الباحث القرآني

يَقُولُ تَعَالَى بَعْدَ مَا ذَكَرَ عَنِ الْمُشْرِكِينَ مَا ذَكَرَ مِنَ الْمَذَمَّةِ، لَهُمْ فِي حُبِّهِمُ الشِّرْكَ، وَنُفْرَتِهِمْ عَنِ التوحيد ﴿قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ﴾ أَيِ: ادْعُ أَنْتَ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، الَّذِي خَلَقَ السموات وَالْأَرْضَ وَفَطَرَهَا، أَيْ: جَعَلَهَا عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ سَبَقَ، ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ﴾ أَيِ: السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، ﴿أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ أَيْ: فِي دُنْيَاهُمْ [[في أ: "دينا لهم".]] ، سَتَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ مَعَادِهِمْ وَنُشُورِهِمْ، وَقِيَامِهِمْ مِنْ قُبُورِهِمْ. وَقَالَ [[في ت: "روى".]] مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ [[في ت: "عن أبي سلمة".]] بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا] [[زيادة من ت.]] بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَفْتَتِحُ صَلَاتَهُ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ؟ قَالَتْ: كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ افْتَتَحَ صَلَاتَهُ: "اللَّهُمَّ رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السموات وَالْأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ، إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ" [[صحيح مسلم برقم (٧٧٠) .]] وَقَالَ [[في ت: "وروى".]] الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَأَخْبَرَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيم، عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ [[في ت، أ: "مسعود رضي الله عنه".]] أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: "مَنْ قَالَ: اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، إِنِّي أَعْهَدُ إِلَيْكَ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا [[في أ: "في الحياة الدنيا".]] أَنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ، فَإِنَّكَ إِنْ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي تُقَرِّبُنِي مِنَ الشَّرِّ وَتُبَاعِدُنِي مِنَ الْخَيْرِ، وَإِنِّي لَا أَثِقُ إِلَّا بِرَحْمَتِكَ، فَاجْعَلْ لِي عِنْدَكَ عَهْدًا تُوَفِّينيه يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ، إِلَّا قَالَ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، لِمَلَائِكَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: إِنَّ عَبْدِي قَدْ عَهِدَ إِلَيَّ عَهْدًا فَأَوْفُوهُ إِيَّاهُ، فَيُدْخِلُهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ". قَالَ سُهَيْلٌ: فَأَخْبَرْتُ الْقَاسِمَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَوْنًا أَخْبَرَ بِكَذَا وَكَذَا؟ فَقَالَ: مَا فِي أَهْلِنَا جَارِيَةٌ إِلَّا وَهِيَ تَقُولُ هَذَا فِي خِدْرِهَا. انْفَرَدَ بِهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ [[المسند (١/٤١٢) قال الهيثمي في المجمع (١٠/١٧٤) : "رجاله رجال الصحيح".]] . وَقَالَ [[في ت: "وروى".]] الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا حَسَنٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعة، حَدَّثَنِي حُييّ [[في ت: "يحيى".]] بْنُ عَبْدِ اللَّهِ؛ أَنَّ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَهُ قَالَ: أَخْرَجَ لَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو قِرْطَاسًا وَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُعَلِّمُنَا يقول: "اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ، وَإِلَهُ كُلِّ شَيْءٍ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ، وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ، أُعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ، وَأُعُوذُ بِكَ أَنْ أَقْتَرِفَ عَلَى نَفْسِي إِثْمًا، أَوْ أَجُرَّهُ إِلَى [[في أ: "على".]] مُسْلِمٍ". قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُعَلِّمُهُ [[في ت، س: "يعلم".]] عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ حِينَ يُرِيدُ أَنْ يَنَامَ. تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ أَيْضًا [[المسند (٢/١٧١) .]] . وَقَالَ [[في ت: "وروى".]] [الْإِمَامُ] [[زيادة من أ.]] أَحْمَدُ أَيْضًا: حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَيَّاشٍ [[في ت: "عباس".]] ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْأَلْهَانِيِّ، عَنْ أَبِي رَاشِدٍ الحُبْرَاني قَالَ: أَتَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو فَقُلْتُ لَهُ: حَدِّثْنَا مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَأَلْقَى بَيْنَ يَدَي صَحِيفَةً فَقَالَ: هَذَا مَا كَتَبَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَنَظَرْتُ فِيهَا فَإِذَا فِيهَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ [[في ت: "الصديق رضي الله عنه".]] قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلِّمْنِي مَا أَقُولُ إِذَا أَصْبَحْتُ وَإِذَا أَمْسَيْتُ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "يَا أَبَا بَكْرٍ، قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، رَبَّ كُلِّ شَيٍّ وَمَلِيكَهِ، أُعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي، وَشَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ، أَوْ [[في ت، أ: "أن".]] أَقْتَرِفَ عَلَى نَفْسِي سُوءًا، أَوْ أَجُرَّهُ إِلَى مُسْلِمٍ". وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَرَفَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ [[في أ: "عباس".]] ، بِهِ [[المسند (٢/١٩٦) وسنن الترمذي برقم (٣٥٢٩) .]] ، وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا هَاشِمٌ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إن أَقُولَ إِذَا أَصْبَحْتُ وَإِذَا أَمْسَيْتُ، وَإِذَا أَخَذْتُ مَضْجَعِي من الليل: "اللهم فاطر السموات وَالْأَرْضِ" إِلَى آخِرِهِ [[المسند (١/١٤) .]] . * * * وَقَوْلُهُ: ﴿وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ وَهُمُ الْمُشْرِكُونَ، ﴿مَا فِي الأرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ﴾ أَيْ: وَلَوْ أَنَّ جَمِيعَ مُلْكِ الْأَرْضِ وَضِعْفِهُ مَعَهُ ﴿لافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ﴾ أَيِ: الَّذِي أَوْجَبَهُ اللَّهُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَعَ هَذَا لَا يُتقبل مِنْهُمُ الْفِدَاءُ وَلَوْ كَانَ مِلْءَ الْأَرْضِ ذَهَبًا، كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: ﴿وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ﴾ أَيْ: وَظَهَرَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنَ الْعَذَابِ وَالنَّكَالِ بِهِمْ مَا لَمْ يَكُنْ فِي بَالِهِمْ وَلَا فِي حِسَابِهِمْ،. ﴿وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا﴾ أَيْ: وَظَهَرَ لَهُمْ جَزَاءُ مَا اكْتَسَبُوا فِي الدَّارِ الدُّنْيَا مِنَ الْمَحَارِمِ وَالْمَآثِمِ، ﴿وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ أَيْ: وَأَحَاطَ بِهِمْ مِنَ الْعَذَابِ وَالنَّكَالِ مَا كَانُوا يَسْتَهْزِئُونَ بِهِ فِي الدَّارِ الدنيا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب