الباحث القرآني

يقول [تبارك و] [[زيادة من أ.]] تعالى: ﴿وَالْوَزْن﴾ أَيْ: لِلْأَعْمَالِ [[في ك: "الأعمال".]] يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴿الْحَق﴾ أَيْ: لَا يَظْلِمُ تَعَالَى أَحَدًا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ: ٤٧] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النِّسَاءِ: ٤٠] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ﴾ [الْقَارِعَةِ: ٦-١١] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ * فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ﴾ [الْمُؤْمِنُونَ: ١٠١ -١٠٣] . فَصْلٌ: وَالَّذِي يُوضَعُ فِي الْمِيزَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [[في ك: "يوم القيامة في الميزان".]] قِيلَ: الْأَعْمَالُ وَإِنْ كَانَتْ أَعْرَاضًا، إِلَّا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقْلِبُهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَجْسَامًا. قَالَ الْبَغَوِيُّ: يُرْوَى هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [[معالم التنزيل للبغوي (٣/٢١٥) .]] كَمَا جَاءَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّ "الْبَقَرَةَ" وَ "آلَ عِمْرَانَ" يَأْتِيَانِ [[في أ: "تأتيان".]] يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ -أَوْ: غيَايَتان -أَوْ فِرْقَان مِنْ طَيْرٍ صَوَافّ. مِنْ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحِ قِصَّةُ الْقُرْآنِ وَأَنَّهُ يَأْتِي صَاحِبَهُ فِي صُورَةِ شَابٍّ شَاحِبِ اللَّون، فَيَقُولُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَيَقُولُ: أَنَا الْقُرْآنُ الَّذِي أَسْهَرْتُ لَيْلَكَ وَأَظْمَأْتُ نَهَارَكَ [[ورواه أحمد في مسنده (٥/٣٤٨) وابن ماجه في السنن برقم (٣٧٨١) من طريق بشير بن المهاجر، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ بُرَيْدَةَ بْنِ الْحُصَيْبِ، رضي الله عنه، مرفوعا]] وَفِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ، فِي قِصَّةِ سُؤَالِ الْقَبْرِ: "فَيَأْتِي الْمُؤْمِنَ شابٌّ حَسَنُ اللَّوْنِ طَيِّبُ الرِّيحِ، فَيَقُولُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ" [[رواه أحمد في مسنده (٥/٢٨٧) .]] وَذَكَرَ عَكْسَهُ فِي شَأْنِ الْكَافِرِ وَالْمُنَافِقِ. وَقِيلَ: يُوزَنُ كِتَابُ الْأَعْمَالِ، كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ الْبِطَاقَةِ، فِي الرَّجُلِ الَّذِي يُؤْتَى بِهِ وَيُوضَعُ لَهُ فِي كِفَّة تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ سِجِلًّا كُلُّ سِجِلّ مَدّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يُؤْتَى بِتِلْكَ الْبِطَاقَةِ فِيهَا: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، وَمَا هَذِهِ الْبِطَاقَةُ مَعَ هَذِهِ السِّجِلَّاتِ؟ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّكَ لَا تُظلَم. فَتُوضَعُ تِلْكَ الْبِطَاقَةُ فِي كِفَّةِ الْمِيزَانِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "فَطاشَت السِّجِلَّاتُ، وثَقُلَتِ الْبِطَاقَةُ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِنَحْوٍ مِنْ هَذَا [[سنن الترمذي برقم (٢٦٣٩) ورواه ابن ماجة في السنن برقم (٢٦٣٩) والحاكم في المستدرك (١/٥٢٩) مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العاص، وقال الحاكم: "صحيح الإسناد على شرطهما ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي،]] وَصَحَّحَهُ. وَقِيلَ: يُوزَنُ صَاحِبُ الْعَمَلِ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ: "يُؤتَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالرَّجُلِ السَّمِين، فَلَا يَزِن عِنْدَ اللَّهِ جَنَاح بَعُوضَة" [[رواه البخاري في صحيحه برقم (٤٧٢٩) بنحوه من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه.]] ثُمَّ قَرَأَ: ﴿فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا﴾ [الْكَهْفِ: ١٠٥] . وَفِي مَنَاقِبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَتَعْجَبُونَ مِنْ دِقَّة ساقَيْهِ، فَوَالَّذِي [[في د، م: "والذي".]] نَفْسِي بِيَدِهِ لَهُمَا فِي الْمِيزَانِ أَثْقَلُ مِنْ أُحُدٍ" [[رواه أحمد في مسنده (١/٤٢٠) .]] وَقَدْ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الْآثَارِ بِأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كُلُّهُ صَحِيحًا، فَتَارَةً [[في ك: "وتارة".]] تُوزَنُ الْأَعْمَالُ، وَتَارَةً تُوزَنُ مَحَالُّهَا، وَتَارَةً يُوزَنُ فَاعِلُهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب