الباحث القرآني

لَمَّا ذَكَرَ [تَعَالَى] [[زيادة من أ.]] حَالَ السُّعَدَاءِ، ثَنَّى بِذِكْرِ الْأَشْقِيَاءِ، فَقَالَ: ﴿إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ. لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ﴾ أَيْ: سَاعَةً وَاحِدَةً ﴿وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ﴾ أَيْ: آيِسُونَ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ، ﴿وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ﴾ أَيْ: بِأَعْمَالِهِمُ السَّيِّئَةِ بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَجِ عَلَيْهِمْ وَإِرْسَالِ الرُّسُلِ إِلَيْهِمْ، فَكَذَّبُوا وَعَصَوْا، فَجُوزُوا بِذَلِكَ جَزَاءً وِفَاقًا، وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ. ﴿وَنَادَوْا يَامَالِكُ﴾ وَهُوَ: خَازِنُ النَّارِ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهال، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ [[في ت: "روى البخاري بإسناده".]] ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقْرَأُ عَلَى الْمِنْبَرِ: ﴿وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ﴾ [[صحيح البخاري برقم (٤٨١٩) .]] أَيْ: لِيَقْبِضْ أَرْوَاحَنَا فَيُرِيحَنَا مِمَّا نَحْنُ فِيهِ، فَإِنَّهُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا﴾ [فَاطِرٍ: ٣٦] . وَقَالَ: ﴿وَيَتَجَنَّبُهَا [[في م: "وسيجنبها".]] الأشْقَى. الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى. ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى﴾ [الْأَعْلَى: ١١ -١٣] ، فَلَمَّا سَأَلُوا أَنْ يَمُوتُوا أَجَابَهُمْ مَالِكٌ، ﴿قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ﴾ : قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَكَثَ أَلْفَ سَنَةٍ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ. أَيْ: لَا خُرُوجَ لَكُمْ مِنْهَا وَلَا مَحِيدَ لَكُمْ عَنْهَا. ثُمَّ ذَكَرَ سَبَبَ شِقْوَتِهِمْ وَهُوَ مُخَالَفَتُهُمْ لِلْحَقِّ وَمُعَانَدَتُهُمْ لَهُ فَقَالَ: ﴿لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ﴾ أَيْ: بَيَّنَّاهُ لَكُمْ وَوَضَّحْنَاهُ وَفَسَّرْنَاهُ، ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ﴾ أَيْ: وَلَكِنْ كَانَتْ سَجَايَاكُمْ لَا تَقْبَلُهُ وَلَا تُقْبِلُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا تَنْقَادُ لِلْبَاطِلِ وَتُعَظِّمُهُ، وَتَصِدُّ عَنِ الْحَقِّ وَتَأْبَاهُ، وَتُبْغِضُ أَهْلَهُ، فَعُودُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ بِالْمَلَامَةِ، وَانْدَمُوا حَيْثُ لَا تَنْفَعُكُمُ [[في ت، م: "لا تنفع".]] النَّدَامَةُ. ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: ﴿أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ: أَرَادُوا كَيْدَ شَرٍّ فَكِدْنَاهُمْ. وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مُجَاهِدٌ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ [النَّمْلِ:٥٠] ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا يَتَحَيَّلُونَ فِي رَدِّ الْحَقِّ بِالْبَاطِلِ بِحِيَلٍ وَمَكْرٍ يَسْلُكُونَهُ، فَكَادَهُمُ اللَّهُ، وَرَدَّ وَبَالَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ﴾ أَيْ: سَرَّهُمْ وَعَلَانِيَتَهُمْ، ﴿بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ﴾ أَيْ: نَحْنُ نَعْلَمُ مَا هُمْ عَلَيْهِ، وَالْمَلَائِكَةُ أَيْضًا يَكْتُبُونَ أَعْمَالَهُمْ، صَغِيرَهَا وَكَبِيرَهَا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب