الباحث القرآني

يَقُولُ تَعَالَى مُخْبَرًا عَنْ عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، أَنَّهُ جَعَلَهُمَا آيَةً لِلنَّاسِ: أَيْ حُجَّةً قَاطِعَةً عَلَى قُدْرَتِهِ عَلَى مَا يَشَاءُ، فَإِنَّهُ خَلَقَ آدَمَ مِنْ غَيْرِ أَبٍ وَلَا أُمٍّ، وَخَلَقَ حَوَّاءَ مِنْ ذَكَرٍ بِلَا أُنْثَى، وَخَلَقَ عِيسَى مِنْ أُنْثَى بِلَا ذَكَرٍ، وَخَلَقَ بَقِيَّةَ النَّاسِ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى. * * * وَقَوْلُهُ: ﴿وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ﴾ قَالَ الضَّحَّاكُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الرَّبْوَةُ: الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ مِنَ الْأَرْضِ، وَهُوَ أَحْسَنُ مَا يَكُونُ فِيهِ النَّبَاتُ. وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ، وَعِكْرِمَةُ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وقَتَادَةُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَقَوْلُهُ: ﴿ذَاتِ قَرَارٍ﴾ يَقُولُ: ذَاتُ خِصْبٍ ﴿وَمَعِينٍ﴾ يَعْنِي: مَاءً ظَاهِرًا [[في ف: "طاهرا".]] . وَقَالَ مُجَاهِدٌ: رَبْوَةٌ مُسْتَوِيَةٌ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: ﴿ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ﴾ : اسْتَوَى الْمَاءُ فِيهَا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ، وقَتَادَةُ: ﴿وَمَعِينٍ﴾ : الْمَاءُ الْجَارِي. ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي مَكَانِ هَذِهِ الرَّبْوَةِ فِي أَيِّ أَرْضِ [اللَّهِ] [[زيادة من ف.]] هِيَ؟ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: لَيْسَ الرُّبَى إِلَّا بِمِصْرَ. وَالْمَاءُ حِينَ يُرْسَلُ [[في ف: "يسيل".]] يَكُونُ الرُّبَى عَلَيْهَا الْقُرَى، وَلَوْلَا الرُّبَى غَرِقَتِ الْقُرَى. وَرُوِيَ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّه نَحْوُ هَذَا، وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ﴾ ، قَالَ: هِيَ دِمَشْقُ [[في أ: "الدمشق".]] . قَالَ: ورُوي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، وَالْحَسَنِ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَخَالِدِ بْنِ مَعْدان نَحْوُ ذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا وَكِيع، عَنْ إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاك، عَنْ عِكْرِمَة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ﴾ قال: أنهار دمشق. وَقَالَ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ [ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ] [[زيادة من ف.]] ﴾ ، قَالَ: عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَأُمُّهُ، حِينَ أَوَيَا إِلَى غَوْطَةِ دِمَشْقَ وَمَا حَوْلَهَا. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ بِشْرِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عَمِّ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: فِي قَوْلِهِ [[في ف: "في قول الله".]] : ﴿: إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ﴾ قَالَ: هِيَ الرَّمَلَةُ مِنْ فِلَسْطِينَ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الفرْيابي، حَدَّثَنَا رَوّاد [[في ف: "داود".]] بْنُ الْجَرَّاحِ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ الْخَوَّاصُ أَبُو عُتْبَةَ، حَدَّثَنَا السَّيْبَانِيُّ [[في ف، أ: "الشيباني" وهو الصحيح.]] ، عَنِ ابْنِ [[في ف، أ: "أبي" وهو الصحيح.]] وَعْلَة، عَنْ كُرَيْب السَّحولي، عَنْ مُرَّة البَهْزِي قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ لِرَجُلٍ: "إِنَّكَ مَيِّتٌ [[في ف، أ: "تموت".]] بِالرَّبْوَةِ" فَمَاتَ بِالرَّمَلَةِ. [[فيه عباد بن عباد له مناكير.]] وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا. وَأَقْرَبُ الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ العَوْفِيّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ﴾ ، قَالَ: الْمَعِينُ الْمَاءُ الْجَارِي، وَهُوَ النَّهْرُ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا﴾ [مَرْيَمَ: ٢٤] . وَكَذَا قَالَ الضَّحَّاكُ، وقَتَادَةُ: ﴿إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ﴾ : هُوَ بَيْتُ الْمَقْدِسِ. فَهَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ هُوَ الْأَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ الْمَذْكُورُ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى. وَالْقُرْآنُ يُفَسِّرُ بَعْضُهُ بَعْضًا. وَهُوَ أَوْلَى مَا يُفَسَّرُ بِهِ، ثُمَّ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ، ثُمَّ الْآثَارُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب