الباحث القرآني

يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ إِعْذَارِهِ إِلَى الْمُشْرِكِينَ بِإِرْسَالِ الرَّسُولِ إِلَيْهِمْ بِالْكِتَابِ الَّذِي جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ، وَأَنَّهُ كِتَابٌ مُفَصَّلٌ مُبِينٌ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ [مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ] ﴾ [[زيادة من ك، م.]] الْآيَةَ [هُودٍ:١] . * * * وَقَوْلُهُ: ﴿فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ﴾ [[في ك: "علم للعالمين" وهو خطأ.]] أَيْ: عَلَى عِلْمٍ مِنَّا بِمَا فَصَّلْنَاهُ بِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿أَنزلَهُ بِعِلْمِهِ﴾ [النِّسَاءِ:١٦٦] قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَهَذِهِ الْآيَةُ مَرْدُودَةٌ عَلَى قَوْلِهِ: ﴿كِتَابٌ أُنزلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ [لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ [[زيادة من ك، م، وفي هـ "الآية".]] ] ﴾ [الْأَعْرَافِ:٢] ﴿وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ [فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ] ﴾ [[زيادة من ك، م.]] الْآيَةَ. وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّهُ قَدْ طَالَ الْفَصْلُ، وَلَا دَلِيلَ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنَّمَا لَمَّا أَخْبَرَ عَمَّا صَارُوا إِلَيْهِ مِنَ الْخَسَارِ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ، ذَكَرَ أَنَّهُ قَدْ أَزَاحَ عِلَلَهُمْ فِي الدَّارِ الدُّنْيَا، بِإِرْسَالِ الرُّسُلِ، وَإِنْزَالِ الْكُتُبِ، كَقَوْلِهِ: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا﴾ [الْإِسْرَاءِ:١٥] ؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا تَأْوِيلَهُ﴾ أَيْ: مَا وُعِدَ مِنَ الْعَذَابِ وَالنَّكَالِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ. قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُ وَاحِدٍ. وَقَالَ مَالِكٌ: ثَوَابَهُ. وَقَالَ الرَّبِيعُ: لَا يَزَالُ يَجِيءُ تَأْوِيلُهُ أَمْرٌ، حَتَّى يَتِمَّ يَوْمَ الْحِسَابِ، حَتَّى يَدْخُلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ، فَيَتِمُّ تَأْوِيلُهُ يَوْمَئِذٍ. ﴿يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ﴾ أَيْ: يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ - ﴿يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ﴾ أَيْ: تَرَكُوا الْعَمَلَ بِهِ، وَتَنَاسَوْهُ فِي الدَّارِ الدُّنْيَا: ﴿قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا﴾ أي: في خَلَاصِنَا مِمَّا نَحْنُ فِيهِ، ﴿أَوْ نُرَدُّ﴾ إِلَى الدَّارِ الدُّنْيَا ﴿فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ﴾ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ [الْأَنْعَامِ:٢٧، ٢٨] كَمَا قَالَ هَاهُنَا: ﴿قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ أَيْ: [قَدْ] [[زيادة من م.]] خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِدُخُولِهِمُ النَّارَ وَخُلُودِهِمْ فِيهِ، ﴿وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ أَيْ: ذَهَبَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَلَا يَنْصُرُونَهُمْ، وَلَا يَشْفَعُونَ لَهُمْ [[في ك، م: "فيهم".]] وَلَا يُنْقِذُونَهُمْ مِمَّا هُمْ فِيهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب