الباحث القرآني

ثم قال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا﴾ إلى آخره، سبق لنا أن الخطاب إذا ابتدئ بالنداء فإنه دليل على أهميته والعناية به، وسبق لنا أنه إذا صُدِّر بهذا الوصف ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ كان دليلًا على أن امتثاله من مقتضيات الإيمان، وأن مخالفته (...)، وسبق لنا أيضًا أن فيه دليلًا على اتخاذ الاسم المغري بالشيء -يعني الحاثّ على الشيء- لقوله: (...) كأنه يغريهم على قبول ما سيوجَّه إليهم؛ لأن الوصف إذا ذُكر على وجه يهيج الإنسان كان هذا إغراء به، كما تقول: يا أيها الكريم لا تبخل على الضيف، يا أيها الرجل لا تغلبك النساء، فإن هذا يوجب الإنسان أن يأخذه الحماس حتى يمتثل. يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا﴾، ونفي الحل يقتضي التحريم، والمحلِّل (...) هو الله عز وجل؛ ولهذا (...) بالتحريم وأحيانًا بنفي الحل، ففي هذه الآية قال: ﴿لَا يَحِلُّ﴾، وسيأتي بعدها بآيات التصريح بالتحريم في قوله: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ﴾ [النساء ٢٣]. يقول: ﴿لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا﴾، ﴿كَرْهًا﴾ يعني: كُرهًا عليهن بحيث لا يرضين بذلك وأنتم تجبرونهن على هذا الميراث، (...) الميراث هل معناه أنهم يرثونهن كما يرثون المال، بمعنى أنهم يسترقونهن؟ أو أنهم يخلُفون أزواجهن فيهن دون تملّك؟ الثاني؛ لأنهم ليسوا يرثون النساء كما يرثون المال، بل يرثون النساء، أي: يخلُفون أزواجهن فيهن، فسمّاه الله ميراثًا، مَن خلف غيره في شيء فهو وارث له، قال الله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا﴾ [مريم ٤٠]، مع أنه عز وجل مالك لها من قبل، ومالك لمن عليها (...) أنه يُفني من عليها ويبقى هو سبحانه وتعالى، وقال تعالى عن زكريا: ﴿هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (٥) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ﴾ [مريم ٥، ٦] أي: يخلفني في قومي في العلم والنبوة، وليس يرثه ميراث ميعاد، وذلك لأن الأنبياء لا يوَرِّثون، إذن ﴿لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا﴾، أي: تخلفوا أزواجهن فيهن كرهًا. وقوله: ﴿كَرْهًا﴾ هذا القيد (...)، وإذا كان لبيان الواقع فلا يدل على أنهن لو رضين أن يخلف الرجال أزواجهن فإن ذلك جائز؛ لأن هذا لا يجوز إلا بعقد نكاح شرعي، وذلك أنهم كانوا (...) إذا مات الرجل جاء ورثته من بعده ومنعوا المرأة أن تتزوج (...)، وإذا كانوا من بني عمه اختارها أحدهم فتزوجها قهرًا عليها وعدوانًا، فلهذا نهى الله عنه، قال: ﴿لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا﴾، وعلى هذا فيكون القيد بيانًا للواقع، وما كان بيانًا للواقع فإنه لا مفهوم له، وعلى هذا فلا يحل أن (...) اختيارهم. قال: ﴿وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ﴾، هذه مسألة أخرى تشابه ما سبق، ﴿لَا تَعْضُلُوهُنَّ﴾ أي: لا تمنعوهن حقوقهن فتلجئوهن إلى (...)، ﴿لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ﴾، وهذا يقع كثيرًا من بعض الأزواج الظلمة، يعضل زوجته فيمنعها، فإذا ضاقت به ذرعًا اضطرت إلى أن تفتدي نفسها منه، لماذا؟ أخذًا لما أعطاها من قبل إما الكل وإما البعض. وقوله: ﴿وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ﴾ لو قال قائل: لو عضلها ليأخذ كل ما أعطاها فهل يدخل في النهي؟ (...) لأنه من باب ﴿أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ﴾، وفي قراءة: ﴿مُبَيَّنَةٍ﴾ ، يعني إلا أن يأتين بفاحشة مبينة فلكم، وما هي الفاحشة المبينة؟ الفاحشة المبينة فيها أقوال: قيل: إنها (...)، فإذا زنت فله أن يعضلها من أجل أن تفتدي منه؛ لأن (...) زانية، ولا تطيب نفسه أن يطلقها هكذا فيذهب ماله، فله في هذه الحال أن (...) ويمنعها حقها من أجل أن تخالع أو تفتدي نفسها منه. (...) المراد بالفاحشة المبينة بذاءة اللسان؛ أن تكون سليطة اللسان عليه وعلى أهله، (...) فإن ذلك مستفحَش عرفًا، فإذا حصل من المرأة هذا فله أن يعضلها حتى تفتدي منه. وقيل: المراد سوء العشرة، بحيث لا تعطيه حقه على وجه الرضا والانبساط والانشراح، إذا دعاها إلى فراشه (...) وتتعسر ويحمر وجهها ويصفر ولا تجيب، إذا أمرها بحاجة (...) هذه الحاجة التي يجب عليها أن تبذلها فهذا من الفاحشة المبينة. وهذا الأخير يشمل القولين قبله؛ لأنه لا شك من سوء العشرة أن تخدع المرأة زوجها فتزني -والعياذ بالله- ولا شك أيضًا أن من سوء العشرة بذاءة اللسان وطول اللسان، فعليه يكون المعتمد أن المراد بالفاحشة المبينة أيش؟ سوء العشرة بأي شيء يكون؛ سواء مما يستفحَش شرعًا كالزنا، أو عرفًا، مع أن الزنا يستفحَش عرفًا وشرعًا. ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ هذه الجملة الثالثة ﴿عَاشِرُوهُنَّ﴾ أي النساء، ﴿بِالْمَعْرُوفِ﴾، أي: بما يتعارفه الناس ولا ينكره الشرع، والمعاشرة مفاعلة تكون من الجانبين؛ لأن الغالب أن الفعل الذي يكون مصدره مفاعلة أنه واقع من الجانبين، هذا الغالب، كجاهد مجاهدة، قاتل مقاتلة، ياسر مياسرة، عاسر معاسرة، عاشر معاشرة؛ وقد لا يكون من الجانبين كسافر مسافرة؛ فإن هذا السفر لا يكون إلا من واحد. ﴿عَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ أي: ليعاشر كل منكم الآخر بالمعروف، أي: بما يتعارفه الناس ولا ينكره الشرع، انتبه، بما يتعارفه الناس ولا ينكره الشرع، فإن كان مما يتعارفه الناس ولكن الشرع ينكره فإنه لا يجوز، ليس بمعروف بل هو منكر، هل المراد المعاشرة بالقول والفعل والبذل؟ بالقول بأن يلين القول لها وتلين القول له، وبالفعل؛ الخدمة وما أشبهها، وبالبذل؛ بذل النفقات من كسوة وطعام وشراب ومسكن وقضاء دين، ما تقولون؟ * طلبة: لا. * الشيخ: لا، لا يلزمه قضاء دينها، ولا يلزمها قضاء دينه، اللهم إلا أن تستدين لنفقة واجبة عليه فإن استدانت لنفقة واجبة عليه وجب عليه قضاء هذا الدين؛ لأنه لازم له. ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾، يعني: قد يكره الإنسان الزوجة فلا يعاشرها بالمعروف؛ لأنه من طبيعة الإنسان أنه إذا كره شيئًا لا ينقاد له ولا يفرح به، فيقول الله عز وجل: ﴿إِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ﴾ لسوء أخلاقهن أو لغير ذلك. ﴿فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾، وهذا إشارة إلى أننا نصبر، إلى أن نصبر عليهن، يعني: فاصبروا، إن كرهتموهن فاصبروا، ﴿فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ لا تتوقعونه، ومن الخير أن يقدّر الله بينهما ولدًا صالحًا، فإن هذا من أعظم الخيرات، ومن الخير أيضًا أن يقلب الله أحوالها وصفاتها التي كان يكرهها من أجلها إلى أحوال وصفات يرضاها، وحينئذ يطمئن إليها ويعيش معها عيشة حميدة. * في هذه الآية من الفوائد، أولًا: تحريم إرث النساء على وجه يكرهنه كما يجري في الجاهلية؛ لقوله: ﴿لَا يَحِلُّ لَكُمْ﴾. * ومن فوائدها أيضًا: أن نفي الحِل يراد به التحريم، يراد به التحريم، وذلك لأن نفي الشيء إثبات لضده. * ومن فوائدها: أنه لو ورث المرأة على وجه ترضى به فلا بأس، لكنه مقيد بأيش؟ برضا الشرع، مقيد برضا الشرع، فلو تزوج بعد موت ابن عمه الذي (...) زوجة ابن عمه، فإن ذلك لا بأس به، ولو تزوج زوجة أخيه بعد موته برضاها وبعقد شرعي، زوجة أخيه، لا بأس، ولو تزوج زوجة جده؟ فلا بأس! * طلبة: محرمة. * الشيخ: محرمة؟ إذن الجد ليس أخًا. * طالب: الجد أب يا شيخ. * الشيخ: ما هو مر علينا بالميراث؟ * طالب: على غير القول الراجح. * الشيخ: على غير القول الراجح، تمام. * ومن فوائد هذه الآية الكريمة: تحريم عضل المرأة بغير حق لتفتدي نفسها؛ لقوله: ﴿وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ﴾. * ومن فوائدها وهي محل المناقشة: الإشارة إلى أنه لا ينبغي أن يكون الخلع بأكثر مما أعطاها؛ لقوله: ﴿بِبَعْضِ﴾، ولكن قد يناقَش في هذه الفائدة فيقال: إن الله نهى عن العضل ليذهب ببعض ما آتاها؛ لبيان أن العضل لأخذ شيء منها ولو قَلّ حرام، وليس فيه التعرض لما إذا أخذ أكثر أو أقل، وقد سبق لنا في تفسير سورة البقرة خلاف العلماء في هذا، هل يجوز للإنسان في الخلع أن يأخذ أكثر مما أعطاها أو لا يجوز، وبيّنّا أن المسألة فيها ثلاثة أقوال: الجواز، والتحريم، والكراهة. * ومن فوائد هذه الآية الكريمة: جواز، بل تنويع الخطاب؛ لقوله في الأول: ﴿لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا﴾، وفي الثاني: ﴿وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ﴾، هذا إذا جعلنا (لا) ناهية، فإن جعلناها نافية للتوكيد وجعلنا تقدير الآية: ولا أن تعضلوهن لتذهبوا، صار الكلام على نسق واحد، صح؟ الآية محتمِلة لأن تكون (لا) ناهية، و ﴿تَعْضُلُوهُنَّ﴾ مجزومة بـ (لا) الناهية، وأن تكون الواو حرف عطف و(لا) زائدة للتوكيد، و﴿تَعْضُلُوهُنَّ﴾ معطوفة على قوله: ﴿أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ﴾، يعني: ولا أن تعضلوهن، فإن كان الأول ففيه اختلاف في الأسلوب، وإن كان الثاني فالأسلوب على نسق واحد، ولكن لا شك أنه من الفصاحة والبيان والبلاغة أن يتنوع الأسلوب والخطاب إذا اقتضت البلاغة ذلك. * ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الصداق للمرأة؛ لقوله: ﴿آتَيْتُمُوهُنَّ﴾، أي: أعطيتموهن، وهو كذلك، وقد مر علينا في أول السورة ما هو واضح جدًّا بأن الصداق حق للمرأة في قوله: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً﴾، وعلى هذا فإذا كانت مكلَّفة رشيدة فالأمر إليها فيما لو أسقطت عن زوجها بعض المهر أو كل المهر، ولا اعتراض لأحد عليها، وأيضًا لا يحل لأحد أن يأخذ من المهر شيئًا، لا اختيارًا ولا غصبًا، إلا بعد أن يتم العقد وتملك الزوجة مهرها فلها حينئذ أن تتبرع بما شاءت لمن شاءت إذا كانت أهلًا للتبرع، كذا؟ طيب. * ومن فوائد الآية الكريمة: أن سوء العشرة مبيح لعضل المرأة لتفتدي نفسها، من أين تؤخذ؟ من قوله: ﴿إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ﴾، يعني: فلكم أن تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن. * ومن فوائد الآية الكريمة: وجوب معاشرة المرأة بالمعروف؛ لقوله: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾. * ومن فوائدها أيضًا: اعتبار العرف، اعتبار العرف في إحالة الحكم إليه، في إحالة الحكم إليه؛ لقوله: ﴿بِالْمَعْرُوفِ﴾، وقد أحال الله تعالى إلى العرف في مواضع متعددة، مثل قوله تعالى: ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة ٢٣٣]، ولكن هذا المعروف الذي هو العرف لا يُعتمد ولا يُرجع إليه إذا كان مخالفًا لمعروف الشرع؛ لأن الشرع محكَّم وحاكم على العادة. * ومن فوائد هذه الآية: الإشارة إلى أنه ينبغي للزوج أن يصبر إذا رأى من زوجته ما يكره، فإن العاقبة قد تكون حميدة؛ لقوله: ﴿فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرً﴾. * ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنه وإن كان الحكم ورد في كراهة الزوجة فالعلة عامة، كثيرًا ما يكره الإنسان الشيء ويجعل الله سبحانه وتعالى عاقبته حميدة نافعة له، وهذا أمر مشاهَد محسوس، وقد تكون العاقبة غير حميدة، لكن الغالب أن وعد الله يتحقق. فإن قال قائل: (عسى) هنا هل هي للتحقق أو للرجاء؟ * طالب: للرجاء. * الشيخ: قال العلماء: (عسى) من الله واجبة، يعني إذا قال الله: عسى، فالأمر واجب يقع، قالوا: ومن ذلك قوله تعالى: ﴿فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا﴾ [النساء ٩٩]، وذلك لأن الرجاء في حقه عز وجل غير وارد؛ إذ إنه هو المتصرف المدبر، والرجاء إنما يكون ممن لا يملك الشيء فيرجوه من غيره، وعلى هذا فتكون الآية وعدًا من الله أن مَن صبر ابتغاء وجه الله على ما يكرهه واحتسابًا لثواب الله بأن يجعل الله فيه خيرًا كثيرًا فإنه يتحقق له هذا الوعد، فإن تخلّف هذا الوعد فلوجود أيش؟ لوجود مانع، وإلا فإن وعد الله حق. * ومن فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات وصف الله عز وجل بالجَعل، من أين تؤخذ؟ ﴿وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾، وقد بيّنّا فيما مضى أن الجَعل كوني وأيش؟ وشرعي، وأكثر ما في القرآن الكوني أو الشرعي؟ الكوني، أكثر ما في القرآن الجعل الكوني، مِن الشرعي؟ * طلبة: ﴿جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ﴾. * الشيخ: ﴿جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ﴾ [المائدة ٩٧]، مع أن هذا يحتمل أن يكون جعلًا كونيًّا، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ﴾ [المائدة ١٠٣]، أي: ما جعلها شرعًا وإن كان جعلها قدرًا، وكذلك قوله: ﴿أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا﴾ هذه مرت علينا قريبًا. * ومن فوائد هذه الآية الكريمة: جواز ثبوت الكراهة بين الرجل المسلم وأخيه؛ لقوله: ﴿فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾، فأثبت الله الكراهة شرطًا وتحقيقًا. ولا شك أن هذا وارد؛ أن الإنسان قد يكره أخاه المسلم، ولكنه مأمور إذا وجد من قلبه كراهة لأخيه المسلم أن يفكر لأي سبب كرهته؛ إذا كان لأمر شرعي فلينصح أخاه عن هذا الشيء حتى يزول فتزول الكراهة، وإذا كان لغير أمر (...)