الباحث القرآني

﴿ولَقَدْ أرْسَلْنا إلى ثَمُودَ أخاهم صالِحًا أنِ﴾ أي: بأن، ﴿اعْبُدُوا اللهَ فَإذا هم فَرِيقانِ﴾: فريق مؤمن وفريق كافر، ﴿يَخْتَصِمُونَ﴾، واختصامهم ما مر في سورة الأعراف ”قال الذين استكبروا“ [الأعراف: ٧٥] الآية، ﴿قالَ يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ﴾: بالعقوبة فتقولون: ائتنا بما تعدنا، ﴿قَبْلَ الحَسَنَةِ﴾: التوبة، فتؤخرونها إلى نزول العذاب، كانوا يقولون إن صدق إيعاده: تبنا حينئذ، زاعمين أنها مقبولة حينئذ، لخاطبهم عدى حسب اعتقادهم، ﴿لَوْلا﴾: هلا، ﴿تَسْتَغْفِرُونَ اللهَ﴾ قبل العذاب، ﴿لَعَلَّكم تُرْحَمُونَ﴾ فإنما لا تقبل حينئذ، ﴿قالُوا اطَّيَّرْنا﴾: تشاءمنا، ﴿بِكَ وبِمَن مَعَكَ﴾ فإنهم قحطوا وتفرقت كلمتهم منذ كذبوه، ﴿قالَ طائِرُكم عِنْدَ اللهِ﴾ أي: شؤمكم عنده أتاكم منه بكفركم، ﴿بَلْ أنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ﴾: تختبرون بالخير والشر، أضرب عن بيان الطائر إلى ذكر ما هو الداعي إلى الضراء، ﴿وكانَ في المَدِينَةِ﴾: في مدينة ثمود، ﴿تِسْعَةُ رَهْطٍ﴾ أي: أنفس، وقع تميزًا للتسعة، لأنه بمعنى الجماعة، وهو من الثلاثة أو من السبعة إلى العشرة، وهم الذين عقروا الناقة أبناء أشرافهم، ﴿يُفْسِدُونَ في الأرْضِ ولا يُصْلِحُونَ﴾ يعني: أعمالهم محض فساد، ﴿قالُوا تَقاسَمُوا بِاللهِ﴾ أي: قال بعضهم لبعض احلفوا، ﴿لَنُبَيِّتَنَّهُ﴾ أي: لنقتلنه ليلًا، ﴿وأهْلَهُ﴾، والبيات: مباغتة العدو ليلًا، ﴿ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ﴾ لولي دمه، ﴿ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أهْلِهِ﴾: ما حضرنا إهلاكهم، ﴿وإنّا لَصادِقُون﴾ أي: ونحلف إنا لصادقون، أو نقول له ذلك، والحال إنا عند الناس عظماء صادقون قيل: إنا لصادقون في ذلك القول لأنا ما حضرنا مهلكهم وحده، بل مهلكه ومهلكهم كأن الكذب عندهم أقبح من قتل نبي الله والمؤمنين، ﴿ومَكَرُوا مَكْرًا﴾ بتلك المواضعة، ﴿ومَكَرْنا مَكْرًا﴾: جازيناهم على ذلك، ﴿وهم لا يَشْعُرُونَ﴾ بمكرنا، ﴿فانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أنّا دَمَّرْناهُمْ﴾ فإنهم لما خرجوا لإهلاكهم بعد عقر الناقة دمغتهم الملائكة بالحجارة، أو جثم عليهم جبل فماتوا، ﴿وقَوْمَهم أجْمَعِينَ﴾: وإهلاكهم بالصيحة، وقراءة ”إنا“ بكسر الهمزة بالاستئناف، وخبر كان ”كيف“، وإن جعلتها تامة فـ ﴿كيف﴾ حال، أو بدل، ﴿فَتِلْكَ بُيُوتُهم خاوِيَةً﴾: خالية أو ساقطة، حال عاملها معنى الإشارة، ﴿بِما ظَلَمُوا﴾: بسبب ظلمهم، ﴿إن في ذَلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ فإن الجهال لا يتأملون حتى يتعظوا، ﴿وأنجَيْنا الَّذِينَ آمَنُوا وكانُوا يَتًقُونَ﴾: صالحًا ومن معه، ﴿ولوطًا﴾ أي: اذكره، ﴿إذْ قالَ﴾ بدل، ﴿لِقَوْمِه أتَأْتُونَ الفاحِشَةَ﴾ كأنها لقبحها ليست الفاحشة إلا إياها، ﴿وأنتمْ تُبْصِرُونَ﴾: يبصر بعضكم بعضًا لا تستترون، وتأتون في ناديكم المنكر، أو تعلمون أنها فاحشة، ﴿أئِنَّكم لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً﴾: تتركون المانع الشرعي والزاجر العقلي بمجرد شهوة، ﴿مِن دُونِ النِّساءِ﴾ التي لا مانع لها لا شرعيًا ولا طبعيًا، ﴿بَلْ أنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُون﴾: سفهاء، ولما كان القوم في معنى المخاطب ذكر الفعل بصيغة الخطاب، ﴿فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إلّا أنْ قالُوا أخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِن قَرْيَتِكم إنَّهم أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ﴾: يتنزهون عن أفعالنا ويعدونها أقذارًا، وعن ابن عباس: هذا استهزاء، ﴿فَأنْجَيْناهُ وأهْلَهُ إلّا امْرَأتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الغابِرِينَ﴾ أي: قدرنا كونها من الباقين في العذاب، ﴿وأمْطَرنا عَلَيْهِم مَّطَرًا﴾: هو الحجارة، ﴿فَساءَ مَطَرُ المُنْذَرِينَ﴾ قد مر إعرابه في آخر سورة الشعراء فتذكر، ﴿قُلِ﴾ يا محمد: ﴿الحَمْدُ لله وسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى﴾ أمره أن يحمد على نصرة أوليائه وإهلاك أعدائه وأن السلام على عباد الله المصطفين الأخيار، وهم الأنبياء، وعن ابن عباس هم الصحابة اصطفاهم لنبيه رضي الله عنهم، ﴿آللهُ﴾ الذي نجّى من وحَّدَه من الهلاك، ﴿خَيْرٌ أمّا يُشْرِكُونَ﴾ الأصنام التي لم تغن شيئًا عن عابديها، وهو إلزام لهم وتسفيه لرأيهم، فمن المعلوم ألّا خير فيما أشركوه أصلًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب