يَقُولُ تَعَالَى [مُخْبِرًا] [[زيادة من ت، س، أ.]] عَنْ عَظَمَتِهِ وَكِبْرِيَائِهِ، وَارْتِفَاعِ عَرْشِهِ الْعَظِيمِ الْعَالِي عَلَى جَمِيعِ مَخْلُوقَاتِهِ كَالسَّقْفِ لَهَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ [فَاصْبِرْ] ﴾ [الْمَعَارِجِ:٣، ٤] ، [[زيادة من ت.]] وَسَيَأْتِي بَيَانُ أَنَّ هَذِهِ مَسَافَةُ مَا بَيْنَ الْعَرْشِ إِلَى الْأَرْضِ السَّابِعَةِ، فِي قَوْلِ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ، وَهُوَ الْأَرْجَحُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ [تَعَالَى] [[زيادة من ت.]] . وَقَدْ ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ الْعَرْشَ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ، اتِّسَاعُ مَا بَيْنَ قُطْرَيْهِ مَسِيرَةَ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ. وَارْتِفَاعُهُ عَنِ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ مَسِيرَةَ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ "الْأَوْعَالِ" مَا يَدُلُّ عَلَى ارْتِفَاعِهِ عن [[في ت، س: "من".]] السموات السَّبْعِ بِشَيْءٍ عَظِيمٍ.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يُنزلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلا أَنَا [فَاتَّقُونِ] ﴾ [النَّحْلِ: ٢] [[في س: "فاعبدوه" وهو خطأ والصواب ما أثبتناه.]] ، وَكَقَوْلِهِ: ﴿وَإِنَّهُ لَتَنزيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ. نزلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ. عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ. [بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِين] ﴾ [الشُّعَرَاءِ: ١٩٢ -١٩٤] [[في ت: "إنه" وهو خطأ والصواب ما أثبتناه.]] [[زيادة من ت.]] ؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ﴾ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿يَوْمَ التَّلاقِ﴾ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، حَذَّرَ مِنْهُ عِبَادَهُ.
وَقَالَ ابْنُ جُرَيج: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَلْتَقِي فِيهِ آدَمُ وَآخِرُ وَلَدِهِ.
وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: يَلْتَقِي فِيهِ الْعِبَادُ.
وَقَالَ قَتَادَةُ، وَالسُّدِّيُّ، وَبِلَالُ بْنُ سَعْدٍ، وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ [[في ت: "قتادة وغيره".]] : يَلْتَقِي فِيهِ أَهْلُ السَّمَاءِ وَأَهْلُ الْأَرْضِ.
وَقَالَ قَتَادَةُ أَيْضًا: يَلْتَقِي فِيهِ أَهْلُ السَّمَاءِ وَأَهْلُ الْأَرْضِ، وَالْخَالِقُ وَالْخَلْقُ.
وَقَالَ مَيْمون بْنُ مِهْران: يَلْتَقِي [فِيهِ] [[زيادة من أ.]] الظَّالِمُ وَالْمَظْلُومُ.
وَقَدْ يُقَالُ: إِنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [[في ت، س: "التلاق".]] هُوَ يَشْمَلُ هَذَا كُلَّهُ، وَيَشْمَلُ أَنَّ كُلَّ عَامِلٍ سَيَلْقَى مَا عَمِلَ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ. كَمَا قَالَهُ آخَرُونَ.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ﴾ أَيْ: ظَاهِرُونَ بَادُونَ كُلُّهُمْ، لَا شَيْءَ يُكِنُّهُمْ وَلَا يُظِلُّهُمْ وَلَا يَسْتُرُهُمْ. وَلِهَذَا قَالَ: ﴿يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ﴾ أَيِ: الْجَمِيعُ فِي عِلْمِهِ عَلَى السَّوَاءِ.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ قَدْ تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ تَعَالَى [[في ت: "أن الله".]] يَطْوِي السموات وَالْأَرْضَ بِيَدِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، أَنَا الْجَبَّارُ، أَنَا الْمُتَكَبِّرُ، أَيْنَ مُلُوكُ الْأَرْضِ؟ أَيْنَ الْجَبَّارُونَ؟ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ؟ .
وَفِي حَدِيثِ الصُّورِ: أَنَّهُ تَعَالَى إِذَا قَبَضَ أَرْوَاحَ جَمِيعِ خَلْقِهِ، فَلَمْ يَبْقَ سِوَاهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، حِينَئِذٍ يَقُولُ: لِمَنِ الْمَلِكُ الْيَوْمَ؟ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ يُجِيبُ نَفْسَهُ قَائِلًا ﴿لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ أَيِ: الَّذِي هُوَ وَحْدَهُ قَدْ قَهَر كُلَّ شَيْءٍ وَغَلَبَهُ [[انظر حديث الصور بتمامه عند تفسير الآية: ٧٣ من سورة الأنعام.]] .
وَقَدْ قَالَ [[في ت: "وروى ابن أبي حاتم".]] ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ الدَّقَّاقُ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عُبَيْدَةَ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيهِ، حَدَّثَنَا أَبُو نَضْرة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا] [[زيادة من أ.]] قَالَ: يُنَادِي مُنَادٍ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ. فَيَسْمَعُهَا الْأَحْيَاءُ وَالْأَمْوَاتُ، قَالَ: وَيَنْزِلُ اللَّهُ [عَزَّ وَجَلَّ] [[زيادة من ت، أ.]] إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا وَيَقُولُ: ﴿لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ .
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ عَدْلِهِ فِي حُكْمِهِ بَيْنَ خَلْقِهِ، أَنَّهُ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ وَلَا مِنْ شَرٍّ، بَلْ يَجْزِي بِالْحَسَنَةِ عَشْرَ أَمْثَالِهَا، وَبِالسَّيِّئَةِ وَاحِدَةً؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ﴾ كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ [[في ت: "البخاري" وهو خطأ.]] ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ -فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ-أَنَّهُ قَالَ: "يَا عِبَادِي، إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا -إِلَى أَنْ قَالَ-: يَا عِبَادِي، إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا عَلَيْكُمْ [[في ت، س: "لكم".]] ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نَفْسَهُ" [[صحيح مسلم برقم (٢٥٧٧) .]] .
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ أَيْ: يُحَاسِبُ الْخَلَائِقَ كُلَّهُمْ، كَمَا يُحَاسِبُ نَفْسًا وَاحِدَةً، كَمَا قَالَ: ﴿مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ [لُقْمَانَ: ٢٨] ، وَقَالَ [تَعَالَى] [[زيادة من س.]] : ﴿وَمَا أَمْرُنَا إِلا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ﴾ [الْقَمَرِ: ٥٠] .
{"ayahs_start":15,"ayahs":["رَفِیعُ ٱلدَّرَجَـٰتِ ذُو ٱلۡعَرۡشِ یُلۡقِی ٱلرُّوحَ مِنۡ أَمۡرِهِۦ عَلَىٰ مَن یَشَاۤءُ مِنۡ عِبَادِهِۦ لِیُنذِرَ یَوۡمَ ٱلتَّلَاقِ","یَوۡمَ هُم بَـٰرِزُونَۖ لَا یَخۡفَىٰ عَلَى ٱللَّهِ مِنۡهُمۡ شَیۡءࣱۚ لِّمَنِ ٱلۡمُلۡكُ ٱلۡیَوۡمَۖ لِلَّهِ ٱلۡوَ ٰحِدِ ٱلۡقَهَّارِ","ٱلۡیَوۡمَ تُجۡزَىٰ كُلُّ نَفۡسِۭ بِمَا كَسَبَتۡۚ لَا ظُلۡمَ ٱلۡیَوۡمَۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِیعُ ٱلۡحِسَابِ"],"ayah":"رَفِیعُ ٱلدَّرَجَـٰتِ ذُو ٱلۡعَرۡشِ یُلۡقِی ٱلرُّوحَ مِنۡ أَمۡرِهِۦ عَلَىٰ مَن یَشَاۤءُ مِنۡ عِبَادِهِۦ لِیُنذِرَ یَوۡمَ ٱلتَّلَاقِ"}