الباحث القرآني

يَقُولُ تَعَالَى: ﴿وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ﴾ أَيْ: مَعَكَ إِلَى الْغَزْوِ ﴿لأعَدُّوا لَهُ عُدَّةً﴾ أَيْ: لَكَانُوا تَأَهَّبُوا لَهُ، ﴿وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ﴾ أَيْ: أَبْغَضَ أَنْ يَخْرُجُوا مَعَكَ [[في ت، ك: "معكم".]] قَدرًا، ﴿فَثَبَّطَهُمْ﴾ أَيْ: أَخَّرَهُمْ، ﴿وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ﴾ أَيْ: قدرًا. ثُمَّ بَيَّنَ [اللَّهُ تَعَالَى] [[زيادة من ك.]] وَجْهَ كَرَاهِيَتِهِ لِخُرُوجِهِمْ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ: ﴿لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلا خَبَالا﴾ أَيْ: لِأَنَّهُمْ جُبَنَاءُ مَخْذُولُونَ، ﴿وَلأوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ﴾ أَيْ: وَلَأَسْرَعُوا السَّيْرَ وَالْمَشْيَ بَيْنَكُمْ بِالنَّمِيمَةِ وَالْبَغْضَاءِ وَالْفِتْنَةِ، ﴿وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ﴾ أَيْ: مُطِيعُونَ لَهُمْ وَمُسْتَحْسِنُونَ لِحَدِيثِهِمْ وَكَلَامِهِمْ، يَسْتَنْصِحُونَهُمْ وَإِنْ كَانُوا لَا يَعْلَمُونَ حَالَهُمْ، فَيُؤَدِّي هَذَا إِلَى وُقُوعِ شَرٍّ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَفَسَادٍ كَبِيرٍ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَابْنُ جَرِيرٍ: ﴿وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ﴾ أَيْ: عُيُونٌ يَسْمَعُونَ لَهُمُ الْأَخْبَارَ وَيَنْقُلُونَهَا إِلَيْهِمْ. وَهَذَا لَا يَبْقَى لَهُ اخْتِصَاصٌ بِخُرُوجِهِمْ مَعَهُمْ، بَلْ هَذَا عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ، وَالْمَعْنَى الْأَوَّلُ أَظْهَرُ فِي الْمُنَاسَبَةِ بِالسِّيَاقِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ قَتَادَةُ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: كَانَ فِيمَا بَلَغَنِي -مَنِ اسْتَأْذَنَ -مِنْ ذَوِي الشَّرَفِ مِنْهُمْ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ ابْنِ سَلُولَ والجَدُّ بْنُ قَيْسٍ، وَكَانُوا أَشْرَافًا فِي قَوْمِهِمْ، فَثَبَّطَهُمُ اللَّهُ، لِعِلْمِهِ بِهِمْ: أَنْ يَخْرُجُوا مَعَهُ [[في ت: "معهم".]] فَيُفْسِدُوا عَلَيْهِ جُنْدَهُ، وَكَانَ فِي جُنْدِهِ قَوْمٌ أَهْلُ مَحَبَّةٍ لَهُمْ وَطَاعَةٍ فِيمَا يَدْعُونَهُمْ إِلَيْهِ، لِشَرَفِهِمْ فِيهِمْ، فَقَالَ: ﴿وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ﴾ [[رواه الطبري في تفسيره (١٤/٢٨١) .]] ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى عَنْ تَمَامِ عِلْمِهِ فَقَالَ: ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾ فَأَخْبَرَ بِأَنَّهُ [يَعْلَمُ] [[زيادة من ت، ك.]] مَا كَانَ، وَمَا يَكُونُ، وَمَا لَمْ يَكُنْ لَوْ كَانَ كَيْفَ كَانَ يَكُونُ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: ﴿لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلا خَبَالا﴾ فَأَخْبَرَ عَنْ حَالِهِمْ كَيْفَ يَكُونُ لَوْ خَرَجُوا وَمَعَ هَذَا مَا خَرَجُوا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ [الْأَنْعَامِ: ٢٨] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾ [الْأَنْفَالِ: ٢٣] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا وَإِذًا لآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا﴾ [النِّسَاءِ: ٦٦-٦٨] وَالْآيَاتُ فِي هَذَا كثيرة.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب