الباحث القرآني

يَقُولُ تَعَالَى لِلْكُفَّارِ ﴿إِنْ تَسْتَفْتِحُوا﴾ أَيْ: تَسْتَنْصِرُوا وَتَسْتَقْضُوا اللَّهَ وَتَسْتَحْكِمُوهُ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ أَعْدَائِكُمُ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَدْ جَاءَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ، كَمَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عبد الله بن ثعلبة بن صُغَيْر؛ أَنَّ أَبَا جَهْلٍ قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ: اللَّهُمَّ أَقْطَعُنَا لِلرَّحِمِ وَآتَانَا بِمَا لَا نَعْرِفُ [[في ك، م: "بما لم يعرف".]] فَأَحْنِهِ الْغَدَاةَ -وَكَانَ ذَلِكَ اسْتِفْتَاحًا مِنْهُ -فَنَزَلَتْ: ﴿إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ﴾ إِلَى آخَرِ الْآيَةِ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ -يَعْنِي ابْنَ هَارُونَ -أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ: أَنَّ أَبَا جَهْلٍ قَالَ حِينَ الْتَقَى الْقَوْمُ: اللَّهُمَّ، أَقْطَعُنَا لِلرَّحِمِ، وَآتَانَا بِمَا لَا نَعْرِفُ، فَأَحْنِهِ الْغَدَاةَ، فَكَانَ الْمُسْتَفْتِحَ. وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي التَّفْسِيرِ مِنْ حَدِيثِ، صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهِ وكذا رواه الحاكم فِي مُسْتَدْرَكِهِ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ، بِهِ [[المسند (٥/٤٣١) وسنن النسائي الكبرى برقم (١١٢٠١) والمستدرك (٢/٣٢٨) .]] وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ. وَرُوِيَ [نَحْوُ] [[زيادة من د، وفي ك، م، أ: "في هذا".]] هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَالضَّحَّاكِ، وقَتَادَةَ، وَيَزِيدَ بْنِ رُومَان، وَغَيْرِ وَاحِدٍ. وَقَالَ السُّدِّي: كَانَ الْمُشْرِكُونَ حِينَ خَرَجُوا مِنْ مَكَّةَ إِلَى بَدْر، أَخَذُوا بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَاسْتَنْصَرُوا اللَّهَ وَقَالُوا: اللَّهُمَّ انْصُرْ أَعْلَى الْجُنْدَيْنِ، وَأَكْرَمَ الْفِئَتَيْنِ، وَخَيْرَ الْقَبِيلَتَيْنِ. فَقَالَ اللَّهُ: ﴿إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ﴾ يَقُولُ: قَدْ نَصَرْتُ مَا قُلْتُمْ، وَهُوَ مُحَمَّدٍ ﷺ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْهُمْ: ﴿وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ [فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ] ﴾ [الْأَنْفَالِ: ٣٢] . [[زيادة من ك، م، أ، وفي هـ: "الآية".]] * * * وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِنْ تَنْتَهُوا﴾ أَيْ: عَمَّا أَنْتُمْ فِيهِ مِنَ الْكُفْرِ بِاللَّهِ وَالتَّكْذِيبِ لِرَسُولِهِ، ﴿فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ أَيْ: فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. [وَقَوْلُهُ] [[زيادة من د.]] ﴿وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ﴾ كَقَوْلِهِ [[في ك، م: "أي كقوله".]] ﴿وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا﴾ [الْإِسْرَاءِ: ٨] مَعْنَاهُ: وَإِنْ عُدْتُمْ إِلَى مَا كُنْتُمْ فِيهِ مِنَ الْكُفْرِ وَالضَّلَالَةِ، نَعُدْ لَكُمْ بِمِثْلِ هَذِهِ الْوَاقِعَةِ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: ﴿وَإِنْ تَعُودُوا﴾ أَيْ: إِلَى الِاسْتِفْتَاحِ ﴿نَعُدْ﴾ إِلَى الْفَتْحِ لِمُحَمَّدٍ ﷺ، وَالنَّصْرِ لَهُ، وَتَظْفِيرِهِ عَلَى أَعْدَائِهِ، وَالْأَوَّلُ أَقْوَى. ﴿وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ﴾ أَيْ: وَلَوْ جَمَعْتُمْ مِنَ الْجُمُوعِ مَا عَسَى أَنْ تَجْمَعُوا، فَإِنَّ مَنْ كَانَ اللَّهُ مَعَهُ فَلَا غَالِبَ لَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ، وَهُمُ الْحِزْبُ النَّبَوِيُّ، وَالْجَنَابُ الْمُصْطَفَوِيُّ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب