الباحث القرآني

﴿تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ في السَّماءِ بُرُوجًا﴾،: قصورًا عالية هي الكواكب السبعة السيارة كالمنازل لسكانها أو البروج الكواكب العظام، ﴿وجَعَلَ فِيها سِراجًا﴾: الشمس ومن قرأ سُرُجًا فمراده الكواكب الكبار، ﴿وقَمَرًا مُنِيرًا﴾: مضيئًا بالليل، ﴿وهُوَ الذي جَعَل اللَّيْلَ والنَّهارَ خِلْفَةً﴾ أي: ذوي خلفة يعقب هذا ذاك وذاك هذا، ويخلف كل واحد منهما الآخر بأن يقوم مقامه فيما ينبغي أن يعمل فيه فمن فاته عمله في أحدهما قضاه في الآخر والفعلة بالكسر كالجلسة للحالة، وبالفتحة للمرة، ﴿لِمَن أرادَ أنْ يَذَّكَّرَ﴾: لينظر في اختلافهما فيعلم أن له صانعًا قادرًا حكيمًا، ﴿أوْ أرادَ شُكُورًا﴾: أن يشكر الله أو ليكونا وقتين للمتذكرين، والشاكرين من فاته ورده في أحدهما قام به في الآخر، ﴿وعِبادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُون عَلى الأرْضِ هَوْنًا﴾، هينين أو مشيًا هينًا بسكينة ووقار من غير جبرية، واستكبار لا مشي المرضى، فإنه مكروه وهو مبتدأ خبره الذين يمشون، أو أولئك يجزون الغرفة، ﴿وإذا خاطَبَهُمُ الجاهِلُونَ قالُوا سَلامًا﴾، أي: إذا خاطبوهم بما يكرهونه قالُوا سَلامًا من القول يسلمون فيه من الإثم أو تسليمًا منكم لا خير بيننا ولا شر قال تعالى: ”وإذا سمعوا اللغو“ الآية [القصص: ٥٥]، وعن الحسن البصرى قالوا: السلام، وفي الحديث ما يؤيده، ﴿والَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وقِيامًا﴾، تخصيص البيتوتة، لأن الصلاة بالليل أفضل، ﴿والَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا اصْرِفْ عَنّا عَذابَ جَهَنَّمَ إنَّ عَذابَها كانَ غَرامًا﴾، هلاكًا ملحًّا لازمًا، ﴿إنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا ومُقامًا﴾، مُسْتَقَرًّا مفسر لضمير مبهم في ساءت، والمخصوص بالذم المقدر هو سبب الربط بين اسم إن وخبرها، أي: بئست مُسْتَقَرًّا هي، قيل: التعليلان من كلام الله أو حكاية لكلامهم، ﴿والَّذِينَ إذا أنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا ولَمْ يَقْتُرُوا وكانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوامًا﴾: ليسوا مبذرين، ولا بخلاء، بل يكون إنفاقهم عدلًا وسطًا، وقوامًا إما خبر ثان أو حال مؤكدة، وقد فسر بعض المفسرين الإسراف بالنفقة في معصية الله وإن قلَّت، والإقتار بمنع حق الله، وليت شعري كيف يصح مع قوله، وكان إنفاقهم بين الإسراف، والتقتير قوامًا فتأمل، ﴿والَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إلَهًا آخَرَ ولا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ﴾، قتلها، ﴿إلّا بِالحَقِّ﴾،: متعلق بـ لا يقتلون، أو بالقتل المقدر، ﴿ولا يَزْنُونَ ومَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أثامًا﴾، جزاء إثمه، أو الآثام وادٍ، أو بئر في جهنم، ﴿يُضاعَفْ لَهُ العَذابُ يَوْمَ القِيامَةِ﴾، بدل من يَلْقَ أثامًا، ﴿ويَخْلُدْ فِيهِ مُهانًا﴾، وتضعيف العذاب والخلود فيه لانضمام الكبيرة إلى الكفر، ﴿إلّا مَن تابَ وآمَنَ وعَمِلَ عَمَلًا صالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ﴾، أي: تنقلب بنفس التوبة النصوح فإنه كلما تذكر ما مضى تحسر وندم واستغفر، فيقلب الله ذنبه طاعة، فالعبد يتمني أن تكون سيئاته أكثر من ذلك، والأحاديث الصحاح تدل على هذا المعنى، أو أنه يمحوها ويثبت مكانها الإيمان، وما عمل من الطاعة في إسلامه، ﴿وكانَ اللهُ غفورًا رحِيمًا﴾، فلذلك يعفو عن السيئات، ويبدلها، ﴿ومَن تابَ﴾،: عن المعاصي، ﴿وعَمِلَ صالِحًا فَإنَّهُ يَتُوبُ إلى اللهِ﴾، يرجع إليه بذلك، ﴿مَتابًا﴾: مرضيًا عنده، أو يرجع إلى ثوابه مرجعًا حسنًا، ﴿والَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ﴾: لا يحضرون محاضر الباطل، أو لا يقيمون الشهادة الباطلة، ﴿وإذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ﴾: المعاصي كلها لغو، ﴿مَرُّوا كِرامًا﴾: مكرمين أنفسهم عما يشينهم مسرعين معرضين يعني لم يحضروا مجالسه، وإذا اتفق مرورهم به لم يتدنسوا بشيء، ﴿والَّذِينَ إذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ﴾: وعظوا بالقرآن، ﴿لَمْ يَخِرُّوا﴾: لم يسقطوا ولم يقيموا، ﴿عَلَيْها صُمًّا وعُمْيانًا﴾، يعني لم يقيموا عليها غير واعين ولا غير متبصرين بما فيها، بل سامعين بآذان واعية مبصرين بعيون راعية، فالنفي متوجه إلى القيد، ﴿والَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِن أزْواجِنا وذُرِّيّاتِنا قُرَّةَ أعْيُنٍ﴾: يسألون أن تكون أزواجهم وأولادهم مطيعين لله أبرارا تقرُّ بهم عيونهم ويسرون برؤيتهم، ومن بيانية كرأيت منك أسدًا أو ابتدائية، ﴿واجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إمامًا﴾: أئمة يقتدي بنا في الخير، ولنا نفع متعدٍ إلى غيرنا، وُحِّد إمامًا لأن المراد كل واحد، أو [لأنه] مجموع لاتحاد طريقتهم كنفس واحدة، أو لدلالته على الجنس، ولا لبس [وقيل جمع آم كصائم وصيام] [[ما بين المعقوفتين زيادة من تفسير البيضاوي. اهـ (مصحح النسخة الإلكترونية).]] أي: اجعلنا قاصدين تابعين للمتقين، ﴿أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الغُرْفَةَ﴾: الدرجة الرفيعة في الجنة، وهي اسم جنس أريد به الجمع، ﴿بما صَبَرُوا﴾: على طاعة الله وبلائه وعن محارمه، ﴿ويُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وسَلامًا﴾: تحييهم الملائكة، وتسلم عليهم، وبعضهم بعضًا لقاهم كذا أي: استقبالهم به، ﴿خالِدِينَ فِيها حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا ومُقامًا﴾، مقابل ساءت مُسْتَقَرًّا ومقامًا في المعنى والإعراب، ﴿قُلْ ما يَعْبَأُ بِكُمْ﴾: ما يصنع بكم، ﴿ربي﴾: لا وزن ولا مقدار لكم عنده، ﴿لَوْلا دُعاؤُكُمْ﴾ إيمانكم وعبادتكم، أو ما يعبأ بخلقكم لولا عبادتكم يعني أن خلقكم لعبادته، أو ما يبالي مغفرتكم لولا دعاءكم معه آلهة أخرى، أو ما يفعل بعذابكم لولا شرككم، وما إن كانت استفهامية نصبت على المصدر، أي: أيُّ: عبأ يعبأ بكم، ﴿فَقَدْ كَذَّبْتُمْ﴾: بما أخبرتكم به، حيث خالفتموه، ﴿فَسَوْفَ يَكُونُ﴾: التكذيب أي: جزاؤه، ﴿لِزامًا﴾: لازمًا لا ينفك عنكم. اللهم اجعلنا ممن أحسنت مستقرهم ومقامهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب