الباحث القرآني

﴿فانطَلَقا﴾: على الساحل يطلبان سفينة ﴿حَتّى إذا رَكِبا في السَّفِينَةِ خَرَقَها﴾: عرف أهل السفينة الخضر وحملوهما بغير نول، فأخذ الخضر قدومًا وقلع من ألواح السفينة لوحًا ﴿قالَ﴾: موسى، ﴿قالَ أخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ﴾ قيل: اللام لام العاقبة لا لام التعليل ﴿أهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إمْرًا﴾: عظيمًا من أمِرَ الأمْرُ إذا عظم ﴿قالَ ألَمْ أقُلْ إنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا قالَ﴾: له موسى: ﴿لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ﴾، ما يحتمل الموصولية والمصدرية يعني نسيت وصيتك ولا مؤاخذة على الناسي، وفي الحديث الصحيح كانت الأولى من موسى نسيانًا ﴿ولا تُرْهِقنِي﴾: لا تغشني، ﴿مِن أمْرِي عُسْرًا﴾: بالمؤاخذة على المنسي وعسرًا ثاني مفعوليه يقال رهقه إذا غشيه وأرهقه إياه ﴿فانْطَلَقا﴾ بعدما خرجا من السفينة ﴿حَتّى إذا لَقِيا غُلامًا﴾: يلعب مع الغلمان، وكان أحسنهم ﴿فَقَتَلَهُ﴾: الخضر بأن أخذ رأسه فاقتلعه، أو ذبحه أو ضرب رأسه بحجر ﴿قالَ أقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً﴾: طاهرة من الذنوب فإنه صغير ﴿بِغَيْرِ نَفْسٍ﴾ أي: لم تقتل نفسًا وجب عليها القتل ﴿لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا﴾: منكرًا لما كان هذا أقبح بحسب الظاهر بالغ في إنكاره ﴿قالَ ألَمْ أقلْ لَكَ﴾ زاد في هذه المرة لك زيادة لعتابه على رفض وصيته وقلة صبره ﴿إنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا قالَ إنْ سَألْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها﴾ سؤال اعتراض وإنكار ﴿فَلا تُصاحِبْنِي قَدْ بَلَغتَ﴾: وجدت، ﴿مِن لَدُنِّي﴾: من قبلي ﴿عُذْرًا﴾: لما خالفتك مرارًا وفي الحديث: ”رحمة الله علينا وعلى موسى لو لبث مع صاحجه لأبصر العجب“، ﴿فانْطَلَقا حَتّى إذا أتَيا أهْلَ قَرْيَةٍ﴾ هي أنطاكية، وقيل أيلة ﴿اسْتَطْعَما أهْلَها﴾: سألاهم الطعام ﴿فَأبَوْا أنْ يُضَيِّفُوهُما فَوَجَدا فِيها جِداَرًا يُرِيدُ أنْ يَنْقَضَّ﴾ استعار الإرادة للمداناة والمشارفة، كما استعير الهم والعزم لذلك، يقال: عزم السراج أن يطفأ إذا قرب، وانقض: إذا أسرع سقوطه، ﴿فأقامَهُ﴾ قال: بيده فأقامه أو هدمه فبناه ﴿قالَ لَوْ شِئْتَ﴾: أن نأخذ جعلًا ﴿لاتَّخَدتَ عَلَيْهِ أجْرًا﴾ والتاء من تخذ أصل كتَبِعَ، وليس من الأخذ يعني: قد علمت أنا جياع حتى افتقرنا إلى المسألة، فما وجدنا مواسيًا فلو أخذت على عملك أجرًا ﴿قالَ هَذا فِراقُ بَيْنِي وبَيْنِكَ﴾ إشارة إلى الفراق الموعود بقوله: لا تصاحبني كهذا أخي إشارة إلى الأخ، أو إشارة إلى السؤال الثالث أي: هذا الاعتراض سبب فراقنا، أو إشارة إلى الوقت أي: هذا وقت فراقنا، وإضافته إلى البين من إضافة المصدر إلى الظرف للاتساع ﴿سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا أمّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ﴾ قيل: فيه دليل على أن المسكين يطلق أيضًا على ما لا يملك شيئًا يكفيه ﴿يَعْمَلُونَ في البَحْرِ فَأرَدْتُ أنْ أعِيبَها﴾: أجعلها ذات عيب ﴿وكانَ وراءَهُمْ﴾ أي: أمامهم ﴿مَلِكٌ يَأخُذُ كُل سَفِينَةٍ﴾: صالحة جيدة ﴿غَصْبًا﴾ نصب بالحال أو بالمفعول له ﴿وأمّا الغُلامُ فَكانَ أبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينا أنْ يُرْهِقَهُما﴾: يغشيهما ﴿طُغْيانًا وكُفْرًا﴾ يعني: يحملهما حبه على متابعته على الفساد والكفر، وفي الحديث: ”الغلام الذي قتله الخضر طبع يوم طبع كافرًا“ ﴿فَأرَدْنا أنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما﴾: يرزقهما بدله ولدًا ﴿خَيْرًا مِنهُ زَكاةً﴾: طهارة وتقوى ﴿وأقْرَبَ رُحْمًا﴾: رحمة وعطفًا على والديه عن كثير من السلف: أبدلهما الله جارية فقيل: تزوجها نبي وولدت نبيا هدى الله به أمة من الأمم، وعن ابن جريج لما قتله الخضر كانت أمه حاملًا بغلام مسلم، ونصب رُحْمًا وزَكاةً على التمييز ﴿وأمّا الجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ في المَدِينَةِ﴾ أي: في تلك المدينة ﴿وكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما﴾ أي: مال وعن كثير من السلف أنه لوح من ذهب مكتوب فيه بسم الله الرحمن الرحيم عجبًا لمن أيقن بالموت كيف يفرح؟! عجبًا لمن آمن بالقدر كيف ينصب؟! عجبًا لمن أيقن بالرزق كيف يتعب؟! عجبًا لمن أيقن بالحسنات كيف يعقل؟! عجبًا لمن أيقن بزوال الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن؟! لا إله إلا الله محمد رسول الله وفي بعض الروايات: عجبًا لمن عرف النار كيف يضحك؟! وقيل: مكتوب في الجانب الآخر أنا الله لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي خلقت الخير والشر، فطوبى لمن خلقته للخير فأجريته على يديه، والويل لمن خلقته للشر وأجريته على يديه، وعن بعض السلف أنه كنز علم. قيل لا منافاة بين الأقوال؛ لأن اللوح الذهبي هو مال، وما كتب فيه كنز علم ﴿وكانَ أبُوهُما صالِحًا﴾ كان بينهما وبين الأب الذي حفظا به سبعة آباء وكان نساجًا، ويعلم منه أن الرجل الصالح يحفظ في ذريته ﴿فَأرادَ رَبُّكَ أنْ يَبْلُغا أشُدَّهُما﴾: حلمهما وكمال رأيهما ﴿ويَسْتَخْرِجا كَنْزَهُما﴾ ولو سقط الجدار لتلف الكنز ﴿رَحْمَةً مِن ربِّكَ﴾ نصب على المفعول له، ﴿وما فَعَلْتُهُ﴾ أي: ما رأيت ﴿عَن أمرِي﴾: رأيي واختياري، بل فعلته بأمر الله ﴿ذَلِكَ تَأوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ﴾ أي: تستطع حذف التاء تخفيفًا ﴿عَلَيْهِ صَبْرًا﴾.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب