِ، وَاخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي مَعْنَاهَا، فَقِيلَ: مَعْنَاهَا أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا أَمْرًا قَدَرِيًّا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلا أَوْ نَهَارًا﴾ [يُونُسَ: ٢٤] ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ، قَالُوا: مَعْنَاهُ: أَنَّهُ سَخَّرَهُمْ إِلَى فِعْلِ الْفَوَاحِشِ فَاسْتَحَقُّوا الْعَذَابَ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: أَمَرْنَاهُمْ بِالطَّاعَاتِ فَفَعَلُوا الْفَوَاحِشَ فَاسْتَحَقُّوا الْعُقُوبَةَ. رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ [[في أ: "ابن جرير".]] عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ أيضًا. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ جَعَلْنَاهُمْ أُمَرَاءَ. قُلْتُ: إِنَّمَا يَجِيءُ هَذَا [[في ت، ف: "هذا إنما يجيء".]] عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ "أَمَّرْنَا مُتْرَفِيهَا" قَالَ عَلِيُّ بْنُ طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ: ﴿أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا﴾ يَقُولُ: سَلَّطْنَا أَشْرَارَهَا فَعَصَوْا فِيهَا، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ أَهْلَكْتُهُمْ [[في أ: "أهلكناهم".]] بِالْعَذَابِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا﴾ [الْأَنْعَامِ: ١٢٣] ، وَكَذَا قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ وَمُجَاهِدٌ وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ. وَقَالَ العَوْفِي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا﴾ يَقُولُ: أَكْثَرْنَا عَدَدَهُمْ، وَكَذَا قَالَ عِكْرِمَةُ، وَالْحَسَنُ، وَالضَّحَّاكُ، وَقَتَادَةُ، وَعَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ: ﴿أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا﴾ : أَكْثَرْنَا. وَقَدِ اسْتَشْهَدَ بَعْضُهُمْ بِالْحَدِيثِ الذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَيْثُ قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو نَعَامَةَ الْعَدَوِيُّ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ بُدَيْل، عَنْ إِيَاسِ بْنِ زُهَيْرٍ، عَنْ سُوَيْد بْنِ هُبَيْرة، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: خَيْرُ مَالِ امْرِئٍ لَهُ مُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ أَوْ سِكَّةٌ مَأْبُورَةٌ". قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ، فِي كِتَابِهِ "الْغَرِيبِ": الْمَأْمُورَةُ: كَثِيرَةُ النَّسْلِ. وَالسِّكَّةُ: الطَّرِيقَةُ الْمُصْطَفَّةُ مِنَ النَّخْلِ، وَالْمَأْبُورَةُ: مِنَ التَّأْبِيرِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّمَا جَاءَ هَذَا مُتَنَاسِبًا كَقَوْلِهِ: "مَأْزُورَاتٍ غَيْرَ مَأْجُورَاتٍ" [[ذكره الزيلعي في تخريج الكشاف (٢/٢٦٢) وزاد: "لأنه من التأبيد وهو ما يصلح النخل من سقي وغيره".]] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب