الباحث القرآني

يَقُولُ تَعَالَى: أَوَلَا يَرَى هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ [[في ك، أ: "المنافقين".]] ﴿أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ﴾ أَيْ: يُخْتَبَرُونَ ﴿فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾ أَيْ: لَا يَتُوبُونَ مِنْ ذُنُوبِهِمُ السَّالِفَةِ، وَلَا هُمْ يَذْكُرُونَ فِيمَا يَسْتَقْبِلُ مِنْ أَحْوَالِهِمْ. قَالَ مُجَاهِدٌ: يُخْتَبَرُونَ بالسَّنة وَالْجُوعِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: بِالْغَزْوِ فِي السَّنَةِ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ. وَقَالَ شَرِيكٌ، عَنْ جَابِرٍ -هُوَ الْجُعْفِيُّ -عَنْ أَبِي الضُّحى، عَنْ حُذَيْفَةَ: ﴿أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ﴾ قَالَ: كُنَّا نَسْمَعُ فِي كُلِّ عَامٍ كِذْبَةً أَوْ كِذْبَتَيْنِ، فَيَضِلُّ بِهَا فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ كَثِيرٌ. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ أَنَسٍ: "لَا يَزْدَادُ الْأَمْرُ إِلَّا شِدَّةً، وَلَا يَزْدَادُ النَّاسُ إِلَّا شُحًّا، وَمَا مِنْ عَامٍ إِلَّا وَالَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ"، سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ ﷺ. [[هذا الحديث مركب من حديثين عن أنس: الأول: رواه ابن ماجه في السنن برقم (٤٠٣٩) والحاكم في المستدرك (٤/٤٤١) من طريق محمد بن خالد الجندي، عن أبان ابن صالح، عن الحسن، عن أنس رضي الله عنه مرفوعا: "لا يزداد الأمر إلا شدة، ولا الدنيا إلا إدبارا، ولا الناس إلا شحا، ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس، وما المهدى إلا عيسى ابن مريم" ففيه ضعف ونكارة بينهما المؤلف - الحافظ ابن كثير في النهاية في الفتن والملاحم (١/٣٢) . وأما الثاني: فرواه البخاري في صحيحه برقم (٧٠٦٨) من طريق سفيان عن الزبير بن عدي قال: أتينا أنس بن مالك فشكونا إليه ما يلقون من الحجاج، فقال: "اصبروا فإنه لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده أشر منه حتى تلقوا ربكم" سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ ﷺ.]] * * * وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِذَا مَا أُنزلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ﴾ [[في ت: "رآكم".]] هَذَا أَيْضًا إِخْبَارٌ عَنِ الْمُنَافِقِينَ أَنَّهُمْ إِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، ﴿نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ﴾ أَيْ: تَلَفَّتُوا، ﴿هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا﴾ أَيْ: تَوَلَّوْا عَنِ الْحَقِّ وَانْصَرَفُوا عَنْهُ، وَهَذَا حَالُهُمْ فِي الدِّينِ لَا يَثْبُتُونَ عِنْدَ الْحَقِّ وَلَا يَقْبَلُونَهُ وَلَا يُقِيمُونَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ. كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ. فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ﴾ [الْمُدَّثِّرِ: ٤٩-٥١] ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ. عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ﴾ [الْمَعَارِجِ:٣٦، ٣٧] ، أَيْ: مَا لِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ يُتَقَلَّلُونَ عَنْكَ يَمِينًا وَشِمَالًا هُرُوبًا مِنَ الْحَقِّ، وَذَهَابًا إِلَى الْبَاطِلِ. * * * وَقَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ﴾ كَقَوْلِهِ: ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ﴾ [الصف: ٥] ، ﴿بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ﴾ أَيْ: لَا يَفْهَمُونَ عَنِ اللَّهِ خِطَابَهُ، وَلَا يَقْصِدُونَ لِفَهْمِهِ وَلَا يُرِيدُونَهُ، بَلْ هُمْ فِي شَدَهٍ [[في ت، ك، أ: "شغل".]] عَنْهُ وَنُفُورٍ مِنْهُ فَلِهَذَا صَارُوا إِلَى مَا صَارُوا إِلَيْهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب