الباحث القرآني

هَذِهِ إِحْدَى الْآيَاتِ الثَّلَاثِ الَّتِي لَا رَابِعَ لَهُنَّ، مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ رسولَه ﷺ أَنْ يُقْسِمَ بِرَبِّهِ الْعَظِيمِ عَلَى وُقُوعِ الْمَعَادِ لَمَّا أَنْكَرَهُ مَنْ أَنْكَرَهُ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ وَالْعِنَادِ، فَإِحْدَاهُنَّ فِي سُورَةِ يُونُسَ: ﴿وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾ [يُونُسَ:٥٣] ، وَالثَّانِيَةُ هَذِهِ: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ﴾ ، وَالثَّالِثَةُ فِي التَّغَابُنِ: ﴿زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ [التَّغَابُنِ:٧] ، فَقَوْلُهُ: ﴿قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ﴾ [[في ت: "ليأتينكم".]] ، ثُمَّ وَصَفَهُ بِمَا يُؤَكِّدُ ذَلِكَ وَيُقَرِّرُهُ: ﴿عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ . قَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ: ﴿لَا يَعْزُبُ عَنْهُ﴾ لَا يَغِيبُ عَنْهُ، أَيِ: الْجَمِيعُ مُنْدَرِجٌ تَحْتَ عِلْمِهِ فَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ، فَالْعِظَامُ وَإِنْ تَلَاشَتْ وَتَفَرَّقَتْ وَتَمَزَّقَتْ، فَهُوَ عَالِمٌ أَيْنَ ذَهَبَتْ وَأَيْنَ [[في أ: "وإن".]] تَفَرَّقَتْ، ثُمَّ يُعِيدُهَا كَمَا بَدَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَإِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ. ثُمَّ بَيَّنَ حِكْمَتَهُ فِي إِعَادَةِ الْأَبْدَانِ وَقِيَامِ السَّاعَةِ بِقَوْلِهِ: ﴿لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ﴾ أَيْ: سَعَوْا فِي الصَّدِّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَتَكْذِيبِ رُسُلِهِ، ﴿أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ﴾ أَيْ: لِيُنَعِّمَ السُّعَدَاءَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَيُعَذِّبَ الْأَشْقِيَاءَ مِنَ الْكَافِرِينَ، كَمَا قَالَ: ﴿لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ [الْحَشْرِ: ٢٠] ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ﴾ [ص:٢٨] . * * * وَقَوْلُهُ: ﴿وَيَرَى [[في س: "وترى".]] الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ﴾ . هَذِهِ حِكْمَةٌ أُخْرَى مَعْطُوفَةٌ عَلَى الَّتِي قَبْلَهَا، وَهِيَ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى الرُّسُلِ إِذَا شَاهَدُوا قِيَامَ السَّاعَةِ وَمُجَازَاةَ الْأَبْرَارِ وَالْفُجَّارِ بِالَّذِي كَانُوا قَدْ عُلِّمُوهُ مَنْ كُتُبِ اللَّهِ فِي الدُّنْيَا رَأَوْهُ حِينَئِذٍ عَيْنَ الْيَقِينِ، وَيَقُولُونَ يَوْمَئِذٍ أَيْضًا: ﴿لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ﴾ [الْأَعْرَافُ: ٤٣] ، وَيُقَالُ أَيْضًا: ﴿هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ﴾ [يس:٥٢] ، ﴿لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ﴾ [الرُّومِ:٥٦] ، ﴿وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ . الْعَزِيزُ هُوَ: الْمَنِيعُ الْجَنَابِ [[في أ: "الجبار".]] ، الَّذِي لَا يُغالب وَلَا يُمَانع، بَلْ قَدْ قَهَرَ كُلَّ شَيْءٍ، الْحَمِيدُ فِي جَمِيعِ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَشَرْعِهِ، وَقَدَرِهِ، وَهُوَ الْمَحْمُودُ في ذلك كله.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب