الباحث القرآني

قِيلَ: إِنَّ هَذِهِ [[في جـ، ط: "هؤلاء.]] الْكَلِمَاتِ مُفَسَّرَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [الْأَعْرَافِ: ٢٣] رُوِيَ هَذَا عَنْ مُجَاهِدٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَأَبِي الْعَالِيَةِ، وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، وَالْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ القُرَظي، وَخَالِدِ بْنِ مَعْدان، وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعي، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، قَالَ: أَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَسَأَلْتُهُ: [قُلْتُ] [[زيادة من طـ، ب، و.]] : مَا الْكَلِمَاتُ الَّتِي تَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ؟ قَالَ: عُلم [آدَمَ] [[زيادة من جـ.]] شَأنَ الحج. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ [[في جـ: "عن".]] رُفَيع، أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ عُبَيْدَ بْنَ عُمَير، وَفِي رِوَايَةٍ: [قَالَ] [[زيادة من جـ، ط، ب.]] : أَخْبَرَنِي مُجَاهِدٌ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ آدَمُ: يَا رَبِّ، خَطِيئَتِيَ الَّتِي أَخْطَأْتُ شَيْءٌ كتبتُه عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ تَخْلُقَنِي، أَوْ شَيْءٌ ابْتَدَعْتُهُ مِنْ قِبَلِ نَفْسِي؟ قَالَ: بَلْ شَيْءٌ كَتَبْتُهُ عَلَيْكَ قَبْلَ أَنْ أَخْلُقَكَ. قَالَ: فَكَمَا كَتَبْتَهُ عَلَيَّ فَاغْفِرْ [[في جـ، ب: "فاغفره".]] لِي. قَالَ: فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ﴾ وَقَالَ السُّدِّيُّ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ، قَالَ: قَالَ آدَمُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا رَبِّ، أَلَمْ تَخْلُقْنِي بِيَدِكَ؟ قِيلَ [[في جـ: "قال".]] لَهُ: بَلَى. وَنَفَخْتَ فِيَّ مِنْ رُوحِكَ؟ قِيلَ [[في جـ: "قال".]] لَهُ: بَلَى. وعَطستُ فقلتَ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، وَسَبَقَتْ رحمتُك غَضبَك؟ قِيلَ [[في جـ: "قال".]] لَهُ: بَلَى، وَكَتَبْتَ عَلَيَّ أَنْ أَعْمَلَ هَذَا؟ قِيلَ [[في جـ: "قال".]] لَهُ: بَلَى. قَالَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ تبتُ هَلْ أَنْتَ رَاجِعِي إِلَى الْجَنَّةِ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَهَكَذَا رَوَاهُ الْعَوْفِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَسَعِيدُ بْنُ مَعْبَد، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، بِنَحْوِهِ. وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ [[المستدرك (٢/٥٤٥) .]] وَهَكَذَا فَسَّرَهُ السُّدِّيُّ وَعَطِيَّةُ العَوْفي. وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ هَاهُنَا حَدِيثًا شَبِيهًا بِهَذَا فَقَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِشْكَابَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبة، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "قَالَ آدَمُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَرَأَيْتَ يَا رَبِّ إِنْ تبتُ ورجعتُ، أَعَائِدِي إِلَى الْجَنَّةِ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ﴾ [[تفسير ابن أبي حاتم (١/١٣٥) .]] . وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَفِيهِ انْقِطَاعٌ. وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ﴾ قَالَ: إِنَّ آدَمَ لَمَّا أَصَابَ الْخَطِيئَةَ قَالَ: يَا رَبِّ، أَرَأَيْتَ إِنْ تُبْتُ وَأَصْلَحْتُ؟ قَالَ اللَّهُ: إِذَنْ أُرْجِعُكَ إِلَى الْجَنَّةِ فَهِيَ مِنَ الْكَلِمَاتِ. وَمِنَ الْكَلِمَاتِ أَيْضًا: ﴿رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [الْأَعْرَافِ: ٢٣] . وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيح، عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ﴾ قَالَ: الْكَلِمَاتُ: اللَّهُمَّ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ، رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي إِنَّكَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ، اللَّهُمَّ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ، رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَارْحَمْنِي، إِنَّكَ [[في جـ: "فاغفر لي أنت".]] خَيْرُ الرَّاحِمِينَ. اللَّهُمَّ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ، رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَتُبْ عَلَيَّ، إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرحيم. @ ١-٢٤٠ * * * وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ أَيْ: إِنَّهُ يَتُوبُ عَلَى مَنْ تَابَ إِلَيْهِ وَأَنَابَ، كَقَوْلِهِ: ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ﴾ [التَّوْبَةِ: ١٠٤] وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النِّسَاءِ: ١١] ، وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا﴾ [الْفُرْقَانِ: ٧١] وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى يَغْفِرُ الذُّنُوبَ وَيَتُوبُ عَلَى مَنْ يَتُوبُ وَهَذَا مِنْ لُطْفِهِ بِخَلْقِهِ وَرَحْمَتِهِ بِعَبِيدِهِ، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ. وَذَكَرْنَا فِي الْمَسْنَدِ الْكَبِيرِ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ وَهُوَ سُلَيْمَانُ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "لَمَّا أَهْبَطَ اللَّهُ آدَمَ إِلَى الْأَرْضِ طَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا، وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ سِرِّي وَعَلَانِيَتِي فَاقْبَلْ مَعْذِرَتِي، وَتَعْلَمُ حَاجَتِي فَأَعْطِنِي سُؤْلِي، وَتَعْلَمُ مَا عِنْدِي فَاغْفِرْ ذُنُوبِي، أَسْأَلُكَ إِيمَانًا يُبَاشِرُ قَلْبِي، وَيَقِينًا صَادِقًا حَتَّى أَعْلَمَ أَنَّهُ لَنْ يُصِيبَنِي إِلَّا مَا كَتَبْتَ لِي. قَالَ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ إِنَّكَ قَدْ دَعَوْتَنِي بِدُعَاءٍ أَسْتَجِيبُ لَكَ فِيهِ وَلِمَنْ يَدْعُونِي بِهِ، وَفَرَّجْتُ هُمُومَهُ وَغُمُومَهُ، وَنَزَعْتُ فَقْرَهُ مِنْ بَيْنِ عَيْنَيْهِ، وَأَجَرْتُ لَهُ مِنْ وَرَاءِ كُلِّ تَاجِرِ زِينَةَ الدُّنْيَا وَهِيَ كَلِمَاتُ عَهْدٍ وَإِنْ لَمْ يَزِدْهَا" رواه الطبراني في معجمه الكبير [[جامع المسانيد والسنن برقم (٧٤٢) ولم أقع عليه في المطبوع من المعجم الكبير.]] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب