الباحث القرآني

يَقُولُ تَعَالَى: تُقَدِّسُهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ، أَيْ: مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ، وَتُنَزِّهُهُ وَتُعَظِّمُهُ وتجِّلّه وَتَكَبِّرُهُ عَمَّا يَقُولُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ، وَتَشْهَدُ لَهُ بِالْوَحْدَانِيَّةِ فِي رُبُوبِيَّتِهِ وَإِلَهِيَّتِهِ: فَفي كُلّ شَيءٍ لَهُ آيَةٌ ... تَدُلُّ عَلى أنَّه وَاحِدٌ ... كَمَا قَالَ: تَعَالَى: ﴿تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ [[في ت، ف: "ينفطرن" وهو خطأ.]] مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * [وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا] [[زيادة من أ.]] ﴾ [مَرْيَمَ: ٩٠ -٩٢] . وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حدثنا مسكين [[في ت: "أن".]] ابن مَيْمُونٍ مُؤَذِّنُ مَسْجِدِ الرَّمْلَةِ، حَدَّثَنَا عُرْوَةُ بْنُ رُوَيم، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ قُرْطٍ؛ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ أُسْرِيَ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، كَانَ [[في ت، ف، أ: "الأقصى، فلما رجع كان".]] بَيْنَ الْمَقَامِ وَزَمْزَمَ، جِبْرِيلُ عَنْ يَمِينِهِ وَمِيكَائِيلُ عَنْ يَسَارِهِ، فَطَارَ بِهِ حَتَّى بَلَغَ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ [[في ت: "السبع السموات".]] ، فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ: سَمِعْتُ تَسْبِيحًا فِي السَّمَاوَاتِ الْعُلَى مَعَ تَسْبِيحٍ كَثِيرٍ: سَبَّحَتِ السَّمَاوَاتُ الْعُلَى مِنْ ذِي الْمَهَابَةِ مُشْفِقَاتٍ لِذِي الْعُلُوِّ بِمَا عَلَا سُبْحَانَ الْعَلِيِّ الْأَعْلَى، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى [[المعجم الأوسط برقم (٥٨) "مجمع البحرين" وقال " لَا يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ ﷺ إِلَّا بهذا الإسناد، تفرد به سعيد". وذكر الذهبي هذا الحديث في الميزان (٤/١٠١) في ترجمة مسكين بن أبي ميمون وقال: "منكر".]] . * * * وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾ أَيْ: وَمَا مِنْ شَيْءٍ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِ اللَّهِ [[في ف: "بحمده".]] ﴿وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾ أَيْ: لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ أَيُّهَا النَّاسُ؛ لِأَنَّهَا بِخِلَافِ لُغَتِكُمْ. وَهَذَا عَامٌّ فِي الْحَيَوَانَاتِ [[في ت، ف: "الحيوان".]] وَالنَّبَاتِ وَالْجَمَادِ، وَهَذَا أَشْهَرُ الْقَوْلَيْنِ، كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: كُنَّا نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وَهُوَ يُؤكل [[صحيح البخاري برقم (٣٥٧٩) .]] . وَفِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ: أَنَّ النَّبِيَّ [[في ت، ف، أ: "أن رسول الله ".]] ﷺ أَخَذَ فِي يَدِهِ حَصَيَاتٍ، فَسُمِعَ لَهُنَّ تَسْبِيحٌ كَحَنِينِ النَّحْلِ، وَكَذَا يَدُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ [أَجْمَعِينَ] [[زيادة من ف.]] ، وَهُوَ حَدِيثٌ مَشْهُورٌ فِي الْمَسَانِيدِ [[رواه أحمد في المسند (٤/٤١٥) .]] . وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهيعة، حَدَّثَنَا زَبَّان، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ مَرّ عَلَى قَوْمٍ وَهُمْ وُقُوفٌ عَلَى دَوَابٍّ لَهُمْ وَرَوَاحِلَ، فَقَالَ لَهُمْ: "ارْكَبُوهَا سَالِمَةً، وَدَعُوهَا سَالِمَةً، وَلَا تَتَّخِذُوهَا كَرَاسِيَّ لِأَحَادِيثِكُمْ فِي الطُّرُقِ وَالْأَسْوَاقِ، فَرُبَّ مَرْكُوبَةٍ خَيْرٌ مِنْ رَاكِبِهَا، وَأَكْثَرُ ذِكْرًا لِلَّهِ مِنْهُ" [[المسند (٣/٤٣٩) .]] . وَفِي سُنَنِ النَّسَائِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ قَتْلِ الضُّفْدَعِ، وَقَالَ: "نَقِيقُهَا تَسْبِيحٌ" [[سنن النسائي (٧/٢١٠) من حديث عبد الرحمن بن عثمان، رضي الله عنه.]] . وَقَالَ قَتَادَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابِي [[في ت: "باني"، وفي ف: "أبي".]] ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَالَ: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ"، فَهِيَ كَلِمَةُ الْإِخْلَاصِ الَّتِي لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْ أَحَدٍ عَمَلًا حَتَّى يَقُولَهَا. وَإِذَا قَالَ: "الْحَمْدُ لِلَّهِ" فَهِيَ كَلِمَةُ الشُّكْرِ الَّتِي لَمْ يَشْكُرِ اللَّهَ عَبْدٌ قَطُّ حَتَّى يَقُولَهَا، وَإِذَا قَالَ: "اللَّهُ أَكْبَرُ" فَهِيَ تَمْلَأُ [[في ت: "الله أكبر ملأ".]] مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَإِذَا قَالَ: "سُبْحَانَ اللَّهِ"، فَهِيَ صَلَاةُ الخلائق التي لم يَدْع الله أحدًا مِنْ خَلْقِهِ إِلَّا قَرّره بِالصَّلَاةِ وَالتَّسْبِيحِ. وَإِذَا قَالَ: "لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ [[في أ: "بالله العلي العظيم".]] "، قَالَ: أَسْلَمَ عَبْدِي وَاسْتَسْلَمَ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، سَمِعْتُ الصَّقْعَبَ بْنَ زُهير [يُحَدِّثُ] [[زيادة من ف، أ، والمسند.]] عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى الله عليه وسلم أعرابيّ عليه جبة مِنْ طَيَالِسَةٍ مَكْفُوفَةٌ [[في ت، ف: "ملفوفة".]] بِدِيبَاجٍ -أَوْ: مُزَوَّرَةٌ بِدِيبَاجٍ -فَقَالَ: إِنَّ صَاحِبَكُمْ هَذَا يُرِيدُ أَنْ يَرْفَعَ كُلَّ رَاعٍ ابْنِ رَاعٍ، وَيَضَعَ كُلَّ رَأْسٍ ابْنِ رَأْسٍ. فَقَامَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ مُغْضَبًا، فَأَخَذَ بِمَجَامِعِ جُبَّتِهِ فَاجْتَذَبَهُ، فَقَالَ: "لَا أَرَى عَلَيْكَ ثِيَابَ مَنْ لَا يَعْقِلُ". ثُمَّ رَجَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَجَلَسَ فَقَالَ: "إِنَّ نُوحًا، عَلَيْهِ السَّلَامُ، لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، دَعَا ابْنَيْهِ [[في ت: "بنيه".]] فَقَالَ: إِنِّي قَاصٌّ عَلَيْكُمَا الْوَصِيَّةَ: آمُرُكُمَا بِاثْنَتَيْنِ وَأَنْهَاكُمَا عَنِ اثْنَتَيْنِ: أَنْهَاكُمَا عَنِ الشِّرْكِ بِاللَّهِ وَالْكِبْرِ، وَآمُرُكُمَا بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَإِنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَوْ وُضِعَتْ فِي كِفَّةِ الْمِيزَانِ، وَوُضِعَتْ "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" فِي الْكِفَّةِ الْأُخْرَى، كَانَتْ أَرْجَحَ، وَلَوْ أَنَّ السَّمَاوَاتِ والأرضِ كَانَتَا [[في ت: "كانت".]] حَلْقَةً، فَوُضِعَتْ "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" عَلَيْهِمَا لَفَصَمَتْهُمَا أَوْ لَقَصَمَتْهُمَا. وَآمُرُكُمَا بِسُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، فَإِنَّهَا صَلَاةُ كُلِّ شَيْءٍ، وَبِهَا يُرْزَقُ كُلُّ شَيْءٍ" [[المسند (٢/٢٢٥) .]] . وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، أَيْضًا، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ الصَّقْعَب [[في ف: "الصعقب".]] بْنِ زُهَيْرٍ، بِهِ أَطْوَلَ مِنْ هَذَا. تَفَرَّدَ بِهِ [[المسند (٢/١٦٩) .]] . وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي نَصْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأوْدِيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْلى، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ [[في ف: "عنهما".]] قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِشَيْءٍ أَمَرَ بِهِ نُوحٌ ابْنَهُ؟ إِنَّ نُوحًا، عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ لِابْنِهِ: يَا بُنَيَّ، آمُرُكَ أَنْ تَقُولَ: "سُبْحَانَ اللَّهِ"، فَإِنَّهَا صَلَاةُ الْخَلْقِ وَتَسْبِيحُ الْخَلْقِ، وَبِهَا يُرْزَقُ الْخَلْقُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾ [[تفسير الطبري (١٥/٦٥) .]] إِسْنَادُهُ فِيهِ ضَعْفٌ، فَإِنَّ الرَّبِذِيَّ [[في ت: "الزيدي"، وفي ف: "الأودي".]] ضَعِيفٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾ قَالَ: الْأُسْطُوَانَةُ تُسَبِّحُ، وَالشَّجَرَةُ تُسَبِّحُ [[في ت، ف: "والشجر يسبح".]] -الْأُسْطُوَانَةُ: السَّارِيَةُ. وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: إِنَّ صَرِيرَ الْبَابِ تَسْبِيحُهُ، وَخَرِيرَ الْمَاءِ تَسْبِيحُهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾ وَقَالَ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: الطَّعَامُ يُسَبِّحُ. وَيَشْهَدُ لِهَذَا الْقَوْلِ آيَةُ السَّجْدَةِ أَوَّلَ [سُورَةِ] [[زيادة من ف.]] الْحَجِّ. وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّمَا يُسَبِّحُ مَا كَانَ فِيهِ رُوحٌ. يَعْنُونَ مِنْ حَيَوَانٍ أَوْ نَبَاتٍ. وَقَالَ قَتَادَةُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾ قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ فِيهِ الرُّوحُ يُسَبِّحُ مِنْ شَجَرٍ [[في ف: "من شجرة".]] أَوْ شَيْءٍ فِيهِ. وَقَالَ الْحَسَنُ، وَالضَّحَّاكُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾ قَالَا كُلُّ شَيْءٍ فِيهِ الرُّوحُ. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ وَزَيْدُ بْنُ حُبَابٍ قَالَا حَدَّثَنَا جَرِيرٌ أَبُو الْخَطَّابِ قَالَ: كُنَّا مَعَ يَزِيدَ الرَّقاشي، وَمَعَهُ الْحَسَنُ فِي طَعَامٍ، فَقَدَّمُوا الْخِوَانَ، فَقَالَ يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، يُسَبِّحُ هَذَا الخِوَان؟ فَقَالَ: كَانَ يُسَبِّحُ مَرَّةً [[تفسير الطبري (١٥/٦٥) .]] . قُلْتُ: الخِوَان هُوَ الْمَائِدَةُ مِنَ الْخَشَبِ. فَكَأَنَّ الْحَسَنَ، رَحِمَهُ اللَّهُ، ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ لَمَّا كَانَ حَيًّا فِيهِ خُضْرَةٌ، كَانَ يُسَبِّحُ، فَلَمَّا قُطِعَ وَصَارَ خَشَبَةً يَابِسَةً انْقَطَعَ تَسْبِيحُهُ. وَقَدْ يُسْتَأْنَسُ لِهَذَا الْقَوْلِ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مَرَّ بِقَبْرَيْنِ فَقَالَ: "إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ [[في ت:"كثير".]] ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَسْتَتر مِنَ الْبَوْلِ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي [[في ت: "وأما الآخر فيمشي"، وفي أ: "وكان الآخر يمشي".]] بِالنَّمِيمَةِ". ثُمَّ أَخَذَ جَرِيدَةً رَطْبَةً، فَشَقَّهَا نِصْفَيْنِ، ثُمَّ غَرَزَ فِي كُلِّ قَبْرٍ وَاحِدَةً، ثُمَّ قَالَ: "لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا". أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ [[صحيح البخاري برقم (٢١٨) وصحيح مسلم برقم (٢٩٢) .]] . قَالَ بَعْضُ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْعُلَمَاءِ: إِنَّمَا قَالَ: "مَا لَمْ يَيْبَسَا" لِأَنَّهُمَا يُسَبِّحَانِ مَا دَامَ فِيهِمَا خُضْرَةٌ، فَإِذَا يَبِسَا انْقَطَعَ تَسْبِيحُهُمَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. * * * وَقَوْلُهُ [تَعَالَى] [[زيادة من ت.]] ﴿إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا﴾ أَيْ: إِنَّهُ [تَعَالَى] [[زيادة من ت.]] لَا يُعَاجِلُ مَنْ عَصَاهُ بِالْعُقُوبَةِ، بَلْ يُؤَجِّلُهُ وَيُنْظِرُهُ، فَإِنِ اسْتَمَرَّ عَلَى كُفْرِهِ وَعِنَادِهِ أَخَذَهُ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ، كَمَا جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ: "إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ، حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ". ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾ [[صحيح البخاري برقم (٤٦٨٦) وصحيح مسلم برقم (٢٥٨٣) مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عنهما.]] [هود: ١٠٢] الآية، وقَالَ [اللَّهُ] [[زيادة من ف، أ.]] تَعَالَى: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾ [الْحَجِّ: ٤٨] . وَمَنْ أَقْلَعَ عَمَّا هُوَ فِيهِ مِنْ كُفْرٍ أَوْ عِصْيَانٍ، وَرَجَعَ إِلَى اللَّهِ وَتَابَ إِلَيْهِ، تَابَ عَلَيْهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النِّسَاءِ: ١١٠] . وَقَالَ هَاهُنَا: ﴿إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا﴾ كَمَا قَالَ فِي آخِرِ فَاطِرٍ: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا﴾ إِلَى أَنْ قَالَ: ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا﴾ [فَاطِرٍ: ٤١ -٤٥] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب