الباحث القرآني

يَقُولُ تَعَالَى مُنَبِّهًا عَلَى حَقَارَةِ الْأَصْنَامِ وَسَخَافَةِ عُقُولِ عَابِدِيهَا: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ﴾ أَيْ: لِمَا يَعْبُدُهُ الْجَاهِلُونَ بِاللَّهِ الْمُشْرِكُونَ بِهِ، ﴿فَاسْتَمِعُوا لَهُ﴾ أَيْ: أَنْصِتُوا وَتَفَهَّمُوا، ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ﴾ أَيْ: لَوِ اجْتَمَعَ جَمِيعُ مَا تَعْبُدُونَ مِنَ الْأَصْنَامِ وَالْأَنْدَادِ عَلَى أَنْ يَقْدِرُوا عَلَى خَلْقِ ذُبَابٍ وَاحِدٍ مَا قَدَرُوا عَلَى ذَلِكَ. كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ. حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا شَرِيك، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَفَعَ الْحَدِيثَ-قَالَ: "وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ خَلَقَ [خَلْقًا] [[زيادة من ت، ف، والمسند.]] كَخَلْقِي؟ فَلْيَخْلُقُوا مِثْلَ خَلْقِي ذَرّة، أَوْ ذُبَابَةً، أَوْ حَبَّة" [[المسند (٢/٣٩١)]] . وَأَخْرَجَهُ صَاحِبَا الصَّحِيحِ، مِنْ طَرِيقِ عُمَارة، عَنْ أَبِي زُرْعةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: "وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي؟ فَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً، فَلْيَخْلُقُوا شُعَيْرَةً" [[صحيح البخاري برقم (٥٩٥٣) وصحيح مسلم برقم (٢١١١) .]] . ثُمَّ قَالَ تَعَالَى أَيْضًا: ﴿وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ﴾ أَيْ: هُمْ عَاجِزُونَ عَنْ خَلْقِ ذُبَابٍ وَاحِدٍ، بَلْ أَبْلَغُ مِنْ ذَلِكَ عَاجِزُونَ عَنْ مُقَاوَمَتِهِ وَالِانتِصَارِ مِنْهُ، لَوْ سَلَبَهَا شَيْئًا مِنَ الَّذِي عَلَيْهَا مِنَ الطِّيبِ، ثُمَّ أَرَادَتْ أَنْ تَسْتَنْقِذَهُ مِنْهُ لَمَا قَدَرَتْ عَلَى ذَلِكَ. هَذَا وَالذُّبَابُ مِنْ أَضْعَفِ مَخْلُوقَاتِ اللَّهِ وَأَحْقَرِهَا وَلِهَذَا [قَالَ: ﴿ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ﴾ ] [[زيادة، ت، ف.]] . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الطَّالِبُ: الصَّنَمُ، وَالْمَطْلُوبُ: الذُّبَابُ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ السِّيَاقِ. وَقَالَ السُّدِّيُّ وَغَيْرُهُ: الطَّالِبُ: الْعَابِدُ، وَالْمَطْلُوبُ: الصَّنَمُ. ثُمَّ قَالَ: ﴿مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ أَيْ: مَا عَرَفُوا قَدْرَ اللَّهِ وَعَظَمَتَهُ حِينَ عَبَدُوا مَعَهُ غَيْرَهُ، مِنْ هَذِهِ [[في أ: "هذا الذي".]] الَّتِي لَا تُقَاوِمُ الذُّبَابَ لِضَعْفِهَا وَعَجْزِهَا، ﴿إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ أَيْ: هُوَ الْقَوِيُّ الَّذِي بِقُدْرَتِهِ وَقُوَّتِهِ خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ، ﴿وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾ [الرُّومِ: ٢٧] ، ﴿إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ. إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ﴾ [الْبُرُوجِ: ١٢، ١٣] ، ﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾ [الذَّارِيَاتِ: ٥٨] . * * * وَقَوْلُهُ: ﴿عَزِيزٌ﴾ أَيْ: قَدْ عَزَّ [[في ف: "قدر".]] كُلَّ شَيْءٍ فَقَهَرَهُ وَغَلَبَهُ، فَلَا يُمَانَعُ وَلَا يُغَالَبُ، لِعَظْمَتِهِ وَسُلْطَانِهِ، وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب