الباحث القرآني

﴿وإذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إلّا إبْلِيسَ﴾ قد مرَّ الخلاف في أن المأمورين جملة الملائكة أو ملائكة الأرضين، ﴿قالَ أأسْجُدُ لِمَن خَلَقْتَ﴾ أي: لمن خلقته، ﴿طِينًا﴾ حال من ﴿مَن﴾ أو من ضميره أو نصبه بنزع الخافض، ﴿قالَ﴾: إبليس ﴿أرَأيتَكَ﴾ أي: أخبرني والكاف لتأكيد الخطاب لا محل له من الإعراب، ﴿هَذا﴾ مفعول أرأيت، ﴿الذِي﴾ صفة هذا، ﴿كَرَّمْتَ عَلَيَّ﴾ أي: أخبرني عن هذا الذي فضلته عليَّ بأن أمرتني [بالسجود له] لم كرمته عليَّ فمتعلق الاستخبار محذوف يدل عليه الصلة ﴿لَئِنْ أخَّرْتَنِ إلى يَوْمِ القِيامَةِ﴾ اللام توطئة القسم وجوابه، ﴿لَأحْتَنِكَنَّ﴾ لأستأصلن، ﴿ذُرِّيَّتَهُ﴾: بالإغواء، ﴿إلّا قَلِيلًا﴾ لا أقدر أن أقاومهم وكأنه لعنه الله تفرس من خلقه فإنه قد جبل بشهوة ووهم وغضب، ﴿قالَ﴾: الله: ﴿اذهَبْ﴾ أي: خليتك وأنظرتك فامض لما قصدت، ﴿فَمَن تَبِعَكَ مِنهم فَإنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ﴾ أي: جزاؤك وجزاؤهم فغلب المخاطب، ﴿جَزاءً موْفورًا﴾: مكملًا ونصب جزاء بما في جزاؤكم من معنى تجازون أو بإضمار تجازون وجاز أن يكون حالًا فإنه مقيد بـ موفورا، ﴿واسْتَفزِزْ﴾: استخف، ﴿مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنهُم﴾: أن تستفزه، ﴿بِصَوْتِكَ﴾: بدعائك إلى معصية الله وعن ابن عباس كل داع دعا إلى معصية الله فهو شيطان يصوته، وقيل هو الغناء والمزامير، ﴿وأجْلِبْ﴾: صِحْ ﴿عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ ورَجِلِكَ﴾ الخيل الفرسان والرجل اسم جمع للراجل، أي: صح عليهم بأعوانك من راكب وراجل وهو كل راكب وماشٍ في المعصية، وعن قتادة أن له خيلًا ورجالًا من الجن والإنس، قيل: هذا تمثيل لتسطله بشخص كثير الغارة صوت على قوم فاستفزهم وأقلقهم عن أماكنهم وأجلب عليهم بجنده فاستأصلهم، والمعنى تسلط عليهم بكل ما تقدر والمراد من الأمرين أمر القدري أو أمر تهديد، ﴿وشارِكْهم فى الأمْوالِ﴾ كل ما أُنفق في حرام أو جُمع من حرام ﴿والأوْلادِ﴾، ببعثهم على الزنا حتى يكون الولد منه وعلى قتلهم خشية إملاق وعلى تسميتهم بعبد الشمس ونحوه وغير ذلك، ﴿وعِدْهمْ﴾ المواعيد الباطلة كشفاعة الآلهة وكرامة الآباء، ﴿وما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إلّا غُرُورًا﴾ والغرور تزيين الخطأ بما يوهم أنه صواب، ﴿إن عِبادِي﴾ أي: المخلصين، ﴿لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ﴾: تسلط على إغوائهم، ﴿وكَفى بِرَبِّكَ وكِيلًا﴾ أي: كفى الله لأن يكل أولياءه فيعصمهم منك، ﴿رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي﴾: يجري، ﴿لَكُمُ الفُلْكَ في البَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ﴾: لتطلبوا من رزقه وتتجروا، ﴿إنَّهُ كانَ بِكم رَحِيمًا﴾ حيث هيأ لكم ما تحتاجون، ﴿وإذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ﴾: خوف الغرق، ﴿فِي البَحْرِ ضَلَّ﴾: زال عن خاطركم، ﴿مَن تَدْعُونَ﴾: كل من تدعونه، ﴿إلّا إيّاهُ﴾: الله وحده فحينئذ لا يخطر ببالكم سواه فتدعونه وحده، ﴿فَلَمّا نَجّاكمْ﴾، من الغرق، ﴿إلى البَرِّ أعْرَضتمْ﴾: عن التوحيد، ﴿وكانَ الإنسان كَفُورًا﴾ يعني سجية الإنسان نسيان النعم وجحدها، ﴿أفَأمِنتُمْ﴾ الهمزة للإنكار والفاء عطف على محذوف أي: أنجوتم من البحر فأمنتم من ﴿أن يَخْسِفَ بِكمْ جانِبَ البَرِّ﴾ أي: يقلبه الله وأنتم عليه وبكم حال من مفعول يخسف أو الباء للسببية متعلق بـ يخسف وذكر الجانب إشارة إلى أنهم إذا وصلوا الساحل أعرضوا وأن الجوانب بقدرة الله، ﴿أوْ يُرْسِلَ عَلَيْكم حاصِبًا﴾: المطر الذي فيه الحجارة أو الريح التي ترمي بالحصباء، ﴿ثُمَّ لاَ تَجِدوا لَكمْ وكِيلًا﴾: يحميكم من العذاب، ﴿أمْ أمِنتمْ أن يُعِيدَكمْ فِيهِ﴾: في البحر، ﴿تارَةً أُخْرى فَيُرْسِلَ عَلَيْكم قاصِفًا مِنَ الرِّيحِ﴾: ريحًا تكسر كل شيء تمر عليه، ﴿فَيُغْرِقَكم بِما كَفَرْتُمْ﴾: بسبب كفركم أو كفرانكم، ﴿ثمَّ لاَ تَجِدُوا لَكم عَلَيْنا بِهِ تَبِيعًا﴾، التبيع المُطالِبُ أي: لا تجدوا أحدًا يطالبنا بما فعلنا انتقامًا منا، ﴿ولَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ﴾: بأشياء كثيرة منها العقل والنطق وحسن الصورة، ﴿وحَمَلْناهم في البَرِّ والبَحْرِ﴾ على الدواب والسفن، ﴿ورَزَقْناهُم مِّنَ الطيِّباتِ﴾، المستلذات، ﴿وفَضَّلْناهم عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا﴾ أي: كثيرًا بينًا وافرًا ولا يلزم من هذه الآية على ما فسرنا تفضيل الملائكة نعم يلزم نفي الأفضلية الكثيرة الوافرة ولا يلزم من نفي هذه الأفضلية نفي مطلقها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب