هَذِهِ مَقَامَاتُ [[في ت: "مقدمات".]] الْوَحْيِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى جَنَابِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، وَهُوَ أَنَّهُ تَعَالَى تَارَةً يَقْذِفُ فِي رَوْعِ النَّبِيِّ ﷺ شَيْئًا لَا يَتَمَارَى فِيهِ أَنَّهُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، كَمَا جَاءَ فِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: "إِنَّ رُوح القُدُس نَفَثَ فِي رُوعي: إِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا وَأَجَلَهَا، فَاتَّقَوُا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ" [[ورواه البغوي في شرح السنة (١٤/٣٠٤) من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن زبيد اليامي عمن أخبره عن ابن مسعود به.]] .
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ﴾ كَمَا كَلَّمَ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَإِنَّهُ سَأَلَ الرُّؤْيَةَ بَعْدَ التَّكْلِيمِ، فَحُجِبَ عَنْهَا.
وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: "مَا كَلَّمَ اللَّهُ أَحَدًا إِلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، وَإِنَّهُ كَلَّمَ أَبَاكَ كِفَاحًا" الْحَدِيثَ [[رواه الترمذي في السنن برقم (٣٠١٠) وقال: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ".]] ، وَكَانَ [أَبُوهُ] [[زيادة من ت، أ.]] قَدْ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَلَكِنَّ هَذَا فِي عَالَمِ الْبَرْزَخِ، وَالْآيَةُ إِنَّمَا هِيَ فِي الدَّارِ [[في ت: "دار".]] الدُّنْيَا.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿أَوْ يُرْسِلَ رَسُولا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ﴾ كَمَا يُنْزِلُ جِبْرِيلَ [عَلَيْهِ السَّلَامُ] [[زيادة من م.]] وَغَيْرَهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ، عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، ﴿إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾ ، فَهُوَ عَلِيٌّ عَلِيمٌ خَبِيرٌ حَكِيمٌ.
* * *
وَقَوْلُهُ [[في ت: "فقوله".]] ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا﴾ يَعْنِي: الْقُرْآنَ، ﴿مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإيمَانُ﴾ أَيْ: عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي شُرِعَ لَكَ فِي الْقُرْآنِ، ﴿وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ﴾ أَيِ: الْقُرْآنَ ﴿نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا﴾ ، كَقَوْلِهِ: ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾ [فُصِّلَتْ:٤٤] .
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِنَّكَ﴾ [أَيْ] [[زيادة من م.]] يَا مُحَمَّدُ ﴿لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ ، وَهُوَ الْخُلُقُ [[في ت، م، أ: "الحق".]] الْقَوِيمُ. ثُمَّ فَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿صِرَاطِ اللَّهِ [الَّذِي] ﴾ [[زيادة من أ.]] أَيْ: شَرْعُهُ الَّذِي أَمَرَ بِهِ اللَّهُ، ﴿الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ﴾ أَيْ: رَبُّهُمَا وَمَالِكُهُمَا، وَالْمُتَصَرِّفُ فِيهِمَا، الْحَاكِمُ الَّذِي لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ، ﴿أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأمُورُ﴾ ، أَيْ: تَرْجِعُ الْأُمُورُ، فَيَفْصِلُهَا وَيَحْكُمُ فِيهَا.
آخِرُ تَفْسِيرِ سُورَةِ " [حم] [[زيادة من أ.]] الشورى" والحمد لله رب العالمين.
{"ayahs_start":51,"ayahs":["۞ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن یُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلَّا وَحۡیًا أَوۡ مِن وَرَاۤىِٕ حِجَابٍ أَوۡ یُرۡسِلَ رَسُولࣰا فَیُوحِیَ بِإِذۡنِهِۦ مَا یَشَاۤءُۚ إِنَّهُۥ عَلِیٌّ حَكِیمࣱ","وَكَذَ ٰلِكَ أَوۡحَیۡنَاۤ إِلَیۡكَ رُوحࣰا مِّنۡ أَمۡرِنَاۚ مَا كُنتَ تَدۡرِی مَا ٱلۡكِتَـٰبُ وَلَا ٱلۡإِیمَـٰنُ وَلَـٰكِن جَعَلۡنَـٰهُ نُورࣰا نَّهۡدِی بِهِۦ مَن نَّشَاۤءُ مِنۡ عِبَادِنَاۚ وَإِنَّكَ لَتَهۡدِیۤ إِلَىٰ صِرَ ٰطࣲ مُّسۡتَقِیمࣲ","صِرَ ٰطِ ٱللَّهِ ٱلَّذِی لَهُۥ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِۗ أَلَاۤ إِلَى ٱللَّهِ تَصِیرُ ٱلۡأُمُورُ"],"ayah":"۞ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن یُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلَّا وَحۡیًا أَوۡ مِن وَرَاۤىِٕ حِجَابٍ أَوۡ یُرۡسِلَ رَسُولࣰا فَیُوحِیَ بِإِذۡنِهِۦ مَا یَشَاۤءُۚ إِنَّهُۥ عَلِیٌّ حَكِیمࣱ"}