الباحث القرآني

﴿ودَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ﴾: أحدهما ساقي الملك والآخر خبازه اتهما بأنهما يريدان إهلاك الملك بالسُّم، ﴿قالَ أحَدُهُما﴾ أي: الشرابي ﴿إنِّي أرانِي﴾: في المنام ﴿أعْصِرُ خَمْرًا﴾ أي: عنبًا سماه باسم ما يئول إليه ﴿وقالَ الآخرُ﴾ أي: الخباز ﴿إنِّي أرانِي أحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنهُ نَبِّئْنا﴾: أخبرنا ﴿بِتَأْوِيلِهِ﴾: بتعبير ما قصصنا قال بعضهم: إنهما اخترعا تلك الرؤيا لاختبار يوسف ﴿إنّا نَراكَ مِنَ المُحْسِنِينَ﴾: في أعمالك وأقوالك أو من الذين يحسنون تعبير الرؤيا ﴿قالَ لاَ يأْتِيكُما طَعام تُرْزَقانِهِ﴾: في نومكما ﴿إلّا نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أنْ يَأْتِيَكُما﴾ التعبير في اليقظة أو معناه لا يأتيكما طعام من بيتكما تطعمانه وتأكلانه إلا نبأتكما بقدره ولونه ووقته قبل وصوله إليكم وهذا مثل معجزة عيسى عليه السلام حيث قال: ﴿وأُنَبِّئُكم بِما تَأْكُلُونَ وما تَدَّخِرُونَ في بُيُوتِكُمْ﴾ [آل عمران: ٤٩] ﴿ذلِكُما﴾: العلم ﴿ذَلِكُما مِمّا عَلَّمَنِي رَبِّي﴾. لا من التكهن والتنجيم ﴿إنِّي تَرَكْتُ﴾ كأنه قال علمني لأني تركت ﴿مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وهم بِالآخِرَةِ هم كافِرُونَ﴾ لتأكيد كفرهم كرر الضمير ﴿واتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إبْراهِيمَ وإسْحاقَ ويَعْقُوبَ ما كانَ﴾: ما صح وما استقام، ﴿لَنا أن نُّشْرِكَ بِاللهِ مِن شَيْء﴾ أيُّ شيء كان ﴿ذَلِكَ﴾: التوحيد ﴿مِن فَضْلِ اللهِ عَلَيْنا وعَلى النّاسِ﴾: على الرسل والمرسل إليهم فإنهم أرشدوهم إلى فضل الله ونبهوهم عليه ﴿ولَكِنَّ أكثَرَ النّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ﴾ ذلك الفضل، بل يعرضون عنه ﴿يا صاحِبَي السِّجْنِ﴾: يا ساكنيه دعاهما إلى الإسلام فقال: ﴿أأرْبابٌ متَفَرِّقُونَ﴾: آلهة شتى واحد من فضة وواحد من ذهب وواحد من حديد وواحد من حجر ﴿خَيْرٌ أمِ اللهُ الواحِدُ القَهّارُ﴾: الذي ذل كل شيء لعز جلاله ﴿ما تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ﴾: من دون الله خطاب لهما ولمن على دينهما ﴿إلّا أسْماءً سَمَّيْتُمُوها أنْتُمْ وآباؤُكُمْ﴾ إلا أسماء خالية عن المعنى لا مسميات تحتها فإنهم سموا ما لا يستحق الإلهية آلهة ثم يعبدونها ﴿ما أنْزَلَ اللهُ بِها﴾: بتسميتها، ﴿مِن سُلْطانٍ﴾: حجة ﴿إنِ الحُكْمُ﴾: الأمر والنهي ﴿إلا لله أمَرَ﴾: على لسان أنبيائه ﴿ألّا تَعْبُدُوا إلّا إيّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ﴾: المستقيم الذي لا عوج فيه ﴿ولَكِنَّ أكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾: فيهلكون في جهالتهم ﴿يا صاحِبَي السجْنِ أمّا أحَدُكُما﴾ أي: الشرابي ﴿فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا﴾: يعود منصبه إليه ﴿وأمّا الآخَرُ﴾ أي: الخباز ﴿فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَأْسِهِ﴾ قال بعضهم: لما عبر رؤياهما قالا: ما رأينا شيئًا فقال: ﴿قُضِيَ الأمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ﴾: هذا ما يئول إليه أمركما وهو لا محالة واقع صدقتم أو كذبتم وفي الحديث ”الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر فإذا عبرت وقعت، وأيضًا“ الرؤيا لأول عابر " ﴿وقالَ﴾: يوسف ﴿لِلَّذِي ظَنَّ﴾: علم يوسف ﴿أنَّهُ ناجٍ مِنهُما﴾: أو الظان الشرابي ﴿اذْكُرْنِي﴾: اذكر حالي ﴿عِنْدَ رَبِّكَ﴾ أي: الملك كي يخلصني، ﴿فَأنْساهُ﴾ أي: الشرابي، ﴿الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ﴾ أي: ذكره لربه أو معناه أنسى الشيطان يوسف ذكر ربه فاستعان بغير الله تعالى [[في غاية البعد، والصحيح الأول.]]، ﴿فَلَبِثَ في السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ﴾ هو ما بين الثلاث إلى التسع وأكثرهم على أنه سبع سنين.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب