تَفْسِيرُ سُورَةِ الصَّافَّاتِ
[وَهِيَ] [[زيادة من ت، س.]] مَكِّيَّةٌ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ -يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ-عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ قَالَ: أخبرني بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَأْمُرُنَا [[في ت: "يأمر".]] بِالتَّخْفِيفِ، وَيَؤُمُّنَا بِالصَّافَّاتِ. تَفَرَّدَ بِهِ النَّسَائِيُّ [[سنن النسائي (٢/٩٥) .]] .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
* * *
قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: ﴿وَالصَّافَّاتِ صَفًّا﴾ وَهِيَ: الْمَلَائِكَةُ، ﴿فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا﴾ وَهِيَ: الْمَلَائِكَةُ، ﴿فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا﴾ هِيَ: الْمَلَائِكَةُ.
وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمَسْرُوقٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْر، وعِكْرِمة، وَمُجَاهِدٌ، والسُّدِّيّ، وَقَتَادَةُ، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ.
قَالَ قَتَادَةُ: الْمَلَائِكَةُ صُفُوفٌ فِي السَّمَاءِ.
وَقَالَ [[في ت: "وروى".]] مُسْلِمٌ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَة، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْل، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ رِبْعِيّ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ "فُضِّلنا عَلَى النَّاسِ بِثَلَاثٍ: جُعلت صُفُوفُنَا كَصُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ، وَجُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا [[في س: "مسجدا وطهورا".]] وجُعلت لَنَا تُربتها [[في ت، س: "تربتها لنا".]] طَهُورًا إِذَا لَمْ نَجِدِ الْمَاءَ" [[صحسح مسلم برقم (٥٢٢) .]] .
وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ أَيْضًا، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ، عَنِ المُسَيَّب بْنِ رَافِعٍ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرَفة، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَة قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم "ألا تَصُفّون كَمَا تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهِمْ؟ " قُلْنَا: وَكَيْفَ تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهِمْ؟ قَالَ ﷺ: "يُتِمون الصُّفُوفَ الْمُتَقَدِّمَةَ ويَتَراصون فِي الصَّفِّ" [[صحيح مسلم برقم (٤٣٠) وسنن أبي داود برقم (٦٦١) وسنن النسائي (٢/٩٢) وسنن ابن ماجه برقم (٩٢٢) .]] .
وَقَالَ السُّدِّيُّ وَغَيْرُهُ: مَعْنَى قَوْلِهِ ﴿فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا﴾ أَنَّهَا تَزْجُرُ السَّحَابَ.
وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: ﴿فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا﴾ : مَا زَجَرَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْقُرْآنِ. وَكَذَا رَوَى مَالِكٌ، عَنْ زيد بن أسلم.
﴿فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا﴾ قَالَ السُّدِّيُّ: الْمَلَائِكَةُ يَجِيئُونَ بِالْكِتَابِ، وَالْقُرْآنِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِلَى النَّاسِ. وَهَذِهِ الْآيَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا عُذْرًا أَوْ نُذْرًا﴾ [الْمُرْسَلَاتِ:٥، ٦] .
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ﴾ هَذَا هُوَ الْمُقْسَمُ عَلَيْهِ، أَنَّهُ تَعَالَى لَا إِلَهَ إلا هو ﴿رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا﴾ أَيْ: مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ، ﴿وَرَبُّ الْمَشَارِقِ﴾ أَيْ: هُوَ الْمَالِكُ الْمُتَصَرِّفُ فِي الْخَلْقِ بِتَسْخِيرِهِ بِمَا فِيهِ مِنْ كَوَاكِبَ [[في ت: "الكواكب".]] ثَوَابِتَ، وَسَيَّارَاتٍ تَبْدُو مِنَ الْمَشْرِقِ، وَتَغْرُبُ مِنَ الْمَغْرِبِ. وَاكْتَفَى بِذِكْرِ الْمَشَارِقِ عَنِ الْمَغَارِبِ لِدَلَالَتِهَا عَلَيْهِ. وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ﴾ [الْمَعَارِجِ:٤٠] . وَقَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: ﴿رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ﴾ [الرَّحْمَنِ:١٧] يَعْنِي فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، لِلشَّمْسِ وَالْقَمَرِ.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["وَٱلصَّـٰۤفَّـٰتِ صَفࣰّا","فَٱلزَّ ٰجِرَ ٰتِ زَجۡرࣰا","فَٱلتَّـٰلِیَـٰتِ ذِكۡرًا","إِنَّ إِلَـٰهَكُمۡ لَوَ ٰحِدࣱ","رَّبُّ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَیۡنَهُمَا وَرَبُّ ٱلۡمَشَـٰرِقِ"],"ayah":"وَٱلصَّـٰۤفَّـٰتِ صَفࣰّا"}