الباحث القرآني

﴿يوْمَ﴾ منصوب بـ غفور رحيم أو بتقدير اذكر، ﴿تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها﴾ تحتج عن ذاتها وتسعي في خلاصها، ﴿وتُوَفّى كُلُّ نَفْسٍ﴾،: جزاء ﴿مّا عَمِلَتْ وهم لاَ يُظْلَمُون﴾: بنقص أجورهم، ﴿وضَرَبَ اللهُ مَثَلًا قَرْيَةً﴾ أي: جعلها مثلًا لمن أنعم الله عليه فكفر بالنعمة فأنزل الله عليه النقمة، ﴿كانَتْ آمِنَةً﴾ أي: كـ مكة كانت ذات أمن، ﴿مُطْمَئِنَّةً﴾: مستقرة لا يزعج أهلها خوف، ﴿يَأْتِيها رِزْقُها﴾: أقواتها، ﴿رَغَدًا﴾: واسعًا، ﴿مِن كُلِّ مَكانٍ﴾: من نواحيها، ﴿فَكَفَرَتْ بِأنْعُمِ اللهِ فَأذاقَها اللهُ لِباسَ الجُوعِ والخَوْفِ﴾ قد جرت الإذاقة عندهم مجرى الحقيقة لشيوعها في الشدائد فيقولون ذاق فلان البؤس، واستعار اللباس لما غشيهم واشتمل عليهم من الجوع والخوف، ثم إن أهل مكة لما استعصوا فدعا عليه السلام عليهم بسبع كسبع يوسف أصابتهم حتى أكلوا العظام المحرقة والجيف، وأما الخوف فمن سطوة سرايا المؤمنين حتى فتح الله على أيديهم، ﴿بِما كانُوا يَصْنَعُونَ﴾: بسبب صنيعهم، ﴿ولَقَدْ جاءَهم رَسُولٌ مِنهُمْ﴾: من نسبهم وأصلهم، ﴿فَكَذبُوهُ فَأخَذَهُمُ العَذابُ﴾ من الجوع والخوف والقتل، ﴿وهُم ظالِمُونَ﴾ أي: حال التبساهم بالظلم، ﴿فَكُلُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اللهُ﴾ أمرهم الله بأكل الحلال وشكر النعمة بعد أن هددهم وزجرهم عن الكفر، ﴿حَلالًا طَيِّبًا﴾ مفعول كلوا والظرف حال أو بالعكس، ﴿واشْكرُوا نِعْمَتَ اللهِ إن كنتُمْ إيّاهُ تَعبدُونَ﴾ إن كنتم تطيعون الله وحده، ﴿إنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ المَيْتَةَ والدَّمَ ولَحْمَ الخِنْزِيرِ وما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ ولا عادٍ فَإنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ عدد عليهم ما حرم الله لا ما حرموا من عند أنفسهم من البحائر والسوائب وغيرهما بعد ما أمرهم بتناول ما أحل لهم وقد مر تفسيره مفصلًا في سورة البقرة، ﴿ولا تَقُولُوا لِما تَصِفُ ألْسِنَتُكُمُ الكَذِبَ هَذا حَلالٌ وهَذا حَرامٌ﴾ وصف ألسنتهم الكذب مبالغة في كذبهم كأن الكذب مجهول وألسنتهم تعرفه وتصفه بكلامهم هذا كقولهم: وجهها يصف الجمال والكذب مفعول تصف وما مصدرية أي: لا تقولوا هذا حلال وهذا حرام لوصف ألسنتكم الكذب يعني: لا تحللوا ولا تحرموا بمجرد قول ينطق به ألسنتكم من غير حجة، أو نصب الكذب بـ لا تقولوا واللام في لما تصف كاللام في لا تقولوا لما أحل الله لك هذا حرام وقوله هذا حلال وهذا حرام بدل من الكذب أو متعلق بـ تصف على إرادة القول، أي: لا تقولوا الكذب لما تصفه ألسنتكم من الأنعام والحرث بالحل والحرمة فيقول هذا حلال وهذا حرام، ﴿لِّتَفْتَرُوا عَلى اللهِ الكَذِبَ﴾ اللام لام العاقبة، ﴿إنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلى اللهِ الكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ﴾: لا ينجون من عذابه، ﴿مَتاعٌ قَلِيلٌ﴾ أي: ما يفترون لأجله أو ما هم فيه منفعة قليلة، ﴿ولَهُمْ﴾: في الآخرة، ﴿عَذابٌ ألِيمٌ وعَلى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا ما قَصَصْنا عَلَيْكَ﴾ في سورة الأنعام وهو: ﴿وعَلى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ﴾ [الأنعام: ١٤٦] الآية، ﴿مِن قَبْلُ وما ظَلَمْناهُمْ﴾: بالتحريم، ﴿ولَكِن كانُوا أنفُسَهم يَظْلِمُونَ﴾ فاستحقوا التضييق عليهم وهذا إشارة إلى أن تحريم بعض الأشياء على المؤمنين لمضرة فيه وعناية في شأنهم وأما تحريم بعض الأشياء على اليهود فجزاء نكالهم وتضييق عليهم كما قال تعالى: ”فبظلمٍ من الذين هادوا“ الآية [النساء: ١٦٠]، ﴿ثُمَّ إنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ﴾ لا عليهم أي: لهم بالنصر والرحمة، ﴿عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهالَةٍ﴾ أي: متلبسين بها أو بسببها، وعن بعض السلف كل من عصى الله فهو جاهل، ﴿ثُمَّ تابُوا مِن بَعْدِ ذلِكَ وأصْلَحُوا﴾، حالهم، ﴿إذ رَبَّكَ مِن بَعْدِها﴾ من بعد التوبة، ﴿لَغَفُورٌ﴾: كثير المغفرة، ﴿رحِيمٌ﴾: واسع الرحمة لهم فيثيبهم على أعمالهم وجاز أن يكون لغفور رحيم خبر إن الأولي وإن ربك من بعدها تكرير وتأكيد.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب