الباحث القرآني

يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنِ الْمُشْرِكِينَ وَالْكُفَّارِ وَالْمُلْحِدِينَ أَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ لَا يُبْعَثُونَ: ﴿قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ﴾ أَيْ: لتُخْبَرُنَّ بِجَمِيعِ أَعْمَالِكُمْ، جَلِيلِهَا وَحَقِيرِهَا، صَغِيرِهَا وَكَبِيرِهَا، ﴿وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ أَيْ: بَعْثُكُمْ وَمُجَازَاتُكُمْ. وَهَذِهِ هِيَ الْآيَةُ الثَّالِثَةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ ﷺ أَنْ يُقْسِمَ بِرَبِّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، عَلَى وُقُوعِ الْمَعَادِ وَوُجُودِهِ فَالْأُولَى فِي سُورَةِ يُونُسَ: ﴿وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾ [يُونُسَ: ٥٣] وَالثَّانِيَةُ فِي سُورَةِ سَبَأٍ: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ﴾ الْآيَةَ [سبأ: ٣] وَالثَّالِثَةُ هِيَ هَذِهِ [ ﴿زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ ] [[زيادة من م فصل ١.]] ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: ﴿فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزلْنَا﴾ يَعْنِي: الْقُرْآنَ، ﴿وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ أَيْ: فَلَا تَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ أَعْمَالِكُمْ خَافِيَةٌ. * * * وَقَوْلُهُ: ﴿يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ﴾ وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يُجْمَعُ فِيهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، يُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي وينَفُذَهم الْبَصَرُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ﴾ [هُودٍ: ١٠٣] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿قُلْ إِنَّ الأوَّلِينَ وَالآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ﴾ [الْوَاقِعَةِ: ٤٩، ٥٠] * * * وَقَوْلُهُ: ﴿ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَغْبِنُونَ أَهْلَ النَّارِ. وَكَذَا قَالَ قَتَادَةُ وَمُجَاهِدٌ. وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: لَا غَبْنَ أعظمُ مِنْ أَنْ يُدْخَلَ هَؤُلَاءِ إِلَى الْجَنَّةِ، ويُذْهَب بِأُولَئِكَ إِلَى النَّارِ. قُلْتُ: وَقَدْ فُسِّرَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ مثلُ هَذِهِ [[في م: "هذا"، وفي أ: "ذلك".]] غَيْرَ مَرَّةٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب