الباحث القرآني

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا قَيْنًا، وَكَانَ لِي عَلَى الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ دَيْنٌ، فَأَتَيْتُهُ أَتَقَاضَاهُ. فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ لَا أَقْضِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ [[في ت: "محمد".]] [فَقُلْتُ: لَا وَاللَّهِ لَا أَكْفُرُ بِمُحَمَّدٍ ﷺ] [[زيادة من ف، أ، والمسند.]] حَتَّى تَمُوتَ ثُمَّ تُبْعَثَ. قَالَ: فَإِنِّي إِذَا مُتُّ ثُمَّ بُعِثْتُ جِئْتَنِي وَلِي ثَمَّ مَالٌ وَوَلَدٌ، فَأَعْطَيْتُكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأوتَيَنَّ مَالا وَوَلَدًا﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَيَأْتِينَا فَرْدًا﴾ . أَخْرَجَهُ صَاحِبَا الصَّحِيحِ وَغَيْرُهُمَا، مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ بِهِ [[المسند (٤/١١١) وصحيح البخاري برقم (٢٠٩١) ، (٤٧٣٤، ٤٧٣٥) وصحيح مسلم برقم (٢٧٩٥) .]] ، وَفِي لَفْظِ الْبُخَارِيِّ: كُنْتُ قَيْنًا بِمَكَّةَ، فَعَمِلْتُ لِلْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ سَيْفًا، فَجِئْتُ أَتَقَاضَاهُ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَالَ: ﴿أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا﴾ قَالَ: مَوْثِقًا. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قَالَ خَبَّاب بْنُ الْأَرَتِّ، كُنْتُ قَيْنًا بِمَكَّةَ، فَكُنْتُ أَعْمَلُ لِلْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ، قَالَ: فَاجْتَمَعَتْ لِي عَلَيْهِ دَرَاهِمُ، فَجِئْتُ لِأَتَقَاضَاهُ [[في ف، أ: "أتقاضاه".]] ، فَقَالَ لِي: لَا أَقْضِيكَ [[في أ: "فقال لي أقضيك".]] حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ. فَقُلْتُ: لَا أَكْفُرُ بِمُحَمَّدٍ حَتَّى تَمُوتَ ثُمَّ تُبْعَثَ. قَالَ: فَإِذَا بُعِثْتُ كَانَ لِي مَالٌ وَوَلَدٌ. قَالَ: فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأوتَيَنَّ مَالا وَوَلَدًا﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَيَأْتِينَا فَرْدًا﴾ [[تفسير عبد الرزاق "٢/١٣".]] . وَقَالَ العَوْفِيّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كَانُوا يَطْلُبُونَ الْعَاصَ بْنَ وَائِلٍ السَّهْمِيَّ بِدَيْنٍ، فَأَتَوْهُ يَتَقَاضُونَهُ، فَقَالَ: أَلَسْتُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ فِي الْجَنَّةِ ذَهَبًا وَفِضَّةً وَحَرِيرًا، وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: فَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ [[في ت: "قال فموعدكم".]] الْآخِرَةُ، فَوَاللَّهِ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا، وَلَأُوتَيَنَّ مِثْلَ كِتَابِكُمُ الَّذِي جِئْتُمْ بِهِ. فَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلَهُ فِي الْقُرْآنِ فَقَالَ [[في ت: "فقالوا".]] ﴿أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَيَأْتِينَا فَرْدًا﴾ وَهَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ، وَقَتَادَةُ، وَغَيْرُهُمْ: إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ. * * * وَقَوْلُهُ: ﴿لأوتَيَنَّ مَالا وَوَلَدًا﴾ قَرَأَ بَعْضُهُمْ بِفَتْحِ "الْوَاوِ" مِنْ "وَلَدًا" وَقَرَأَ آخَرُونَ بِضَمِّهَا، وَهُوَ بِمَعْنَاهُ، قَالَ رُؤْبَةُ: الحمْدُ للهِ الْعَزِيزِ فَرْدًا ... لَمْ يَتَّخِذْ مِنْ وُلْد شَيْءٍ وُلْدا [[الرجز في تفسير الطبري (١٦/٩٢) .]] وَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ حِلِّزَةَ: وَلَقَد رأيتُ معَاشرًا ... قَدْ تمرُوا مَالًا وَولْدا [[البيت في تفسير الطبري (١٦/٩٢) .]] وَقَالَ الشَّاعِرُ: فَلَيت فُلانًا كانَ فِي بَطْن أُمِّهِ ... وَليتَ فُلانًا كَانَ وُلْد حِمَار [[البيت في تفسير الطبري (١٦/٩٢) واللسان مادة "ولد" غير منسوب.]] وَقِيلَ: إِنَّ "الوُلْد" بِالضَّمِّ جَمْعٌ، "والوَلَد" بِالْفَتْحِ مُفْرَدٌ، وَهِيَ لُغَةُ قَيْسٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. * * * وَقَوْلُهُ: ﴿أَطَّلَعَ الْغَيْبَ﴾ : إِنْكَارٌ عَلَى هَذَا الْقَائِلِ، ﴿لأوتَيَنَّ مَالا وَوَلَدًا﴾ يَعْنِي: يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَيْ: أَعَلِمَ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ حَتَّى تَألى [[في أ: "حتى مالأ".]] وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ، ﴿أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا﴾ : أَمْ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ سَيُؤْتِيهِ ذَلِكَ؟ وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ: أَنَّهُ الْمَوْثِقُ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا﴾ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَيَرْجُوَ بِهَا [[في أ: "فيرجونها".]] . وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: ﴿أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا﴾ [[في ف: "أم اتخذ"، وفي هـ: "إلا من اتخذ"، وهو خطأ، والصواب ما أثبتناه.]] قَالَ: شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا﴾ . * * * وَقَوْلُهُ: ﴿كَلا﴾ : هِيَ حَرْفُ رَدْع لِمَا قَبْلَهَا وَتَأْكِيدٌ لِمَا بَعْدَهَا، ﴿سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ﴾ أَيْ: مِنْ طَلَبِهِ ذَلِكَ وحُكْمه لِنَفْسِهِ بِمَا تَمَنَّاهُ، وَكَفْرِهِ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ ﴿وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا﴾ أَيْ: فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ، عَلَى قَوْلِهِ ذَلِكَ، وَكُفْرِهِ [بِاللَّهِ] [[زيادة من ف.]] فِي الدُّنْيَا. ﴿وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ﴾ أَيْ: مِنْ مَالٍ وَوَلَدٍ، نَسْلُبُهُ مِنْهُ، عَكْسَ مَا قَالَ: إِنَّهُ يُؤْتى فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ مَالًا وَوَلَدًا، زِيَادَةً عَلَى الَّذِي لَهُ فِي الدُّنْيَا؛ بَلْ فِي الْآخِرَةِ يُسلَب مِنَ الَّذِي كَانَ لَهُ فِي الدُّنْيَا، وَلِهَذَا قَالَ: ﴿وَيَأْتِينَا فَرْدًا﴾ أَيْ: مِنَ الْمَالِ وَالْوَلَدِ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ﴾ ، [قَالَ: نَرِثُهُ] [[زيادة من ف.]] وَقَالَ مُجَاهِدٌ: ﴿وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ﴾ : مَالَهُ وَوَلَدَهُ، وَذَلِكَ الَّذِي قَالَ الْعَاصِ بْنُ وَائِلٍ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مُعْمَر، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ﴾ قَالَ: مَا عِنْدَهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: ﴿لأوتَيَنَّ مَالا وَوَلَدًا﴾ وَفِي حَرْفِ ابْنِ مَسْعُودٍ: "وَنَرِثُهُ مَا عِنْدَهُ". وَقَالَ قَتَادَةُ: ﴿وَيَأْتِينَا فَرْدًا﴾ : لَا مَالَ لَهُ، وَلَا وَلَدَ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: ﴿وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ﴾ قَالَ: مَا جَمَعَ مِنَ الدُّنْيَا، وَمَا عَمِلَ فِيهَا، قَالَ: ﴿وَيَأْتِينَا فَرْدًا﴾ قَالَ: فَرْدًا مِنْ ذَلِكَ، لَا يَتْبَعُهُ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب