الباحث القرآني

يَقُولُ تَعَالَى: كَمَا أَنْعَمْنَا عَلَيْكَ وَأَعْطَيْنَاكَ الشَّرْعَ الْمُسْتَقِيمَ وَالْخُلُقَ الْعَظِيمَ ﴿فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ﴾ ﴿وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَوْ تُرَخِّص لَهُمْ فَيُرَخِّصون. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: وَدُّوا لَوْ تَرْكَنُ إِلَى آلِهَتِهِمْ وَتَتْرُكُ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ. ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلافٍ مَهِينٍ﴾ وَذَلِكَ أَنَّ الْكَاذِبَ لِضَعْفِهِ وَمَهَانَتِهِ إِنَّمَا يَتَّقِي بِأَيْمَانِهِ الْكَاذِبَةِ الَّتِي يَجْتَرِئُ بِهَا عَلَى أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وَاسْتِعْمَالِهَا فِي كُلِّ وَقْتٍ فِي غَيْرِ محلها. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْمَهِينُ الْكَاذِبُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ الضَّعِيفُ الْقَلْبِ. قَالَ الْحَسَنُ: كُلَّ حَلَّافٍ مُكَابِرٍ مَهِينٍ ضَعِيفٍ. * * * وَقَوْلُهُ ﴿هَمَّازٍ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وقَتَادَةُ: يَعْنِي الِاغْتِيَابَ. ﴿مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ﴾ يَعْنِي: الَّذِي يَمْشِي بَيْنَ النَّاسِ، وَيُحَرِّشُ بَيْنَهُمْ وَيَنْقُلُ الْحَدِيثَ لِفَسَادِ ذَاتِ الْبَيْنِ وَهِيَ الْحَالِقَةُ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِقَبْرَيْنِ فَقَالَ: "إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ [[في أ: "لا يستبرئ".]] مِنَ الْبَوْلِ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ" الْحَدِيثَ. وَأَخْرَجَهُ بَقِيَّةُ الْجَمَاعَةِ فِي كُتُبِهِمْ، مِنْ طُرُقٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، بِهِ [[صحيح البخاري برقم (٢١٨) وصحيح مسلم برقم (٢٩٢) وسنن أبي داود برقم (٢٠) وسنن الترمذي برقم (٧٠) وسنن النسائي (١/٢٨) وسنن ابن ماجة برقم (٣٤٧) .]] . وَقَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمّام؛ أَنَّ حُذَيفة قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: "لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّات". رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ -إِلَّا ابْنُ مَاجَهْ-مِنْ طُرُقٍ، عَنِ إِبْرَاهِيمَ، بِهِ [[المسند (٥/٣٨٢) وصحيح البخاري برقم (٦٥٠٦) وصحيح مسلم برقم (١٠٥) وسنن أبي داود برقم (٤٨٧١) وسنن الترمذي برقم (٢٠٢٦) وسنن النسائي الكبري برقم (١١٦٤) .]] . وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: "لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ" يَعْنِي: نَمَّامًا [[المسند (٥/٣٨٩) .]] . وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ أَبُو سَعِيدٍ الْأَحْوَلُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ -مُنْذُ نَحْوِ سِتِّينَ سَنَةً-عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ عَلَى حُذَيْفَةَ فَقِيلَ: إِنَّ هَذَا يَرْفَعُ الْحَدِيثَ إِلَى الْأُمَرَاءِ. فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقُولُ -أَوْ: قَالَ-: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ" [[المسند (٥/٣٨٩) .]] . وَقَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا هَاشِمٌ، حَدَّثَنَا مَهْدِيٌّ، عَنْ وَاصِلٍ الْأَحْدَبِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: بَلَغَ حُذَيْفَةَ عَنْ رَجُلٍ أَنَّهُ يَنُمُّ الْحَدِيثَ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ: "لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ نَمَّامٌ" [[المسند (٥/٣٩١) .]] . وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَنَا مَعْمَر، عَنِ ابْنِ خُثَيم، عَنْ شَهْر بْنِ حَوْشَب، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ؛ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: "أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخِيَارِكُمْ؟ ". قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "الذين إذا رُؤوا ذُكر اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ". ثُمَّ قَالَ: "أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِشِرَارِكُمْ؟ الْمَشَّاءُونَ بِالنَّمِيمَةِ، الْمُفْسِدُونَ بَيْنَ الْأَحِبَّةِ، وَالْبَاغُونَ لِلْبُرَآءِ العَنَت". وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمٍ، عن ابن خُثَيم، به [[المسند (٦/٤٥٩) وسنن ابن ماجة برقم (٤١١٩) وقال البوصيري في الزوائد (٣/٢٧٣) : "هذا إسناد حسن، شهر وسويد مختلف فيهما، وباقي رجال الإسناد ثقات".]] . وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَين، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْم -يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ ﷺ: "خِيَارُ عِبَادِ اللَّهِ الذين إذا رؤوا ذكر الله، وشرار عباد الله المشاؤون بِالنَّمِيمَةِ، الْمُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْأَحِبَّةِ، الْبَاغُونَ لِلْبُرَآءِ الْعَنَتَ" [[المسند (٤/٢٢٧) .]] * * * وَقَوْلُهُ ﴿مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ﴾ أَيْ: يَمْنَعُ ما عليه وما لديه من الخير ﴿ِ مُعْتَدٍ﴾ فِي مُتَنَاوَلِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ، يَتَجَاوَزُ فِيهَا الْحَدَّ الْمَشْرُوعَ ﴿أَثِيمٍ﴾ أَيْ: يَتَنَاوَلُ الْمُحَرَّمَاتِ. * * * وَقَوْلُهُ: ﴿عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ﴾ أَمَّا الْعُتُلُّ: فَهُوَ الْفَظُّ الْغَلِيظُ الصَّحِيحُ، الْجَمُوعُ المَنُوعُ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا وَكِيع وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَعْبَد [[في أ: "سعيد".]] بْنِ خَالِدٍ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "أَلَّا أُنَبِّئُكُمْ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ؟ كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعَّف لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ، أَلَّا أُنَبِّئُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ؟ كُلُّ عُتل جَوّاظ مُسْتَكْبِرٍ". وَقَالَ وَكِيع: "كُلُّ جَوَّاظ جعظري مستكبر". أخرجاه في الصحيحين بَقِيَّةُ الْجَمَاعَةِ، إِلَّا أَبَا دَاوُدَ، مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَشُعْبَةَ، كِلَاهُمَا عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ، بِهِ [[المسند (٤/٣٠٦) وصحيح البخاري برقم (٤٩١٨) وصحيح مسلم برقم (٢٨٥٣) وسنن الترمذي برقم (٢٦٠٥) وسنن النسائي الكبرى برقم (١١٦١٥) وسنن ابن ماجة برقم (٤١١٦) .]] . وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا: حَدَّثَنَا أَبُو عبد الرحمن، حدثنا موسى بن علي قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يحدِّث عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ؛ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ عِنْدَ ذِكْرِ أَهْلِ النَّارِ: "كُلُّ جَعْظَرِيٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ جَمَّاعٍ مَنَّاعٍ". تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ [[المسند (٢/١٦٩) وقال الهيثمي في المجمع (١٠/٣٩٣) : "رجاله رجال الصحيح".]] . قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: الْجَعْظَرِيُّ: الفَظُّ الغَليظ، والجَوّاظ: الجَمُوع المَنُوع. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا وَكِيع، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ، عَنْ شَهْر بْنِ حَوْشب، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْم، قَالَ: سُئل رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنِ العُتلِّ الزَّنِيمِ، فَقَالَ: "هُوَ الشَّدِيدُ الخَلْق الْمُصَحَّحُ، الْأَكُولُ الشَّرُوبُ، الْوَاجِدُ لِلطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، الظَّلُومُ لِلنَّاسِ، رَحِيبُ الْجَوْفِ" [[المسند (٤/٢٢٧) وقال الهيثمي في المجمع (١٠/٣٩٣) : "إسناده حسن، إلا أن ابن غنم لم يسمع مِنَ النَّبِيِّ ﷺ" وَقَالَ في موضع آخر (٧/١٢٨) : "فيه شهر بن حوشب وثقه جماعة وفيه ضعف، وعبد الرحمن بن غنم ليس له صحبة على الصحيح".]] . وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ الجَواظ الْجَعْظَرِيُّ، الْعُتُلُّ الزَّنِيمُ" [[المسند (٤/٢٢٧) .]] وَقَدْ أَرْسَلَهُ أَيْضًا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ التَّابِعِينَ. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمر، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "تَبْكِي السَّمَاءُ مِنْ عَبْدٍ أَصَحَّ اللَّهُ جِسْمَهُ، وَأَرْحَبَ جَوْفَهُ، وَأَعْطَاهُ مِنَ الدُّنْيَا مِقضَمًا فَكَانَ لِلنَّاسِ ظَلُومًا. قَالَ: فَذَلِكَ العُتُل [[في م، أ: "العبد".]] الزنيم" [[تفسير الطبري (١٩/١٦) وهو مرسل.]] . وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقَيْنِ مُرْسَلَيْنِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ، مِنْهُمْ مُجَاهِدٌ، وَعِكْرِمَةُ، وَالْحَسَنُ، وقَتَادَةُ، وَغَيْرُهُمْ: أَنَّ الْعُتُلَّ هُوَ: المُصحَّح الخَلْق، الشَّدِيدُ الْقَوِيُّ فِي الْمَأْكَلِ وَالْمَشْرَبِ وَالْمَنْكَحِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَأَمَّا الزَّنِيمُ فَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ، حَدَّثَنَا عُبَيد اللَّهِ، عَنْ [[في أ: "بن".]] إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي حَصِين، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ﴾ قَالَ: رجلٌ مِنْ قُرَيْشٍ لَهُ زَنمة مِثْلُ زَنَمة الشَّاةِ. وَمَعْنَى هَذَا: أَنَّهُ كَانَ مَشْهُورًا بِالشَّرِّ [[في أ: "بالسوء".]] كَشُهْرَةِ الشَّاةِ ذَاتِ الزَّنَمَةِ مِنْ بَيْنِ أَخَوَاتِهَا. وَإِنَّمَا الزَّنِيمُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ: هُوَ الدّعِيُّ فِي الْقَوْمِ. قَالَهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ، قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ، يَعْنِي يَذُمُّ بَعْضَ كُفَّارِ قُرَيْشٍ: وأنتَ زَنيم نِيطَ فِي آلِ هَاشِمٍ ... كَمَا نِيطَ خَلْفَ الرّاكِب القَدَحُ الفَرْدُ [[تفسير الطبري (١٩/١٧) .]] وَقَالَ آخَرُ: زَنيمٌ لَيْسَ يُعرَفُ مَن أبوهُ ... بَغيُّ الْأُمِّ ذُو حَسَب لَئيم ... وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ خَالِدٍ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عِكْرِمَة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿زَنِيمٍ﴾ قَالَ: الدعيُّ الْفَاحِشُ اللَّئِيمُ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: زَنيمٌ تَداعاه الرجالُ زيادَةً ... كَما زيدَ فِي عَرضِ الْأَدِيمِ الأكَارعُ [[البيت في اللسان، مادة "زنم" منسوبًا إلى الخطيم التميمي.]] وَقَالَ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الزَّنِيمُ: الدَّعِيُّ. وَيُقَالُ: الزَّنِيمُ: رَجُلٌ كَانَتْ بِهِ زَنَمَةٌ، يُعْرَفُ بِهَا. وَيُقَالُ: هُوَ الْأَخْنَسُ بْنُ شَريق الثَّقَفِيُّ، حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ. وَزَعَمَ أُنَاسٌ مِنْ بَنِي زُهْرَةَ أَنَّ الزَّنِيمَ الأسودُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ الزُّهْرِيُّ، وَلَيْسَ بِهِ. وَقَالَ ابْنِ أَبِي نَجِيح، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ زَعَمَ أَنَّ الزَّنِيمَ المُلحَق النَّسَبِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنِي يُونُسُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسيَّب، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ﴾ قَالَ سَعِيدٌ: هُوَ الْمُلْصَقُ بِالْقَوْمِ، لَيْسَ مِنْهُمْ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ قُدَامَةَ قَالَ: سُئِلَ عِكْرِمَةُ عَنِ الزَّنِيمِ، قَالَ: هُوَ وَلَدُ الزِّنَا. وَقَالَ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ﴾ قَالَ: يُعْرَفُ الْمُؤْمِنُ مِنَ الْكَافِرِ مِثْلُ الشَّاةِ الزَّنْمَاءِ. وَالزَّنْمَاءُ مِنَ الشِّيَاهِ: الَّتِي فِي عُنُقِهَا هَنتان مُعَلَّقَتَانِ فِي حَلْقِهَا. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: الزَّنِيمُ: الَّذِي يُعْرَفُ بِالشَّرِّ كَمَا تُعْرَفُ الشَّاةُ بِزَنَمَتِهَا. وَالزَّنِيمُ: الملصق. رواه ابن جرير. وَرَوَى أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الزَّنِيمِ: قَالَ: نُعِتَ فَلَمْ يُعْرَفْ حَتَّى قِيلَ: زَنِيمٌ. قَالَ: وَكَانَتْ لَهُ زَنَمَةٌ فِي عُنُقِهِ يُعرَف بِهَا. وَقَالَ آخَرُونَ: كَانَ دَعيًا. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَصْحَابِ التَّفْسِيرِ قَالُوا [[في أ: "قال".]] هُوَ الَّذِي تَكُونُ لَهُ زَنَمَة مِثْلُ زَنَمَةِ الشَّاةِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: كَانَتْ لَهُ زَنَمَة فِي أَصْلِ أُذُنِهِ، وَيُقَالُ: هُوَ اللَّئِيمُ الْمُلْصَقُ فِي النَّسَبِ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: هُوَ الْمُرِيبُ الَّذِي يُعْرَفُ بِالشَّرِّ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الزَّنِيمُ الَّذِي يُعْرَفُ بِهَذَا الْوَصْفِ كَمَا تُعْرَفُ الشَّاةُ. وَقَالَ أَبُو رَزِين: الزَّنِيمُ عَلَامَةُ الْكُفْرِ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: الزَّنِيمُ الَّذِي يُعْرَفُ بِاللُّؤْمِ كَمَا تُعْرَفُ الشَّاةُ بِزَنَمَتِهَا. وَالْأَقْوَالُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ، وَتَرْجِعُ إِلَى مَا قُلْنَاهُ، وَهُوَ أَنَّ الزَّنِيمَ هُوَ: الْمَشْهُورُ بِالشَّرِّ، الَّذِي يُعْرَفُ بِهِ مِنْ بَيْنِ الناس، وغالبًا يكون دعيًا وله زِنًا، فَإِنَّهُ فِي الْغَالِبِ يَتَسَلَّطُ الشَّيْطَانُ عَلَيْهِ مَا لَا يَتَسَلَّطُ عَلَى غَيْرِهِ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: "لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَلَدُ زِنًا" [[رواه الإمام أحمد في المسند (٢/٢٠٣) مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، رَضِيَ الله عنه، ورواه النسائي في السنن الكبرى برقم (٤٩٢٥، ٤٩٢٦) من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، وقد ذكره ابن الجوزي في الموضوعات (٣/١١١) قال: "وفيه مخالفة للأصول وأعظمها قوله تعالى: "ولا تزر وازرة أخرى". قال الإمام ابن القيم متعقبًا على ابن الجوزي في المنارالمنيف (ص١٣٣) : "ليست معرضة بها إن صحت، فإنه لم يحرم الجنة بفعل والديه، بل لأن النطفة الخبيثة لا يتخلق منها طيب في الغالب، ولا يدخل الجنة إلا نفس طيبة، فإن كانت في هذا الجنس طيبة دخلت الجنة، وكان الحديث من العام المخصوص، وقد ورد في ذمة: "أنه شر الثلاثة" وهو حديث حسن ومعناه صحيح بهذا الاعتبار، فإن شر الأبوين عارض، وهذه نطفة خبيثة فشره في أصله وشر الأبوين في فعلهما". قلت: ويوجه أيضًا بالتقييد الذي في حديث عائشة الآتي بأنه شر الثلاثة إذا عمل عمل أبويه، وكلام ابن الجوزي منطبق على حديث: "ولد الزنا في النار إلى سبعة أبناء". وهو موضوع.]] وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: "وَلَدُ الزِّنَا شَرُّ الثَّلَاثَةِ إِذَا عَمِلَ بِعَمَلِ أَبَوَيْهِ" [[رواه الإمام أحمد (٦/١٠٩) من حديث عائشة، رضي الله عنها، و (٢/٣١١) من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه.]] . * * * وَقَوْلُهُ: ﴿أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ﴾ يَقُولُ تَعَالَى: هَذَا مُقَابَلَةُ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ الْمَالِ وَالْبَنِينَ، كَفَرَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَعْرَضَ عَنْهَا، وَزَعَمَ أَنَّهَا كَذب مَأْخُوذٌ مِنْ أَسَاطِيرِ الْأَوَّلِينَ، كَقَوْلِهِ: ﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا وَجَعَلْتُ لَهُ مَالا مَمْدُودًا وَبَنِينَ شُهُودًا وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ كَلا إِنَّهُ كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيدًا سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هَذَا إِلا قَوْلُ الْبَشَرِ﴾ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿سَأُصْلِيهِ سَقَرَ﴾ [المدثر: ١١ -٢٦] . قال تعالى هاهنا: ﴿سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ﴾ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: سَنَبِينُ أَمْرَهُ بَيَانًا وَاضِحًا، حَتَّى يَعْرِفُوهُ وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِمْ، كَمَا لَا تَخْفَى السِّمَةُ عَلَى الْخَرَاطِيمِ [[في م: "على الخرطوم".]] وَهَكَذَا قَالَ قَتَادَةُ: ﴿سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ﴾ شَيْنٌ لا يفارقه آخر ما عليه. وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: سِيمَا [[في م: "سنسمه سيما".]] عَلَى أَنْفِهِ. وَكَذَا قَالَ السُّدِّيُّ. وَقَالَ الْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ﴾ يُقَاتِلُ يَوْمَ بَدْرٍ، فيُخطم بِالسَّيْفِ فِي الْقِتَالِ. وَقَالَ آخَرُونَ: ﴿سَنَسِمُهُ﴾ سِمَةَ أَهْلِ النَّارِ، يَعْنِي نُسَوِّدُ وَجْهَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَعَبَّرَ عَنِ الْوَجْهِ بِالْخُرْطُومِ. حَكَى ذَلِكَ كُلَّهُ أبو جعفر ابن جَرِيرٍ، وَمَالَ إِلَى أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنَ اجْتِمَاعِ الْجَمِيعِ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَهُوَ مُتّجه. وَقَدْ [[في م: "ولهذا".]] قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي سُورَةِ ﴿عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ﴾ حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ حَدَّثَنِي خَالِدٌ عَنْ [[في م، أ، هـ: " بن" والصواب ما أثبتناه من المعجم الكبير للطبراني.]] سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عِيسَى بْنِ هِلَالٍ الصَّدَفِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: "إِنَّ الْعَبْدَ يُكْتَبُ مُؤْمِنًا أَحْقَابًا ثُمَّ أَحْقَابًا [[في أ: "أحيانا ثم أحيانا".]] ثُمَّ يَمُوتُ وَاللَّهُ عَلَيْهِ سَاخِطٌ. وَإِنَّ الْعَبْدَ يُكْتَبُ كَافِرًا أَحْقَابًا ثُمَّ أَحْقَابًا، ثُمَّ يَمُوتُ وَاللَّهُ عَلَيْهِ [[في م: "عنه".]] رَاضٍ. وَمَنْ مَاتَ هَمَّازًا لمَّازًا مُلَقَّبا للناس، كان علامته يوم القيامة أن يسميه اللَّهُ عَلَى الْخُرْطُومِ، مِنْ كِلَا الشَّفَتَيْنِ" [[ورواه الطبراني في المعجم الكبير برقم (٦٠) "القطعة المفقودة" والمعجم الأوسط برقم (٣٢٣٤) "مجمع البحرين" عن المطلب الأزدى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ بِهِ. وَقَالَ في الأوسط: "لا يروى عن عبد الله بن عمرو إلا بهذا الإسناد، تفرد به الليث".]] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب