الباحث القرآني

يَقُولُ تَعَالَى: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ بِمَا جِئْتَهُمْ بِهِ مِنَ الرِّسَالَةِ: سِيرُوا فِي الْأَرْضِ، فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَذَّبُوا الرُّسُلَ؟ كَيْفَ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا، فَخُلِيَتْ مِنْهُمْ مَنَازِلُهُمْ، وَسُلِبُوا مَا كَانُوا فِيهِ مِنَ النَّعَم بَعْدَ كَمَالِ الْقُوَّةِ، وَكَثْرَةِ الْعَدَدِ والعُدَد، وَكَثْرَةِ الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ، فَمَا أَغْنَى ذَلِكَ شَيْئًا، وَلَا دَفَعَ [[في ت، س: "ولا يدفع".]] عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ، لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ لِأَنَّهُ تَعَالَى لَا يُعْجِزُهُ شيء، إذا أراد كونه في السموات وَالْأَرْضِ؟ ﴿إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا﴾ أَيْ: عَلِيمٌ بِجَمِيعِ الْكَائِنَاتِ، قَدِيرٌ عَلَى مَجْمُوعِهَا. ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ﴾ أَيْ: لَوْ آخَذَهُمْ [[في ت، أ: "يؤاخذهم".]] بِجَمِيعِ ذُنُوبِهِمْ، لَأَهْلَكَ جَمِيعَ أَهْلِ الْأَرْضِ، وَمَا يَمْلِكُونَهُ مِنْ دَوَابَّ وَأَرْزَاقٍ. قَالَ [[في ت: "روى".]] ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنان، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَادَ الجَعْلُ أَنْ يُعَذَّبَ فِي جُحْره بِذَنْبِ ابْنِ آدَمَ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ﴾ . وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْر، والسُّدِّيّ فِي قَوْلِهِ: ﴿مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ﴾ أَيْ: لَمَا سَقَاهُمُ الْمَطَرُ، فَمَاتَتْ جَمِيعُ الدَّوَابِّ. ﴿وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ أَيْ: وَلَكِنْ يُنْظرهُم إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَيُحَاسِبُهُمْ يَوْمَئِذٍ، وَيُوَفِّي كُلَّ عَامِلٍ بِعَمَلِهِ، فَيُجَازِي بِالثَّوَابِ أهلَ الطَّاعَةِ، وَبِالْعِقَابِ أَهْلَ الْمَعْصِيَةِ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: ﴿فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا﴾ . آخَرُ تَفْسِيرِ سُورَةِ "فَاطِرٍ" ولله الحمد والمنة. تَفْسِيرُ سُورَةِ يس [وَهِيَ] [[زيادة من ت، س، أ.]] مَكِّيَّةٌ. قَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ وَسُفْيَانُ بْنُ وَكِيع، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّؤاسي، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ هَارُونَ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ قَتَادَةَ [[في ت: " روى أبو عيسى الترمذي بإسناده".]] ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ قَلْبًا، وَقَلْبُ الْقُرْآنِ يس. ومَنْ قَرَأَ يس كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِقِرَاءَتِهَا قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ عَشْرَ مَرَّاتٍ". ثُمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ حُميد بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَهَارُونُ أَبُو مُحَمَّدٍ شَيْخٌ مَجْهُولٌ. وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَلَا يَصِحُّ لِضَعْفِ إِسْنَادِهِ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَنْظُورٌ فِيهِ. [[سنن الترمذي برقم (٢٨٨٧) وقال ابن أبي حاتم في العلل (٢/٥٦) بعد ما ذكر الحديث: "قال أبي: مقاتل هذا هو مقاتل بن سليمان رأيت هذا الحديث في أول كتاب وضعه مقاتل وهو حديث باطل لا أصل له. قلت لأبي: مقاتل أدرك قتادة؟ قال: وأكبر من قتادة أبو الزبير".]] أَمَّا حَدِيثُ الصِّدِّيقِ فَرَوَاهُ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ فِي كِتَابِهِ نَوَادِرِ الْأُصُولِ. [[نوادر الأصول ص (٣٣٥) ورواه ابن الضريس في فضائل القرآن برقم (٢١٧) والبيهقي في شعب الإيمان برقم (٢٤٦٥) وابن الجوزي في الموضوعات (١/٢٤٧) من طرق عن إسماعيل بن أبي أويس عن محمد بن عبد الرحمن الجدعاني عن سليمان بن مرقاع عن هلال بن الصلت عن أبي بكر، رضي الله عنه. وقال ابن الجوزى: "هذا الحديث من جميع طرقه باطل لا أصل له".]] وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ [[في ت: "وروى".]] أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا زَيْدُ -هُوَ ابْنُ الْحُبَابِ-حَدَّثَنَا حُميد -هُوَ الْمَكِّيُّ، مَوْلَى آلِ عَلْقَمَةَ-عَنْ عَطَاءٍ -هُوَ ابْنُ أَبِي رَبَاحٍ-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ قَلْبًا، وَقَلْبُ الْقُرْآنِ يس". ثُمَّ قَالَ: لَا نَعْلَمُ رَوَاهُ إِلَّا زَيْدٌ، عَنْ حُمَيْدٍ. [[مسند البزار برقم (٢٣٠٤) "كشف الأستار".]] وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ [[في ت: "وروى الحافظ أبو يعلى عن أبي هريرة قال".]] : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "مَنْ قَرَأَ يس فِي لَيْلَةٍ أَصْبَحَ مَغْفُورًا لَهُ. وَمَنْ قَرَأَ: "حم" الَّتِي فِيهَا الدُّخَانُ أَصْبَحَ مَغْفُورًا لَهُ". إِسْنَادٌ [[في ت: "إسناده".]] جَيِّدٌ. [[مسند أبي يعلى (١١/٩٣) وفي إسناده هشام بن زياد ضعفه الأئمة، وقال ابن حبان: "كان ممن يروى الموضوعات عن الثقات، والمقلوبات عن الأثبات حتى يسبق إلى قلب المستمع أنه كان المعتمد لها، لا يجوز الاحتجاج به". والحسن لم يسمع من أبي هريرة، وانظر التعليق على أبي يعلى عند قوله: "سمعت".]] وَقَالَ [[في ت، أ: "وروى".]] ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ -مَوْلَى ثَقِيفٍ-حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعِ بْنِ الْوَلِيدِ السَّكُونِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ خَيْثَمة، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن جُحَادة، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ جُنْدَب بْنِ [[في أ: "عن".]] عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "مَنْ قَرَأَ يس فِي لَيْلَةٍ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ، غُفِرَ لَهُ". [[صحيح ابن حبان برقم (٦٦٥) "موارد" والحسن لم يسمع من جندب، قاله أبو حاتم.]] وَقَدْ قَالَ [[في ت: "وروى".]] الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَارِمٌ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَار، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: "الْبَقَرَةُ سِنام الْقُرْآنِ وذِرْوَته، نَزَلَ مَعَ كُلِّ آيَةٍ مِنْهَا ثَمَانُونَ مَلَكًا، وَاسْتُخْرِجَتْ ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ [الْبَقَرَةِ: ٢٥٥] مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ فَوُصِلَتْ بِهَا -أَوْ: فَوُصِلَتْ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ-وَيس قَلْبُ الْقُرْآنِ، لَا يَقْرَؤُهَا رَجُلٌ يُرِيدُ اللَّهَ والدار الآخرة، إلا غفر له، واقرؤوها عَلَى مَوْتَاكُمْ". وَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي "الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ" عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدَ الْأَعْلَى، عَنْ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، بِهِ [[المسند (٥/٢٦) والنسائي في السنن الكبرى برقم (١٠٩١٤) وقد أعله ابن القطان كما في التلخيص لابن حجر (٢/١٠٤) بثلاث علل: الاضطراب في الإسناد، وبالوقف، وبجهالة حال أبي عثمان وأبيه. ثم نقل عن الدارقطنى قوله: "هذا حديث ضعيف الإسناد، مجهول المتن، ولا يصحح في الباب حديث".]] . ثُمَّ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَارِمٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ -وَلَيْسَ بِالنَّهْدِيِّ-عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَعْقِل بْنِ يَسَار قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "اقرؤوها عَلَى مَوْتَاكُمْ" -يَعْنِي: يس. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ فِي "الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ" وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، بِهِ [[المسند (٥/٢٦) وسنن أبي داود برقم (٣١٢١) والنسائي في السنن الكبرى برقم (١٠٩١٣) وسنن ابن ماجه برقم (١٤٤٨) .]] إِلَّا أَنَّ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ: عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ. وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ السُّورَةِ: أَنَّهَا لَا تُقْرَأُ عِنْدَ أَمْرٍ عَسِيرٍ إِلَّا يَسَّرَهُ اللَّهُ. وَكَأَنَّ قِرَاءَتَهَا عِنْدَ الْمَيِّتِ لِتُنْزِلَ الرَّحْمَةَ وَالْبَرَكَةَ، وَلِيَسْهُلَ [[في ت، س: "ولتسهل".]] عَلَيْهِ خُرُوجُ الرُّوحِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، رَحِمَهُ اللَّهُ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ قَالَ: كَانَ الْمَشْيَخَةُ يَقُولُونَ: إِذَا قُرِئَتْ -يَعْنِي يس-عِنْدَ الْمَيِّتِ خُفِّف عَنْهُ بِهَا. [[المسند (٤/١٠٥) .]] وَقَالَ [[في ت: "وروي".]] الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عِكْرِمَة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ [[في ت: "رسول الله".]] ﷺ: "لَوَدِدْتُ أَنَّهَا فِي قَلْبِ كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْ أُمَّتِي" -يعني: يس. [[مسند البزار برقم (٢٣٠٥) "كشف الأستار".]]
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب