الباحث القرآني

يُنَزِّهُ تَعَالَى نَفْسَهُ عَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ أَوْ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ، فَقَالَ: ﴿مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ أَيْ: لَوْ قُدِّر تَعَدُّدُ الْآلِهَةِ، لَانفَرَدَ كُلٌّ مِنْهُمْ بِمَا يَخْلُقُ، فَمَا كَانَ يَنْتَظِمُ الْوُجُودُ. وَالْمُشَاهَدُ أَنَّ الْوُجُودَ مُنْتَظِمٌ مُتَّسِقٌ، كُلٌّ مِنَ الْعَالَمِ الْعُلْوِيِّ وَالسُّفْلِيِّ مُرْتَبِطٌ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، فِي غَايَةِ الْكَمَالِ، ﴿مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ﴾ [الْمُلْكِ: ٣] ثُمَّ لَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمْ يَطْلُبُ قَهْرَ الْآخَرِ وَخِلَافَهُ، فَيَعْلُو بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ. وَالْمُتَكَلِّمُونَ ذَكَرُوا هَذَا الْمَعْنَى وَعَبَّرُوا عَنْهُ بِدَلِيلِ التَّمَانُعِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ فُرِضَ صَانِعَانِ فَصَاعِدًا، فَأَرَادَ وَاحِدٌ تَحْرِيكَ جِسْمٍ وَأَرَادَ الْآخَرُ سُكُونَهُ، فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مُرَادُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَانَا عَاجِزَيْنِ، وَالْوَاجِبُ لَا يَكُونُ عَاجِزًا، وَيَمْتَنِعُ اجْتِمَاعُ مُرَادَيْهِمَا لِلتَّضَادِّ. وَمَا جَاءَ هَذَا الْمُحَالُ إِلَّا مِنْ فَرْضِ التَّعَدُّدِ، فَيَكُونُ مُحَالًا فَأَمَّا إِنْ حَصَلَ مُرَادُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، كَانَ الْغَالِبُ هُوَ الْوَاجِبُ، وَالْآخِرُ الْمَغْلُوبُ مُمْكِنًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَلِيقُ بِصِفَةِ الْوَاجِبِ أَنْ يَكُونَ مَقْهُورًا؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ أَيْ: عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ الْمُعْتَدُونَ فِي دَعْوَاهُمُ الْوَلَدَ أَوِ الشَّرِيكَ عُلُوًّا كَبِيرًا. ﴿عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ﴾ أَيْ: يَعْلَمُ مَا يَغِيبُ عَنِ الْمَخْلُوقَاتِ وَمَا يُشَاهِدُونَهُ، ﴿فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ أَيْ: تَقَدَّسَ وَتَنَزَّهَ وَتَعَالَى وَعَزَّ وَجَلَّ [عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ والجاحدون] [[زيادة من ف، أ.]] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب