الباحث القرآني

﴿ولَقَدْ آتيْنا مُوسى الكِتابَ﴾ التوراة ﴿مِن بَعْدِ ما أهْلَكْنا القرُونَ الأُولى﴾ قوم فرعون ونوح وعاد وثمود وغيرهم ﴿بَصائِرَ لِلنّاسِ﴾ من عمى القلب والغي، نصب على الحال من الكتاب ﴿وهُدًى﴾ إلى الطريق المستقيم ﴿ورَحْمَةً﴾ لو عملوا به نالوا رحمة الله ﴿لَعَلَّهم يَتَذَكَّرُونَ﴾ ليكونوا على حالٍ يرجى منهم التذكر ﴿وما كُنتَ﴾ يا محمد ﴿بِجانِبِ الغَرْبِيِّ﴾ حاضرًا في جانب الغربي من الجبل الذي كلم الله موسى من الشجرة التي هي شرقية ﴿إذ قَضَيْنا إلى مُوسى الأمْرَ﴾ فوضنا إليه أمر الرسالة ﴿وما كُنْتَ مِنَ الشّاهِدِينَ﴾ لذلك حتى تعرف هذه القصة وترى هذه الأحوال فما هو إلا من إعلام الله ووحيه، فكيف يرتاب أحد في نبوتك ﴿ولَكِنّا أنْشَأْنا قُرُونًا﴾ خلقنا أممًا بعد موسى ﴿فَتَطاوَلَ عَلَيْهِمُ العُمُرُ﴾ فخربوا الشرائع، وكذبوا الرسل وأفسدوا، ونسوا عهودهم فلذلك كذبوك وإن كانت دلائل نبوتك ظاهرة ﴿وما كُنْتَ ثاوِيًا﴾ مقيمًا ﴿فِي أهْلِ مَدْيَنَ﴾ هم شعيب والمؤمنون به ﴿تَتْلُو عَلَيْهِمْ﴾ تقرأها عليهم تعلمًا منهم ﴿آياتِنا﴾ التي فيها قصتهم فتحكي ما رأيت، وتعلمت قال بعض المفسرين معناه: ما كنت فيهم رسولًا تتلوا عليهم آياتنا فتقص ما قد رأيت منهم ﴿ولَكِنّا كُنّا مُرْسِلِينَ﴾ إليك أخبارهم بوحينا ﴿وما كنتَ بِجانِبِ الطورِ إذْ نادَيْنا﴾ موسى وأعطيناه التوراة، وقلنا له خذ الكتاب بقوة، وعن بعض السلف معناه إذ نادينا أمتك في أصلاب آبائهم حين سأل موسى رؤيتك، وقلت لي إنك لن تصل إلى ذلك لكن إن شئت أسمعتك صوت أمته ﴿ولَكِنْ﴾ علمناك وأوحينا إليك ﴿رحْمَةً مِّن ربِّكَ﴾ عليك وعلى أمتك ﴿لِتُنذِرَ قَوْمًا﴾ متعلق بما قدرناه عاملًا في رحمته ﴿ما أتاهم مِن نَذِيرٍ مِن قَبْلِكَ﴾ فإنهم في فترة بينك وبين عيسى ﴿لَعَلَّهم يَتَذَكرُونَ﴾ لكي يتعظوا ﴿ولَوْلا﴾ هي امتناعية ﴿ولَوْلا أنْ تُصِيبَهم مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا﴾ الفاء للعطف على تصيبهم ﴿رَبَّنا لَوْلا﴾ هلا ﴿أرْسَلْتَ إلَيْنا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ﴾ الفاء جواب لولا الثانية ﴿آياتِكَ ونَكُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ﴾ وجواب لولا الأولى محذوف، أي: لما أرسلناك وحاصل الآية لولا قولهم ربنا هلا أرسلت رسولًا نؤمن به ويعلمنا الدين، إذًا عاقبناهم بسبب ما كسبت أيديهم من المعاصي لما أرسلناك فإرسالك لئلا يكون لهم حجة علينا إن عذبناهم يعني هم مستحقون للعقاب لكن تأخيره وإرسالك لقطع الحجة ﴿فَلَمّا جاءَهُمُ الحَقُّ مِن عِندِنا﴾ أي: محمد عليه السلام ﴿قالُوا﴾ عنادا ﴿لَوْلا﴾ هلا ﴿أُوتِيَ مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى﴾ من اليد والعصا وغيرهما ﴿أوَ لَمْ يَكْفُروا﴾ أي: ألم يؤت موسى ما أُوتِيَ وألم يكفروا أي أبناء جنسهم، وهم كفرة زمان موسى ﴿بِما أُوتِيَ مُوسى مِن قَبلُ قالُوا﴾ في موسى وهارون ﴿سِحْرانِ تَظاهَرا﴾ تعاونا واتفقا، وقراءة ”سحران“ في معنى ذوا سحر أو سموهما سحران للمبالغة ﴿وقالُوا إنّا بِكُلٍّ﴾ منهما ﴿كافِرُونَ﴾ أو معناه يطلب قريش منك مثل معجزات موسى، أو لم يكفروا بمعجزاته وقالوا فيكما يا محمد وموسى ساحران كل يصدق الآخر، ويعاونه أو القرآن والتوراة سحران كل يصدق الآخر، وقالوا: نحن بكل منهما كافرون ﴿قُلْ﴾ يا محمد ﴿فَأْتُوا بِكِتابٍ مِن عِنْدِ اللهِ هو أهْدى مِنهُما﴾ من التوراة والقرآن ﴿أتَّبِعْهُ إنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ أنا ساحران وهذا إلزامهم وتبكيتهم ﴿فَإنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ﴾ دعائك إلى الإتيان بكتاب أهدى ﴿فاعْلَمْ أنَّما يَتَّبِعُونَ أهْواءَهُمْ﴾ لأنّهُم ما رجعوا بعد ما ألزمتهم بالحجة عن العناد ﴿ومَن أضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ﴾ استفهام إنكار ﴿بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللهِ﴾ حال للتوكيد وقيل للتقييد فإن هوى النفس قد يكون من الله ﴿إنَّ اللهَ لا يَهْدِي القَوْمَ الظّالِمِينَ﴾ المتبعين للهوى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب