قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: هُمْ مِنْ سُلَالَةِ "مَدْيَنَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ". وَشُعَيْبٌ هُوَ ابْنُ مِيكِيلَ بْنِ يَشْجُرَ قَالَ: وَاسْمُهُ بِالسُّرْيَانِيَّةِ: "يَثْرُونُ".
قُلْتُ: وَتُطْلَقُ مَدِينُ عَلَى الْقَبِيلَةِ، وَعَلَى الْمَدِينَةِ، وَهِيَ الَّتِي بِقُرْبِ "مَعَان" مِنْ طَرِيقِ الْحِجَازِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ﴾ [الْقَصَصِ:٢٣] وَهُمْ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ، كَمَا سَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَبِهِ الثِّقَةُ.
﴿قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾ هَذِهِ دَعْوَةُ الرُّسُلِ كُلِّهِمْ، ﴿قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ أَيْ: قَدْ أَقَامَ اللَّهُ الْحُجَجَ وَالْبَيِّنَاتِ عَلَى صِدْقِ مَا جِئْتُكُمْ بِهِ. ثُمَّ وَعَظَهُمْ فِي مُعَامَلَتِهِمُ النَّاسَ بِأَنْ يُوفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ، وَلَا يَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ، أَيْ: لَا يَخُونُوا النَّاسَ فِي أَمْوَالِهِمْ وَيَأْخُذُوهَا عَلَى وَجْهِ الْبَخْسِ، وَهُوَ نَقْصُ الْمِكْيَالِ وَالْمِيزَانِ خفْية وَتَدْلِيسًا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * [الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ] [[زيادة من ك، م، وفي هـ: "إلى قوله".]] لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الْمُطَفِّفِينَ:١-٦] وَهَذَا تَهْدِيدٌ شَدِيدٌ، وَوَعِيدٌ أَكِيدٌ، نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ مِنْهُ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْ شُعَيْبٍ، الَّذِي يُقَالُ [[في م: "قال".]] لَهُ: "خَطِيبُ الْأَنْبِيَاءِ"، لِفَصَاحَةِ عِبَارَتِهِ، وَجَزَالَةِ مَوْعِظَتِهِ.
{"ayah":"وَإِلَىٰ مَدۡیَنَ أَخَاهُمۡ شُعَیۡبࣰاۚ قَالَ یَـٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُوا۟ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَـٰهٍ غَیۡرُهُۥۖ قَدۡ جَاۤءَتۡكُم بَیِّنَةࣱ مِّن رَّبِّكُمۡۖ فَأَوۡفُوا۟ ٱلۡكَیۡلَ وَٱلۡمِیزَانَ وَلَا تَبۡخَسُوا۟ ٱلنَّاسَ أَشۡیَاۤءَهُمۡ وَلَا تُفۡسِدُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ بَعۡدَ إِصۡلَـٰحِهَاۚ ذَ ٰلِكُمۡ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ"}