قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ: إِنَّهُمْ وَطِئُوهُ بِأَرْجُلِهِمْ حَتَّى خَرَجَ قُصْبُه مِنْ دُبُرِهِ وَقَالَ اللَّهُ لَهُ: ﴿ادْخُلِ الْجَنَّةَ﴾ ، فَدَخَلَهَا فَهُوَ يُرْزَقُ مِنْهَا، قَدْ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُ سُقْم الدُّنْيَا وَحُزْنَهَا ونَصَبها.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: قِيلَ لِحَبِيبٍ النَّجَّارِ: ادْخُلِ الْجَنَّةَ. وَذَلِكَ أَنَّهُ قُتل فَوَجَبَتْ لَهُ [[في ت، س، أ: "له الجنة".]] ، فَلَمَّا رَأَى الثَّوَابَ ﴿قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ﴾ .
قَالَ قَتَادَةُ: لَا تَلْقَى الْمُؤْمِنَ إِلَّا نَاصِحًا، لَا تَلْقَاهُ غَاشًّا؛ لَمَّا عَايَنَ [مَا عَايَنَ] [[زيادة من ت، أ.]] مِنْ كرامة الله ﴿قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ﴾ . تَمَنَّى عَلَى اللَّهِ أَنْ يَعْلَمَ قَوْمُهُ مَا عَايَنَ مِنْ كَرَامَةِ اللَّهِ [لَهُ] ، [[زيادة من أ.]] وَمَا هَجَمَ عَلَيْهِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَصَحَ قَوْمَهُ فِي حَيَاتِهِ بِقَوْلِهِ: ﴿يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾ [يس: ٢٠] ، وَبَعْدَ مَمَاتِهِ فِي قَوْلِهِ: ﴿يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ﴾ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي مِجْلَز: ﴿بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ﴾ بِإِيمَانِي بِرَبِّي وَتَصْدِيقِي الْمُرْسَلِينَ.
وَمَقْصُودُهُ أَنَّهُمْ لَوِ اطَّلَعُوا عَلَى مَا حَصَلَ مِنْ هَذَا الثَّوَابِ وَالْجَزَاءِ وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ، لَقَادَهُمْ ذَلِكَ إِلَى اتِّبَاعِ الرُّسُلِ، فَرَحِمَهُ اللَّهُ وَرَضِيَ عَنْهُ، فَلَقَدْ كَانَ حَرِيصًا عَلَى هِدَايَةِ قَوْمِهِ.
قَالَ [[في ت: "روى".]] ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ -وَهُوَ مُحَمَّدٌ-عَنْ [[في أ: "بن".]] عَبْدِ الْمَلِكِ -يَعْنِي: ابْنَ عُمَيْرٍ-قَالَ: قَالَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ لِلنَّبِيِّ ﷺ: ابْعَثْنِي إِلَى قومي أدعوهم إِلَى الْإِسْلَامِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَقْتُلُوكَ". فَقَالَ: لَوْ وَجَدُونِي نَائِمًا مَا أَيْقَظُونِي. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "انطلق". فَانْطَلَقَ فَمَرَّ عَلَى اللَّاتِ وَالْعُزَّى، فَقَالَ: لأصبحَنَّك غَدًا بِمَا يَسُوءُكِ. فَغَضِبَتْ ثَقِيفٌ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ ثَقِيفٍ، إِنَّ اللَّاتَ لَا لَاتَ، وَإِنَّ العُزى لَا عُزى، أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا. يَا مَعْشَرَ الْأَحْلَافِ، إِنَّ الْعُزَّى لَا عُزَّى، وَإِنَّ اللَّاتَ لَا لَاتَ، أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا. قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَرَمَاهُ رَجُلٌ فَأَصَابَ أكْحَله فَقَتَلَهُ، فَبَلَغَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال: "هَذَا مَثَلُهُ كَمَثَلِ صَاحِبِ يس، ﴿قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ﴾ [[ورواه الحاكم في المستدرك (٣/٦١٥) والطبراني في المعجم الكبير (١٧/١٤٨) مِنْ طَرِيقِ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ بن الزبير، بنحوه. ورواه الطبراني في المعجم الكبير (١٧/١٤٨) من طريق موسى بن عقبة، عن الزهري، بنحوه. وقال الهيثمى في المجمع (٩/٣٨٦) : "وكلاهما مرسل، وإسنادهما حسن".]]
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَر بْنِ حَزْم: أَنَّهُ حَدَّثَ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ: أَنَّهُ ذُكِرَ لَهُ حَبِيبُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ -أَخُو بَنِي مَازِنِ بْنِ النَّجَّارِ-الَّذِي كَانَ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ قَطَّعه بِالْيَمَامَةِ، حِينَ جَعَلَ يَسْأَلُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَجَعَلَ يَقُولُ: أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ. ثُمَّ يَقُولُ: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ فَيَقُولُ: لَا أَسْمَعُ. فَيَقُولُ لَهُ مُسَيْلِمَةُ: أَتَسْمَعُ هَذَا وَلَا تَسْمَعُ ذَاكَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ. فَجَعَلَ يُقَطِّعه عُضْوًا عُضْوًا، كُلَّمَا سَأَلَهُ لَمْ يَزِدْهُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ فِي يَدَيْهِ. فَقَالَ كَعْبٌ حِينَ قِيلَ لَهُ: اسْمُهُ حَبِيبٌ، وَكَانَ وَاللَّهِ صَاحِبُ يس اسْمَهُ حَبِيبٌ. [[رواه الطبري في تفسيره (٢٢/١٠٣) .]]
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَا أَنزلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنزلِينَ﴾ : يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ انْتَقَمَ مِنْ قَوْمِهِ بَعْدَ قَتْلِهِمْ إِيَّاهُ، غَضَبًا مِنْهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا رُسُلَهُ، وَقَتَلُوا وَلَيَّهُ. وَيَذْكُرُ تَعَالَى: أَنَّهُ مَا أَنْزَلَ عَلَيْهِمْ، وَمَا احْتَاجَ فِي إِهْلَاكِهِ إِيَّاهُمْ إِلَى إِنْزَالِ جُنْدٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ عَلَيْهِمْ، بَلِ الْأَمْرُ كَانَ أَيْسَرَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ، فِيمَا رَوَاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَا أَنزلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنزلِينَ﴾ أي: ما كاثرناهم بالجموع الأمر كَانَ أَيْسَرَ عَلَيْنَا مِنْ ذَلِكَ، ﴿إِنْ كَانَتْ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ﴾ قَالَ: فَأَهْلَكَ اللَّهُ ذَلِكَ الْمَلِكَ، وَأَهْلَكَ أَهْلَ أَنْطَاكِيَةَ، فَبَادُوا عَنْ وَجْهِ الْأَرْضِ، فَلَمْ يَبْقَ [[في س: "تبق".]] مِنْهُمْ بَاقِيَةٌ.
وَقِيلَ: ﴿وَمَا كُنَّا مُنزلِينَ﴾ أَيْ: وَمَا كُنَّا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ عَلَى الْأُمَمِ إِذَا أَهْلَكْنَاهُمْ، بَلْ نَبْعَثُ عَلَيْهِمْ عَذَابًا يُدَمِّرُهُمْ.
وَقِيلَ: الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَا أَنزلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ﴾ أَيْ: مِنْ رِسَالَةٍ أُخْرَى إِلَيْهِمْ. قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ. قَالَ قَتَادَةُ: فَلَا وَاللَّهِ مَا عَاتَبَ اللَّهُ قَوْمَهُ بَعْدَ قَتْلِهِ، ﴿إِنْ كَانَتْ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ﴾ .
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ الرِّسَالَةَ لَا تُسَمَّى جُنْدًا.
قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ جِبْرِيلَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَأَخَذَ بِعِضَادَتَيْ بَابِ بَلَدِهِمْ، ثُمَّ صَاحَ بِهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ عَنْ آخِرِهِمْ، لَمْ يَبْقَ فِيهِمْ رُوحٌ تَتَرَدَّدُ فِي جَسَدٍ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ السَّلَفِ أَنَّ هَذِهِ الْقَرْيَةَ هِيَ أَنْطَاكِيَةُ، وَأَنَّ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ كَانُوا رُسُلًا مِنْ عِنْدِ الْمَسِيحِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ قَتَادَةُ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يُذْكَرْ عَنْ [[في أ: "غير"]] وَاحِدٍ مِنْ مُتَأَخَّرِي الْمُفَسِّرِينَ غَيْرِهِ، وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ ظَاهِرَ الْقِصَّةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَؤُلَاءِ كَانُوا رُسُلَ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، لَا مِنْ جِهَةِ الْمَسِيحِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ﴾ إِلَى أَنْ قَالُوا: ﴿رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ * وَمَا عَلَيْنَا إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ﴾ [يس: ١٤-١٧] . وَلَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ مِنَ الْحَوَارِيِّينَ لَقَالُوا عِبَارَةً تُنَاسِبُ أَنَّهُمْ مِنْ عِنْدِ الْمَسِيحِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. ثُمَّ لَوْ كَانُوا رُسُلَ الْمَسِيحِ لَمَا قَالُوا لَهُمْ: ﴿مَا أَنْتُمْ إِلا بَشَرٌ مِثْلُنَا﴾ [يس:١٥] .
الثَّانِي: أَنَّ أَهْلَ أَنْطَاكِيَةَ آمَنُوا بِرُسُلِ الْمَسِيحِ إِلَيْهِمْ، وَكَانُوا أَوَّلَ مَدِينَةٍ آمَنَتْ بِالْمَسِيحِ؛ وَلِهَذَا كَانَتْ عِنْدَ النَّصَارَى إِحْدَى الْمَدَائِنِ الْأَرْبَعَةِ اللَّاتِي فِيهِنَّ بتَاركة، وَهُنَّ الْقُدْسُ لِأَنَّهَا بَلَدُ الْمَسِيحِ، وَأَنْطَاكِيَةُ لِأَنَّهَا أَوَّلُ بَلْدَةٍ آمَنَتْ بِالْمَسِيحِ عَنْ آخِرِ أَهْلِهَا، وَالْإِسْكَنْدَرِيَّةُ لِأَنَّ فِيهَا [[في ت، س: "منها".]] اصْطَلَحُوا عَلَى اتِّخَاذِ الْبَتَارِكَةِ وَالْمَطَارِنَةِ وَالْأَسَاقِفَةِ وَالْقَسَاوِسَةِ [[في ت، س: "القساقسة".]] وَالشَّمَامِسَةِ وَالرُّهَابَيْنِ. ثُمَّ رُومِيَّةُ لِأَنَّهَا مَدِينَةُ الْمَلَكِ قُسْطَنْطِينَ الَّذِي نَصَرَ دِينَهُمْ وأطَّدَه. وَلَمَّا ابْتَنَى الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ نَقَلُوا الْبُتْرَكَ مِنْ رُومِيَّةَ إِلَيْهَا، كَمَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِمَّنْ ذَكَرَ تَوَارِيخَهُمْ كَسَعِيدِ بْنِ بِطْرِيقَ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُسْلِمِينَ، فَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ أَنْطَاكِيَةَ أَوَّلُ مَدِينَةٍ آمَنَتْ، فَأَهْلُ هَذِهِ الْقَرْيَةِ قَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُمْ كَذَّبُوا رُسُلَهُ [[في ت: "رسلهم".]] ، وَأَنَّهُ أَهْلَكَهُمْ بِصَيْحَةٍ وَاحِدَةٍ أَخْمَدَتْهُمْ [[في ت، س: "أخذتهم".]] ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الثَّالِثُ: أَنَّ قِصَّةَ أَنْطَاكِيَةَ مَعَ الْحَوَارِيِّينَ أَصْحَابِ الْمَسِيحِ بَعْدَ نُزُولِ التَّوْرَاةِ، وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَعْدَ إِنْزَالِهِ التَّوْرَاةَ لَمْ يُهْلِكْ أُمَّةً مِنَ الْأُمَمِ عَنْ آخِرِهِمْ بِعَذَابٍ يَبْعَثُهُ عَلَيْهِمْ، بَلْ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بَعْدَ ذَلِكَ بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ، ذَكَرُوهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الأولَى﴾ [الْقَصَصِ: ٤٣] . فعلى هذا يتعين أن هذه القرية الْمَذْكُورَةَ فِي الْقُرْآنِ [الْعَظِيمِ] [[زيادة من ت.]] قَرْيَةٌ أُخْرَى غَيْرُ أَنْطَاكِيَةَ، كَمَا أَطْلَقَ ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ أَيْضًا. أَوْ تَكُونُ أَنْطَاكِيَةُ إِنْ كَانَ لَفْظُهَا مَحْفُوظًا فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ مَدِينَةً أُخْرَى غَيْرَ هَذِهِ الْمَشْهُورَةِ الْمَعْرُوفَةِ، فَإِنَّ هَذِهِ لَمْ يُعْرَفْ أَنَّهَا أُهْلِكَتْ لَا فِي الْمِلَّةِ النَّصْرَانِيَّةِ وَلَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَاللَّهُ، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، أَعْلَمُ.
فَأَمَّا الْحَدِيثَ الَّذِي رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ التُّسْتري، حدثنا الْحُسَيْنُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ الْعَسْقَلَانِيُّ، حَدَّثَنَا حُسَين الْأَشْقَرُ، حَدَّثَنَا ابْنِ عُيَيْنة، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيح، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ [[في ت: "رواه الحافظ الطبراني بإسناده إلى".]] ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "السُّبَّق ثَلَاثَةٌ: فَالسَّابِقُ إِلَى مُوسَى يُوشَعُ بْنُ نُونٍ، وَالسَّابِقُ إِلَى عِيسَى صَاحِبُ يس، وَالسَّابِقُ إِلَى مُحَمَّدٍ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ"، [[المعجم الكبير (١١/٩٣) ورواه ابن مردويه في تفسيره، والعقيلي في الضعفاء كما في تخريج الكشاف للزيلعي (٣/١٦٢) من طريق حسين الأشقر، به، وأعله العقيلي بحسين الأشعري كما ذكر الحافظ ابن كثير هنا وقال: "إنه شيعي متروك ولا يعرف هذا إلا من جهته، وهو حديث منكر".]] فَإِنَّهُ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ طَرِيقِ [[في أ: "حديث".]] حُسَيْنٍ الأشقر، وهو شيعي متروك، [والله أعلم] . [[زيادة من ت، س.]]
{"ayahs_start":26,"ayahs":["قِیلَ ٱدۡخُلِ ٱلۡجَنَّةَۖ قَالَ یَـٰلَیۡتَ قَوۡمِی یَعۡلَمُونَ","بِمَا غَفَرَ لِی رَبِّی وَجَعَلَنِی مِنَ ٱلۡمُكۡرَمِینَ","۞ وَمَاۤ أَنزَلۡنَا عَلَىٰ قَوۡمِهِۦ مِنۢ بَعۡدِهِۦ مِن جُندࣲ مِّنَ ٱلسَّمَاۤءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِینَ","إِن كَانَتۡ إِلَّا صَیۡحَةࣰ وَ ٰحِدَةࣰ فَإِذَا هُمۡ خَـٰمِدُونَ"],"ayah":"۞ وَمَاۤ أَنزَلۡنَا عَلَىٰ قَوۡمِهِۦ مِنۢ بَعۡدِهِۦ مِن جُندࣲ مِّنَ ٱلسَّمَاۤءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِینَ"}