الباحث القرآني

يَقُولُ تَعَالَى: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الْكَافِرِينَ الزَّاعِمِينَ أَنَّكَ مَجْنُونٌ: ﴿إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ﴾ أَيْ: إِنَّمَا آمُرُكُمْ بِوَاحِدَةٍ، وَهِيَ: ﴿أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ﴾ أَيْ: تَقُومُوا قِيَامًا خَالِصًا لِلَّهِ، مِنْ غَيْرِ هَوًى وَلَا عَصَبِيَّةٍ، فَيَسْأَلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا: هَلْ بِمُحَمَّدٍ مِنْ جُنُونٍ؟ فَيَنْصَحُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، ﴿ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا﴾ أَيْ: يَنْظُرُ الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ فِي أَمْرِ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَيَسْأَلُ غَيْرَهُ مِنَ النَّاسِ عَنْ شَأْنِهِ إِنْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ، وَيَتَفَكَّرُ فِي ذَلِكَ؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ﴾ . هَذَا مَعْنَى مَا ذَكَرَهُ مُجَاهِدٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ، والسُّدِّيّ، وَقَتَادَةُ، وَغَيْرُهُمْ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنَ الْآيَةِ. فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا هِشَامِ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاتِكَةِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَقُولُ: "أُعْطِيتُ ثَلَاثًا لَمْ يُعْطَهُنَّ مَن قَبْلِي وَلَا فَخْرٌ: أُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَلَمْ تَحِلَّ لِمَنْ قَبْلِي، كَانُوا قَبْلِي يَجْمَعُونَ غَنَائِمَهُمْ فَيَحْرُقُونَهَا. وبُعثت إِلَى كُلِّ أَحْمَرَ وَأَسْوَدَ، وَكَانَ كُلُّ نَبِيٍّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ، وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، أَتَيَمَّمُ بِالصَّعِيدِ، وَأُصَلِّي حَيْثُ أَدْرَكَتْنِي الصَّلَاةُ، قَالَ اللَّهُ: ﴿أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى﴾ وَأُعِنْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ بَيْنَ يَدَيَّ" -فَهُوَ حَدِيثٌ ضعيف الإسناد، وتفسير الآية بِالْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ وَفُرَادَى بَعِيدٌ، وَلَعَلَّهُ مُقْحَمٌ فِي الْحَدِيثِ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ، فَإِنَّ أَصْلَهُ ثَابِتٌ فِي الصِّحَاحِ وَغَيْرِهَا [[سبق تخريج حديث جابر، رضي الله عنه، في الصحيحين عند تفسير الآية: ٢٨ من هذه السورة.]] وَاللَّهُ أَعْلَمُ. * * * وَقَوْلُهُ: ﴿إِنْ هُوَ إِلا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾ : قَالَ [[في ت: "روى".]] الْبُخَارِيُّ عِنْدَهَا: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَازم، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مرَّة، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْر [[في ت: "بإسناده".]] ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: صَعدَ النَّبِيُّ ﷺ الصَّفَا ذَاتَ يَوْمٍ، فَقَالَ: "يَا صَبَاحَاهُ". فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ قُرَيْشٌ، فَقَالُوا: مَا لَكَ؟ فَقَالَ: "أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ الْعَدُوَّ يُصَبّحكم أَوْ يُمَسّيكم، أَمَا كُنْتُمْ تُصَدِّقُونِي؟ " قَالُوا: بَلَى. قَالَ: "فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٌ شَدِيدٍ". فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ! أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ﴾ [الْمَسَدِ] . [[صحيح البخاري برقم (٤٨٠١) .]] وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقْرَبِينَ﴾ [الشُّعَرَاءِ: ٢١٤] . وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا بَشِيرُ بْنُ الْمُهَاجِرِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، [[في ت: "وروى الإمام أحمد بإسناده عن عبد الله بن زيد".]] عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرَجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمًا فَنَادَى ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَقَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ، أَتُدْرُونَ مَا مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ؟ " قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: "إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ مثلُ قَوْمٍ خَافُوا عَدُوًّا يَأْتِيهِمْ، فَبَعَثُوا رَجُلًا يَتَرَاءَى لَهُمْ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ أَبْصَرَ الْعَدُوَّ، فَأَقْبَلَ لِيُنْذِرَهُمْ وَخَشِيَ أَنْ يُدْرِكَهُ الْعَدُوُّ قَبْلَ أَنْ يُنْذِرَ قَوْمَهُ، فَأَهْوَى بِثَوْبِهِ: أَيُّهَا النَّاسُ، أُوتِيتُمْ. أَيُّهَا النَّاسُ، أُوتِيتُمْ -ثَلَاثَ مَرَّاتٍ". وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ [[في ت "وبإسناده".]] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ جَمِيعًا، إِنْ كَادَتْ لَتَسْبِقُنِي". تَفَرَّدَ بِهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ. [[المسند (٥/٣٤٨) .]]
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب