الباحث القرآني

قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، وَهِيَ قَوْلُهُ: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ [لِمَنْ يَشَاءُ] [[زيادة من ر، أ.]] ﴾ الْآيَةَ [النِّسَاءِ: ٤٨] ، وَذَكَرْنَا مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنَ الْأَحَادِيثِ فِي صَدْرِ هَذِهِ السُّورَةِ. وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ حَدِيثَ ثُوَيْر [[في أ: "يزيد".]] بْنِ أَبِي فَاخِتَة سَعِيدِ بْنِ عَلاقَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: مَا فِي الْقُرْآنِ آيَةٌ أَحَبَّ إليَّ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ] [[زيادة من ر، أ.]] ﴾ الْآيَةَ، ثُمَّ قَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ [[سنن الترمذي برقم (٣٠٣٧) .]] . * * * وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا بَعِيدًا﴾ أَيْ: فَقَدْ سَلَكَ غَيْرَ [[في ر، أ: "عن".]] الطَّرِيقِ الْحَقِّ، وَضَلَّ عَنِ الْهُدَى وَبَعُدَ عَنِ الصَّوَابِ، وَأَهْلَكَ نَفْسَهُ وَخَسِرَهَا [[في أ: "ضرها".]] فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَفَاتَتْهُ سَعَادَةُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. * * * وَقَوْلُهُ: ﴿إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلا إِنَاثًا﴾ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلان، أَنْبَأَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ [[في ر، أ: "أنبأنا الحسين".]] بْنُ وَاقِدٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: ﴿إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلا إِنَاثًا﴾ قَالَ: مَعَ كُلِّ صَنَمٍ جنيَّة. وَحَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْبَاهِلِيُّ، عَنْ عَبْدِ العزيز بن محمد، عَنْ هِشَامٍ -يَعْنِي ابْنَ عُرْوَةَ -عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ: ﴿إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلا إِنَاثًا﴾ قَالَتْ: أَوْثَانًا. وَرَوَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، [[في أ: "عن".]] وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَمُجَاهِدٍ، وَأَبِي مَالِكٍ، وَالسُّدِّيِّ، وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ نَحْوُ ذَلِكَ. وَقَالَ جُوَيْبر عَنِ الضَّحَّاكِ فِي [قَوْلِهِ] [[زيادة من ر، أ.]] ﴿إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلا إِنَاثًا﴾ قَالَ الْمُشْرِكُونَ: إِنَّ الْمَلَائِكَةَ بَنَاتُ اللَّهِ، وَإِنَّمَا نَعْبُدُهُمْ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى، قَالَ: اتَّخَذُوهَا أَرْبَابًا وَصَوَّرُوهُنَّ صُوَرَ الْجَوَارِي، فَحَكَمُوا [[في أ: "فحلوا".]] وَقَلَّدُوا، وَقَالُوا: هَؤُلَاءِ يُشْبهن بَنَاتَ اللَّهِ الَّذِي نَعْبُدُهُ، يَعْنُونُ الْمَلَائِكَةَ. وَهَذَا التَّفْسِيرُ شبيه بقوله تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى. [مَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأخْرَى. أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأنْثَى. تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى. إِنْ هِيَ إِلا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنزلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ] [[زيادة من ر، أ، وفي هـ: "الآيات".]] ﴾ [النَّجْمِ: ١٩-٢٣] ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا [أشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ] [[زيادة من ر، أ، وفي هـ: "الآية".]] ﴾ [الزُّخْرُفِ: ١٩] ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ. سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ] [[زيادة من ر، أ، وفي هـ: "الآيتين".]] ﴾ [الصَّافَّاتِ: ١٥٨، ١٥٩] . وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ وَالضَّحَّاكُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلا إِنَاثًا﴾ قَالَ: يَعْنِي مَوْتَى. وَقَالَ مُبَارَكٌ -يَعْنِي ابْنَ فَضَالة -عَنِ الْحَسَنِ: ﴿إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلا إِنَاثًا﴾ قَالَ الْحَسَنُ: الْإِنَاثُ كُلُّ شَيْءٍ مَيِّتٍ لَيْسَ فِيهِ رُوحٌ، إِمَّا خَشَبَةٌ يَابِسَةٌ وَإِمَّا حَجَرٌ يَابِسٌ. وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حاتم وابن جرير، وهو غريب. * * * وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِنْ يَدْعُونَ إِلا شَيْطَانًا مَرِيدًا﴾ أَيْ: هُوَ الَّذِي أَمَرَهُمْ بِذَلِكَ وَحَسَّنَهُ لَهُمْ وَزَيَّنَهُ، وَهُمْ إِنَّمَا يَعْبُدُونَ إِبْلِيسَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَلا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ [إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ] [[زيادة من ر، أ، وفي هـ: "الآية".]] ﴾ [يس: ٦٠] وَقَالَ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنِ الْمَلَائِكَةِ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ ادَّعَوْا عِبَادَتَهُمْ فِي الدُّنْيَا: ﴿بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ﴾ [سَبَأٍ: ٤١] . * * * وَقَوْلُهُ: ﴿لَعَنَهُ اللَّهُ﴾ أَيْ: طَرَدَهُ وَأَبْعَدَهُ مِنْ رَحْمَتِهِ، وَأَخْرَجَهُ مِنْ جِوَارِهِ. وَقَالَ: ﴿لأتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا﴾ أَيْ: مُعَيَّنا مقدَّرًا مَعْلُومًا. قَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعُمِائَةٌ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ [[في ر: "وتسعين".]] إِلَى النَّارِ، وَوَاحِدٌ إِلَى الْجَنَّةِ. ﴿وَلأضِلَّنَّهُمْ﴾ أَيْ: عَنِ الْحَقِّ ﴿وَلأمَنِّيَنَّهُمْ﴾ أَيْ: أُزَيِّنُ لَهُمْ تَرْكَ التَّوْبَةِ، وَأَعِدُهُمُ الْأَمَانِيَ، وَآمُرُهُمْ بِالتَّسْوِيفِ وَالتَّأْخِيرِ، وَأَغُرُّهُمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ. * * * وَقَوْلُهُ: ﴿وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأنْعَامِ﴾ قَالَ قَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ وَغَيْرُهُمَا: يَعْنِي تَشْقِيقَهَا [[في ر: "يشققنها"، وفي أ: "نشققها".]] وَجَعْلَهَا سِمَةً وَعَلَامَةً لِلْبَحِيرَةِ وَالسَّائِبَةِ. ﴿وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَعْنِي بِذَلِكَ خِصَاءَ [[في ر: "خصى".]] الدَّوَابِّ. وَكَذَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَأَنَسٍ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَعِكْرِمَةَ، وَأَبِي عِيَاضٍ، وَأَبِي صَالِحٍ، وَقَتَادَةَ، وَالثَّوْرِيِّ. وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثٍ النَّهْيُ عن ذلك [[رواه ابن أبي شيبة في المصنف (١٢/٢٢٥) والبيهقي في السنن الكبرى (١٠/٢٤) من طريق نافع عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عن خصاء الخيل والبهائم" وقال ابن عمر: فيه نماء الخلق.]] . وقال الحسن ابن أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيُّ: يَعْنِي بِذَلِكَ الوَشْم. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ النَّهْيُ عَنِ الْوَشْمِ فِي الْوَجْهِ [[صحيح مسلم برقم (٢١١٧) عَنْ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عليه وسلم مر عليه حمار قد وسم في وجهه فقال: "لعن الله الذي وسمه".]] وَفِي لفظٍ: "لَعَنَ [[في د، ر، أ: "لعنة".]] اللَّهُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ". وَفِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ والمستوشِمات، وَالنَّامِصَاتِ والمُتَنَمِّصَاتِ، والمُتَفَلِّجات للحُسْن الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ قَالَ: أَلَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، يَعْنِي قَوْلَهُ: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الْحَشْرِ: ٧] [[صحيح البخاري برقم (٥٩٤٨) .]] . وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ، وَمُجَاهِدٌ، وَعِكْرِمَةُ أَيْضًا وَإِبْرَاهِيمُ النخَعي، وَالْحَسَنُ، وَقَتَادَةُ، وَالْحَكَمُ، وَالسُّدِّيُّ، وَالضَّحَّاكُ، وَعَطَاءٌ الخُراساني فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ يَعْنِي: دِينَ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ. وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ﴾ [الرُّومِ: ٣٠] عَلَى قَوْلِ مَنْ جَعَلَ ذَلِكَ أَمْرًا، أَيْ: لَا تُبَدِّلُوا فِطْرَةَ اللَّهِ، وَدَعُوا النَّاسَ عَلَى فِطْرَتِهِمْ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ [[صحيح البخاري برقم (١٣٨٥) ، وصحيح مسلم برقم (٢٦٥٨) .]] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ على الفِطْرَة، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدانه، ويُنَصِّرَانه، ويُمَجِّسَانه، كَمَا تُولَدُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعاء، هَلْ يَحُسّون فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ؟ " وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَار قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنِّي خلقتُ عِبَادِي حُنَفَاء، فَجَاءَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فْاجْتَالَتْهُم عَنْ دِينِهِمْ، وحَرّمت عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ [[في ر: "ما حللت".]] لَهُمْ" [[صحيح مسلم برقم (٢٨٦٥) .]] . * * * وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا﴾ أَيْ: فَقَدْ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَتِلْكَ خَسَارَةٌ لَا جَبْرَ لَهَا وَلَا اسْتِدْرَاكَ لِفَائِتِهَا. * * * وَقَوْلُهُ: ﴿يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلا غُرُورًا﴾ وَهَذَا [[في أ: "هذا".]] إِخْبَارٌ عَنِ الْوَاقِعِ؛ لِأَنَّ الشَّيْطَانَ يَعِدُ أَوْلِيَاءَهُ وَيُمَنِّيهِمْ بِأَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَقَدْ كَذَبَ وَافْتَرَى فِي ذَلِكَ؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلا غُرُورًا﴾ كَمَا قَالَ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ إِبْلِيسَ يَوْمَ الْمَعَادِ: ﴿وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ [إِلا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ] [[زيادة من ر، أ، وفي هـ" إلى قوله".]] إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [إِبْرَاهِيمَ: ٢٢] . * * * وَقَوْلُهُ: أَيِ: الْمُسْتَحْسِنُونَ لَهُ فِيمَا وَعَدَهُمْ وَمَنَّاهُمْ ﴿مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ﴾ أَيْ: مَصِيرُهُمْ وَمَآلُهُمْ يَوْمَ حِسَابِهِمْ ﴿وَلا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا﴾ أَيْ: لَيْسَ لَهُمْ عَنْهَا مَنْدُوحَةٌ وَلَا مَصْرِفٌ، وَلَا خَلَاصٌ وَلَا مَنَاصٌ. ثُمَّ ذَكَرَ حَالَ السُّعَدَاءِ الْأَتْقِيَاءِ وَمَا لَهُمْ فِي مَآلِهِمْ مِنَ الْكَرَامَةِ التَّامَّةِ، فَقَالَ: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ أَيْ: صَدّقت قُلُوبُهُمْ وَعَمِلَتْ جَوَارِحُهُمْ بِمَا أُمِرُوا بِهِ مِنَ الْخَيِّرَاتِ، وَتَرَكُوا مَا نُهُوا عَنْهُ مِنَ الْمُنْكَرَاتِ ﴿سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ﴾ أَيْ: يصرفونها حيث شاءوا وأين شاءوا ﴿خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ أَيْ: بِلَا زَوَالٍ وَلَا انْتِقَالٍ ﴿وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا﴾ أَيْ: هَذَا وَعْدٌ مِنَ اللَّهِ وَوَعْدُ اللَّهِ مَعْلُومٌ حَقِيقَةً أَنَّهُ وَاقِعٌ لَا مَحَالَةَ، وَلِهَذَا أَكَّدَهُ بِالْمَصْدَرِ الدَّالِّ عَلَى تَحْقِيقِ الْخَبَرِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: ﴿حَقًّا﴾ ثُمَّ قَال ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلا﴾ أَيْ: لَا أَحَدَ أَصْدَقُ مِنْهُ قَوْلًا وَخَبَرًا، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، وَلَا رَبَّ سِوَاهُ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يقول فِي خُطْبَتِهِ: "إِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كَلَامُ اللَّهِ، وَخَيْرَ الهَدْي هَدْي مُحَمَّدٍ ﷺ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثاتها، وَكُلَّ مُحْدَثة بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ".
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب