الباحث القرآني

يُنَبِّهُ تَعَالَى أَنَّهُ هُوَ المدعُوّ عِنْدَ الشَّدَائِدِ، المرجُوّ عِنْدَ النَّوَازِلِ، كَمَا قَالَ: ﴿وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلا إِيَّاهُ﴾ [الْإِسْرَاءِ: ٦٧] ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ﴾ [النَّحْلِ: ٥٣] . وَهَكَذَا قَالَ هَاهُنَا: ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ﴾ أَيْ: مَنْ هُوَ الَّذِي لَا يَلْجَأُ الْمُضْطَرُّ إِلَّا إِلَيْهِ، وَالَّذِي لَا يَكْشِفُ ضُرَّ الْمَضْرُورِينَ سِوَاهُ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا وُهَيْب، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الحَذّاء، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ الهُجَيْمي، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَلْهُجَيْمٍ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِلَامَ تَدْعُو؟ قَالَ: "أَدْعُو إِلَى اللَّهِ وَحْدَهُ، الَّذِي إِنْ مَسّك ضُرٌّ فَدَعَوْتَهُ كَشَفَ عَنْكَ، وَالَّذِي إِنْ أضْلَلْت بِأَرْضٍ قَفْر فدعوتَه رَدّ عَلَيْكَ، وَالَّذِي إِنْ أَصَابَتْكَ سَنة فدعوتَه أنبتَ لَكَ". قَالَ: قُلْتُ: أَوْصِنِي. قَالَ: "لَا تَسُبَّنَّ أَحَدًا، وَلَا تَزْهَدنّ فِي الْمَعْرُوفِ، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ وَأَنْتَ مُنْبَسِطٌ إِلَيْهِ وَجْهَكَ، وَلَوْ أَنْ تُفرغَ مِنْ دَلوك فِي إِنَاءِ المستقي، وَاتَّزِرْ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ، فَإِنْ أَبَيْتَ فَإِلَى الْكَعْبَيْنِ. وَإِيَّاكَ وَإِسْبَالَ الْإِزَارِ، فَإِنَّ إِسْبَالَ الْإِزَارِ مِنَ الْمَخِيلَةِ، [وَإِنَّ اللَّهَ -تَبَارَكَ تَعَالَى -لَا يُحِبُّ الْمَخِيلَةَ] [[زيادة من ف، أ، والمسند.]] [[المسند (٥/٦٤) .]] . وَقَدْ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، فَذَكَرَ اسْمَ الصَّحَابِيِّ فَقَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا يُونُسُ -هُوَ ابْنُ عُبَيْدٍ -حَدَّثَنَا عُبَيْدَةُ الهُجَيْمي [[في هـ، ف، أ: "الهجيمي عن أبيه".]] عَنْ أَبِي تَميمَةَ الهُجَيْمي، عَنْ جَابِرِ بْنِ سُلَيم الهُجَيمي قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ مُحْتَبٍ بِشَمْلَة، وَقَدْ وَقَعَ هُدْبها عَلَى قَدَمَيْهِ، فَقُلْتُ: أَيُّكُمْ مُحَمَّدٌ -أَوْ: رَسُولُ اللَّهِ؟ -فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى نَفْسِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ، وفِيَّ جَفَاؤُهُمْ، فَأَوْصِنِي. فَقَالَ: "لَا تحقرَنّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ وَوَجْهُكَ مُنْبَسط، وَلَوْ أَنْ تُفْرِغَ مِنْ دَلْوِكَ فِي إِنَاءِ الْمُسْتَقِي، وَإِنِ امْرُؤٌ شَتَمك بِمَا يَعْلَمُ فِيكَ فَلَا تَشْتِمْهُ بِمَا تَعْلَمُ فِيهِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ لَكَ أَجْرُهُ وَعَلَيْهِ وزْرُه. وَإِيَّاكَ وَإِسْبَالَ الْإِزَارِ، فَإِنَّ إِسْبَالَ الْإِزَارِ مِنَ المَخيلَة، وَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمَخِيلَةَ، وَلَا تَسُبَّنّ أَحَدًا". قَالَ: فَمَا سَبَبْتُ بَعْدَهُ أَحَدًا، وَلَا شَاةً وَلَا بَعِيرًا [[المسند (٥/٦٣) .]] . وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ لِهَذَا الْحَدِيثِ طُرُقًا، وَعِنْدَهُمَا طَرَفٌ صَالِحٌ مِنْهُ [[سنن أبي داود برقم (٤٠٨٤) والنسائي في السنن الكبرى برقم (١٠٤٩-١٠٥٢) .]] . وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ هَاشِمٍ [[في أ: "هشام".]] حَدَّثَنَا عبدَةَ بْنُ نُوحٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ قَالَ: دَخَلَ عليَّ طَاوُسٌ يَعُودُنِي، فَقُلْتُ [[في ف، أ: "قال".]] لَهُ: ادْعُ اللَّهَ لِي يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ. فَقَالَ: ادْعُ لِنَفْسِكَ، فَإِنَّهُ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ. وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: قَرَأْتُ فِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ: إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: بِعِزَّتِي إِنَّهُ مَنِ اعْتَصَمَ بِي فَإِنْ كَادَتْهُ السَّمَوَاتُ وَمَنْ [[في ف: "بمن".]] فِيهِنَّ، وَالْأَرْضُ بِمَنْ فِيهَا، فَإِنِّي [[في ف: "أن"، وفي أ: "أي".]] أَجْعَلُ لَهُ مِنْ بَيْنِ ذَلِكَ مَخْرَجًا. وَمَنْ لَمْ يَعْتَصِمْ بِي فَإِنِّي [[في ف: "فإنه".]] أَخْسِفُ بِهِ مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْهِ الْأَرْضَ، فَأَجْعَلُهُ فِي الْهَوَاءِ، فَأَكِلُهُ إِلَى نَفْسِهِ. وَذَكَرَ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَةِ رَجُلٍ -حَكَى عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ الدّينَوَري، الْمَعْرُوفُ بالدّقّيِّ الصُّوفِيُّ -قَالَ هَذَا الرَّجُلُ [[في ف: "بالرجل".]] : كُنْتُ أُكَارِي عَلَى بَغْلٍ لِي مِنْ دِمَشْقَ إِلَى بَلَدِ الزّبَدَاني، فَرَكِبَ مَعِي ذَاتَ مَرَّةٍ رَجُلٌ، فَمَرَرْنَا عَلَى بَعْضِ الطَّرِيقِ، عَلَى طَرِيقٍ غَيْرِ مَسْلُوكَةٍ، فَقَالَ لِي: خُذْ فِي هَذِهِ، فَإِنَّهَا أَقْرَبُ. فَقُلْتُ: لَا خبرَةَ لِي فِيهَا، فَقَالَ: بَلْ هِيَ أَقْرَبُ. فَسَلَكْنَاهَا فَانْتَهَيْنَا إِلَى مَكَانٍ وَعْر وَوَادٍ عَمِيقٍ، وَفِيهِ قَتْلَى كَثِيرٌ، فَقَالَ لِي: أَمْسِكْ رَأْسَ الْبَغْلِ حَتَّى أَنْزِلَ. فَنَزَلَ وَتَشَمَّرَ، وَجَمَعَ عَلَيْهِ ثِيَابَهُ، وَسَلَّ سِكِّينًا مَعَهُ وَقَصَدَنِي، فَفَرَرْتُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَتَبِعَنِي، فَنَاشَدْتُهُ اللَّهَ وَقُلْتُ: خُذِ الْبَغْلَ بِمَا عَلَيْهِ. فَقَالَ: هُوَ لِي، وَإِنَّمَا أُرِيدُ قَتْلَكَ. فَخَوَّفْتُهُ اللَّهَ وَالْعُقُوبَةَ فَلَمْ يَقْبَلْ، فَاسْتَسْلَمْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَقُلْتُ: إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَتْرُكَنِي حَتَّى أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ؟ فَقَالَ: [صَلِّ] [[زيادة من ف.]] وَعَجِّلْ. فقمت أصلي فَأرْتِج عليَّ الْقُرْآنُ فَلَمْ يَحضرني مِنْهُ حَرْفٌ وَاحِدٌ، فَبَقِيتُ وَاقِفًا مُتَحَيِّرًا وَهُوَ يَقُولُ: هِيهِ. افرُغ. فَأَجْرَى اللَّهُ عَلَى لِسَانِي قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ﴾ ، فَإِذَا أَنَا بِفَارِسٍ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ فَمِ الْوَادِي، وَبِيَدِهِ حَرْبَةٌ، فَرَمَى بِهَا الرَّجُلَ فَمَا أَخْطَأَتْ فُؤَادَهُ، فَخَرَّ صَرِيعًا، فَتَعَلَّقْتُ بِالْفَارِسِ وَقُلْتُ: بِاللَّهِ مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: أَنَا رَسُولُ [اللَّهِ] [[زيادة من ف، أ.]] الَّذِي يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ، وَيَكْشِفُ السُّوءَ. قَالَ: فَأَخَذْتُ الْبَغْلَ وَالْحَمْلَ وَرَجَعْتُ سَالِمًا. وَذُكِرَ فِي تَرْجَمَةِ "فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحَسَنِ أَمِّ أَحْمَدَ الْعِجْلِيَّةِ" قَالَتْ: هَزَمَ الْكَفَّارُ يَوْمًا الْمُسْلِمِينَ فِي غَزَاةٍ، فَوَقَفَ جَوَاد جَيّد بِصَاحِبِهِ، وَكَانَ مِنْ ذَوِي الْيَسَارِ وَمِنَ الصُّلَحَاءِ، فَقَالَ لِلْجَوَادِ: مَا لَكَ؟ وَيْلَكَ. إِنَّمَا كُنْتُ أَعُدُّكَ لِمِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ. فَقَالَ لَهُ الْجَوَادُ: وَمَا لِيَ لَا أُقَصِّرُ وَأَنْتَ تَكلُ عَلُوفَتِي إِلَى السُّوَّاسِ فَيَظْلِمُونَنِي وَلَا يُطْعِمُونَنِي [[في ف، أ: "فيظلموني ولا يطعموني".]] إِلَّا الْقَلِيلَ؟ فَقَالَ: لَكَ عليَّ عَهْدُ اللَّهِ أَنِّي لَا أَعْلُفُكَ بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ إِلَّا فِي حِجْري. فَجَرَى الْجَوَادُ عِنْدَ ذَلِكَ، ونجَّى صَاحِبَهُ، وَكَانَ لَا يَعْلِفُهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا فِي حِجْره، وَاشْتَهَرَ أَمْرُهُ بَيْنَ النَّاسِ، وَجَعَلُوا يَقْصِدُونَهُ لِيَسْمَعُوا مِنْهُ ذَلِكَ، وَبَلَغَ مَلِكَ الرُّومِ أمرُه، فَقَالَ: مَا تُضَام [[في ف، أ: "ما نظام".]] بَلْدَةٌ يَكُونُ هَذَا الرَّجُلُ فِيهَا. وَاحْتَالَ لِيُحَصِّلَهُ فِي بَلَدِهِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَجُلًا مِنَ الْمُرْتَدِّينَ عِنْدَهُ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِ أَظْهَرَ لَهُ أَنَّهُ قَدْ حَسُنت نِيَّتُهُ فِي الْإِسْلَامِ وَقَوْمِهِ، حَتَّى اسْتَوْثَقَ، ثُمَّ خَرَجَا يَوْمًا يَمْشِيَانِ عَلَى جَنْبِ السَّاحِلِ، وَقَدْ وَاعَدَ شَخْصًا آخَرَ مِنْ جِهَةِ مَلِكِ الرُّومِ لِيَتَسَاعَدَا عَلَى أَسْرِهِ، فَلَمَّا اكْتَنَفَاهُ لِيَأْخُذَاهُ رَفَع طَرْفَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ، إِنَّهُ إِنَّمَا خَدَعني بِكَ فَاكْفِنِيهِمَا بِمَا شِئْتَ، قَالَ: فَخَرَجَ سَبُعَانِ إِلَيْهِمَا فَأَخَذَاهُمَا، وَرَجَعَ الرَّجُلُ سَالِمًا [[تاريخ دمشق (١٩/٤٨٩ "المخطوط") .]] . * * * وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأرْضِ﴾ أَيْ: يُخْلفُ قَرنا لِقَرْنٍ قَبْلَهُمْ وخَلَفًا لِسَلَفٍ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ﴾ [الْأَنْعَامِ: ١٣٣] ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الأرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ﴾ [الْأَنْعَامِ: ١٦٥] ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرْضِ خَلِيفَةً﴾ [الْبَقَرَةِ: ٣٠] ، أَيْ: قَوْمًا يَخْلُفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا كَمَا قَدَّمْنَا تَقْرِيرَهُ. وَهَكَذَا هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأرْضِ﴾ أَيْ: أُمَّةً بَعْدَ أُمَّةٍ، وَجِيلًا بَعْدَ جِيلٍ، وَقَوْمًا بَعْدَ قَوْمٍ. وَلَوْ شَاءَ لَأَوْجَدَهُمْ كُلَّهُمْ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، وَلَمْ يَجْعَلْ بعضَهم مِنْ ذُرِّيَّةِ بَعْضٍ، بَلْ لَوْ شَاءَ لَخَلَقَهُمْ [[في أ: "لجعلهم".]] كُلَّهُمْ أَجْمَعِينَ، كَمَا خَلَقَ آدَمَ مِنْ تُرَابٍ. وَلَوْ شَاءَ أَنْ يَجْعَلَهُمْ بَعْضَهُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ بَعْضٍ [[في ف، أ: "من ذرية بعضهم بعضا".]] وَلَكِنْ لَا يُمِيتُ أَحَدًا حَتَّى تَكُونَ وَفَاةُ الْجَمِيعِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، فَكَانَتْ تَضِيقُ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ [[في ف: "تضيق الأرض عليهم".]] وَتَضِيقُ عَلَيْهِمْ مَعَايِشُهُمْ وَأَكْسَابُهُمْ، وَيَتَضَرَّرُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ. وَلَكِنِ اقْتَضَتْ حِكْمَتُهُ وَقُدْرَتُهُ أَنْ يَخْلُقَهُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ يُكْثِرَهُمْ غَايَةَ الْكَثْرَةِ، وَيَذْرَأَهُمْ فِي الْأَرْضِ، وَيَجْعَلَهُمْ قُرُونًا بَعْدَ قُرُونٍ، وَأُمَمًا بَعْدَ أُمَمٍ، حَتَّى يَنْقَضِيَ الْأَجَلُ وَتَفْرُغَ البَرية، كَمَا قَدَّرَ ذَلِكَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَكَمَا أَحْصَاهُمْ وعَدّهم عَدًا، ثُمَّ يُقِيمُ [[في ف: "يوم".]] الْقِيَامَةَ، ويُوفي كُلَّ عَامِلٍ عمله إذا بلغ الكتاب أَجَلَهُ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ﴾ أَيْ: يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ، أَوْ إِلَهٌ مَعَ اللَّهِ يُعْبد، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُتَفَرِّدُ بِفِعْلِ ذَلِكَ ﴿قَلِيلا مَا تَذَكَّرُونَ﴾ [[في ف، أ: "ما تذكرون".]] أَيْ: مَا أَقَلَّ تَذَكُّرَهُمْ فِيمَا يُرْشِدُهُمْ إِلَى الْحَقِّ، وَيَهْدِيهِمْ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب