الباحث القرآني

تَفْسِيرُ سُورَةِ النَّجْمِ وَهِيَ مَكِّيَّةٌ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنِي أَبُو أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أولُ سُورَةٍ أُنْزِلَتْ فِيهَا سَجْدة: ﴿والنَّجم﴾ ، قَالَ: فَسَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَسَجَدَ مَنْ خَلْفَهُ، إِلَّا رَجُلًا رَأَيْتُهُ أَخَذَ كَفًّا مِنْ تُرَاب فَسَجَدَ عَلَيْهِ، فَرَأَيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ قُتِل كَافِرًا، وَهُوَ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَف [[صحيح البخاري برقم (٤٨٦٣) .]] . وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا فِي مَوَاضِعَ، وَمُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، مِنْ طُرُقٍ، عَنِ أَبِي إِسْحَاقَ، بِهِ [[صحيح البخاري برقم (١٠٧٠، ٣٨٥٣، ٣٩٧٢) وصحيح مسلم برقم (٥٧٦) وسنن أبي داود برقم (١٤٠٦) وسنن النسائي (٢/١٦٠) .]] . وَقَوْلُهُ فِي الْمُمْتَنِعِ: إِنَّهُ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مُشْكِلٌ، فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الطَّرِيقِ أَنَّهُ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * * * قَالَ الشَّعْبِيُّ وَغَيْرُهُ: الْخَالِقُ يُقسِم بِمَا شَاءَ مِنْ خَلْقه، وَالْمَخْلُوقُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُقْسِمَ إِلَّا بِالْخَالِقِ. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ. وَاخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى﴾ فَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيح، عَنْ مُجَاهِدٍ: يَعْنِي بِالنَّجْمِ: الثُّريَّا إِذَا سَقَطَتْ مَعَ الْفَجْرِ. وَكَذَا رُوي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ. وَزَعَمَ السُّدِّيُّ أَنَّهَا الزُّهْرَةُ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى﴾ إِذَا رُمي بِهِ الشَّيَاطِينُ. وَهَذَا الْقَوْلُ لَهُ اتِّجَاهٌ. وَرَوَى الْأَعْمَشُ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى﴾ يَعْنِي: الْقُرْآنُ إِذَا نَزَلَ. وَهَذِهِ الْآيَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ. وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ. إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ. فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ. لَا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ. تَنزيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الْوَاقِعَةِ: ٧٥ -٨٠] . * * * وَقَوْلُهُ: ﴿مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى﴾ هَذَا هُوَ الْمُقْسَمُ عَلَيْهِ، وَهُوَ الشَّهَادَةُ لِلرَّسُولِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، بِأَنَّهُ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ، لَيْسَ بِضَالٍّ، وَهُوَ: الْجَاهِلُ الَّذِي يسلك على غير طريق بِغَيْرِ عِلْمٍ، وَالْغَاوِي: هُوَ الْعَالِمُ بِالْحَقِّ الْعَادِلُ عَنْهُ قَصْدًا إِلَى غَيْرِهِ، فَنَزَّهَ اللَّهُ [سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى] [[زيادة من م.]] رَسُولَهُ وشَرْعَه عَنْ مُشَابَهَةِ أَهْلِ [[في م: "أصحاب".]] الضَّلَالِ كَالنَّصَارَى وَطَرَائِقِ الْيَهُودِ، وَعَنْ [[في م: "وهي".]] عِلْمِ الشَّيْءِ وَكِتْمَانِهِ وَالْعَمَلِ بِخِلَافِهِ، بَلْ هُوَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، وَمَا بَعَثَهُ اللَّهُ بِهِ مِنَ الشَّرْعِ الْعَظِيمِ فِي غَايَةِ الِاسْتِقَامَةِ وَالِاعْتِدَالِ وَالسَّدَادِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى﴾ أَيْ: مَا يَقُولُ قَوْلًا عَنْ هَوًى وَغَرَضٍ، ﴿إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى﴾ أَيْ: إِنَّمَا يَقُولُ مَا أُمِرَ بِهِ، يُبَلِّغُهُ إِلَى النَّاسِ كَامِلًا موفَّرًا مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ، كَمَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ، حَدَّثَنَا حَرِيز بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَيْسَرَة، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ؛ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: "لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ بِشَفَاعَةِ رَجُلٍ لَيْسَ بِنَبِيٍّ مثلُ الْحَيَّيْنِ -أَوْ: مِثْلُ أَحَدِ الْحَيَّيْنِ-: رَبِيعة ومُضَر". فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رسول الله، أو ما رَبِيعَةُ مِنْ مُضَرَ؟ قَالَ: "إِنَّمَا أَقُولُ مَا أَقُولُ" [[المسند (٥/٢٥٧) وقال الهيثمي في المجمع (١٠/٣٨١) : "رجال أحمد رجال الصحيح غير عبد الرحمن بن ميسرة وهو ثقة".]] . وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيد اللَّهِ بْنِ الْأَخْنَسِ، أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَك، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: كُنْتُ أَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ أَسْمَعْهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أُرِيدُ حِفْظَهُ، فَنَهَتْنِي قُرَيْشٌ فَقَالُوا: إِنَّكَ تَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ تَسْمَعُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ، وَرَسُولِ اللَّهِ ﷺ بَشَرٌ، يَتَكَلَّمُ فِي الْغَضَبِ. فأمسكتُ عَنِ الْكِتَابِ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: "اكْتُبْ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا خَرَجَ مِنِّي إِلَّا حَقٌّ". وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ مُسَدَّد وَأَبِي بَكْرٍ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، كِلَاهُمَا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ القَطَّان، بِهِ [[المسند (٢/١٦٢) وسنن أبي داود برقم (٣٦٤٦) .]] . وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ عَجْلان، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرة، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "مَا أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّهُ الَّذِي مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، فَهُوَ الَّذِي لَا شَكّ فِيهِ". ثُمَّ قَالَ: لَا نَعْلَمُهُ يُروَى إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ [[مسند البزار برقم (٢٠٣) "كشف الأستار" وقال الهيثمي في المجمع (١/١٧٩) : "فيه أحمد بن منصور الرمادي وهو ثقة، وفيه كلام لا يضر وبقية رجاله رجال الصحيح، وعبد الله بن صالح مختلف فيه".]] . وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أنه قَالَ: "لَا أَقُولُ إِلَّا حَقًّا". قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: فَإِنَّكَ تُدَاعِبُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "إني لا أقول إلا حقا" [[المسند (٢/٣٤٠) ورواه الترمذي في السنن برقم (١٩٩٠) من طريق المقبري به وقال: "هذا حديث حسن صحيح".]] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب