الباحث القرآني

تَفْسِيرُ سُورَةِ الِانْفِطَارِ وَهِيَ مَكِّيَّةٌ. قَالَ النَّسَائِيُّ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَدَامَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دثَار، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَامَ مُعَاذٌ فَصَلَّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ فَطَوَّلَ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "أَفَتَّانٌ يَا مُعَاذُ؟! [أَفَتَّانٌ يَا مُعَاذُ؟!] [[زيادة من سنن النسائي.]] أَيْنَ كُنْتَ عَنْ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَالضُّحَى، وَإِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ؟! " [[سنن النسائي الكبرى برقم (١١٦٥٢) .]] . وَأَصْلُ الْحَدِيثِ مُخَرَّجٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ [[صحيح البخاري برقم (٧٠٠، ٧١١) وصحيح مسلم برقم (٤٦٥) .]] وَلَكِنْ ذُكَر " إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ " فِي [[في م، أ: "من".]] أَفْرَادِ النَّسَائِيِّ. وَتَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "مَنْ سَرَّه أَنْ يَنْظُرَ إِلَى الْقِيَامَةِ رأي عين فليقرأ: " إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ " و " إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ " وَ " إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ " " [[تقدم تخريج الحديث عند تفسير سورة التكوير، وهو في سنن الترمذي برقم (٣٣٣٣) .]] . بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * * * يَقُولُ تَعَالَى: ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ﴾ أَيِ: انْشَقَّتْ. كَمَا قَالَ: ﴿السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِه﴾ [الزُّمَرِ: ١٨] . ﴿وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ﴾ أَيْ: تَسَاقَطَتْ. ﴿وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ﴾ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَجَّرَ اللَّهُ بَعْضَهَا فِي بَعْضٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ: فَجَّرَ اللَّهُ بَعْضَهَا فِي بَعْضٍ، فَذَهَبَ مَاؤُهَا. وَقَالَ قَتَادَةُ: اخْتَلَطَ مَالِحُهَا بِعَذْبِهَا. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: مُلِئَتْ. ﴿وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَت﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بُحِثَت. وَقَالَ السُّدِّيُّ: تُبَعثر: تُحرّك فَيَخْرُجُ مَنْ فِيهَا. ﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ﴾ أَيْ: إِذَا كَانَ هَذَا حَصَل هَذَا. وقوله: ﴿يَاأَيُّهَا الإنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ﴾ ؟ : هَذَا تَهْدِيدٌ، لا كما يتوهمه بعض الناس مِنْ أَنَّهُ إِرْشَادٌ إِلَى الْجَوَابِ؛ حَيْثُ قَالَ: ﴿الْكَرِيمِ﴾ حَتَّى يَقُولَ قَائِلُهُمْ: غَرَّهُ كَرَمُهُ. بَلِ الْمَعْنَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ: مَا غَرَّكَ يَا ابْنَ آدَمَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ-أَيِ: الْعَظِيمِ-حَتَّى أَقْدَمْتَ عَلَى مَعْصِيَتِهِ، وَقَابَلْتَهُ بِمَا لَا يَلِيقُ؟ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: "يَقُولُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: ابْنَ [[في م: "يا ابن".]] آدَمَ، مَا غَرَّكَ بِي؟ ابْنَ آدَمَ، مَاذَا أجبتَ الْمُرْسَلِينَ؟ ". قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: أَنَّ عُمَرَ سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ: ﴿يَاأَيُّهَا الإنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ﴾ فَقَالَ عُمَرُ: الْجَهْلُ [[ذكره السيوطي في الدر المنثور (٨/٤٣٩) وعزاه لابن المنذر وسعيد بن منصور أيضا.]] . وَقَالَ أَيْضًا: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ شَبَّة، حَدَّثَنَا أَبُو خَلَفٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى الْبَكَّاءُ، سَمِعْتُ ابن عمر يقول وقرأ هذه الآية: ﴿يَاأَيُّهَا الإنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ﴾ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: غَرَّهُ-وَاللَّهِ-جَهْلُهُ. قَالَ: ورُوي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالرَّبِيعِ بْنِ خُثَيم [[في أ: "خيثم".]] وَالْحَسَنِ، مِثْلُ ذَلِكَ. وَقَالَ قَتَادَةُ: ﴿مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ﴾ شيءٌ، مَا غَرّ ابْنَ آدَمَ غَيْرُ هَذَا الْعَدْوِ الشَّيْطَانِ. وَقَالَ الْفَضِيلُ بْنُ عِيَاضٍ: لَوْ قَالَ لِي:"مَا غَرَّكَ بِي [[في أ: "بربك".]] لَقُلْتُ: سُتُورك المُرخاة. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْوَرَّاقُ: لَوْ قَالَ لِي: ﴿مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ﴾ لَقُلْتُ: غَرَّنِي كَرَمُ الْكَرِيمِ. قَالَ الْبَغَوِيُّ: وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْإِشَارَةِ: إِنَّمَا قَالَ: ﴿بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ﴾ دُونَ سَائِرِ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، كَأَنَّهُ لَقَّنَهُ الْإِجَابَةَ [[معالم التنزيل للبغوي (٨/٣٥٦) .]] . وَهَذَا الَّذِي تَخَيَّلَهُ هَذَا الْقَائِلُ لَيْسَ بِطَائِلٍ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَتَى بِاسْمِهِ ﴿الْكَرِيم﴾ ؛ لِيُنَبِّهَ [[في أ: "للتنبيه".]] عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَابَل الْكَرِيمُ بِالْأَفْعَالِ الْقَبِيحَةِ، وَأَعْمَالِ السُّوءِ. وَ [قَدْ] [[زيادة من م.]] حَكَى الْبَغَوِيُّ، عَنِ الْكَلْبِيِّ وَمُقَاتِلٍ أَنَّهُمَا قَالَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْأَسْوَدِ بْنِ شَريق، ضَرَبَ النَّبِيَّ ﷺ وَلَمْ يُعَاقَبْ فِي الْحَالَةِ الرَّاهِنَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ﴾ ؟ [[معالم التنزيل للبغوي (٨/٣٥٦) .]] . * * * وَقَوْلُهُ: ﴿الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ﴾ أَيْ: مَا غَرَّكَ بِالرَّبِّ الْكَرِيمِ ﴿الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ﴾ أَيْ: جَعَلَكَ سَويا مُعْتَدِلَ الْقَامَةِ مُنْتَصِبَهَا، فِي أَحْسَنِ الْهَيْئَاتِ وَالْأَشْكَالِ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا حَريزُ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَيسرة، عَنْ جُبير ابن نُفَير، عَنْ بُسْر بْنِ جحَاش الْقُرَشِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَصَقَ يَوْمًا فِي كَفِّهِ، فَوَضَعَ عَلَيْهَا أُصْبُعَهُ، ثُمَّ قَالَ: "قَالَ اللَه عَزَّ وَجَلَّ: ابْنَ [[في م: "يا ابن".]] آدَمَ أنَّى تُعجِزني وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ مِثْلِ هَذِهِ؟ حتى إِذَا سَوّيتك وَعَدَلْتُكَ، مَشَيْتَ بَيْنَ بُرْدَيْنِ وَلِلْأَرْضِ مِنْكَ وَئِيدٌ، فجَمَعت ومَنعت، حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِي قلتَ: أتصدقُ، وأنَّى أوانُ الصَّدَقَةِ". وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ حَريز بْنِ عُثْمَانَ، بِهِ [[المسند (٤/٢١٠) وسنن ابن ماجة برقم (٢٧٠٧) وقال البوصيري في الزوائد (٢/٣٦٥) : "إسناد صحيح رجاله ثقات".]] . قَالَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ أَبُو الْحَجَّاجِ المزِّي: وَتَابَعَهُ يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَيْسَرَةَ [[تحفة الأشراف للمزي (٢/٩٧) .]] . * * * وَقَوْلُهُ: ﴿فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ: فِي أَيِّ شَبَه أَبٍ أَوْ أُمٍّ أَوْ خَالٍ أَوْ عَمٍّ؟ وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْقَزَّازُ، حَدَّثَنَا مُطَهَّر بْنُ الْهَيْثَمِ، حَدَّثَنَا مُوسَى بنُ عُلَيِّ بْنِ رَبَاح، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لَهُ: "مَا وُلِدَ لَكَ؟ " قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا عَسَى أَنْ يُولَد لِي؟ إِمَّا غُلَامٌ وَإِمَّا جَارِيَةٌ. قَالَ: "فَمَنْ يُشْبِهُ؟ ". قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ عَسَى أَنْ يُشْبِهَ؟ إِمَّا أَبَاهُ وَإِمَّا أُمَّهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ عِنْدَهَا: "مَهْ. لَا تقولَنَّ هَكَذَا، إِنَّ النُّطْفَةَ إِذَا اسْتَقَرَّتْ فِي الرَّحِمِ أَحْضَرَهَا اللَّهُ كُلَّ نَسَبٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ آدَمَ؟ أَمَا قَرَأْتَ هَذِهِ الْآيَةَ فِي كِتَابِ اللَّهِ: ﴿فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ﴾ " قَالَ: سَلَكك [[في م: "شكلك".]] . وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالطَّبَرَانِيُّ، مِنْ حَدِيثِ مُطهر بْنِ الْهَيْثَمِ، بِهِ [[المعجم الكبير (٥/٧٤) .]] وَهَذَا الْحَدِيثُ لَوْ صَحَّ لَكَانَ فَيْصَلًا فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَلَكِنَّ إِسْنَادَهُ لَيْسَ بِالثَّابِتِ؛ لَأَنَّ "مُطَهَّر بْنَ الْهَيْثَمِ" قَالَ فِيهِ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ: كَانَ مَتْرُوكَ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يُرْوى عَنْ مُوسَى بْنِ عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ مَا لَا يُشبهُ حَديثَ الْأَثْبَاتِ. وَلَكِنْ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيرة أَنَّ رَجُلا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدت غُلامًا أسودَ؟. قَالَ: "هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟ ". قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: "فَمَا أَلْوَانُهَا؟ " قَالَ: حُمر. قَالَ: "فَهَلْ فِيهَا مَنْ أورَق؟ " قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: "فَأَنَّى أَتَاهَا ذَلِكَ؟ " قَالَ: عَسَى أَنْ يَكُونَ نَزْعَةَ عِرْق. قَالَ: "وَهَذَا عَسَى أَنْ يَكُونَ نَزْعَةَ عِرْقٍ" [[صحيح البخاري برقم (٥٣٠٥) وصحيح مسلم برقم (١٥٠٠) .]] . وَقَدْ قَالَ عِكْرِمَةُ فِي قَوْلِهِ: ﴿فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ﴾ إِنْ شَاءَ فِي صُورَةِ قِرْدٍ، وَإِنْ شَاءَ فِي صُورَةٍ خِنْزِيرٍ. وَكَذَا قَالَ أَبُو صَالِحٍ: إِنْ شَاءَ فِي صُورَةِ كَلْبٍ، وَإِنْ شَاءَ فِي صُورَةِ حِمَارٍ، وَإِنْ شَاءَ فِي صُورَةِ خِنْزِيرٍ. وَقَالَ قَتَادَةُ: ﴿فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ﴾ قَالَ: قَادِرٌ-وَاللَّهِ -رَبُّنَا عَلَى ذَلِكَ. وَمَعْنَى هَذَا الْقَوْلِ عِنْدَ هَؤُلَاءِ: أَنَّ اللَّهَ، عَزَّ وَجَلَّ، قَادِرٌ عَلَى خَلْقِ النُّطْفَةِ عَلَى شكل قبيح من الحيوانات الْمُنْكَرَةِ الْخَلْقِ، وَلَكِنْ بِقُدْرَتِهِ وَلُطْفِهِ وَحِلْمِهِ يَخْلُقُهُ عَلَى شَكْلٍ حَسَنٍ مُسْتَقِيمٍ مُعْتَدِلٍ تَامٍّ، حَسَن الْمَنْظَرِ وَالْهَيْئَةِ. * * * وَقَوْلُهُ: ﴿كَلا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ﴾ أَيْ: بَلْ إِنَّمَا يَحْمِلُكُمْ عَلَى مُوَاجَهَةِ الْكَرِيمِ وَمُقَابَلَتِهِ بِالْمَعَاصِي، تَكْذِيبٌ فِي قُلُوبِكُمْ بِالْمَعَادِ وَالْجَزَاءِ وَالْحِسَابِ. * * * وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ﴾ يَعْنِي: وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَمَلَائِكَةً حَفَظَة كِرَامًا فَلَا تُقَابِلُوهُمْ بِالْقَبَائِحِ، فَإِنَّهُمْ يَكْتُبُونَ عَلَيْكُمْ جَمِيعَ أَعْمَالِكُمْ. قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الطُّنَافِسِيّ، حَدَّثَنَا وَكيع، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ومِسْعَر، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَد، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ:: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "أَكْرِمُوا الكرام الكاتبين الذين لا يفارقونكم إلا عند إِحْدَى حَالَتَيْنِ: الْجَنَابَةِ وَالْغَائِطِ. فَإِذَا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَتِرْ بِحَرَمِ حَائِطٍ أَوْ بِبَعِيرِهِ، أَوْ لِيَسْتُرْهُ أَخُوهُ". وَقَدْ رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ، فَوَصَلَهُ بِلَفْظٍ آخَرَ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ كَرَامَةَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ حَفْصِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ عَنِ التعرِّي، فَاسْتَحْيُوا مِنْ مَلَائِكَةِ اللَّهِ الَّذِينَ مَعَكُمْ، الْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ، الَّذِينَ لَا يُفَارقونكم إِلَّا عِنْدَ إِحْدَى ثَلَاثِ حَالَاتٍ: الْغَائِطِ، وَالْجَنَابَةِ، وَالْغُسْلِ. فَإِذَا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمْ بِالْعَرَاءِ فَلْيَسْتَتِرْ بِثَوْبِهِ، أَوْ بِحَرَمِ حَائِطٍ، أَوْ بِبَعِيرِهِ". ثُمَّ قَالَ: حَفْصُ بْنُ سُلَيْمَانَ لَيِّنُ الْحَدِيثِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ، وَاحْتُمِلَ حَدِيثُهُ [[مسند البزار برقم (٣١٧) "كشف الأستار".]] . وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا مُبَشّر بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْحَلَبِيُّ، حَدَّثَنَا تمام ابن نَجِيح، عَنِ الْحَسَنِ-يَعْنِي الْبَصْرِيَّ-عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "مَا مِنْ حَافِظَيْنِ يَرْفَعَانِ إِلَى اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، مَا حَفِظَا فِي يَوْمٍ، فَيَرَى فِي أَوَّلِ الصَّحِيفَةِ وَفِي آخِرِهَا اسْتِغْفَارٌ إِلَّا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي مَا بَيْنَ طَرَفَيِ الصَّحِيفَةِ". ثُمَّ قَالَ:تَفَرَّدَ بِهِ تَمَّامُ بْنُ نَجِيحٍ، وَهُوَ صَالِحُ الْحَدِيثِ [[مسند البزار برقم (٣٢٥٢) "كشف الأستار".]] . قُلْتُ: وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَضَعَّفَهُ الْبُخَارِيُّ، وَأَبُو زُرْعة، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ عَدِيٍّ. وَرَمَاهُ ابْنُ حِبَّانَ بِالْوَضْعِ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: لَا أَعْرِفُ حَقِيقَةَ أَمْرِهِ. وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْبَغْدَادِيُّ الْمَعْرُوفُ بالقُلُوسِي [[في مسند البزار: "الفلوسي" نسبة إلى الفلوس.]] حَدَّثَنَا بَيَانُ بْنُ حِمْرَانَ [[في أ: "عمران".]] حَدَّثَنَا سَلَامٌ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيرة قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً [[في م: "إن ملائكة الله".]] يَعْرِفُونَ بَنِي آدَمَ-وَأَحْسَبُهُ قَالَ: وَيَعْرِفُونَ أَعْمَالَهُمْ-فَإِذَا نَظَرُوا إِلَى عَبْدٍ يَعْمَلُ بِطَاعَةِ اللَّهِ ذَكَرُوهُ بَيْنَهُمْ وسَمَّوه، وَقَالُوا: أَفْلَحَ اللَّيْلَةَ فُلَانٌ، نَجَا اللَّيْلَةَ فُلَانٌ. وَإِذَا نَظَرُوا إِلَى عَبْدٍ يَعْمَلُ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ وَذَكَرُوهُ بَيْنَهُمْ وَسَمَّوْهُ، وقالوا:هلك الليلة فلان". ثُمَّ قَالَ الْبَزَّارُ: سَلَامٌ هَذَا، أَحْسَبُهُ سَلَامٌ الْمَدَائِنِيُّ، وَهُوَ لَيِّنُ الْحَدِيثِ [[مسند البزار برقم (٢١٩٥) "كشف الأستار".]] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب