الباحث القرآني

﴿إنَّ قارُونَ كانَ مِن قَوْمِ مُوسى﴾ ابن عمه آمن به ثم نافق ﴿فَبَغى﴾ تكبر ﴿عَلَيْهِمْ وآتيْناهُ مِنَ الكُنُوزِ ما إنَّ مَفاتِحَهُ﴾ جمع مفتح وهو ما يفتح به ﴿لَتَنُوءُ﴾ تثقل ﴿بِالعُصْبَةِ﴾ الجماعة الكثيرة ﴿أوْلِي القُوَّةِ﴾ ما الموصولة مع صلته التي هي أن واسمها وخبرها ثاني مفعولي ”آتينا“ ﴿إذ قالَ﴾ ظرف لتنوء ﴿لَهُ قَوْمُهُ لاَ تَفرَحْ﴾ بدنياك، فإن الفرح بها مدة قصيرة وهو يورث غمًّا سرمدًا ﴿إنَّ الله لاَ يُحِبُّ الفَرِحِينَ﴾ الأشرين البطرين بالدنيا ﴿وابْتَغِ فِيما آتاكَ اللهُ﴾ من المال ﴿الدّارَ الآخِرَةَ﴾ بأن تصرفه في مرضاة الله ﴿ولا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا﴾ فإن نصيب كل أحد ليس إلا ما يأكل ويلبس، أو النصيب ما ينفعك مالًا وما هو إلا أعمال الخير، قيل النصيب الكفن ﴿وأحْسِن﴾ إلى الناس ﴿كَما أحْسَنَ الله إلَيْكَ﴾ قيل: أحسن بالشكر كما أحسن الله بالإنعام إليك ﴿ولا تَبْغِ الفَسادَ﴾ الظلم والكبر والمعاصي ﴿فِي الأرْضِ إنَّ اللهَ لا يُحِبُّ المُفْسِدِينَ قالَ إنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِندِي﴾ أي: أعطاني على علم وفضل عندي أستحقه لذلك، ولولا معرفته بفضلي ورضاه ما أعطاني وهو كان أقرأ بني إسرائيل وأحفظهم بالتوراة، قيل ﴿عندى﴾ خبر محذوف أي هذا في اعتقادي وظني وقيل: متعلق بـ أوتيت كقولك جاز ذلك عندى ﴿أوَ لَمْ يَعْلَمْ﴾ عطف على محذوف أي: ألم يقرأ ولم يعلم ﴿أنَّ اللهَ قَدْ أهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَن هو أشَدُّ مِنهُ قُوَّةً وأكْثَرُ جَمْعًا﴾ للمال، فلا تدل كثرة الدنيا على أن صاحبها يستحق رضى الله ﴿ولا يُسْألُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ المُجْرِمُونَ﴾، أي: لا يسأل الله أو الملائكة المجرمين عن ذنوبهم، بل يدخلهم النار بلا سؤال وحساب وهذا في موطن خاص أو هو سؤال علم، بل هو سؤال توبيخ ﴿فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ في زِينَتِهِ﴾ من مراكب وملابس وخدم وحشم ﴿قالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الحَياةَ الدُّنْيا﴾ أي: المؤمنون الراغبون في الدنيا ﴿يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ إنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ من الدنيا ﴿وقالَ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ﴾ أي: الأحبار لمن تمني ويلكم ﴿ويْلَكُمْ﴾ دعاء بالهلاك مستعمل في الزجر ﴿ثَوابُ اللهِ﴾ في الآخرة ﴿خيْر لِّمَن آمَنَ وعَمِلَ صالِحًا﴾ مما أوتي قارون ﴿ولاَ يُلَقّاها﴾ الثواب والتأنيث لأنه بمعنى المثوبة أو الجنة ﴿إلّا الصّابِرُونَ﴾ على حكم الله، وهو من تتمة النصيحة أو المعنى ما يلقى هذه الكلمة التي تكلم بها العلماء إلا الصابرون فعلى هذا من كلام الله منقطع عن الأول ﴿فخسَفْنا بِهِ وبِدارِهِ الأرْضَ﴾ نقل أنه كان يؤذي موسى كل وقت فأعطى يومًا مالًا لامرأة لتنسبه إلى الزنا فلما كان يوم العيد في محضر الخلق رمته بنفسها فناشدها موسى أن تصدق، فقالت: أعطاني قارون جعلًا على أن أقذفك بنفسي فدعى عليه موسى فأوحى الله إليه أن جعلنا الأرض مطيعة لك فأمرها تأخذه فأخذته وإنه ليتجلجل فيها إلى يوم القيامة ﴿فَما كانَ لَهُ مِن فِئَةٍ﴾ أعوان ﴿يَنْصُرُونَهُ مِن دُونِ اللهِ وما كانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ﴾ من الممتنعين من عذاب الله، أو من المنتصرين بنفسه ﴿وأصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ﴾ منزلته ﴿بِالأمْسِ يَقُولُونَ ويْكَأنَّ اللهَ﴾ مركب من ”وي“ وهي كلمة تندم و ”كَأنَّ“ أو ويل بمعنى ويلك وأن الله منصوب بمقدر وهو اعلم ﴿يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ ويَقْدِرُ﴾ بمقتضى إرادته لا لكرامة وفضل ﴿لَوْلا أنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ بِنا﴾ لأنا وددنا أن نكون مثله ﴿ويْكَأنَّهُ لا يُفْلِحُ الكافِرُونَ﴾ لنعمه أو بالله ورسله.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب