الباحث القرآني

﴿وإلى مَدْيَنَ﴾ اسم بلدة، ﴿أخاهُمْ﴾ من أشرافهم نسبًا، ﴿شُعَيْبًا قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ﴾ وحده، ﴿ما لَكُم مِّنْ إلَهٍ غَيْرُهُ ولا تَنْقُصُوا المِكْيالَ والمِيزانَ﴾ نهاهم عن هذا بعد الإيمان؛ لأنّهُم اعتادوا البخس، ﴿إنِّي أراكُم بخَيْرٍ﴾ موسرين في نعمة وخصب لا حاجة لكم إلى التطفيف، ﴿وإنِّي أخافُ عَلَيْكم عَذابَ يَوْمٍّ مُّحِيطٍ﴾ وعدهم بعذاب يحيط بهم فلا يفلت منهم أحد ووصف اليوم بالإحاطة لاشتماله على عذاب محيط، ﴿ويا قَوْمِ أوْفُوا المِكْيالَ والمِيزانَ﴾ أمر بالإيفاء بعد أن نهى عن ضده مبالغة، ﴿بِالقِسْطِ﴾ بالعدل والسوية، ﴿ولا تَبْخَسُوا﴾ لا تنقصوا، ﴿النّاسَ أشْياءَهُمْ﴾ تعميم بعد تخصيص وقيل: كانوا مكاسين، ﴿ولا تَعْثَوْا﴾ لا تبالغوا، ﴿فِي الأرْضِ﴾ بالفساد حال كونكم، ﴿مُفْسِدِينَ﴾ وقد كانوا يقطعون الطريق، ﴿بَقِيَّت اللهِ﴾ ما أبقى الله من الحلال بعد إيفاء الكيل والوزن، ﴿خَيْرٌ لكمْ﴾ مما تأخذونه بالتطفيف أو طاعة الله خير لكم، ﴿إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ بشرط الإيمان فإن الثواب بالأعمال مشروط بالإيمان أو إن كنتم مؤمنين مصدقين لي، ﴿وما أنا عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ﴾ أحفظكم عن القبائح وإنما أنا ناصح، ﴿قالُوا يا شُعَيْبُ أصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ﴾ بتكليف، ﴿أنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا﴾ من الأصنام أجابوه على سبيل التهكم وكان عليه السلام كثير الصلاة، ﴿أوْ أنْ نَفْعَلَ في أمْوالِنا ما نَشاءُ﴾ عطف على ما، أي: وأن نترك فعلنا ما نشاء في أموالنا، ما نشاء قيل: عطف على أن نترك بتقدير أصلاتك تأمرك بنهيك عن أن نفعل إلخ، ﴿إنَّكَ لَأنْتَ الحَلِيمُ الرَّشِيدُ﴾ قالوا ذلك استهزاء وأرادوا ضدهما أو أنت حليم رشيد فكيف تبادر على مثل كلام المجانين ﴿قالَ يا قَوْمِ أرَأيْتُمْ إن كُنتُ عَلى بَيِّنَةٍ﴾ حجة وبصيرة، ﴿مِّن ربي ورَزَقَنِي مِنهُ﴾ من الله بلا كدًّ مني، ﴿رِزقًا حَسَنًا﴾، حلالًا وكان عليه السلام كثير المال، أو أراد من الرزق الحسن العلم والمعرفة وجواب الشرط محذوف، أي: فهل يجوز لي الخيانة في الوحي والمخالفة في أمره وفيه، ﴿وما أُرِيدُ أنْ أُخالِفَكم إلى ما أنْهاكم عَنْ﴾ ما أريد أن أسبقكم إلى شهواتكم التي نهيتكم عنها لأستقل بها دونكم، ﴿إذ أُرِيدُ﴾ فيما آمركم وأنهاكم، ﴿إلا الإصْلاحَ﴾ أي: إصلاحكم، ﴿ما اسْتَطَعْتُ﴾ أي: ما دمت أستطيع الإصلاح فما مصدرية واقعة موقع الظرف أو إصلاح ما استطعته فالموصولة مفعول الإصلاح، ولا يبعد أن يكون معناه ما قصدت إلى ما نهيتكم عنه مجرد مخالفتكم؛ بل الإصلاح قصدي وهو الباعث إلى النهي، ﴿وما تَوْفِيقِي﴾ لإصابة الحق، ﴿إلّا بِاللهِ﴾ بإعانته، ﴿عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ﴾ فإنه القادر المطلق، ﴿وإلَيْهِ أُنِيبُ﴾ في المعاد أو فيما ينزل عليَّ من المصائب، ﴿ويا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ﴾ لا يكسبنكم، ﴿شِقاقِي﴾ عداوتي، ﴿أنْ يُصِيبَكُمْ﴾ ثاني مفعوليه فإنه يتعدى إلى واحد وإلى اثنين ككسب، ﴿مِّثْلُ ما أصابَ قَوْمَ نُوحٍ﴾ من الغرق، ﴿أوْ قَوْمَ هُودٍ﴾ من الريح المهلكة، ﴿أوْ قَوْمَ صالِحٍ﴾ من الصيحة، ﴿وما قَوْمُ لُوط مِّنكُم بِبَعِيدٍ﴾ زمانًا فلا تنسوهم، أو مكانًا فإنهم جيران قوم لوط ولم يقل ببعيدة ولا ببعيدين لأن المراد، وما إهلاكهم ببعيد أو لأنه يستوي في مثله المذكر والمؤنث لأنه على زنة المصادر كالصهيل والشهيق، ﴿واسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ﴾ عما سلف، ﴿ثُمَّ تُوبُوا إلَيْهِ﴾ فيما بقى من عمركم، ﴿إنَّ رَبِّي رَحِيمٌ ودُودٌ﴾ فاعل بالتائبين ما يفعل البليغ المودة بمن يوده، ﴿قالُوا يا شُعَيْبُ ما نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمّا تَقُولُ﴾ قالوه على وجه الاستهانة كما تقول لمن لم تعبأ بحديثه ما أدري ما تقول، ﴿وإنّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفًا﴾ لأنه كان أعمى [[لا دليل عليه ولو صح ذلك لعيروه شعيبًا - عليه السلام - بذلك.]] أو لأنه لا خدم ولا عسكر له، ﴿ولَوْلا رَهْطُكَ﴾ أي: عزتهم فإنهم على ديننا والرهط من الثلاثة إلى العشرة، ﴿لَرَجَمْناكَ﴾ قتلناك بأذل وجه، ﴿وما أنتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ﴾ يمنعنا عزك عن الرجم، ﴿قالَ يا قَوْمِ أرَهْطِي أعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ اللهِ﴾ فإنكم تبقون عليَّ لرهطي ولا تبقون عليَّ لله وأنا رسوله، ﴿واتَّخَذْتُمُوهُ﴾ أي: الله، ﴿وراءَكم ظِهْرِيًّا﴾ جعلتموه كالشيء الملقى وراء الظهر وهو منسوب إلى الظهر والكسر من تغيرات النسب كالإمسيّ في الأمس، ﴿إنَّ رَبِّي﴾، أي: علمه، ﴿بِما تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ﴾ فيجازي عليه، ﴿ويا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ﴾ أي: قارين على جهتكم التي أنتم عليها من الشرك أو على تمكنكم من أمركم، ﴿إنِّي عامِلٌ﴾ ما أنا عليه، ﴿سَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ استئناف كأنه قيل فماذا يكون بعد ذلك؟ فقال: سوف تعلمون ﴿مَن يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ ومَن هو كاذِبٌ﴾ أي: سوف تعلمون الشقي الذي يأتيه عذاب يخزيه والذي هو كاذب فإنهم أوعدوه وسموه كاذبًا، أو من استفهامية منقطعة عن سوف تعلمون أي: أينا يأتيه إلخ، ﴿وارْتَقِبُوا﴾ انتظروا ما أقول لكم، ﴿إنِّي مَعَكم رَقِيبٌ﴾ منتظر، ﴿ولَمّا جاءَ أمْرُنا﴾ عذابنا، ﴿نَجَّيْنا شُعَيْبًا والَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنّا وأخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ﴾ صاح بهم جبربل فهلكوا، ﴿فَأصْبَحُوا في دِيارِهِمْ جاثِمِينَ﴾ ميتين، الجثوم: اللزوم في المكان، ﴿كَأنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها﴾ لم يكونوا فيها، ﴿ألا بُعْدًا لِمَدْيَنَ﴾ هلاكًا لهم، ﴿كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ﴾ فإن عذابهم أيضًا صيحة قيل: صيحة أهل مدين من فوق وصيحتهم من تحت ثم اعلم أن الصيحة والرجفة وعذاب يوم الظلة كلها لأهل مدين.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب