الباحث القرآني

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى فِي ذَمِّ الْمُنَافِقِينَ: ﴿فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ﴾ أَيْ: فَكَيْفَ بِهِمْ إِذَا سَاقَتْهُمُ الْمَقَادِيرُ إِلَيْكَ فِي مَصَائِبَ تَطْرُقُهُمْ بِسَبَبِ ذنوبهم واحتاجوا إليك في ذلك، ﴿ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا﴾ أَيْ: يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكَ وَيَحْلِفُونَ: مَا أَرَدْنَا بِذَهَابِنَا إِلَى غَيْرِكَ، وَتَحَاكُمِنَا إِلَى عَدَاكَ إِلَّا الْإِحْسَانَ وَالتَّوْفِيقَ، أَيِ: الْمُدَارَاةَ وَالْمُصَانَعَةَ، لَا اعْتِقَادًا مِنَّا صِحَّةَ تِلْكَ الْحُكُومَةِ، كَمَا أَخْبَرَنَا تَعَالَى عَنْهُمْ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى [أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ] [[زيادة من أ، وفي هـ: "إلى قوله".]] فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ﴾ [الْمَائِدَةِ:٥٢] . وَقَدْ قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ أَحْمَدُ بْنُ يَزِيدَ الحَوْطِيّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ: كَانَ أَبُو بَرْزَة الْأَسْلَمِيُّ كَاهِنًا يَقْضِي بَيْنَ الْيَهُودِ فِيمَا يَتَنَافَرُونَ فِيهِ فَتَنَافَرَ إِلَيْهِ نَاسٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزلَ مِنْ قَبْلِكَ [يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ] [[زيادة من أ.]] ﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿إِنْ أَرَدْنَا إِلا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا﴾ ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ﴾ [أَيْ] [[زيادة من د، أ.]] هَذَا الضَّرْبُ مِنَ النَّاسِ هُمُ الْمُنَافِقُونَ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ وَسَيَجْزِيهِمْ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ، فَاكْتَفِ بِهِ يَا مُحَمَّدُ فِيهِمْ، فَإِنَّ اللَّهَ عَالِمٌ بِظَوَاهِرِهِمْ وَبَوَاطِنِهِمْ؛ وَلِهَذَا قَالَ لَهُ: ﴿فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ﴾ أَيْ: لَا تُعَنِّفْهُمْ عَلَى مَا فِي قُلُوبِهِمْ ﴿وَعِظْهُمْ﴾ أَيْ: وَانْهَهُمْ [[في ر: "انههم".]] عَلَى مَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ النِّفَاقِ وَسَرَائِرِ الشَّرِّ ﴿وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلا بَلِيغًا﴾ أَيْ: وَانْصَحْهُمْ فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ بِكَلَامٍ بَلِيغٍ رَادِعٍ [[في ر: "وادع".]] لَهُمْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب