يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ نُوحٍ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، حِينَ بَعَثَهُ [[في ف، أ: "بعثه الله".]] إِلَى قَوْمِهِ، لِيُنْذِرَهُمْ عَذَابَ اللَّهِ وَبَأْسَهُ الشَّدِيدَ، وَانتِقَامَهُ مِمَّنْ أَشْرَكَ بِهِ وَخَالَفَ أَمْرَهُ وَكَذَّبَ رُسُلَهُ، ﴿فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ﴾ أَيْ: أَلَا تَخَافُونَ مِنَ اللَّهِ فِي إِشْرَاكِكُمْ بِهِ؟!
فَقَالَ الْمَلَأُ -وَهُمُ السَّادَةُ وَالْأَكَابِرُ مِنْهُمْ-: ﴿مَا هَذَا إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ﴾ يَعْنُونَ: يَتَرَفَّعُ عَلَيْكُمْ وَيَتَعَاظَمُ بِدَعْوَى [[في ف، أ: "بدعوة".]] النُّبُوَّةِ، وَهُوَ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ. فَكَيْفَ أُوحِيَ إِلَيْهِ دُونَكُمْ؟ ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأنزلَ مَلائِكَةً﴾ أَيْ: لَوْ أَرَادَ أَنْ يَبْعَثَ نَبِيًّا، لَبَعَثَ مَلَكًا مِنْ عِنْدِهِ وَلَمْ يَكُنْ بَشَرًا! ﴿مَا سَمِعْنَا بِهَذَا﴾ أَيْ: بِبَعْثَةِ الْبَشَرِ فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ. يَعْنُونَ [[في ف: "يعني".]] بهذا أسلافهم وأجدادهم والأمم [[في ف، أ: "الدهور".]] الماضية.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنْ هُوَ إِلا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ﴾ أَيْ: مَجْنُونٌ فِيمَا يَزْعُمُهُ، مِنْ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ إِلَيْكُمْ، وَاخْتَصَّهُ مِنْ بَيْنِكُمْ بِالْوَحْيِ ﴿فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ﴾ أَيِ: انتَظِرُوا بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ، وَاصْبِرُوا عَلَيْهِ مُدَّةً حَتَّى تَسْتَرِيحُوا مِنْهُ.
{"ayahs_start":23,"ayahs":["وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوۡمِهِۦ فَقَالَ یَـٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُوا۟ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَـٰهٍ غَیۡرُهُۥۤۚ أَفَلَا تَتَّقُونَ","فَقَالَ ٱلۡمَلَؤُا۟ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِن قَوۡمِهِۦ مَا هَـٰذَاۤ إِلَّا بَشَرࣱ مِّثۡلُكُمۡ یُرِیدُ أَن یَتَفَضَّلَ عَلَیۡكُمۡ وَلَوۡ شَاۤءَ ٱللَّهُ لَأَنزَلَ مَلَـٰۤىِٕكَةࣰ مَّا سَمِعۡنَا بِهَـٰذَا فِیۤ ءَابَاۤىِٕنَا ٱلۡأَوَّلِینَ","إِنۡ هُوَ إِلَّا رَجُلُۢ بِهِۦ جِنَّةࣱ فَتَرَبَّصُوا۟ بِهِۦ حَتَّىٰ حِینࣲ"],"ayah":"وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوۡمِهِۦ فَقَالَ یَـٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُوا۟ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَـٰهٍ غَیۡرُهُۥۤۚ أَفَلَا تَتَّقُونَ"}