، بل مجرد كراهة كما يقع، فعليه أن يعالج نفسه عن هذا الداء؛ لأن من أوثق عرى الإيمان المحبة في الله، فإذا كان كذلك ووجد أنه يكره هذا الرجل كراهة يعني عادية ما هو لخلل في دينه أو خلقه فعليه أن يعالج هذا الداء حتى يزيل عن قلبه كراهة إخوانه، ﴿فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ ثم قال، طيب الآن جاء دور الأسئلة. * طالب: أحسن الله إليكم، ما هو الجمع بين قول الله عز وجل: ﴿إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ﴾ فتبين بأنه إذا ظهرت الفاحشة فلا بأس أن يرجع الإنسان فيما أعطاها من مهر.. * الشيخ: ما هو أن يرجع، أن يعضلها لتفتدي. * الطالب: أن يعضلها لتفتدي، وبين قول النبي ﷺ على عويمر العجلاني رضي الله عنه حين قال: مالي، قال: «إِنْ كُنْتَ صَادِقًا فَهُوَ بِمَا اسْتَحْلَلْتَ مِنْ فَرْجِهَا»[[متفق عليه؛ البخاري (٥٣١٢)، ومسلم (١٤٩٣ / ٥) من حديث ابن عمر.]]، مع أنه كان قد رماها بالزنا، فجعل النبي ﷺ المال حقًّا لها (...)؟ * الشيخ: الرجل ما أراد أن يعضلها؛ لأنه جرى اللعان بينهما وانتهى أمره. * الطالب: لكن أراد الوصول لماله؟ * الشيخ: إيه ما (...) ماله؛ لأنه ليس مجرد زناها (...) ماله، لو أنها صبرت على عضله ولم تهتم، من قال: يرجع بماله؟! لكن هو إذا عضلها لم تصبر فتفتدي. * الطالب: التي في الآية أيضًا استحل فرجها. * الشيخ: إي نعم. * الطالب: كيف (...)؟ * الشيخ: ما يرجع بماله. * الطالب: يعضلها لم؟ * الشيخ: يعضلها لتفتدي، وقد لا تفتدي. * الطالب: (...). * الشيخ: لا، قد لا تفتدي؛ لأنه إذا قلنا: إن الزنا سبب موجب لرجوعه بماله صار مجرد الزنا يرجع بماله، أما إذا قلنا: يعضلها من أجل أن تضيق به ذرعًا فتفتدي، فنقول: ربما تصبر عليه ولا يهمها. * طالب: بعض الصفات التي توجب وجود الكراهة في قلب الإنسان لأخيه قد لا تكون ظاهرة، فإذا مثلًا أنكر هذا الأخ على أخيه هذه الصفات قد يرد عليه بشيء قد يزيد هذه الكراهة، يقال: ليس فيّ هكذا، أو أنت تتهمني، أو أنت كذا، أو قد يكون فيه صفات خفية تظهر يعني ما يوجب الكراهة له، أو يوجب أن يكون في قلب الأخ لأخيه شيء، كيف (...) الأمر في نفسه وفي أخيه الآخر؟ * الشيخ: إذا كان أمرًا شرعيًّا، كرهه لأمر شرعي لا بد أن ينبه عليه، إلا إذا كان هذا الأمر الشرعي مما يسوغ فيه الاجتهاد وخالفه فيه من أجل اجتهاده فهذا لا وجه للكراهة، لا تكرهه على هذا الشيء. * الطالب: طيب أمور الكسل وما أشبه ذلك. * الشيخ: ما هي أمور الكسل؟ * الطالب: يصير الرياء، قد يظهر بعضهم الرياء. * الشيخ: ما تعلم؛ لأن الرياء محله القلب، ولا يجوز أن تتهم أحدًا بأنه مراءٍ؛ لأن اتهام المؤمن بالمراءاة من خلُق المنافقين، ﴿الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ﴾ [التوبة ٧٩]، المنافق يلمز، إن تصدق الغني بالكثير قال: هذا مرائي، وإن جاء بقليل قال: هذا بخيل، فهم يلمزون المطّوّعين ويلمزون الذين لا يجدون إلا جهدهم. ومسألة النيات يا إخواني تراه ما هي هينة، يعني لا يجوز أن تحكم على شخص أنه نوى شيئًا محظورًا لأنه خطر، وأنا قلت أكثر من مرة: نتعرض إلى قضية من؟ قضية أسامة بن زيد حين لحق المشرك بالسيف، فلما أدركه قال المشرك: لا إله إلا الله، فظن أسامة أنه قالها تعوذًا كما نظن نحن أيضًا، فضربه بالسيف فقلته، ثم أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بذلك، قال: «قَتَلْتَهُ بَعْدَ أَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ؟»، قال: نعم يا رسول الله، لكنه قالها تعوذًا، ثم جعل يكرر: «أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ أَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ؟»، وهو يقول: قالها تعوذًا، قال: «كَيْفَ تَصْنَعُ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ إِذَا جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟»[[أخرجه مسلم (٩٧ / ١٦٠) من حديث جندب بن عبد الله.]]، مع أن ظاهر الحال أيش؟ أنه قالها تعوذًا؛ لأنه هارب، الرجل هارب، لو كان يعني مخلصًا ولا يدان لوقف وقال: لا إله إلا الله من الأصل، ومع ذلك أنكر النبي عليه الصلاة والسلام على أسامة، حتى قال أسامة:« تمنيت أني لم أكن أسلمت بعد».[[متفق عليه؛ البخاري (٤٢٦٩)، ومسلم (٩٦ / ١٥٩) من حديث أسامة بن زيد.]] يعني: تمنيت أني قتلته وأنا كافر لأجل إذا تبت من الكفر أيش؟ غُفِر لي ما قد سلف. * طالب: شيخ قلنا: (...) معناها فاحشة مبينة أنها تحمل معاني أنها سوء الأدب أو سوء العشرة، طيب يا شيخ إذا قلنا: إن سوء العشرة غير الزنا يا شيخ، شيخ ما يشرع إذا كان كذا يشرع له الطلاق (...) الزنا.. * الشيخ: لا، الزنا لا شك أنه أشد شيء. * الطالب: حتى لغويًّا في معنى الفاحشة، لكن الأصل في معنى الفاحشة اللغوي هو الزنا. * الشيخ: لكن ما يُستفحش شرعًا أو عرفًا هذه الفاحشة، والزنا لا شك أنه أعظمها، لكن إذا كانت بذيئة اللسان وخاصة عليها سبعين ألف، أما نعم لو كان الصداق مثل صداق الأولين، نعم ريال ولا كبدة خروف ولا ما أشبه ذلك، كان لا بأس. * طالب: هل ثبت عن رسول الله أن لم يكن فاحشًا متفحشًا. * الشيخ: إي نعم. * طالب: شيخ ذكرتم أن التفسير طاعة الزوج واجبة إذا أمرها بشيء لا بد تفعله، ما قيدته يا شيخ بالود والإحسان، طاعة الوالدين قيدته بالإحسان؟ * الشيخ: لا لا، تفعله بالمعروف، بالمعروف ما هو بكل شيء. * طالب: يعني مثلًا يقول: البسي كذا وكذا. * الشيخ: لا مسألة التجمل لا هذا عاد ربما نقول: يجب عليها، لكن مسألة إن بيقول: تعالي احفري بئر ما يلزمها تحفر بئر. * طالب: بالنسبة إلى قولنا: إن معنى الفاحشة يعني سوء العشرة، فماذا يكون معنى مبيّنة؟ * الشيخ: إي نعم، يعني بمعنى أن تكون هذه سوء العشرة بينة واضحة، وهذه لا تكون إلا بالتكرار، يعني لأيش؟ لأن المرأة قد تكون في ساعة من الساعات صدرها ضائق لسبب خارجي ولا تحسن العشرة مع الزوج. * طالب: وهذه كل التي في القرآن يا شيخ؟ * الشيخ: كيف؟ * طالب: (فاحشة مبينة) التي في القرآن هل هي في كل موضع بحسبه ولّا..؟ * الشيخ: لا لا، في كل موضع بحسبه. * طالب: ليست بمعناها يعني.. * * * * طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (٢٠) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (٢١) وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا﴾ [النساء ٢٠ - ٢٢]. * الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، مر علينا أن الله نهى عن عادة كانوا يعتادونها في الجاهلية بالنسبة للنساء؟ * طالب: وِرث النساء يعني يرثون النساء. * الشيخ: يرثون النساء، كيف إرثهم للنساء؟ * الطالب: إذا مات الرجل أخذ المورّث نساءه. * الشيخ: الوارث. * الطالب: الوارث أخذ نساء الميت. * الشيخ: نعم تزوجها أو حبسها ليزوجها بني عمه أو ما أشبه ذلك. قوله: ﴿وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ﴾ ما معنى الآية؟ * طالب: العضل هو أن (...) أو يقسو عليها حتى تفتدي، أي يأخذ ما أعطاها بالعضل، يضيّق عليها حتى تفتدي. * الشيخ: ويش معنى العضل؟ * الطالب: التضييق عليها. * الشيخ: لا. * طالب: فيضربها. * الشيخ: لا. * طالب: لا تمنعوا حقوقهن. * الشيخ: العضل يعني المنع، لا تعضلوا حقوقهن لتضيقوا عليهن فيفدين أنفسهن بمال، ما المراد بالفاحشة البيّنة؟ * طالب: فيها أقوال؛ منهم من قال: الزنا، ومنهم من قال: بذاءة اللسان، ومنهم من قال: سوء العشرة. * الشيخ: نعم. * الطالب: والأخير يشمل النوعين قبله. * الشيخ: يشمل ما قبله، إذن يجمعها سوء العشرة، والزنا من سوء العشرة؛ لأنه خيانة للزوج. قوله: ﴿عَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ ويش معنى ﴿عَاشِرُوهُنَّ﴾؟ * طالب: عاشروهن أي تبادلوا.. * الشيخ: تبادلوا العشرة. * الطالب: بالمعروف والكلام الطيب. * الشيخ: والمعاشرة المصاحبة والمقارنة، المعنى تبادلوا معهن العشرة بالمعروف. ما المراد بالمعروف؟ * طالب: المعروف ما عُرف، كل أمر وافق الشرع. * الشيخ: ما عرفه الشرع وأقرّه، وكذلك ما عرفه العرف، إلا أن يخالف الشرع. مرّ علينا أنه يجوز للإنسان أن يكره الشخص ولو كان مسلمًا. * طالب: الدليل؟ * الشيخ: إي نعم. * الطالب: ﴿فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾. * الشيخ: هذه الكراهة هل هي كراهة دينية ولّا كراهة طبيعية؟ * الطالب: طبيعية. * الشيخ: كراهة طبيعية، كما يكره الإنسان نوعًا من الطعام مثلًا. ما هو الذي وعد الله به من الخير الكثير ﴿فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيراً﴾؟ * طالب: عساه أن يكرهها فيريد أن يفارقها فيمسكها فيجعل الله في إمساكه لها خيرًا كثيرًا. * الشيخ: ما نوع الخير، هل أحد من السلف ذكر نوعه؟ * الطالب: أن يصلحها الله سبحانه وتعالى وتأتي له بأولاد يعني كل ما.. * الشيخ: بأولاد صالحين، تأتي له بأولاد صالحين؟ * الطالب: نعم، كل ما (...). * الشيخ: هل في الآية ما يدل على أنه ينبغي للإنسان أن يصبر على الزوجة وألا يتعجل في طلاقها؟ * طالب: نعم في قوله: ﴿فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ (...) ويصبر عليها. * الشيخ: منين نعرف إن الأفضل أن يبقيها؟ * طالب: لأنه قال: ﴿فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ﴾ وجعل (...) كلام أن الله عز وجل (...). * الشيخ: لكن ألا يجوز أن يكون المعنى: إن كرهتموهن وطلقتموهن فعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا لهذا المطلَّق؟ * طالب: ما يصير؛ لأن الآية ﴿فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ﴾، الضمير يعود لأقرب مذكور. * الشيخ: وهي؟ * الطالب: وهي المرأة. * الشيخ: طيب، كرهها وطلقها وتزوجت آخر وأتت من الآخر بأولاد صالحين ونفع الله بهم. * الطالب: قال الله: ﴿وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ﴾، ما يجعل في غيره. * الشيخ: إي، فيه في نفس المرأة، نفس المرأة طلّقها وتزوجت واحد. * طالب: قوله سبحانه وتعالى: ﴿عَسَى﴾، (عسى) هذه تدل على أن الصبر من الزوجة موجب أن يعوضها الله الخير؛ لأنها من الله سبحانه وتعالى بمعنى وجوب. * الشيخ: إي نعم، لكن ألا يقول قائل: ﴿فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ لنفس المرأة؛ تزوج إنسانًا ويكون خيرًا منه؟ * الطالب: لا يا شيخ، ما يمكن.. * الشيخ: لماذا؟ * الطالب: لأن الله عز وجل يخاطب الزوج ويأمره بالإمساك، والزوج لا يستفيد إذا أتت المرأة من رجل آخر بأولاد (...) زوج آخر. * الشيخ: ﴿عَاشِرُوهُنَّ﴾ هذه دليل على أن المخاطب الأزواج، ﴿فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ﴾ ولم تعاشروهن بالمعروف فاصبروا، ولهذا قدمنا في التفسير أن التقدير: فإن كرهتموهن فاصبروا، فعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا. ذكرنا أن الجَعل من الله عز وجل يكون كونيًّا ويكون شرعيًّا، هل عندك من دليل على هذا؟ * طالب: الشرعي ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ﴾. * الشيخ: ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ﴾، لكن لو قال لك قائل: هذا جعل كوني؟ * الطالب: لا شك أن الجعل الشرعي يستلزم الجعل الكوني. * الشيخ: يعني إذن ما جعل الله كونًا من بحيرة. * الطالب: لا، نحن نقول: إن الجعل الشرعي يستلزم الجعل الكوني. * الشيخ: لا ما هو بيستلزم. * الطالب: وكيف يعني الجعل الشرعي بدون جعل كوني؟ * الشيخ: بس هذا نفى نفى، قال: ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ﴾. * الطالب: شرعًا. * الشيخ: ما جعل الله شرعًا؟ لكن لو قال لك قائل: ما جعل الله قدرًا؟ * الطالب: ما يمكن هذا. * الشيخ: لماذا؟ * الطالب: إذا هو لم (...) شيء كيف ينفيه؟ الشيء المعدوم لا يُنفى. * طالب آخر: لأنه لو كان الشيء قدرًا كان ما أوجد. * الشيخ: صح، يقول: هو مجعول، في الجاهلية عندهم البحيرة والسائبة والحام والوصيلة فهو مجعول قدرًا. طيب الجعل القدري مثاله؟ * طالب: قوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (١٠) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا﴾ [النبأ ١٠، ١١]. * الشيخ: ﴿وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا﴾، (جعلنا) هذا جعل كوني، بارك الله فيك. ما الفرق بين الجعل الكوني والشرعي؟ * طالب: الجعل الكوني يكون فيما يحبه الله وفيما ما لا يحبه. * الشيخ: هذا واحد. * الطالب: ولا بد من وقوعه. * الشيخ: ولا بد من وقوعه، والشرعي؟ * الطالب: والشرعي فقد يقع وقد لا يقع، ولا يكون إلا فيما يحبه الله. * الشيخ: المجعول يكون محبوبًا إلى الله، والمنفي يكون مكروهًا إلى الله، مثل: ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ﴾.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب