الباحث القرآني

﴿وقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكم مِن أرْضِنا أوْ لَتَعُودُنَّ في مِلَّتِنا﴾ حلفوا بأن لا محالة يكون أحد الأمرين، إما إخراجكم وإما عودكم، والأنبياء ما كانوا على ملة الكفرة، فلذلك قالوا العودة بمعنى الصيرورة، ﴿فأوْحى إلَيْهِمْ﴾ إلي الرسل، ﴿رَبُّهم لَنُهْلِكَنَّ الظّالِمِينَ (١٣) ولَنُسْكِنَنَّكُمُ الأرْضَ﴾ أي: أرضهم، ﴿مِن بَعْدِهِمْ ذَلِكَ﴾ أي: وعدي هذا، ﴿لِمَن خافَ مَقامِي﴾، موقفه بين يدي الله في القيامة، ﴿وخافَ وعِيدِ﴾: تخويفي وعذابي، ﴿واسْتَفْتَحُوا﴾، استنصرت الرسل ربها على قومها وسألوا منه الفتح على أعدائهم أو استفتحت الأمم الفتح كما قالوا: ﴿اللهُمَّ إنْ كانَ هَذا هو الحَقَّ مِن عِنْدِكَ فَأمْطِرْ﴾ الآية أو الضمير للرسل والأمم أي: سألوا كلهم نصر المحق وهلاك المبطل، ﴿وخابَ كُلُّ جَبّارٍ عَنِيدٍ﴾: متكبر معاند للحق كأنه قال استفتحت الرسل فنصروا وأفلحوا وخاب أو استفتح الكافر فلم يفلح وخاب، ﴿مِّن ورائِهِ جَهَنَّم﴾ أي: أمامه وبين يديه وقيل: من وراءه حياته، ﴿ويُسْقى﴾ نقديره من وراءه جهنم يلقى فيها ويسقى، ﴿مِن ماءٍ صَدِيدٍ﴾؛ ما يسيل من جلود أهل النار من القيح والدم قيل ما يسيل من فروج الزناة يسقاه الكافر عطف بيان للماء، ﴿يَتَجَرَّعُهُ﴾: يتكلف جرعه يعني يشربه قهرًا، فإنه لا يضعه في فمه حتى يضربه الملك بمطراق من حديد، [وهو صفة لـ ماءٍ] [[زيادة من تفسير البيضاوي.]] أو حال من ضمير يسقى، ﴿ولا يَكادُ يُسِيغُهُ﴾: لا يقارب أن يسيغه، فكيف يكون إلا ساغه وهي جواز الشراب على الحلق بسهولة، ﴿ويَأْتِيهِ المَوْتُ﴾ أي: أسبابه من الشدائد، ﴿مِن كُلِّ مَكانٍ﴾: من جميع جوانبه وقيل: كل مكان من أعضائه، ﴿وما هو بِمَيِّتٍ﴾: ليستريح، ﴿ومِن ورائِه﴾ بين يديه، ﴿عَذابٌ غَلِيظٌ﴾ أي: له عذاب آخر أدهى وأمر، فإن أنواع عذاب الله تعالى لا يحصيها إلا هو، ﴿مَثَلُ الذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ﴾ مبتدأ، ﴿أعْمالُهم كَرَمادٍ﴾، خبره أو تقديره فيما يقص عليكم مثل الذين كفروا وقوله أعمالهم كرماد مستأنفة كأنه قيك: كيف أعمالهم؟ فقال: أعمالهم كرماد، أو أعمالهم بدل وكرماد خبره، ﴿اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ في يَوْمٍ عاصِفٍ﴾ العصف اشتداد الريح فهو في المبالغة كنهاره صائم يعني لا ينتفعون بأعمالهم ولا يجدونها كرماد ذرته الريح هل يجد أحد منه ذرة، ﴿لا يَقْدِرُونَ﴾: في القيامة، ﴿مِمّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ﴾: لحبوطه، ﴿ذَلِكَ﴾ إشارة إلى عدم وجدان أعمالهم، ﴿هُوَ الضَّلالُ البَعِيدُ﴾ فإنه الغاية في البعد عن الحق، ﴿ألَمْ تَرَ﴾: يا محمد والمراد خطاب أمته، ﴿أنْ الله خَلَقَ السَّماواتِ والأرْضَ بِالحَقِّ﴾ لا بالباطل في خلقه حكم ومصالح، ﴿إن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ﴾ يعدمكم، ﴿ويَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ﴾: يخلق خلقًا آخر مكانكم أطوع منكم فإن من قدر على خلق السماوات والأرض قدر على مثل ذلك، ﴿وما ذَلِكَ عَلى اللهِ بِعَزِيزٍ﴾: بمتعسر ومن كان كذلك فحقيق بأن يعبد رجاء لثوابه وخوفًا من عقابه، ﴿وبَرَزُوا لله جَمِيعًا﴾: خرجوا من قبورهم إلى الله وظهروا، ﴿فَقالَ الضُّعَفاءُ﴾ الأتباع، ﴿لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا﴾: رؤسائهم الذين استكبروا عن عبادة الله - تعالى -، أو تكبروا على الناس، ﴿إنّا كُنّا لَكم تَبَعًا﴾: في الدين جمع تابع، ﴿فَهَلْ أنْتُمْ مُغْنُونَ﴾، دافعون، ﴿عَنّا مِن عَذابِ اللهِ﴾ حال ومن للتبيين، ﴿مِن شَيْءٍ﴾، مفعول ومن للتبعيض، ﴿قالُوا﴾ أي: الرؤساء جوابًا عن الضعفاء، ﴿لَوْ هَدانا اللهُ لَهَدَيْناكُمْ﴾ أي: لو هدانا الله طريق النجاة من العذاب لهديناكم لكن حقت كلمة العذاب على الكافرين، أو لو هدانا الله ووفقنا للإيمان لهديناكم، أي: إنما أضللناكم لأنا كنا على الضلال، ﴿سَواءٌ عَلَيْنا أجَزِعْنا أمْ صَبَرْنا﴾ هما مستويان علينا، ﴿ما لَنا مِن مَحِيصٍ﴾: مهرب نقل أن بعض أهل النار قالوا لبعضهم: تعالوا نبكي ونتضرع، فإنما أدركوا الجنة بالبكاء والتضرع، فلما رأوا ذلك لا ينفعهم، قالوا: تعالوا نصبر فإنما أدركوها بالصبر فصبروا صبرًا لم ير مثله، فلما لم ينفعهم قالوا: ﴿سَواءٌ عَلَيْنا أجَزِعْنا أمْ صَبَرْنا ما لَنا مِن مَحِيصٍ﴾.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب