الباحث القرآني

ثم قال الله عز وجل: ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ﴾ كم هذه؟ ﴿مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ﴾ سبعة، إلا إن كنت تريد أن تجعل الذهب والفضة واحدة، الذهب والفضة اثنان. ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ﴾، أي: جُعِل هذا الشيء زينًا في قلوبهم، ومَن الذي زيّن؟ هل المزَيِّن الله عز وجل؟ أو المزين الشيطان؟ المزين هو الله، وقد أضاف الله التزيين إلى نفسه في عدة آيات ﴿كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ﴾ [الأنعام ١٠٨]، ﴿إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ﴾ [النمل ٤]. وأضاف التزيين أيضًا إلى الشيطان: ﴿وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ﴾ [النمل ٢٤]، لكن تزيين الشيطان إنما كان بالنسبة لأعمال هؤلاء، يعني زين لهم الأعمال، أما الأشياء المخلوقة فالذي يزينها هو الله عز وجل. ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ﴾ أي: زيّنها الله عز وجل في قلوبهم ابتلاءً واختبارًا؛ لأنه لولا تزيين هذه الأشياء في قلوب الناس ما عُرِف المؤمن حقًّا، لو كان الإنسان لا يهتم بمثل هذه الأمور لم يكن له ما يصده عن دين الله، فإذا أُلْقِي في قلبه حب هذه الشهوات فإن قوي الإيمان لا يقدمها على محبة الله عز وجل. ألم تروا إلى قول الرسول عليه الصلاة والسلام: «رَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللهَ» »[[متفق عليه؛ أخرجه البخاري (١٤٢٣)، ومسلم (١٠٣١ / ٩١) من حديث أبي هريرة.]]؟ هذا ممن يظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، والمرأة ذات المنصب والجمال هي من أشد ما يتعلق بالإنسان في النساء، منصب وجمال، ومع ذلك قال: إني أخاف الله، ودعته في موضع خالٍ ليس فيه أحد؛ لأنه لو كان فيه أحد لقال: عندنا أحد كيف تقولين ها الكلام هذا؟ لكن قال: إني أخاف الله، الموضع خال فالموانع منتفية، وأسباب الفاحشة موجودة متوفرة، ومع ذلك قال: إني أخاف الله، إذن فهذا التزيين نقول: إنه ابتلاء واختبار من الله عز وجل. قال: ﴿حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ﴾، ولم يقل: حب النساء، الشهوات، يعني أن يتزوج الإنسان المرأة لمجرد الشهوة لا لأمر آخر، ولهذا هل يدخل في هذا رسول الله ﷺ؟ ويقال: إنه ممن زُيِّن له حب الشهوات؟ لا؛ لأنه عليه الصلاة والسلام لم يتزوج امرأة بكرًا، ولو كان يريد الشهوة لاختار الأبكار الجميلات ولا يمنعه مانع من ذلك، ولكنه قال: «حُبِّبَ إِلَيَّ مِنْ دُنْيَاكُمُ النِّسَاءُ وَالطِّيبُ»[[أخرجه النسائي (٣٩٣٩) من حديث أنس.]]؛ لما في اختيار النساء من قِبَله عليه الصلاة والسلام من المصالح العظيمة كاتصاله بالناس وقبائل العرب، وكذلك نشر العلم عن طريق النساء، لا سيما العلوم البيتية التي لا يطلع عليه إلا النساء، إلى غير ذلك من المصالح، المهم أن الآية تقول: ﴿حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ﴾، ولم يقل: حب النساء؛ لأن تزيين حب النساء إذا كان لغير مجرد الشهوة قد يُحْمَد عليه الإنسان، لكن إذا كان لمجرد الشهوة فهذا من الفتنة، ولهذا قال: ﴿حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ﴾. الثاني: ﴿الْبَنِينَ﴾، أيضًا يحب البنين لا ليكون عونًا له على طاعة الله ولكن ليفتخر بهم، وكانوا في الجاهلية يفتخرون بالبنين ويتشاءمون من البنات، إذا بُشِّر أحدهم بالأنثى ماذا يكون حاله؟ ﴿ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (٥٨) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ﴾ [النحل ٥٨، ٥٩]: يختفي منهم مخافة المسبة، ثم يفكر ويقدر ﴿أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ﴾ [النحل ٥٩]، يعني: أيمسك هذا المولود وهو الأنثى على هُون وذُلّ وهضم لحقها، أم يدسه في التراب؟ يدفنها حية في التراب، قال الله تعالى: ﴿أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾ [النحل ٥٩]، المهم أن البنين لا شك أن كثيرًا من الناس زُيِّن لهم حب البنين شهوةً، وليس الشهوة الجنسية ولكن شهوة الفخر والشرف والأبهة، أنا أولادي عشرة، أنا عندي عشرون من الولد، وما أشبه ذلك. ﴿وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ﴾، القناطير المقنطرة، القناطير جمع قنطار، وما المراد بالقنطار؟ قيل: المراد به ألف مثقال ذهب، ألف مثقال ذهب، فإذا صارت قناطير تكون آلاف، مقنطرة: مُعْتَنًى بها، وقيل: إن القنطار ما يملأ مَسْك الثور، يعني جلد الثور من الذهب، وهذا أكثر من ألف مثقال؟ إي نعم، على كل حال ذكر الله تعالى هذه المبالغ من الذهب والفضة؛ لأنه كلما كثر المال في الغالب افتتن الإنسان به، كلما كثر افتتن الإنسان به، فإذا كانت قناطير مقنطرة من الذهب صارت الفتنة بها أشد، ﴿مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ﴾ نص عليهما لأنها أغلى ما يكون من الأموال، ولذلك تتعلق الرغبات بهذين الجوهرين: الذهب والفضة، حتى لو وُجِد جواهر نفيسة لا تجد تعلق القلوب بهذه الجواهر كتعلقها بالذهب والفضة، الآن يدلّسون على الذهب ويدلّسون على الفضة، يأتون بالأشياء مطلية باللون الأصفر، تقليدًا للذهب، وإلا ما هي ذهب؛ لأنهم يعرفون أن النفوس تندفع بقوة إلى الذهب ولها رغبة قوية في الذهب، والشاعر يقول: ؎رَأَيْــــتُ النَّــــاسَ قَــــدْذَهَبُــــــــــــــــوا ∗∗∗ إِلَــــــــى مَـــــــــنْ عِنْـــــــــدَهُذَهَــــــــــــــــبُ؎وَرَأيْــــتُ النَّــــاسَ قَــــدْمَالُـــــــــــــــوا ∗∗∗ إِلَـــــــى مَــــــــــنْ عِنْــــــــــدَهُمَــــــــــــــــــــــالُ يقول: ﴿مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ﴾، الذهب هو المعدن المعروف ذو اللون الأصفر، واشتهر أخيرًا عند الناس ما يسمونه بالذهب الأبيض، ولكن ليس هذا هو الذهب وإن كان عندهم أنه بمنزلة الذهب في الغلاء وتعلق النفوس به، لكنه ليس هو الذهب المعني في هذه الآية، والفضة أيضًا معدن معروف وجوهر مألوف لكنه أقل من الذهب. * طالب: شيخ ذكرت أن الرسول عليه الصلاة والسلام ما تزوج بكرًا؟ * الشيخ: لا، ما تزوج بكرًا في الغالب إلا عائشة فقط، عائشة تزوجها وهي بكر. * طالب: قلنا إنه أمر المؤمنين لا يتخذون الكافرين أولياء لكن في حال الدعوة يعني دعوتهم، يعني كيف إن الإنسان يجمع بين أنه ما يتخذه وليّ وبين أنه يريد أن يرغّبه في الإسلام؟ * الشيخ: اتخاذهم أولياء معناه أن يتولاهم وينصرهم، هذا اتخاذهم أولياء لا أن يتقرب إليهم لدعوتهم. * طالب: فإذا تقربنا إليهم لدعوتهم؟ * الشيخ: ألسنا نعطيهم من مال الزكاة؟ نعطيهم المال لنتألفهم على الإسلام، فأنا ما أتقرب إليه لأني أحب أن أقرب إليه شخصيًّا، أتقرب إليه ليقرب إلى الإسلام، وهنا أشعر بنفسي أنني أنا وليه في الواقع ما هو الولي، فمن اتخذ وليًّا من النصارى، من الكفار عمومًا يتولاه ويناصره ويعاضده، فهذا هو الذي اتخذهم أولياء. * الطالب: يعني لو ذهبنا ندعوهم نبدؤهم بالسلام وهكذا؟ * الشيخ: لا، ما نبدؤهم بالسلام، السلام ما نبدؤهم، نبدؤهم بالتهنئة مثلًا صباح الخير، كيف حالك، المصافحة إن مدوا أيديهم فصافحهم وإلا فلا. * طالب: (...). * الشيخ: بلى لكن (...). * * * * طالب: ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ﴾ [آل عمران ١٤]. * الشيخ: أحسنت، بس، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تعالى: ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ﴾ إلى آخره، قوله: ﴿زُيِّنَ﴾ من المزين؟ * طالب: المزين الله سبحانه وتعالى أصلًا. * الشيخ: نعم. * الطالب: ثم للشيطان.. * الشيخ: لماذا زينها؟ * الطالب: زينها الله سبحانه وتعالى لتكون بشرى للعباد في الدنيا. * الشيخ: بشرى؟ * الطالب: لتكون امتحانًا للعباد. * الشيخ: نعم، زينها امتحانًا للعباد هل يقدمون هذه الشهوات أو ما يرضي الله عز وجل. قوله: ﴿لِلنَّاسِ﴾ هل يشمل المؤمن والكافر؟ إي نعم يشمل المؤمن والكافر؛ لأنه إذا قيل: الناس، نقول: للعموم، إذا قيل: المؤمنون، فهو خاص. قوله: ﴿حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ﴾ إلى آخره، لماذا لم يقل: حب النساء، بل قال: حب الشهوات؟ * طالب: لأن حب النساء لغير شهوة ربما يكون محمودًا. * الشيخ: نعم. * الطالب: لكن حب النساء لشهوة (...). * الشيخ: نعم، لماذا خص البنين دون البنات؟ * طالب: لأنهم كانوا يفتخرون بالبنين وكانوا يكرهون البنات. * الشيخ: نعم؛ لأن هذا هو موضع الافتخار عند العرب وما زال الناس الآن يرغبون الأبناء أكثر من البنات. ﴿الْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ﴾ القناطير جمع؟ * طالب: قنطار. * الشيخ: وما هو القنطار؟ * الطالب: ألف مثقال. * الشيخ: نعم، الآلاف الكثيرة، على القول الراجح أنها الآلاف الكثيرة من الدنانير. ﴿الْمُقَنْطَرَةِ﴾ وأيش معناها؟ * الطالب: المعْتَنَى بها. * الشيخ: نعم، المعتنى بها التي يعتني بها أصحابها ويحفظونها ويعدونها، بل ربما أحيانًا يدفنونها خوفًا عليها. قال الله عز وجل: ﴿مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ﴾، الذهب والفضة هما المعدنان المعروفان اللذان تتعلق بهما رغبة الخلق جميعًا، كل بني آدم تتعلق رغبتهم بالذهب والفضة أكثر مما تتعلق بغيرهما، ولهذا كان الذهب والفضة قيمة لجميع الأشياء، كل الأشياء تباع بماذا؟ بالذهب والفضة، يعني ما تجد مثلًا غيرهما من الأموال يكون قيمة للأشياء تباع به الأشياء أبدًا، بعت دارك؟ بماذا بأي شيء؟ بالذهب والفضة، بعت سيارتك بالذهب والفضة، بعت كتابك بالذهب والفضة، كل شيء يكون عوضه الذهب والفضة، فهما محل رغبة الناس، ولهذا قال: ﴿مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ﴾، الذهب هو ذلك المعدن الأحمر، والفضة هو المعدن الأبيض المعروف، ولكن هل إذا حُوِّل الذهب وصار أبيض يثبت له حكم الذهب الأحمر فيحرم على الرجال لبسه؟ أو يتغير الحكم بتغير الحال؟ نحن نسمع أن فيه ذهبًا أبيض، ولكن الذهب الأحمر هو الذي نُصّ عليه، فإذا حُوِّل إلى ذهب أبيض فإن كان مجرد اللون فهو عندي محل نظر، هل يعتبر ذهبًا ويكون نصابه في الزكاة نصاب الذهب، ويكون حرامًا على الرجال، ويحرم بيعه بالذهب الأحمر متفاضلًا؟ أو نقول: إنه انتقل وصار في حكم الفضة؟ هذا يحتاج إلى أن نعرف ما رأي الكيماويين في هذا الشيء، هل إنه ينتقل بما يضاف إليه من المادة التي تجعله أبيض أو لا ينتقل. وقوله: ﴿مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ﴾، الخيل هي هذه الحيوانات المعروفة؛ وسميت خيلًا؛ لأن صاحبها غالبًا يبتلى بالخيلاء لأنها أفخر المراكب، فالراكب لها يكون في قلبه خيلاء، أو لأنها هي تختال في مشيتها، ولهذا ترى الخيل عند مشيتها ليست كغيرها، تشعر بأن فيها ترفعًا واختيالًا، قال بعضهم: أو لأنها يخيل إليها أنه لا شيء يساميها، وهذا لا ندري عنه، اللهم إلا ما يظهر من أثر مثل اختيالها في مشيتها، على كل حال الخيل معروفة، وأصحابها لا شك أنهم يرون أنهم فوق الناس؛ لأنها أفخر المراكب في ذلك الوقت وإلى الآن، قال النبي عليه الصلاة والسلام: «الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» »[[متفق عليه؛ أخرجه البخاري (٢٨٥٠)، ومسلم (١٨٧٣ / ٩٨) من حديث عروة البارقي.]]، ومن المعلوم أن الآية هنا في سياق من أحب شهوة الخيل، يعني اتخذها شهوة، فهذا هو محل التزيين المذموم، أما من اتخذها ليجاهد بها في سبيل الله فهذا خير، هذا لا شك أنها خير له، كما أن من أحب الذهب والفضة لا للشهوة وجمع المال ولكن لما يترتب على المال من المصالح فهذا محمود. الخيل قسمها الرسول عليه الصلاة والسلام إلى أقسام ثلاثة: فخر وخيلاء، أو ليناوئ بها المسلمين، فهذا له وزر، ثانيًا: اتخذها ليجاهد عليها في سبيل الله فهذا له أجر، ثالثًا: اتخذها للركوب والتنمية والاستفادة من ورائها فهي له ستر، لا إثم، لا أجر.. الرسول عليه الصلاة والسلام إلى أقسام ثلاثة: فخر وخيلاء، أو ليناوئ بها المسلمين، فهذا له وزر. ثانيًا: اتخذها ليجاهد عليها في سبيل الله، فهذا له أجر. ثالثًا: اتخذها للركوب والتنمية والاستفادة من ورائها، فهي له ستر، لا أجر ولا وزر. وقوله: ﴿الْمُسَوَّمَةِ﴾ [آل عمران ١٤] قيل: معنى المسومة التي تسوَّم، أي تُطلق لترعى، كما قال تعالى: ﴿وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ﴾ [النحل ١٠]. وقيل: المسومة: المعلَّمة التي جُعل لها أعلام للزينة والفخر، مثل أن يُجعل عليها ريش النعام أو أشياء أخرى تحسنها. عندنا الآن سيارات مسومة ولَّا لا؟ يجعلون عليها زينة، زيقات وجنوط وأشياء أخرى، تسوم، حتى إن بعض الناس يلبس السيارات الفقيرة لباس السيارات الغنية، يحط عليها جنط مرسيدس، وتلقاه يمكن مازدا أو أردأ من المازدا. على كل حال إن تسويم المركوبات ما زال أمرًا معلومًا عند الناس إلى يومنا هذا. المسومة عند الناس أغلى من غيرها؛ لأنها ما سُومت إلا لأنها جيدة، ومن أصل جيد، فلهذا تسوم ويُعتنى بها أكثر. ﴿وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ﴾ الأنعام جمع نعم، كأسباب جمع سبب، وهي الإبل والبقر والغنم. هذه الأنواع من الحيوانات هي محل رغبة الناس أيضًا. أكثر الناس يقتنون الإبل والبقر والغنم، لا تجدهم يقتنون الظباء أو ما أشبهها من الحيوان، وإنما يعتنون باقتناء هذه الأنواع الثلاثة: الإبل والبقر والغنم، في البادية وفي الحاضرة، لكنها في البادية أكثر. وأغلى هذه الأنواع هي الحمْر من الإبل، ولذلك يُضرب بها المثل في الغلاء والمحبة، قال النبي عليه الصلاة والسلام لعلي بن أبي طالب وقد وجهه إلى خيبر؛ قال: «انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَوَاللهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ» »[[متفق عليه؛ أخرجه البخاري (٣٠٠٩)، ومسلم (٢٤٠٦ / ٣٤) من حديث سهل بن سعد بن مالك بنحو هذا اللفظ.]]. ﴿وَالْحَرْثِ﴾ الحرث يعني الزراعة، حرث الأرض للزراعة. فهذه سبعة أشياء: النساء، والبنين، والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة، والخيل المسومة، والأنعام، والحرث. ولو فتشت عامة رغبات الناس في هذه الدنيا لوجدتها لا تخرج عن هذه الأشياء السبعة في الغالب، وإلا فيه أشياء محل رغبة عند الناس، مثل: القصور المشيدة، القصور المشيدة أيضًا بعض الناس يكون مغرمًا بها، يحبها وينميها ويحب أن يكون منزله أو قصره فاخرًا ليس له نظير. فالمهم أن هذه رغبات الناس. قال الله تعالى: ﴿ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾، (ذلك)؛ لماذا قال: (ذلك) بالمفرد المذكر مع أنها جماعة؟ والجماعة للعقلاء، يقال: هؤلاء، ولغير العقلاء يقال: هذه؟ الجواب -والله أعلم- أنه أعاد اسم الإشارة على مفرد مذكر على تقدير: ذلك المذكور، فطوى ذكر هذه السبعة كلها وعبر وكنى عنها بالمذكور، وذلك لاحتقارها بالنسبة لنعيم الآخرة. وقوله: ﴿ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾، أي: المتعة التي يتمتع الناس بها في الحياة الدنيا. وغايتها الزوال؛ فإما أن تزول عنها، وإما أن تزول عنك، أما أن تخلد لك أو تخلد لها فذلك مستحيل، لا بد أن تفارقها أو أن تفارقك هي. وهذا أمر لا يحتاج إلى إقامة برهان؛ فهذه الأشياء لو اجتمعت كلها للمرء فما هي إلا متاع الحياة الدنيا، يتمتع بها الإنسان ثم يفارقها أو تفارقه هي. وقوله: ﴿الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ فيه حياة الدنيا وحياة أخرى. ما هي الحياة الحقيقية؟ قال الله تعالى: ﴿وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ﴾ [العنكبوت ٦٤] هي الحياة الحقيقية، نعم، أما الدنيا فهي حياة بسيطة ليست بشيء، قال النبي عليه الصلاة والسلام: «لَمَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا»[[أخرجه البخاري (٢٨٩٢)، وأحمد في مسنده (١٥٥٦٣) من حديث سهل بن سعد بن مالك، واللفظ لأحمد.]]. الله أكبر، موضع السوط، السوط يعني حوالي متر «فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا». أي دنيا هي؟ الدنيا منذ خلقت إلى يوم القيامة، بكل ما فيها من نعيم؛ وذلك لأن نعيم الدنيا في الحقيقة كأحلام، كأحلامنا. واعتبر الأمر بما مضى من عمرك، كل ما مضى من عمرك كأنه حلم، أليس كذلك؟ ليس كأنه شيء واقع؛ لأنه راح، لا فرق بين ما فعلته في اليقظة بالأمس وما رأيته في منامك البارحة، كلها راحت؛ ولهذا سماها حياة دنيا؛ ودنيا مؤنث أدنى، ووصفت بهذا الوصف لدنو مرتبتها بالنسبة إلى الآخرة، لدنو مرتبتها بالنسبة للآخرة، فليست بشيء بالنسبة للآخرة، كما سمعتم الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده. وكذلك سميت دنيا لأنها أدنى من الآخرة باعتبار الترتيب الزمني، ﴿وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ﴾ مم؟ ﴿مِنَ الْأُولَى﴾ [الضحى ٤]، فهي أولى باعتبار الترتيب الزمني، دنيا إذن قريبة للناس. ﴿ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ إذن ما دمنا نعرف أن هذا متاع الحياة الدنيا، فلننظر إلى هذه الأشياء لا نظرة شهوة، ولكن نظرة جد. إذا كان ذلك ينفعنا في الآخرة فالنظر إليه طيب ونافع، ويكون من حسنة الدنيا والآخرة، أما إذا نظرنا إليه مجرد نظر الشهوة فإنه يُخشى على المرء أن يغلب جانب الشهوة على جانب الحق. ولهذا أدنى الله مرتبة هذه الأشياء ووضعها حيث قال: ﴿ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾. ثم قال: ﴿وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ﴾ يعني حسن المرجع، بماذا؟ في الدار الآخرة؛ لأن مرجع كل إنسان إلى الآخرة؛ إما إلى جنة وإما إلى نار، وليس ثمة دار أخرى ثالثة. كل الناس، الجن.. بل كل الجن والإنس مآلهم في الآخرة إلى الجنة أو إلى النار، وليس ثمة دار أخرى، فالله عنده حسن المآب يعني حسن المرجع. * في هذه الآية عدة فوائد: * أولًا: حكمة الله عز وجل في ابتلاء الناس بتزيين حب الشهوات لهم في هذه الأمور السبعة. ووجه الحكمة: أنه لولا هذه الشهوات التي تنازع الإنسان في اتجاهه إلى ربه لم يكن للاختبار في الدين فائدة. انتبه، يعني لو كان الإنسان لم يُغرس في قلبه أو في فطرته هذا الحب لم يكن في الابتلاء في الدين فائدة. السبب: لأن الانقياد إلى الدين إذا لم يكن له منازع يكون سهلا ميسرًا. ولهذا من أول من يجيب إلى الرسل؟ الفقراء الذين حرموا من الدنيا؛ لأنه ليس عندهم شيء ينازعهم لا مال ولا رئاسة ولا غير ذلك، فهذا من حكمة الله أن زين في قلوب الناس حب الشهوات. * ومن فوائد الآية الكريمة: أنه لا يُذم من أحب هذه الأمور على غير هذا الوجه؛ وهي محبته شهوة؛ وذلك لأنه إذا زين له محبة هذه الأمور لا لأجل الشهوة؛ لم يكن ذلك سببًا لصده عن دين الله؛ لأن أكثر ما يفتن الإنسان الشهوة، إذا لم يكن هناك شبهة، فإن كان هناك شبهة واجتمع عليه الشبهة وشهوة؛ حصلت له الفتنتان. ويدل لذلك أيضًا أن النبي ﷺ قال: «حُبِّبَ إِلَيَّ مِنْ دُنْيَاكُمُ النِّسَاءُ وَالطِّيبُ»[[أخرجه النسائي في الصغرى (٣٩٣٩) من حديث أنس بن مالك.]]. ويدل لذلك أيضًا أن النبي ﷺ رغب في النكاح وحث عليه، وأمر به الشباب. ومما يدل لذلك أيضًا أن النبي ﷺ حث على تزوج المرأة الولود. والولود: كثيرة الولادة، وإذا كانت ولودا كثر نسلها، ومن نسلها البنون. فالمهم أن محبة هذه الأشياء، لا من أجل الشهوة، أمر لا يذم عليه الإنسان. * ومن فوائد الآية الكريمة: قوة التعبير القرآني، وأنه أعلى أنواع الكلام في الكمال؛ ولهذا قال: ﴿حُبُّ الشَّهَوَاتِ﴾ ولم يقل: حب النساء، أو حب البنين، أو حب القناطير المقنطرة، بل قال: حب الشهوات من هذه الأشياء؛ فسلط الحب على أيش؟ على الشهوات، لا على هذه الأشياء؛ لأن هذه الأشياء حبها قد يكون محمودًا كما عرفت. * ومن فوائد الآية الكريمة: تقديم الأشد فالأشد؛ ولهذا قدم النساء؛ ففتنة شهوة النساء أعظم فتنة، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: «مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ»[[متفق عليه؛ أخرجه البخاري (٥٠٩٦)، ومسلم (٢٧٤٠ / ٩٦) من حديث أسامة بن زيد.]] ولهذا بدأ بها فقال: ﴿مِنَ النِّسَاءِ﴾. * ومن فوائد الآية الكريمة: أن البنين قد يكونون فتنة؛ ويشهد لذلك قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾ [التغابن ١٥]، والأولاد أعم من البنين. * ومن فوائد الآية الكريمة أيضًا: أن الذهب والفضة من أشد الأموال خطرًا على الإنسان؛ ولهذا قدمها على بقية الأموال؛ فقال: ﴿وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ﴾ لأنها أعظم المال فتنة، لاسيما الموصوفة بهذه الصفة: أنها قناطير مقنطرة. * ومن فوائد الآية الكريمة: أنه كلما كثر المال ازدادت الفتنة في شهوته. من أين نأخذه؟ من قوله: ﴿وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ﴾. ولهذا نجد بعض الفقراء يجود بكل ماله، والغني لا يجود بكل ماله، بل بعض الأغنياء -نسأل الله العافية- يُبتلون؛ كلما كثر مالهم اشتد بخلهم ومنعهم. * ومن فوائد الآية الكريمة: أن الخيل أعظم المركوبات فخرًا. ولهذا قال: ﴿وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ﴾، ولاسيما إذا كانت مسومة، أي معلَمة معتنى بها، أو مسومة مطلقة في المرعى، معتنى بها في رعيها، فإنها تكون أعظم المركوبات فتنة. * ومن فوائد الآية الكريمة أيضًا: أن فتنة الأنعام الإبل والبقر والغنم دون فتنة الخيل، بناء على الترتيب، وأن الترتيب في هذه الآية من الأعلى إلى الأدنى. * ومن فوائد الآية الكريمة أيضا: أن من الناس من يُفتن في الحرث؛ الزراعة، فيفتن بها ويزدرع على الوجه المشروع وغير المشروع، وهو كذلك، ولاسيما في زمننا هذا، حيث انتعشت الزراعة، فصار الناس -والعياذ بالله- يذهبون فيها كل مذهب، ويرتكبون فيها المحرمات؛ من الكذب على الدولة، والخيانة، نعم، ومع ذلك لا يرون في هذا بأسًا، تجد الإنسان مثلا يبيع محصوله على شخص من الناس بدراهم نقدًا، ثم يعطيه اسمه من أجل أن يأخذ المشتري من الحكومة، أو من الدولة ثمنًا أكثر؛ يشتريه من المزارع مثلا بريال ونصف الكيلو ويبيعه على الدولة بريالين، ويكذب، فيأخذ اسم المزارع، فيكون المزارع خائنًا، والآخر كاذبًا، وينتج من ذلك أكل المال بالباطل. وإذا سألوا أكيد هذا حرام قالوا: محتاجين فلوس، نبيعه للتاجر. فإذا احتجت فلوس تكذب وتتحيل؟ اصبر وإلا بع عليه هذا ولا تعطيه اسمك، بع عليه المحصول ولا تعطيه اسمك، إذا كانت الدولة تسمح ببيعه، لكن ابتلي الناس بهذا الشيء. * ومن فوائد الآية الكريمة: أن هذه الأشياء كلها لا تعدو أن تكون متاع الحياة الدنيا؛ لقوله: ﴿ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾. * ومن فوائدها: التزهيد في التعلق بهذه الأشياء؛ لقوله: ﴿ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾. وكل ما كان للدنيا فلا ينبغي للإنسان أن يتبعه نفسه؛ لأنه زائل، لا تتبع نفسك شيئًا من الدنيا إلا شيئًا تستعين به على طاعة الله حتى ينفعك، وأنت سوف تنال منه ما يناله من أتبع نفسه متاع الحياة الدنيا للدنيا؛ يعني مثلا أن الرجل الذي يأكل العشاء، من الناس من يأكله لأجل أن يحفظ بدنه أو أن يحفظ جسمه، يأكله امتثالا لأمر الله، يأكله استعانة به على طاعة الله، يأكله تمتعًا بنعم الله، فيؤجر على ذلك، ومن الناس من يأكله لمجرد شهوة، ليملأ بطنه، فيحرم هذا الأجر، يحرم هذا الأجر لأنه نوى به مجرد الشهوة فقط. * ومن فوائد الآية الكريمة: تنقيص هذه الحياة؛ لقوله: ﴿الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾. ووالله إنها لناقصة، إن دارًا لا يدري الإنسان مدة إقامته فيها، وإن دارًا لا يكون صفوها إلا منغصًا بكدر، وإن دارًا فيها الشحناء والعداوة والبغضاء بين الناس، وغير ذلك من المنغصات إنها لدنيا. الإنسان منا في هذه الدنيا لا يضمن أن يبقى ولا لحظة واحدة، أليس كذلك؟ إذن كيف نقول: هذه حياة؟ كيف نقول: إن هذه حياة؟ إنها لحياة الدنيا، والإنسان في الحقيقة من حكمة الله عز وجل أنه فُتن بما فيها من هذه الأشياء التي ذكرها الله عز وجل، ولكن العاقل ينظر إلى المآل والعاقبة. * ومن فوائد الآية الكريمة: أن ما عند الله خير من هذه الدنيا؛ لقوله: ﴿وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ﴾. ومنها: ما أشار إليه بعضهم في أن من تعلق بهذه الأشياء تعلق شهوة فإن عاقبته لا تكون حميدة؛ لأن الله لما ذكر التعلق على وجه الشهوة بهذه الأشياء قال: ﴿وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ﴾، فكأنه يقول: ولا حسن مآب لهذا المتعلق بهذه الأشياء؛ أي أن عاقبته ليست حميدة؛ هكذا ذكر بعضهم؛ ولكن في النفس منها شيء، والذي يظهر لي أن الآية ختمت بهذا ﴿وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ﴾ من أجل ترغيب الإنسان بما عند الله عز وجل، وألا يتعلق بمتاع الحياة الدنيا. ويدل لما ذكرت قوله: ﴿قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ﴾ [آل عمران ١٥] الخطاب في ﴿قُلْ﴾ للنبي ﷺ، وقد ذكرنا فيما سبق أن الله إذا صدر القول بـ(قل) كان في ذلك دليل على عناية الله به، وأنه أمر رسوله ﷺ أمرًا خاصًّا، وأنه أمر رسوله ﷺ بإبلاغه على وجه الخصوص، وإلا فإن كل القرآن قد قيل للرسول عليه الصلاة والسلام؛ ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ [المائدة ٦٧]، لكن أحيانًا يذكر الله عز وجل شيئًا يصدره بـ(قل) للدلالة على العناية به. ولننظر العناية بما يُذكر جاءت من أكثر من وجه؛ أولًا: لأن الله صدرها بـ (قل)، وثانيًا: أنه صدرها بالاستفهام ﴿أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ﴾ يعني أأخبركم بخير من ذلكم؟ يعني المشار إليه في الآية السابقة. والاستفهام يفيد تنبيه المخاطَب، وحضور قلبه لما سيُلقى إليه، فهو كقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [الصف ١٠]. ثم إن فيه أيضا -في هذا الاستفهام- معنى غير التنبيه، وهو التشويق ﴿أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ﴾، يعني بعد أن قص الله علينا متاع الحياة الدنيا أمر نبيه أن يقول للناس: ﴿أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ﴾؛ ليشوقهم إلى ذلك الخير. وقوله: ﴿أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ﴾ قال: ﴿أَؤُنَبِّئُكُمْ﴾ ولم يقل: أأخبركم؛ لأن النبأ إنما يقال في الأمور الهامة ﴿عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (١) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ﴾ [النبأ ١، ٢] ولهذا قيل للنبي: نبي، ولم يقل: مخبِر؛ فهذا أمر هام يحتاج إلى الإنباء عنه. وقوله: ﴿بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ﴾ ولم يقل: من ذلك؛ لأن المخاطَب جماعة؛ المخاطب جميع الناس. وهنا نقف لنتذكر: ماذا يراعى في اسم الإشارة المقرون بالكاف؟ اسم الإشارة المقرون بالكاف يتضمن مشارًا إليه ومخاطَبًا؛ فاسم الإشارة يكون بحسب المشار إليه، والكاف تكون بحسب المخاطب. فأولًا: كيف نقول إذا خاطبنا مفردًا مذكرًا وأشرنا إلى مفرد مذكر؟ نقول: ذلك؛ (ذا) اسم إشارة للمفرد المذكر، والكاف للمخاطب المذكر. ماذا نقول إذا أشرنا إلى مثنى مذكر نخاطب مفردًا مذكرًا؟ نقول: ذانك؛ قال الله تعالى: ﴿فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ﴾ [القصص ٣٢] نقول: ذانك. ماذا نقول إذا خاطبنا مفردًا مذكرًا وأشرنا إلى مثنى مؤنث؟ نقول: تانك، (تانك المرأتان قائمتان). ماذا نقول إذا أشرنا إلى مفردة مؤنثة وخاطبنا مفردًا مذكرًا؟ نقول: تلك، أو نقول: تِيك، ولا سيما مع هاء مثل: هاتيك. ماذا نقول إذا أشرنا إلى جماعة ذكور، أو إلى جماعة مطلقًا نخاطب مفردًا مذكرًا؟ نقول: أولئك. الآن عددنا كم صورة؟ عدة صور، والكاف لم تتغير، لماذا؟ لأن المخاطب مفرد مذكر. كيف نقول إذا كان المشار إليه مفردًا مذكرًا والمخاطب مثنًّى؟ ذلكما؛ قال الله تعالى: ﴿ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي﴾ [يوسف ٣٧]. إذا كان مفردًا مؤنثًا والمخاطب مثنى؟ عرفتم القاعدة الأولى؟ في الأمثلة السابقة ذكرنا إذا اختلف المشار إليه مع كون المخاطب واحدًا مفردًا مذكرًا. طيب إذا كان المخاطب مثنى والمشارُ إليه مفردٌ مؤنث؟ * طالب: تلكما. * الشيخ: تلكما، صح. كيف نقول إذا كان المخاطب مثنى والمشار إليه مثنى مؤنث؟ المشار إليه مثنى مؤنث والمخاطب مثنى؟ * طالب: تانكما. * الشيخ: تانكما. كيف نقول إذا كان المخاطب جماعة نساء والمشار إليه مفرد مذكر؟ المشار إليه مفرد مذكر والمخاطب جماعة نساء؟ * طالب: ذلكن. * الشيخ: ذلكن، ﴿قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ﴾ [يوسف ٣٢]. كذا؟ طيب. ظاهر المعنى ما نحتاج إلى أننا نستمر؛ لأنها مسألة تصوير تحتاج إلى تأنٍّ. اسم الإشارة يتبع أيش؟ * طالب: المشار إليه. * الشيخ: المشار إليه؛ الكاف تتبع؟ * طالب: المخاطَب. * الشيخ: المخاطَب. كذا تارة يكون كل منهما مفردًا مذكرًا، وتارة يكون كل منهما مفردًا مؤنثًا، وتارة يكون كل منهما جمعًا للذكور، وتارة يكون كل منهما جمعًا للإناث، وتارة تختلف الحال بين المشار إليه وبين المخاطَب. كاف المخاطب قلت لكم: إنها بحسب مَن؟ * طالب: المخاطب. * الشيخ: المخاطب؛ فيها لغة: أن تكون للمذكر بالكاف المفتوحة أيًّا كان المذكر؛ مثنى أو جمع أو مفرد؛ انتبه، إذا كانت للمذكر فهي مفتوحة مبنية على الفتح؛ للمؤنث مبنية على الكسر ومفردة في الموضعين؛ يعني فيه لغة من لغة العرب يبقون الكاف في صيغة المفرد دائمًا مفتوحة في المذكر، مكسورة في المؤنث. فيه لغة ثالثة: يُبقون الكاف مفتوحة مفردة للمذكر والمؤنث والمثنى والجمع والمفرد، فيقولون مثلًا: ذلكَ، سواء كانوا يخاطبون رجلًا أو امرأةً، أو رجلين أو امرأتين، أو رجالًا أو نساءً؛ وأظن هذه اللغة تناسب؛ لأنها أسهل. * طالب: أسهل. * الشيخ: لأنها أسهل. * طالب: (...) أفصح. * الشيخ: نقول: القاعدة عندنا: إذا اختلف النحويون أخذنا بالأسهل، أما إذا اختلفت اللغات أخذنا بالأفصح. إذا اختلفت اللغات خذ بالأفصح، وإذا اختلف النحويون خذ بالأسهل، كذا؟ وإذا اختلف الفقهاء خذ بالأحوط، تمام؟ هذه ثلاث قواعد. * * * * طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم. ﴿الم (١) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (٢) نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (٣) مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (٤) إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (٥) هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [آل عمران ١ - ٦] * الشيخ: ما تقول في قوله تعالى: ﴿الم (١) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾؟ ﴿الم﴾ * طالب: نقول: هذه حروف ابتدأ بها الله سبحانه وتعالى وأتى بها تحديًا. * الشيخ: ابتدأ بها بعض السور. * الطالب: نعم. * الشيخ: وهل لها معنى أو لا؟ * الطالب: قيل: إنها ليس لها معنى وعلمها عند الله. والقول الصحيح أن لها معنى. * الشيخ: لا، إذا قلت: علمها عند الله ما تقدر تقول: ليس لها معنى ولا لها معنى، الذي يفوض ما يثبت ولا ينفي. * الطالب: والقول الصحيح أن الله سبحانه وتعالى أتى بها تحديا. * الشيخ: السؤال: هل لها معنى؟ ما نريد: هل لها مغزى. هل لها معنى في حد ذاتها أم لا؟ * الطالب: نقول: ليس لها معنى نعلمه. * الشيخ: القول الراجح أنه ليس لها معنى، لا معلوم ولا مجهول، كذا ولّا لا؟ طيب ما هو الدليل أن هذا هو القول الراجح؟ * الطالب: لأنه لم يرد لا في الكتاب ولا في السنة معاني هذه الحروف. * الشيخ: لا. * طالب: لأن العرب ما يتكلمون بهذه الحروف، ليس لها معنى. * الشيخ: لأن القرآن نزل بلسان عربي مبين، وهذه الحروف هكذا مضموم بعضها إلى بعض ليس لها معنى في اللغة العربية، وحينئذ بمقتضى كون القرآن باللسان العربي نقول: ليس لها معنى. طيب إذا قلنا: ليس لها معنى صارت عبثا؟ والله عز وجل منزه عن العبث. * طالب: الصواب أن نقول: إن لها مغزى (...) وهو تحدي العرب (...) هذه الحروف (...) تحدي العرب. * الشيخ: لها مغزى وهو تحدي العرب، حيث كان هذا القرآن لم يأت بلسان جديد حتى يقولوا: والله ما نعرف هذا اللسان، وإنما أتى باللسان العربي الذي يتكون من الحروف المعهودة التي يعرفونها، ومع ذلك عجزوا. طيب يشهد لاعتبار هذا المغزى.. ما الذي يشهد أو يؤيد القول بهذا المغزى؟ * طالب: (...) * الشيخ: صحيح، أنه في الغالب إذا ذكر هذه الحروف الهجائية يذكر بعدها القرآن، مثل: ﴿الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ﴾ [البقرة ١، ٢] ﴿الم (١) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (٢) نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ﴾ [آل عمران ١ - ٣] إلى آخره. * * * * طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (٧) رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (٨) رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (٩)﴾ [آل عمران ٧ - ٩] * الشيخ: قوله عز وجل: ﴿الْكِتَابَ﴾ ما المراد به؟ * طالب: القرآن. * الشيخ: ولماذا سمي كتابًا؟ * طالب: (...) الأمر الأول: أنه مكتوب في اللوح المحفوظ، والأمر الثاني: أنه مكتوب في صحف الناس. * الشيخ: والأمر الثالث؟ * الطالب: والأمر الثالث: مكتوب عند الملائكة. * الشيخ: في الصحف التي بأيدي الملائكة ﴿فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (١٢) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (١٤) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥)﴾ [عبس ١٢ - ١٧]. طيب، قوله عز وجل: ﴿مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ﴾ ما المراد بالمحكمات؟ * الطالب: المحكمات هي المتقنات في أحكامها وفي أخبارها. * الشيخ: إذن معناه القرآن بعضه ما أتقن؟ * الطالب: لا، هذا الإتقان العام، يعني أن القرآن كله نزل حق. * الشيخ: ﴿مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ﴾ ما معنى محكمات بس، حدد. * الطالب: أي لا اشتباه فيها، ظاهرة واضحة. * الشيخ: أحسنت، أي ظاهرة واضحة لا اشتباه فيها، تمام. أخر متشابهات؟ * الطالب: عكسه. * الشيخ: عكسه، يعني فيها غموض لا يفهما إلا ذوو الألباب أو الراسخون في العلم. طيب، قوله تعالى: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ﴾، فيها للسلف وجهان: الوجه الأول: الوقوف على: ﴿إِلَّا اللَّهُ﴾؛ والوجه الثاني: الوصل، فما توجيه كل من القراءتين؟ * طالب: توجيه قراءة الوقف على ﴿إِلَّا اللَّهُ﴾ أن معنى التأويل هو لا يعلمه إلا الله. * الشيخ: وأيش معنى التأويل على قراءة الوقف؟ * الطالب: (...) المتشابه (...) * الشيخ: لا. * طالب: العاقبة. * الشيخ: العاقبة والحقيقة التي عليها هذا الشيء المتشابه لا يعلمها إلا الله. طيب وعلى قراءة الوصل؟ يكون المعنى التأويل؟ * الطالب: (...). * الشيخ: ما معنى التأويل على هذه القراءة على قراءة الوصل؟ * الطالب: التفسير. * الشيخ: التفسير؛ معناه التفسير؛ يعني هذا التفسير تفسير المتشابهات لا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم؛ أما من كانت علومهم سطحية فهؤلاء لا يعرفون تأويل هذه المتشابه. طيب، من الآيات المتشابهات آيات ظاهرها التعارض مثل؟ * طالب: مثل قوله تعالى: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ﴾ [الزمر ٢٣] * الشيخ: لا. * طالب: مثال للمتشابه؟ * الشيخ: آيات ظاهرها تعارض تكون مشتبهة عند بعض الناس فيظن أن في القرآن تناقضًا فيتبع هذا المتشابه ويُلبس به على الناس، ولكن الراسخين في العلم يعلمون وجه هذه الآيات ولا يكون فيها تعارض. * الطالب: مثل قوله تعالى: ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الحجر ٩٢ - ٩٤] فهنا قال: ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾، وقال في سورة الرحمن قال: ﴿فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ﴾ [الرحمن ٣٩] فمثل هذه قد تشتبه على قاصري العلم بالنظر، فيظنون أن فيها تعارضًا حيث إنه أثبت السؤال في موضع ونفاه في موضع. * الشيخ: أحسنت، الراسخون في العلم يعرفون وجه ذلك، فيحملون كل آية على وجه لا يخالف الآية الأخرى. وفيه أيضًا آيات كثيرة دقيقة، فيه آيات كثيرة أشار إليها الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في كتابه الذي سماه: دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب ، وهو كتاب جيد نافع لطالب العلم. * * * * طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ (١٠) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (١١) قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ [آل عمران ١٠ - ١٢]. * الشيخ: قال الله عز وجل: ﴿سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ﴾ هل فيها قراءة ثانية؟ * طالب: قراءة (...) ﴿سَيُغْلَبُونَ وَيُحْشَرُونَ﴾ . * الشيخ: قراءة بالياء ﴿سَيُغْلَبُونَ وَيُحْشَرُونَ﴾ . هنا ذكر الله سبحانه وتعالى حال هؤلاء الكفار في الدنيا، وحالهم في الآخرة، ما حالهم في الدنيا؟ * طالب: (...) وفي الآخرة (...). * الشيخ: أحسنت، إذن هم في خسارة في الدنيا وفي الآخرة. هل في القرآن ما يشهد لهذه الآية في أن مآل الذين كفروا الغلبة في الدنيا والنار في الآخرة؟ * طالب: ﴿إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ﴾ [آل عمران ١٦٠] * الشيخ: لا. * الطالب: (...) مقترنة مع بعض. * الشيخ: آية مثل هذه الآية تقريبًا، إن لم تكن مثلها، هي مثلها في المعنى لكن يختلف اللفظ بعض الشيء. * طالب: (...). * الشيخ: أحسنت هذه الآية في سورة الأنفال كهذه الآية تمامًا ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ﴾ [الأنفال ٣٦]. طيب لو أن الكافر افتخر بما عنده من القوة والمال والولد، فبأي شيء يرد عليه المؤمن هذا الافتخار؟ * طالب: لن يُغنوا عنهم من الله شيئًا، لكن في الدنيا قد يُغنون عنهم ليس من الله ولكن من البشر، بمعنى (...). * الشيخ: نقول: هذه لن تغني عنكم من الله شيئًا، نعم، ولو شاء الله عز وجل لانتصر منكم، ولكن يبلو الله عباده بعضهم ببعض، واضح؟ ما تقولون؟ * طالب: نعم. * الشيخ: هكذا، أما أن ننظر إلى أموالهم وأولادهم نظرة الإعزاز والإكرام والإعجاب فننحسر ونقول: لا يمكن أن نصل إلى ما وصلوا إليه، ثم نصير أذنابًا لهم نتبعهم، فهذا ليست حال المؤمن، المؤمن ينظر إلى هؤلاء وكأنهم خفاش، ولكنه يسعى إلى ما يكون به النصر عليهم من الإيمان بالله، والعمل الصالح، وإعداد القوة وغير ذلك. * * * * طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ (١٣) زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ﴾ [آل عمران ١٣، ١٤]. * الشيخ: قوله عز وجل: ﴿يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ﴾ فيها قراءتان؟ * طالب: ﴿يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ﴾ فيها قراءة بالتاء وقراءة بالياء. * الشيخ: ﴿يَرَوْنَهُمْ﴾ و﴿ترونهم﴾ . ما موقع قوله: ﴿فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ﴾ مما قبلها في المعنى؟ * طالب: تفصيل. * الشيخ: هذه فيها بيان؛ ﴿فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا﴾ ما بين الله حال الفئتين، ثم بين فقال: ﴿فِئَةٌ﴾ فمحلها مما قبلها في المعنى أن فيها تفصيلًا لما أُجمل في قوله: ﴿فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا﴾. طيب، في قوله: ﴿فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ﴾، فيها حذف وهو أنه حُذف من إحدى الجملتين ما ذكر في الأخرى؟ * طالب: قوله تعالى: ﴿فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ هنا ذكر الفئة وذكر أنها تقاتل في سبيله، في سبيل الله عز وجل، وهي الفئة المؤمنة. * الشيخ: وحذف وصف المؤمن المقابل بوصف ﴿وَأُخْرَى كَافِرَةٌ﴾. * الطالب: وحذف في مقابل ذكر وصف الكافره حذف ﴿تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾. * الشيخ: حذف ما يقابل ﴿تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾. والمحذوف؟ * الطالب: والمحذوف بُيِّن في قوله سبحانه وتعالى: (...) * الشيخ: أيش التقدير: وأخرى كافرة تقاتل في سبيل الطاغوت، كذا ولَّا لا؟ طيب وهذا من بلاغة القرآن أن يُحذف في أحد المتقابلَيْنِ ما يُذكَر في الآخر. * الشيخ: طيب، ما معنى قوله تعالى: ﴿مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ﴾؟ * طالب: ضِعف. * الشيخ: ضِعف. هذا أحد الأقوال، يعني يراهم ضعفيهم بناء على أن الآية نزلت في غزوة بدر؛ لأن المؤمنين كانوا ثلاث مئة وبضعة عشر والكافرين كانوا ما بين تسع مئة وألف. طيب فيه رأي آخر؟ * طالب: على أن الكافرين ثلاثة أضعاف المؤمنين. * الشيخ: طيب لكن ﴿مِثْلَيْهِمْ﴾ المشكل في ﴿مِثْلَيْهِمْ﴾ مثنى. * طالب: قيل: أكثرهم وقيل... * الشيخ: يعني أن التثنية عبارة عن الكثرة لا للتقييد باثنتين. طيب هل لهذا شاهد في القرآن؟ * طالب: قوله تعالى: ﴿ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ﴾ [الملك ٤]. * الشيخ: ﴿ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ﴾ قال العلماء معناه: كرة بعد كرة، ولا يتقيد باثنتين. ومنه قولهم في الإحرام: لبيك اللهم لبيك؛ المراد: تلبية بعد تلبية، لا خصوص التثنية. طيب، ذهب بعض العلماء إلى أن هذا ليس نازلا في بدر، ولكن ضرب مثل؛ ضرب مثل وليس نازلا في أهل بدر؛ وبناء على هذا القول لا يكون في المثلين إشكال، كذا ولّا لا؟ ويكون المعنى: أن الله أوجب على المؤمنين أن يصبروا في مقابلة مثليهم، في مقابلة مثليهم من الكفار، فقال تعالى: ﴿الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ﴾ [الأنفال ٦٦] وعلى هذا القول لا إشكال في الآية إطلاقًا. طيب، ذكرنا في قوله: ﴿قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ﴾ لماذا صُدرت الآية بالاستفهام؟ وإن شئت فقل: ما المراد بالاستفهام هنا؟ ﴿قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ﴾ الاستفهام ما المراد به؟ * طالب: الاستفهام للتشويق. * الشيخ: للتشويق؛ ما مناسبة التشويق هنا؟ * الطالب: لأنه لما ذكر ما يتمتع الناس به في الدنيا أراد الله عز وجل أن يذكر الذي هو خير من ذلك وهو ثواب الآخرة. * الشيخ: طيب هل جاء في القرآن نحو هذا الاستفهام؟ أعني استفهامًا يراد به التشويق إلى نعيم الجنة؟ * طالب: قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (١٠) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ﴾ [الصف ١٠، ١١]. * الشيخ: ثم ذكر ثوابها. * * * * طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ﴾ [آل عمران ١٤]. * الشيخ: كم عدد هذه المزينات؟ * طالب: سبعة. * الشيخ: سبعة؛ كذا؟ طيب، هنا قال: ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ﴾ من هذه الأشياء، فهل هناك فرق بين أن يقال: حب الشهوات أو أن يقال: زين للناس حب النساء؟ * طالب: بينهما فرق؛ أن الإنسان ما يحب هذه الأشياء إلا للشهوة. * الشيخ: إن محبته لهذه الأشياء محبة شهوة، فهذا هو الذي يكون متاع الحياة الدنيا، أما مطلق المحبة فقد يترتب عليه ثواب الآخرة، ولا يكون من متاع الدنيا، عرفت؟ طيب ما هو الدليل على هذا الفرق بين العبارتين؟ * طالب: لقول النبي صلي الله عليه وسلم: «حُبِّبَ إِلَيَّ مِنْ دُنْيَاكُمُ النِّسَاءُ وَالطِّيبُ»[[سبق تخريجه.]]. * الشيخ: نعم صح ومحبة النبي عليه الصلاة والسلام للنساء ليس محبة شهوة ومتاع دنيا لكن محبة خير. طيب في المال والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة ما هو الدليل على أن المال قد يكون خيرًا مع محبة الإنسان له؟ * طالب: قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ﴾ [العاديات ٨] ففسر المفسرون الخير بأنه المال. * الشيخ: نعم طيب هذا صحيح، لكن ما هو الدليل على أن محبة المال قد تكون خيرًا؟ * طالب: لأنه يكون سبيلا إلى ما يرضي الله سبحانه وتعالى بالإنفاق في سبيل الله من الحلال. * طالب: قول النبي ﷺ: «نِعْمَ الْمَالُ الصَّالِحُ لِلرَّجُلِ الصَّالِحِ»[[أخرجه ابن حبان في صحيحه (٣٢١٠)، والبيهقي في الشعب (١١٩٠) من حديث عمرو بن العاص، واللفظ للبيهقي.]]. * الشيخ: والثناء كثيرا على من أنفق في سبيل الله، وكم حصل في المال من خير كثير للأمة الإسلامية في ماضيها وحاضرها. طيب، الحرث أيضا ممكن أن يكون حب الحرث خيرًا، لا مجرد متاع دنيا؟ * طالب: يمكن. * الشيخ: يمكن، الدليل؟ * الطالب: من السنة؟ * الشيخ: من القرآن ومن السنة، كما تحب، وإن شئت فمن التعليل؟ * طالب: أن الحرث قد (...) إذا قصد (...). * الشيخ: أحسنت، أن الحرث قد يكون خيرًا للإنسان إذا قصد به الخير، أراد أن ينتفع الفقير، والمار، والطير، والوحش، وغير ذلك، فيكون له في ذلك أجر، ولا يكون مجرد متاع في الحياة الدنيا. * طالب: شيخ، في حديث ابن عمر عن النبي ﷺ قال: «إِذَا رَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ»[[أخرجه أبو داود (3462)، بلفظ: «إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلًّا...» الحديث.]]. * الشيخ: اقرأ آخره حتى تتبين لك. وحيث إنك سألت وليس هذا موضع سؤال سمِّعْنا أول السورة. * الطالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم ﴿الم (١) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (٢) نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (٣) مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ﴾ [آل عمران ١-٤]. * الشيخ: طيب ما موضع العطف في قوله: ﴿وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ﴾ مما قبله؟ أو ما نوع العطف في قوله: ﴿وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ﴾ مما قبله؟ * طالب: عطف بيان. * الشيخ: عطف بيان! لا، عطف البيان ما يأتي بحرف النسق. * طالب: استئنافية؟ * الشيخ: لا. * طالب: عطف جملة على جملة. * الشيخ: إي نعم لكن ما موضعه من حيث المعنى؟ * طالب: في محل نصب. * الشيخ: من حيث المعنى، ما هو من حيث الإعراب؟ * طالب: صفة. * الشيخ: طيب صفة عامة ولَّا لا؟ * الطالب: صفة لله. * الشيخ: لا ما هي صفة لله. * الطالب: لا إله.. * الشيخ: لا لا ﴿وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ﴾. * الطالب: و(أنزل) عطف على (...). * الشيخ: إي لا. * طالب: صفة عامة. * الشيخ: صح، فيكون من باب عطف العام على الخاص؛ لأنه ذكر الكتاب والتوراة والإنجيل ثم قال: ﴿وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ﴾ وهذا الوصف يشمل كل الثلاثة. * * * * طالب: ﴿قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (١٥) الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (١٦) الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ﴾ [آل عمران ١٥ - ١٧] * الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. قال الله عز وجل: ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ﴾ [آل عمران ١٤] أظننا تكلمنا على هذا والفوائد وكل شيء.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب