الباحث القرآني

﴿ولَقَدْ أرْسَلْنا نُوحًا إلى قَوْمِهِ إنِّي﴾ أي بأني ومن قرأ بالكسر فعلى إرادة القول، ﴿لَكم نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢٥) أنْ لا تَعْبُدُوا﴾ بدل من إني لكم على قراءة النصب، أو معناه نذير لأن لا تعبدوا، أو مفسرة متعلقة بأرسلنا، ﴿إلا الله إني أخافُ عَلَيْكم عَذابَ يَوْمٍ ألِيمٍ﴾: مؤلم وصف اليوم بالأليم المبالغة وهو في الحقيقة صفة المعذب ﴿فَقالَ المَلَأُ﴾: الأشراف، ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ ما نَراكَ إلّا بَشَرًا مِثْلَنا﴾ لا فضل لك علينا نخصك بقبول كلامك، ﴿وما نَراكَ اتَّبَعَكَ إلا الذِينَ هم أراذِلُنا﴾ سفلتنا لا يتبعك الأشراف، ﴿بادِيَ الرَّأيِ﴾ أي: وقت حدوث أول أو ظاهر رأيهم بلا روية وفكر من بداء أو بدائ بالهمزة أو الياء فهو ظرف بحذف المضاف لـ اتبعك، قيل: معناه اتبعوك ظاهر الرأى وباطنهم على خلاف ذلك، ﴿وما نَرى لَكم عَلَيْنا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكم كاذِبِينَ﴾ إياك في دعواك ومتبعيك في دعوى العلم بصحته، ﴿قالَ يا قَوْمِ أرَأيْتُمْ﴾ أخبروني، ﴿إن كُنتُ عَلى بَيِّنَةٍ﴾ حجة، ﴿مِّن ربي﴾ تدل على صدق دعواي، ﴿وآتانِي رَحْمَةً﴾ نبوة ومعرفة، ﴿مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ﴾ خفيت والتبست، ﴿عَلَيْكم أنُلْزِمُكُمُوها﴾ نكرهكم على الاهتداء بها، ﴿وأنتمْ لَها﴾ للبينة، ﴿كارِهون﴾ أو حاصله إن كنت على معرفة من الله تعالى ونبوة ومعجزة من عنده لكن صارت ملتبسة في عقولكم فهل أقدر على أن أجعلكم معترفين بها، أي: لا أقدر على ذلك لكن لو تركتم العناد وتأملتم فقد عرفتم، ﴿ويا قَوْمٍ لاَ أسْألكم عَلَيْهِ﴾ على التبليغ، ﴿مالًا إنْ أجْرِيَ إلا عَلى اللهِ﴾ لا عليكم، ﴿وما أنا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ كأنهم طلبوا منه طرد المؤمنين احتشامًا ونفاسة منهم أن يجلسوا معهم، ﴿إنَّهم مُلاقُو رَبِّهِمْ﴾ يلاقون الله تعالى فيعاقب الله من طردهم أو يلاقونه فيجازيهم على ما في قلوبهم من تمكن الإيمان وتزلزلة حيث تزعمون أن إيمانهم بادي الرأي، وأنا لا أعرف منهم إلا الإيمان فكيف أطردهم ﴿ولَكِنِّي أراكم قَوْمًا تَجْهَلُون﴾ عواقب الأمور، ﴿ويا قَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ اللهِ﴾ من يمنعني من عقابه، ﴿إن طَرَدتُّهُمْ﴾ ظالمًا، ﴿أفَلاَ تَذَكرونَ﴾ لتعرفوا ما تقولون، ﴿ولا أقُولُ لَكم عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ﴾ جواب لقولهم ”ما نرى لكم علينا من فضل“، ﴿ولا أعْلَمُ الغَيْبَ﴾ حتى تسألوني عن وقت العذاب وغيره وتكذبوني، أو حتى أعلم أن هؤلاء اتبعوني من غير بصيرة وعقد قلب، ﴿ولاَ أقُولُ﴾ لكم، ﴿إني مَلَكٌ﴾ جواب لقولهم: ”ما نراك إلا بشرًا مثلنا“، ﴿ولا أقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي﴾ تستصغر وتحقرهم، ﴿أعْيُنُكُمْ﴾ لفقرهم والإسناد إلى الأعين لأنّهُم استرذلوهم بما عاينوا من رثاثتهم لا لأن فيهم عيبًا معنويًا، ﴿لَن يُؤْتِيَهُمُ اللهُ خَيْرًا﴾ أي: لا أحكم على المؤمنين أنه ليس لهم عند الله ثواب ونعمة، ﴿اللهُ أعْلَمُ بِما في أنفُسِهِمْ﴾ فإن كان باطنهم موافقًا للظاهر فلهم الأجر، ﴿إنِّي إذًا لَمِنَ الظّالِمِينَ﴾ إن طردتهم، أو قلت شيئًا من ذلك، ﴿قالُوا يا نُوحُ قَدْ جادَلْتَنا فَأكْثَرْتَ جِدالَنا﴾ فأطلت مخاصمتنا، ﴿فَأْتِنا بِما تَعِدُنا﴾ من العذاب، ﴿إنْ كُنْتَ مِنَ الصّادِقِينَ (٣٢) قالَ إنَّما يَأْتِيكُم بِهِ اللهُ إن شاءَ﴾ فإن منزل العذاب هو الله تعالى، ﴿وما أنتُم بِمُعْجِزِينَ﴾ الله يدفع العذاب، ﴿ولا يَنْفَعُكم نُصْحِي إنْ أرَدْتُ أنْ أنْصَحَ لَكم إنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أنْ يُغْوِيَكُمْ﴾ أي: إن أراد الله تعالى ضلالكم، فإن أردت نصحكم لا ينفعكم نصحي فقوله لا ينفعكم نصحي دال على جواب الشرط الأول والمجموع دال على جواب الشرط الثاني، ﴿هُوَ رَبُّكُمْ﴾ فله التصرف فيكم كيف يشاء، ﴿وإلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ فيجازيكم، ﴿أمْ يَقُولُونَ﴾ منقطعة، ﴿افْتَراهُ﴾ أي: نوح وعن مقاتل أي: محمد فيكون معترضًا في وسط هذه القصة، ﴿قُلْ إنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إجْرامِي﴾ أي: وباله، ﴿وأنا بَرِيءٌ مِمّا تُجْرِمُونَ﴾ من إجرامكم في إسناد الافتراء إلي وقيل: معناه من الكفر والمعاصي.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب