الباحث القرآني

ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى ذَمّ الَّذِينَ يُنَادُونَهُ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ، وَهِيَ بُيُوتُ نِسَائِهِ، كَمَا يَصْنَعُ أَجْلَافُ الْأَعْرَابِ، فَقَالَ: ﴿أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾ ثُمَّ أَرْشَدَ إِلَى الْأَدَبِ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ﴾ أَيْ: لَكَانَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ الْخِيَرَةُ وَالْمَصْلَحَةُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. ثُمَّ قَالَ دَاعِيًا لَهُمْ إِلَى التَّوْبَةِ وَالْإِنَابَةِ: ﴿وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ وَقَدْ ذُكر أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ التَّمِيمِيِّ، فِيمَا أَوْرَدَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا وُهَيْب، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ الْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ؛ أَنَّهُ نَادَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، يَا مُحَمَّدُ -وَفِي رِوَايَةٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ-فَلَمْ يُجِبْهُ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ حَمْدِي لَزَيْنٌ، وَإِنَّ ذَمِّي لَشَيْنٌ، فَقَالَ: " ذَاكَ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ" [[المسند (٣/٤٨٨) ، وقال الهيثمي في المجمع (٧/١٠٨) : "إسناد أحمد رجاله رجال الصحيح إن كان أبو سلمة سمع من الأقرع بن حابس، وإلا فهو مرسل".]] . وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمَّارٍ الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْث الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ [[في ت: "وروى ابن جرير بسنده".]] ، عَنِ الْبَرَاءِ فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ﴾ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ [[في ت، أ: "رسول الله صلى الله عليه وسلم".]] فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ حَمْدِي زَيْنٌ، وَذَمِّي شَيْنٌ. فَقَالَ: "ذَاكَ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ" [[تفسير الطبري (٢٦/٧٧) .]] . وَهَكَذَا ذَكَرَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَقَتَادَةُ مُرْسَلًا. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَة قَالَ: كَانَ بِشْر بْنُ غَالِبٍ ولَبِيد بْنُ عُطَارِد -أَوْ بِشْرُ بْنُ عُطَارِدٍ وَلِبَيْدُ بْنُ غَالِبٍ-وَهُمَا عِنْدَ الْحَجَّاجِ جَالِسَانِ-فَقَالَ بِشْرُ بْنُ غَالِبٍ لِلَبِيدِ بْنِ عُطَارِدٍ: نَزَلَتْ فِي قَوْمِكَ بَنِي تَمِيمٍ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ﴾ قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ لَوْ عَلِمَ بِآخِرِ الْآيَةِ أَجَابَهُ: ﴿يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا﴾ [الْحُجُرَاتِ: ١٧] ، قَالُوا: أَسْلَمْنَا، وَلَمْ يُقَاتِلْكَ بَنُو أَسَدٍ [[تفسير الطبري (٢٦/٧٧) .]] . وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَمرو بْنُ عَلِيٍّ الْبَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ دَاوُدَ الطُّفَّاوِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ [[في م، أ: "سلمة".]] الْبَجَلِيِّ [[في ت: "وروى ابن جرير بسنده".]] ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: اجْتَمَعَ أُنَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ فَقَالُوا: انْطَلِقُوا بِنَا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ، فَإِنْ يَكُ نَبِيًّا فَنَحْنُ أَسْعَدُ النَّاسِ بِهِ، وَإِنْ يَكُ مَلِكًا نَعِشْ بِجَنَاحِهِ. قَالَ: فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالُوا، فَجَاءُوا إِلَى حُجْرَتِهِ فَجَعَلُوا يُنَادُونَهُ وَهُوَ فِي حُجْرَتِهِ: يَا مُحَمَّدُ، يَا مُحَمَّدُ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ [عَزَّ وَجَلَّ] [[زيادة من أ.]] : ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾ قَالَ: فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِأُذُنِي فَمَدَّهَا، فَجَعَلَ يَقُولُ: "لَقَدْ صَدَّقَ اللَّهُ قَوْلَكَ يَا زَيْدُ، لِقَدْ صَدَّقَ الله قولك يا زيد". وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَرَفَةَ، عَنِ الْمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، بِهِ [[تفسير الطبري (٢٦/٧٧) ورواه الطبراني في المعجم الكبير (٥/٢١٠) من طريق إسحاق بن راهويه عن معتمر بن سليمان به، قال الهيثمي في المجمع (٧/١٠٨) : "فيه داود الطفاوي وثقه ابن حبان، وضعفه ابن معين، وبقية رجاله ثقات".]] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب